فلسطين في عهد الإسكندر المقدوني

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث


فلسطين في عهد الإسكندر المقدوني

ظلت بلاد الشام وفلسطين تحت سيطرة الحكم الفارسي أكثر من مائتي عام، وكانت تلك المنطقة قد جذبت اهتمام ملوك الفرس الذين حرصوا على أن تخضع لنفوذهم، واهتموا بإدارتها جيدًا؛ مما جعل هذه المنطقة تتمتع بفترة من الازدهار والرقي تحت الحكم الفارسي، وتحظى بالعديد من الإصلاحات التي قاموا بها؛ فلم تقم ضدهم ثورات خلال حُكْمهم الطويل في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد، حتى اجتاحتها جيوش "الإسكندر الأكبر المقدوني" في عهد "دارا بن بهمن بن إسفنديار بن بشتاس" بعد أن دام ملكه أربع عشرة سنة.

بلاد "الشام" و"فلسطين" تحت حكم "الإسكندر":

كانت جيوش "الإسكندر" قد انحدرت إلى "الشام" بعد استيلائها على "الأراضي" المصرية، وقامت باجتياح الأراضي السورية والفلسطينية في الثلث الأخير من القرن الرابع قبل الميلاد، في نحو سنة (333 قبل الميلاد)، وفتحت بلاد "فلسطين" و"سوريا" أبوابها أمام جيوش "الإسكندر"، وعرضت عليه مدينة "صور" أن تبقى على الحياد بين جيوشه وجيوش الفرس، فرضي "الإسكندر" بذلك؛ مما سمح لبعض المدن الشامية أن تحتفظ ببعض الحكم الذاتي في عهد "الإسكندر" وخلفائه، لكنها لم تستطع أن تبتعد عن التأثر بالحضارة الهلنسية، خصوصًا في مجال الهندسة والعمارة.

واستطاع "الإسكندر" في فترة صغيرة هزيمة جيوش "دارا"- ملك "فارس"- في بلاد الجزيرة، وهدم ما كان بالبلاد من المدن والقلاع والحصون وبيوت النار، وأحرق كُتب فارس، واستعمل على البلاد بعض قواد "دارا"، ثم اتجه إلى ناحية "الصين" و"الهند"، وسيطر على معظم تلك المناطق ثم رجع إلى "العراق"، ومات في طريقه بشهرزور سنة (323 ق. م)، بعد أن دام ملكه أربع عشرة سنة.

خلفاء "الإسكندر المقدوني":

ولما تُوفي "الإسكندر" عُرِضَ المُلْكُ على ابنه "الإسكندروس"، فأبى واختار النسك والعبادة، فتنازعه قواد "الإسكندر" فيما بينهم، وخاصةً بين "البطالمة" و"السلوقيين" في كُلٍّ من "مصر" و"سوريا" و"فلسطين"، فأصبحت تلك البلاد مسرحًا للحروب والمنازعات المستمرة، وظهر ذلك جليًّا في النزاع حول مدينة "يافا" التي كانت أحد أهم المراكز الهلنسية في "فلسطين"، وقد شهدت تلك المدينة فترة ازدهار كبيرة خلال حكم "بطليموس" الذي تولى حُكْم "مصر".

وظلت مُدن "الشام" تتأرجح بين السيطرة البطلمية والسلوقية، وأصبحت مدينة "عكا" من أهم القواعد العسكرية البحرية الأساسية، وأطلق هؤلاء عليها اسم "بتولمايس".

أثر الحكم اليوناني في بلاد "الشام" و"فلسطين":

كان ازدياد سرعة انتشار الحضارة "الهلنسية" وقوتها من أبرز ما تركه "الإسكندر" ومِنْ بعده البطالمة والسلوقيون، وكانت هذه الحضارة هي نتيجة التداخل والتمازج بين الثقافتين اليونانية والسامية، فكانت حضارة مركبة تتميز عن كلٍّ من الحضارة "اليونانية" و"الهلينية"، وقد غلبت هذه الحضارة الجديدة على "فلسطين"، وخاصةً في مجال العمارة والهندسة اليونانية.

كما تأسس في عهد "الإسكندر" وحُكْم خلفائه عدد كبير من المدن اليونانية الجديدة، وانقلب كثير من المدن القديمة إلى مراكز ثقافية يونانية، وكانت كل مجموعة منها تتحالف فيما بينها وتكون دويلات مستقلة، مثل تحالف المدن العشر أو مدن "بيلا" (بيت جبرين) و"جرش" و"بطلمايس" (عكا) و"فيلادلفيا" (عمَّان) و"سكيثوبوليس" (بيسان) و"نيابوليس" (نابلس).

(فلسطين) تحت حُكْم "الإسكندر" وخلفائه:

ظلت "فلسطين" تحت حُكْم "الإسكندر" ومَنْ تولى بعده من "البطالمة" و"السلوقيين" الذين اتخذوا من مدينة "أنطاكية" عاصمة لسوريا و"فلسطين"، وكان اليهود في "بيت المقدس" يتمتعون بحرية الديانة، وتجلت في هذه الفترة النـزعة الاستقلالية لدى بعض الجماعات المحلية، فقام اليهود بالثورة بزعامة "المكابيين" Maccabees، ويرى الصهاينة أن "المكابيين" بعثوا الروح العسكرية في الشعب اليهودي، وحولوه من شعب مستسلم إلى شعب من الغزاة المقاتلين، وإن كان البعض يرى أن الأصل العبري هو "مكبي"، وأنها اختصار بالحروف الأولى لآية جاءت في نشيد انتصار "موسى" على فرعون تقول بالعبرية: "مي كموخا بئيليم يهوه"، أي: "من كمثلك بين الآلهة يارب"!.

وقد تأججت نار الثورة لدى اليهود في (أورشليم) عندما قام الملك السلوقي "أنطيوخوس الرابع" نحو سنة (165ق. م) بتدمير الهيكل، وأرغم اليهود على اعتناق الوثنية اليونانية، فأشعل ذلك ثورة "المكابيين"، وأخذوا يُحاربون أنصار الحضارة الهلنسية، سواء كانوا من اليهود أنفسهم أم من غير اليهود مثل "الأدوميين" و"اليطوريين"، ونجح اليهود بالفعل في نيل الاستقلال بأورشليم تحت حُكْم "الحتسمونيين" من سنة (135ق. م)، وحتى سنة (76 ق. م)، وفي الوقت نفسه ظهر دور الأنباط العرب الذين استطاعوا انتزاع الحكم في "سوريا" من أيدي "السلوقيين" نحو سنة (85 ق. م)، وفرضوا حمايتهم عليها.

وفي سنة (63 ق. م) اكتسح "الرومان" بلاد "الشام" و"فلسطين"، واستولوا على "القدس"، ومنذ ذلك الحين لم تقم لدولة اليهود قائمة في أي عصر من العصور حتى العصر الراهن.

وطوال تلك العصور السحيقة لم تقم لليهود دولة حقيقية على أرض "فلسطين"، ولم تكن سيادة مطلقة عليها إلا في تلك المدة القصيرة التي حكم فيها نبي الله "داود" ومن بعده ابنه "سليمان" عليهما السلام، ولم يكن الوجود اليهودي على تلك الأرض إلا وجودًا عابرًا، برغم كل التهويل والأكاذيب الملفقة التي تسعى آلة الدعاية الصهيونية إلى نسجها؛ لإضفاء الشرعية والمبررات التاريخية الواهية على الاحتلال الصهيوني لأرض "فلسطين"، وتهويد المقدسات الدينية بها، وطرد أصحاب الأرض الحقيقيين منها، مع السعي الدائب إلى تشجيع الاستيطان اليهودي، وجلب المزيد من المستوطنين من شتى أنحاء العالم لترسيخ الاحتلال الصهيوني لأرض "فلسطين" العربية.

موضوعات ذات صلة