محمد عبد الخالق يوسف

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
محمد عبدالخالق يوسف
شهداء الإخوان

ويكيبيديا الإخوان المسلمين

الشهيد محمد عبد الخالق يوسف معركة كفار ديروم 11 مايو 1948

في قرية عرب الرمل مركز قويسنا محافظة المنوفية كان يقيم الشيخ عبدالخالق يوسف (الذي يعمل مزارعا)وأحد رجال الإخوان المسلمين.

كان للشيخ عبدالخالق جولات ومغامرات في فلسطين قبل سنة 1948م، عمَّقت حب الجهاد وحب فلسطين في نفسه، حتى إنه اختار شريكة حياته منها، ومن هذا الزواج المبارك كان شهيدنا الكريم.

انتهت الحرب العالمية الثانية، وظهرت قوى عظمي سحبت البساط من تحت بريطانيا وفرنسا فظهرت أمريكا وروسيا، وهي الدولتين اللتين سعت الصهيونية العالمية للارتماء في أحضانها لتحقيق أهدافها، وبالفعل فوجئ العالم بقرار الأمم المتحدة الذي يقسم فلسطين بين الصهاينة والفلسطينيين، والذي انتفض على أثرة جموع الشعوب العربية معترضة عليه.

وفي نفس التوقيت كانت بريطانيا تعد العدة لسحب جيوشها وتمكين الفيلق الصهيوني من أراضي فلسطين، فاستشعر الإخوان هذا المخطط وتناقشوا مع أمين جامعة الدول العربية ومفتي فلسطين في الضغط على الحكومة المصرية لفتح باب الجهاد.

وبعد مماطلة من الحكومة وافقت علي فتح الباب التطوع على أن يشرف عليهم ضباط من الجيش، فتدفع الإخوان ليكنوا في الصفوف الأولى من الكشف وقد اجتازه الكثير من شباب الإخوان كان منهم شهيدنا محمد عبد الخالق يوسف.

جاء عام 1948م بأحداث متلاحقة يرويها الشيخ بنفسه يقول:

طلب إلينا فضيلة المرشد أن نُعدَّ أربعة رجال إعدادًا كاملاً من كل مركز جهاد من مراكز الإخوان.
فعزمْت أمري أن أكون من بينهم، وفاتحت ابني محمَّدًا في الأمر، فلما طلبت منه أن يخلفني في أهلي قال: لي ولمَ لا أذهب أنا وتبقى أنت؟!

ثم أردف قائلاً:

هل تمنعني من الجهاد في سبيل الله؟ فقلتُ له: أمَّا هذه فلا؛ فالجهاد فريضة من الله، وتدخَّلت أمُّه بعاطفة الأمومة لتحول بينه وبين السفر فقال لها: يا أمي أحب الأمور إلى نفسي أن ألقى ربي والدماء تنزف من وجهي.. لونها لون الدم وريحها ريح المسك، فسكتت الأم الصابرة، وشدَّ الشيخ الرحال إلى القاهرة بصحبة ابنه، وكان نصيبهما الكتيبة الأولى بقيادة الشهيدين محمد فرغلي ويوسف طلعت.
وفي النصيرات تقيم الكتيبة معسكرها الحربي، ومن أطرف ما حدث في هذا المعسكر أن شهيدنا محمد كُلِّف بحراسة أحد المواقع، فشاهد فرسًا صغيرًا شاردًا يُهرول نحو باب المعسكر فأطلق عليه النار فأراده قتيلاً، فلما سأله إخوانه عن سبب إطلاق النار على الفرس قال: إنه خشي أن يكون أحد الأعداء قد ربط نفسه ببطن الفرس، أو أن يكون الفرس محشوًّا بالديناميت لينفجر بالقرب منا فيروِّعَنا، واتخذ أفراد المعسكر من مقتل الفرس مادةَ تسلية لهم، خاصةً بعد أن دفعوا ثمن الفرس القتيل لصاحبه..
إنها روح الجهاد وحب الاستشهاد، سيطرت على نفس شهيدنا حتى بدت في مثل هذا الموقف الطريف..، وجاء شهر إبريل من عام 1948م؛ لتبدأ الكتبية المجاهدة أولى معاركها ضد اليهود، وكان معركة كفار ديروم الأولى، ويروي لنا والده الشيخ مشاهد هذا الصباح فيقول:
"أعددنا سلاحنا وأنفسنا للمعركة، وتقدم مني ابني محمد وقبَّل يدَي، وقال: ادع لي بالشهادة يا أبتِ، ثم أوصاني بما له وما عليه للناس، فقلت له- وهو يوصيني-: ولِمَ لا أكون أنا الشهيد وتبقى أنت من بعدي، فقال- وهو يشخص ببصره إلى السماء-: إنني رأيت نفسي في نومي وكأني طائر يحلق في السماء ثم ينزل بين أشجار كثيفة ويعشِّش فيها، وهنا وجدتني أقف أمامه في خشوع وإجلال، وارتويت من روحه وبسطتُ إليه يديَّ وأنا أدعو: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك، أستودعك عند الله يا بني يا محمد، ومضت عليَّ ساعة ما أثقل وزنها في حياتي..
ابني محمد سوف يختفي من دنياي ولن أراه.. لن أسمعه.. لن أشمَّ أنفاسه وأتعطَّر بها.. لن أسمع كلمة (يا أبي) منه.. سوف أعيش وحدي ولن أجد من يقاسمني الجهاد، فإخواته أطفال لا يصلحون لصحبتي في الميدان، واستسلمت لقضاء الله، وأسلمت أمري إليه، وضغطت على عواطفي بكل ما أوتيت من قوة الإرادة، فالموقف أكبر وأجل من أن أستسلم للحزن والبكاء، ووجدت آيات القرآن تنساب في أعماقي، وتمسح برفقٍ كلَّ آلامي، وتضع الطمأنينة والسكينة والرضا.

ويكمل الشيخ عبدالخالق القصة بقوله:

صدرت إلينا الأوامر بالتقدم، فوثب الرجال في سرعة مذهلة إلى المستعمرة الراقدة في بطن الوادي، وكأنها شيطان أسود ركبت له عينان متوقدتان لا تغفلان؛ ولكن كانت هناك ظروفٌ كثيرةٌ لم تمكننا من دخول المستعمرة، فغمَرنا العدو بوابل من نيران مدافعه الرشاشة، وأصابت رصاصة غادرة قلب ابني محمد، واستقرت أخرى في ذراع ابن أخي، وانسحبت مع زملائي، وكان لقاء وداع لمحمد لا أنساه..!!"

ويكمل أحد المراسلين الذين شهدوا ختام المعركة وصفَ المشهد الأخير، فيقول:

وتصاعدت الأصوات، تبحث عن الحاج عبدالخالق الذي كان يحارب في المعركة ومعه ابنه محمد عبدالخالق، وسقط ابنه قتيلاً إلى جانبه، فلم يبكِ عليه؛ بل حمل بندقيته وراح يقتل بها الذين قتلوا ولده، ثم انتهت المعركة ولم ينتظر الحاج عبدالخالق ليشيِّع جنازة ولده مع المشيِّعين؛ بل ذهب مع ابن أخيه الجريح أحمد يوسف إلى مستشفى غزة، وقال له إخوانه إننا نعزِّيك، قال: كلا.. بل هنِّئوني.. إنني سأبقى هنا لأنال بعض الشرف الذي ناله ابني، قلت فمَن عبدالخالق؟ فإذا به عبدالخالق يوسف حسن يوسف من بلدة قويسنا منوفية.

يقول الدكتور صفوت حسين:

ومن الشهداء محمد عبد الخالق الذي تطوع في كتيبة القراء التي رأسها الشيخ عبد الخالق يوسف والتي تتألف كلها من عائلة عبد الخالق يوسف وكلهم من حفظة القرآن، ولذلك سميت "كتيبة القراء"،وقد أرسل الشيخ عبد الخالق والد الشهيد إلى أهله برقية جاء فيها "مات محمد في أرض القدس ابعثوا بمن يحل محله"، وفي اليوم التالي سافر ابن أخت الشيخ وابن أخيه ليحل محل الشهيد، لقد سقط محمد شهيدا بجوار والده فلم يبك عليه بل حمل بندقيته وراح يقتل بها الذين قتلوا ولده، وعندما انتهت المعركة لم ينتظر الحاج عبد الخالق ليشيع جنازة ولده مع المشيعين، بل ذهب مع ابن أخيه الجريح محمد يوسف إلى مستشفى غزة، وعندما قال له بعض إخوانه إننا نعزيك قال "كلا بل هنئوني إنني سأبقى هنا لأنال بعض الشرف الذي ناله ابني".

المصادر