سطور من حياة شهداء الإخوان في فلسطين

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث

بقلم: عبد الحليم الكناني

سطور من حياة شهداء الإخوان في فلسطين

[19/04/2004]

مقدمة

حين بلغ الإمام الشهيد حسن البنَّا نبأ استشهاد هؤلاء الإخوة الكرام قال: "اشتقنا إلى الجنة.. لا إلى خيراتها وفواكهِها.. ولكن إلى أبي بكرٍ وعُمرَ وعثمانَ وعليٍّ، والصحبِ الكرام وهؤلاء الشهداء الأعزاء"، ورثاهم بهذا المقال البليغ المؤثر:


﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران: 142) أمام حقائق الدعاية وجهًا لوجه لابد من امتحانٍ لحقيقة إيمان المؤمنين، ودعوى الإيمان وحدها لا تكفي في قليل أو كثير.. ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآَخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ﴾ (البقرة: 8) وهذا ناموسٌ من الله الذي لا يتغيَّر، وسنته التي لا تتخلَّف، ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ (محمد: 31)، وكلنا مؤمنون- بحكم التعلم والخطابة- أن الذين يستطيعون أن يتمثِلوا معنى الإيمان، ويحسنوا التعبير عنه لأنفسهم وللناس، من هؤلاء من يصدق فيه معنى الإيمان حتى يتذوق حلاوته ويجد طعمه، ويستشعر بردَه على فؤاده، كما يحس بحرارته ودفئه ونوره وإشراقه.


ولكن هذا كله لا يكفي، حتى يقف المرء وجهًا لوجه أمام حقائق الإيمان العملية، وأوضح هذه الحقائق ما اتصل بالجهاد والشهادة والموت في سبيل الله، والعزوف عن متع الحياة الدنيا؛ إيثارًا لما عند الله.


وهؤلاء الشهداء الاثنا عشر- ومن قبلهم الشهيد العزيز السيد الأخ حسين الحلوس، الذي اختاره الله لجواره في حادث انقلاب سيارة المؤن والمهمَّات بسيناء- قد أوقفونا نحن الإخوان وأوقفوا أُسَرَهم الكريمة، وأوقفوا الأمةَ المصريةَ كلَّها أمام حقائق الإيمان وجهًا لوجه.


إن من حقائق الإيمان الأولى أن الموت حقٌّ، وأن الأجل محدود، وأن العمر واحد، ولا ينقص ولا يزيد.. ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ﴾ (الأعراف: 34) وأن الجبن لن يؤخر الوفاة، وأن الشجاعة لن تدني الموت، وأن قدرَ الله من وراء ذلك كله، ولا رادَّ لقضائه، ولا معقب لحكمه.. ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ﴾ (النساء: 78) ﴿الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (آل عمران: 168).


ولن يستطيعوا أن يدرءوا طبعًا، ومن لم يمت بالسيف مات بغيره، وإن حقائق الإيمان الأولى أن الله- تبارك وتعالى- كتب على المؤمنين كتابًا لازمًا، فريضةً محكمةً أن يقاتلوا في سبيل الحق، وأن يدافعوا، وأن يجاهدوا في سبيل الله تعالى؛ حتى تعلو كلمته وترتفع رايته، وأن من نكَصَ عن ذلك فله عذاب أليم في الدنيا بالصغار، وفي الآخرة بالجحيم والنار.. ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة: 216) ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (التوبة: 111).


ومن حقائق الإيمان الأولى أن من مات في سبيل الله أو قُتِل مجاهدًا فهو شهيدٌ حيٌّ، يُرزَق عند الله- تبارك وتعالى- وأنه لا يجد من المَوت إلا كما يجد الإنسانُ الحيُّ الحساسُ من قرصة نملة؛ فإنه لا يفتن في موته، وإنه يُبعَث يوم القيامة بكلُومِه وجروحِه ودمائِه الطاهرةِ الذكيَّة.. اللون لون الدم والريح ريح المسك.. وإن له عند الله- تبارك وتعالى- من المثوبة والأجر أفضل مما عند الله لسائر الذين ماتوا بغير شهادة.. ﴿لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاً وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا* دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ (النساء: 95-96)، وهذه هي القائمة الكاملة لشهداء معركة (كفار ديروم) الأولى.. في10/4/1948م

1- الشهيد: محمد عبدالخالق يوسف.

2- الشهيد: محمد سلطان.

3- الشهيد: عبدالرحيم عبدالحي.

4- الشهيد: عبدالرحمن عبدالخالق.

5- الشهيد: عمر عبدالرؤوف.

6- الشهيد: عبدالسميع علي قنديل.

7- الشهيد: فرج إبراهيم.

8- الشهيد: حلمي جبريل.

9- الشهيد: السيد البش.

10- الشهيد: محمد طه محمد سيد أحمد.

11- الشهيد: عزالعرب محمد سليمان.

12- الشهيد: مصطفى الشربيني.



محمد عبدالخالق يوسف

في قرية عرب الرمل مركز قويسنا محافظة المنوفية كان يقيم الشيخ عبدالخالق يوسف، أحد رجال الإخوان المسلمين، ولقد كان للشيخ عبدالخالق جولات ومغامرات في فلسطين قبل سنة 1948م، عمَّقت حب الجهاد وحب فلسطين في نفسه، حتى إنه اختار شريكة حياته منها، ومن هذا الزواج المبارك كان شهيدنا الكريم.


وجاء عام 1948م بأحداث متلاحقة يرويها الشيخ بنفسه يقول: طلب إلينا فضيلة المرشد أن نُعدَّ أربعة رجال إعدادًا كاملاً من كل مركز جهاد من مراكز الإخوان، فعزمْت أمري أن أكون من بينهم، وفاتحت ابني محمَّدًا في الأمر، فلما طلبت منه أن يخلفني في أهلي قال: لي ولمَ لا أذهب أنا وتبقى أنت؟! ثم أردف قائلاً: هل تمنعني من الجهاد في سبيل الله؟ فقلتُ له: أمَّا هذه فلا؛ فالجهاد فريضة من الله، وتدخَّلت أمُّه بعاطفة الأمومة لتحول بينه وبين السفر فقال لها: يا أمي أحب الأمور إلى نفسي أن ألقى ربي والدماء تنزف من وجهي.. لونها لون الدم وريحها ريح المسك، فسكتت الأم الصابرة، وشدَّ الشيخ الرحال إلى القاهرة بصحبة ابنه، وكان نصيبهما الكتيبة الأولى بقيادة الشهيدين محمد فرغلي ويوسف طلعت.


وفي النصيرات تقيم الكتيبة معسكرها الحربي، ومن أطرف ما حدث في هذا المعسكر أن شهيدنا محمد كُلِّف بحراسة أحد المواقع، فشاهد فرسًا صغيرًا شاردًا يُهرول نحو باب المعسكر فأطلق عليه النار فأراده قتيلاً، فلما سأله إخوانه عن سبب إطلاق النار على الفرس قال: إنه خشي أن يكون أحد الأعداء قد ربط نفسه ببطن الفرس، أو أن يكون الفرس محشوًّا بالديناميت لينفجر بالقرب منا فيروِّعَنا، واتخذ أفراد المعسكر من مقتل الفرس مادةَ تسلية لهم، خاصةً بعد أن دفعوا ثمن الفرس القتيل لصاحبه.. إنها روح الجهاد وحب الاستشهاد، سيطرت على نفس شهيدنا حتى بدت في مثل هذا الموقف الطريف..، وجاء شهر إبريل من عام 1948م؛ لتبدأ الكتبية المجاهدة أولى معاركها ضد اليهود، وكان معركة كفار ديروم الأولى، ويروي لنا والده الشيخ مشاهد هذا الصباح فيقول:


"أعددنا سلاحنا وأنفسنا للمعركة، وتقدم مني ابني محمد وقبَّل يدَي، وقال: ادع لي بالشهادة يا أبتِ، ثم أوصاني بما له وما عليه للناس، فقلت له- وهو يوصيني-: ولِمَ لا أكون أنا الشهيد وتبقى أنت من بعدي، فقال- وهو يشخص ببصره إلى السماء-: إنني رأيت نفسي في نومي وكأني طائر يحلق في السماء ثم ينزل بين أشجار كثيفة ويعشِّش فيها، وهنا وجدتني أقف أمامه في خشوع وإجلال، وارتويت من روحه وبسطتُ إليه يديَّ وأنا أدعو: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك، أستودعك عند الله يا بني يا محمد، ومضت عليَّ ساعة ما أثقل وزنها في حياتي.. ابني محمد سوف يختفي من دنياي ولن أراه.. لن أسمعه.. لن أشمَّ أنفاسه وأتعطَّر بها.. لن أسمع كلمة (يا أبي) منه.. سوف أعيش وحدي ولن أجد من يقاسمني الجهاد، فإخوانه أطفال لا يصلحون لصحبتي في الميدان، واستسلمت لقضاء الله، وأسلمت أمري إليه، وضغطت على عواطفي بكل ما أوتيت من قوة الإرادة، فالموقف أكبر وأجل من أن أستسلم للحزن والبكاء، ووجدت آيات القرآن تنساب في أعماقي، وتمسح برفقٍ كلَّ آلامي، وتضع الطمأنينة والسكينة والرضا، ويكمل الشيخ عبدالخالق القصة بقوله:


صدرت إلينا الأوامر بالتقدم، فوثب الرجال في سرعة مذهلة إلى المستعمرة الراقدة في بطن الوادي، وكأنها شيطان أسود ركبت له عينان متوقدتان لا تغفلان؛ ولكن كانت هناك ظروفٌ كثيرةٌ لم تمكننا من دخول المستعمرة، فغمَرنا العدو بوابل من نيران مدافعه الرشاشة، وأصابت رصاصة غادرة قلب ابني محمد، واستقرت أخرى في ذراع ابن أخي، وانسحبت مع زملائي، وكان لقاء وداع لمحمد لا أنساه..!!"


ويكمل أحد المراسلين الذين شهدوا ختام المعركة وصفَ المشهد الأخير، فيقول: وتصاعدت الأصوات، تبحث عن الحاج عبدالخالق الذي كان يحارب في المعركة ومعه ابنه محمد عبدالخالق، وسقط ابنه قتيلاً إلى جانبه، فلم يبكِ عليه؛ بل حمل بندقيته وراح يقتل بها الذين قتلوا ولده، ثم انتهت المعركة ولم ينتظر الحاج عبدالخالق ليشيِّع جنازة ولده مع المشيِّعين؛ بل ذهب مع ابن أخيه الجريح أحمد يوسف إلى مستشفى غزَّة، وقال له إخوانه إننا نعزِّيك، قال: كلا.. بل هنِّئوني.. إنني سأبقى هنا لأنال بعض الشرف الذي ناله ابني، قلت فمَن عبدالخالق؟ فإذا به عبدالخالق يوسف حسن يوسف من بلدة قويسنا منوفية.



محمد سلطان

محمد سلطان من شباب الإخوان بالشرقية، ومن أوائل من خرجوا للجهاد في فلسطين.. إذ كان أحد أفراد الفوج الأول من متطوعي الإخوان المسلمين الذي سافر من القاهرة في فبراير 1948م، واستقر ذلك الفوج الرائد من المتطوعين المجاهدين من رجال الإخوان المسلمين في منطقة الريِّسة بالعريش؛ حيث أقام الإخوان هناك معسكرًا للتدريب والاستعداد لدخول فلسطين.


ويروي قائد المعسكر عن شهيدنا هناك فيقول: وإنني لأذكر أخي محمد سلطان، ونحن في معسكر الريِّسة، وقد كان يقف حراسةً ليلية؛ حيث خرجتُ أتفقَّد المعسكر في الثانية صباحًا وأمرُّ على جنود الحراسة، فإذا بي أجده يقف في موقعه يقِظًا منتبهًا، ولكن دموعَه تسيل على خديه في صمت، فظننت لأول وهلة أنه تعرَّض للدغ حشرة من حشرات الأرض، وأنه يتجلَّد حتى تنتهي نوبة حراسته فلا يحرم أجر العين التي باتت تحرس في سبيل الله؛ ولكني فوجئت عندما سألته عما يبكيه، فكان رده عليَّ أسمى وأبعد من هذا الخاطر بكثير فقال: ما بي من بأس والحمد لله؛ ولكنني سمعت أنك سترسل سرية غدًا إلى المستعمرة اليهودية، وأن اسمي ليس من بين أفرادها فوقفت حزينًا تسيل دموعي كما ترى، ويعلِّق القائد قائلاً: لا إله إلا الله.. إننا في عهد صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الذين وُصفوا بأن الموت في سبيل الله كان أحب عندهم من الحياة.


وبهذه الروح كان شهيدنا يحيا ويتحرك، وبهذا الشوق للجهاد والشهادة كان يعيش، وشاء الله أن تنتقل القوات المجاهدة إلى فلسطين في أبريل، وفي اليوم العاشر منه تخوض أولى معاركها هناك، في موقعة كفار ديروم الأولى، ويحمل شهيدنا لغَمًا هائلاً، ويزحف على بطنه، مستهدِفًا أحد مراكز الحراسة في مستعمرة كفار ديروم الحصينة، وينتبه إليه الحرس وهو على قيد خطوات من هدفه، فيطلقون عليه رصاصات تصيبه في ذراعه وتعجزه عن المضيِّ في زحفه؛ ولكنه يتحامل على نفسه، ويزحف بصعوبة والدماء تنزف من جراحه، والرصاص يتناثر من حوله، وهو يجاهد بعناد حتى يقترب من هدفه فيُشعِل اللَّغم فينفجر ويدمِّر مركز الحراسة، ويقضي على البطل الفذ، ويمضي ليلاقي ربه شهيدًا.



عبدالرحيم عبدالحي

من رجال الإخوان المسلمين بالإسكندرية، وكان- رحمه الله- يعمل موظَّفًا مدنيًّا بوحدة سلاح الصِّيانة بالإسكندرية، وحين أنشئَت شعبة الجهاد في سلاح الصيانة بالإسكندرية- والتي كان الأخ عباس السيسي من منشئيها- كان شهيدنا أول من تقدم للاشتراك والمساهمة في نشاطها بقوة وعزم استمر حتى بلغ به الحماس أن صار من أبرز الخطباء، فكان يخطب الجُمَع في المساجد الكبيرة، ويؤثِّر في المستمِعين، وكان له أثرٌ بالغٌ في نشرِ الدعوة بالحديث والخَطَابة.


وعندما أصدر صدقي باشا أوامره بنقل بعض الإخوان من شعبة الجهاد بسلاح الصيانة بالإسكندرية إلى الأقاليم- على إثر بعض المواقف والأحداث- كان نصيب شهيدنا النقل إلى وِرَش سلاح الصيانة بالإسماعيلية، وهناك كان على موعد مع قدر الله، الذي اصطفاه واتخذه من الشهداء؛ حيث كانت الإسماعيلية في ذلك مركزًا مهمًّا لتجمع المجاهدين المسافرين إلى ميدان القتال بفلسطين، وكان الفوج الثاني من المجاهدين بقيادة الشيخ محمد فرغلي وزميله الشهيد يوسف طلعت يستعد للسفر.


ولم يضيع شهيدُنا الفرصة، ولم يدَعها تفلت من بين يديه، فسارع بالتطوع في هذا الفوج المسافر للجهاد، واشترك مع إخوانه في تلك المعركة الباسلة، ونال الشهادة التي كان يتمناها بصدق، مقبلاً غير مدبر، ثابتًا شجاعًا.. صدَقَ اللهَ فصدَقَه.



عبدالرحمن عبدالخالق

من شباب الإخوان بمنطقة العباسية بالقاهرة، وهو حاصل على بكالوريوس الزراعة عام 1947م، ولم يكمل عامه الحادي والعشرين، وكان من أبطال الرياضة المعدودين بالجامعة فكان بطلها في المصارعة وكرة السلة، وكان من أفراد الفوج الأول من متطوعي الإخوان المسلمين للجهاد في فلسطين، فكان بذلك من السابقين إلى الجهاد، ثم صار من السابقين إلى الشهادة.


شارك في معركة كفار ديروم الأولى صباح السبت10 إبريل 1948م؛ حيث كان يقود إحدى مجموعات الاقتحام في معركة، وحين تأزَّم الموقف صدرت إليه الأوامر بالانسحاب.. لكنَّه استمرَّ في القتال مستأسِدًا ويقول: كيف ننسحب وإخواننا في داخل المستعمرة؟ ثم يذكِّر من معه بقول الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ﴾ (الأنفال: 15)، ويظل يقاتل بشدة حتى تصيبَه رصاصة قاتلة في رأسه لتضع اسمه في عداد الشهداء الخالدين.



عمر عبدالرءوف

الشهيد عمر عبد الرؤوف

من ههيا بمحافظة الشرقية، وكان في سن السابعة والعشرين.. عمل في مجال التجارة وكان ناجحًا في عمله نجاحًا كبيرًا، ورغم أعبائه العائلية الثقيلة إلا أنه آثر الخروج للجهاد وترك لنا مشهدًا حيًّا له عند استشهاده؛ حيث يصفه أحد إخوانه فيقول: أصابتْه رصابةٌ في صدره فبدت على وجهه ابتسامة مشرقة ويهتف بمن حوله أترون ما أرى؟ ثم يأخذ نفَسًا طويلاً ويقول: هذه هي الجنة.. إنني أراها وأشمُّ رائحتها، ثم يلفظ أنفاسه ليمضي إلى جنة ربه الموعودة.



عبدالسميع علي قنديل

كان في سن العشرين، ويعمل موظَّفًا في المتحف الحربي، وكان من الإخوان العاملين في شعبة الإخوان بأولاد علام بالجيزة، تنافس هو وأخوه عبدالمنعم في التطوع والسفر إلى فلسطين، واحتكما إلى أبيهما الرجل الصالح علي قنديل، الذي دمعت عيناه من التأثر، واقترح عليهما عمل قرعة، فكانت من نصيب عبدالسميع، وكان من نصيبه الشهادة.



فرج إبراهيم

كان طالبًا بكلية الشريعة، ولما أراد التطوع للجهاد حاول البعض أن يثنيه عن ذلك بدعوى أنه طالب علم شرعي وهو نوع من الجهاد؛ ولكنه أبى ذلك، وصمَّم على النفرة في سبيل الله، وكان له موعد مع الشهادة.



حلمي جبريل

من قرية جنزور بمحافظة المنوفية، كان طالبًا بكلية أصول الدين، وكان معروفًا بالعمل الكثير والصمت الطويل، متفانيًا في الحركة لدعوته، فعهد إليه بتربية مجموعات من إخوانه وزملائه فكان مربيًّا نموذجيًّا يربي بالقدوة والعمل والالتزام قبل القول والبيان.



السيد البش

من خيرة شباب الإخوان العاملين بدمياط، وكان موضع الحب والإعجاب من جميع إخوانه، وفي الميدان كان نعم العون للإخوان جميعًا والمبادر لمساعدتهم في كل الشئون.. نسأل الله أن يكتبه في زمرة الشهداء.



محمد طه محمد سيد أحمد

من كفر صقر- محافظة الشرقية، كان صانعًا متقنًا لصنعته، ولما نادى منادي الجهاد أغلق محل صناعته، وانطلق ليتاجر مع الله، فباعه نفسه وماله واشترى بها رضوان الله.. تقبله الله في الشهداء.



عز العرب محمد سليمان

من تلراك- كفر صقر- محافظة الشرقية، وكان مزارعًا هادئًا، ومع ذلك كان يُعنَى بالأدب والشعر، وكان له دور دعوي اجتماعي فعَّال في قريته، فكان يسعى دائمًا في الصلح بين الناس، وكان رفيقًا لأخيه محمد طه.. سافرا معًا واستُشهدا معًا.. رحمهما الله.



مصطفى الشربيني

من إخوان المنصورة الكرام، عرفتْه دار الإخوان بالمنصورة، وهو أول من يفتح بابها وأول من يلبِّي نداء الدعوة في كل حين، وشاء الله أن يكون أول متطوعي الدقهلية، وأول شهدائها.