محاكمات الإخوان وتصفية المعتقلات
تقديم: موقع إخوان ويكي
محتويات
محاكمات الإخوان
أجرى جمال عبد الناصر محاكمات لقضايا الإخوان الأربعة :
كانت المحاكمات كلها محاكمات عسكرية , وكانت حصيلة هذه المحاكمات حوالي تسعمائة شخصا محكوم عليهم بأحكام تتراوح بين :
1- الإعدام لحوالي ثلاثين شخصاً تم تنفيذ ستة أحكام إعدام وخفف الباقي إلى السجن المؤبد .
2- الأشغال الشاقة المؤبدة لعدد فوق المائة.
3- عشرون عاما أشغال شاقة لشخص واحد هو الأخ مالك نار من منيا القمح شرقية.
4- الأشغال الشاقة خمسة عشرة عاماً.
5- الأشغال الشاقة عشرة أعوام.
6- الأشغال الشاقة خمسة أعوام.
أما المعتقلون فكانوا بالآلاف .. توالى الإفراج عنهم تباعا بعد انتهاء المحاكمات حتى أفرج عنهم جميعا في يونيو ( 1956 ) وأخليت المعتقلات قبل إعلان عبد الناصر عن تأميم قناة السويس مما زاد في شعبيته جدا في المجتمع المصري ثم جاء إعلان تأميم القناة فصار عبد الناصر زعيما لا يبارى ومن ثم فان أطول فترة اعتقال كانت من 29 أكتوبر 1954 حتى 25 يونيو ( 1956م ) أي حوالي عشرين شهرا بعد أن ظن نظام عبد الناصر أن هؤلاء المعتقلين قد تابوا وأنابوا ... ورجعوا عن معتقداتهم ... وظن أيضا أنه قضى قضاء مبرما على دعوة الإخوان المسلمين ... ولكن هيهات!!
مذبحة طره (يونيو 1957)
هل كانت نية عبد الناصر التخلص من جميع المسجونين بالقتل أو قتل بعضهم ليكونوا عبرة ونكالاً للآخرين؟
لقد جرت محاولتان لقتل المسجونين كلهم ... أو بعضهم:
- واحدة جرت في يونيو ( 57 ) في سجن ليمان طره.
- والثانية بعدها في معتقل الواحات لقيادات الإخوان.
- نجحت الأولى ... وأفشل الإخوان المسجونون المؤامرة الثانية وتذرعوا جميعاً بالحكمة والصبر.
- عدد الذين تعرضوا للمذبحة في ليمان طرة 183 ( مائة وثلاثة وثمانون ) رجلا من الإخوان المسلمين في هذا الليمان.
- استشهد 21 شابا من شباب الإخوان وجرح اثنان وعشرين جريحا آخرين وفقد البعض من هول المشهد عقولهم.
أبطال تنفيذ هذه المذبحة
أبطال تنفيذ هذه المذبحة من ضباط السجون هم :
أما القيادة الفوقية لهؤلاء الضباط المنفذون فهو واحد من رجال الثورة .. صلاح الدسوقي الشيشتاوي ... وهو من المقربين لعبد الناصر ... وصار محافظا للقاهرة فترات طويلة ... وتقلد وظائف أخرى كثيرة في عهد عبد الناصر منها أمين الاتحاد الاشتراكي بالعاصمة.
أما رجل الثورة المنوط به مهمة القضاء على الإخوان والذي أعطى التعليمات |بالمذبحة فهو "زكريا محيى الدين"
أسماء الشهداء
من الإسكندرية 1. إبراهيم محمد أبو الدهب موظف بالسكة الحديد، متزوج وله ثلاثة أولاد. 2. محمود العطار (ترزي) .. متزوج. 3. السيد على محمد (تاجر) .. متزوج وله ثلاثة أولاد. . من القاهرة 1. عبد الله عبد العزيز الجندي (شبرا) .. موظف بالسكة الحديد .. متزوج وله أولاد. 2. عبد الفتاح عطا الله (شبرا) .. ترزي .. متزوج وله أولاد. 3. مهندس / محمود محمد سليمان (العباسية) .. مهندس بالسكة الحديد .. متزوج وله أولاد. 4. أحمد محمود الشناوي (العباسية) .. موظف .. أعزب. 5. أنور مصطفى (مصر القديمة) .. عامل بالمدابغ. 6. عثمان حسن عيد (مصر القديمة) .. طالب بكلية دار العلوم. 7. علي حمزة (حلوان).. قمصانجى. . |
من الجيزة 1. سعد شوقي (إمبابة) .. موظف. 2. مصطفى حامد (امبابة) .. طالب. 3. محمد السيد عفيفي (بين السريات) .. طالب. من المنوفية 1. فهمي إبراهيم نصر .. طالب ثانوي. 2. محمد نواره .. عامل مطابع. من الدقهلية 1. خيري الدين إبراهيم عطية .. طلاب أزهري بطل لعبة السلة. 2. أحمد حامد قرقر .. محاسب خريج كلية تجارة ، متزوج وله ولدان (من دنديط مركز ميت غمر الدقهلية) ، (صار أحد أولاده بعد أكثر من عشرين عاماً كاتباً صحفياً مرموقاً وهو الأستاذ محمد مورو) من السويس 1. مصطفى عزت عثمان .. موظف بشركة بترول. 1. السيد العزب صوان (موظف) .. متزوج وله أربعة أولاد. من كفر الشيخ 1. رزق حسن إسماعيل (مزارع) .. متزوج وله 3 أولاد. من الشرقية 1. أحمد عبده متولي ..طالب بكلية الزراعة. |
تعقيب
ظن عبد الناصر أنه قد قضى تماما على بقايا الإخوان بعد القبض على التنظيمات الثلاثة ( يناير ومارس ويونيو 55) ولذلك بدأ في الإفراج عن المعتقلين , فقام بتصفية المعتقلات في يونيو ( 56) ... ثم توجه إلى التعامل مع المسجونين من الإخوان المسلمين ... فكانت خطته كالأتي :
1. توجيه ضربة قاصمة لمجموعة من شباب الإخوان فكانت مذبحة طره .
2. الوقيعة بين صفوف الإخوان وقياداتهم في السجون وبث الفتنة في صفوفهم.
3. طلب تأييد الحكومة المطلق في كل تصرفاتهم من مسجوني الإخوان في مقابل الإفراج عنهم .. في ظل ظروف ضاغطة جدا على الإخوان المسلمين المسجونين ... وذلك بنفيهم إلى الصحراء في سجون في جوف الصحراء الحار جدا صيفا , والبرد بل والصقيع جدا شتاءا .. مع تعذيب أهليهم في زيارة ذويهم من المسجونين .. وكانت مناسبة حرب السويس في ( 1956 ) مناسبة قوية لبدء هذه الخطة في التفرقة والوقيعة بين أفراد الإخوان المسلمين.
فكان من أبدى تعاطفه مع الحكومة ... أو اعتذاره عما سبق من انتماء ومناصرة للإخوان ... كان هذا سببا كافيا للإفراج عنه شريطة أن يدع جماعة الإخوان جانبا تاركا لكل هذا الماضي والبحث عن لقمة العيش . وكان من يرفض هذه المساومة . فله التشريد كل التشريد والتعذيب داخل معتقلات " الواحات " و" المحاريق " في الصحراء الغربية في مصر بعد أسيوط بسفر طويل .
وكانت محنة قاسية جدا ... لم يصبر عليها إلا الأفذاذ من الإخوان المسلمين .. وأما من لم يصبر فقد اتجه إلى الأخذ بالرخصة على أن السجن إكراه وكل إكراه يستطيع الإنسان معه أن يترخص إلى أي مدى من الترخص خصوصا بعد الإفراج عن أول دفعة ممن سموهم بـ " المؤيدين " في ديسمبر 1958م .
التنظيمات المالية
بدأت الأمور خارج السجون تهدأ كثيرا ... وتقلص نشاط الإخوان تماما .. ولكن روح " الإخوة " التي زرعها الإمام الشهيد حسن البنا في قلوب الإخوان بقوة ... كانت هذه الروح دافعا إلى قيام عدد كبير من التنظيمات المالية للإخوان المسلمين لمساعدة أسر وعائلات المسجونين وكما أسلفنا تم القبض على ثلاثة تنظيمات في يناير ومارس ويونيو ( 1955 ) .. ولما كانت تقارير المباحث تقول إنه يستحيل منع قيام مثل هذه التنظيمات التي كانت تسمى " تنظيمات غير ذات الشوكة " .. فلقد تغيرت خطة الحكومة ـ آنذاك ـ في التعامل مع هذه التنظيمات واكتفت برصدها ومتابعتها .. ولم يكن هناك رابط بين هذه التنظيمات فكل محافظة لها تنظيمها بل كل مركز شرطة ... أو قسم شرطة له تنظيمه المالي الخاص وذلك خوفا من كشف هذه التنظيمات وحفاظا على سريتها . فقام في أنحاء مصر حوالي ثلاثين تنظيما ( حسب رصد المباحث ) .. وهذا ما صرح به وزير الداخلية المخضرم والمتفاني في عمله اللواء عبد العظيم فهمي .. فيما بعد ويبدو أن هذه كانت سياسته الشخصية والتي وافق عليها أمنيا الرئيس جمال عبد الناصر .
ولكن هذا التنسيق بين هذه التنظيمات بعد طول الوقت ... ثم الشعور بالأمان بدأ مع طلائع عام 1961 .. وبلغ هذا التنسيق ذروته في عام 1964 حيث قام الأخ المحاسب عبد الحميد الطنبداوى من إخوان المنوفية بجمع كل التنظيمات المالية تحت قيادته ـ كما تقول أوراق التحقيق ـ وقام ينسق بينهما حتى قبض عليه في عام 1965 وحوكم في محكمة عسكرية قضت عليه بالسجن ثلاثة سنوات ثم الاعتقال ثلاث سنوات أخري ... ولا شك أن لهذه التنظيمات فوائد عديدة منها :
1 - رعاية أسر المسجونين.
2- استمرار روابط الاخوة بين أفراد الإخوان لحين إشعار أخر.
3- تنمية روح التكافل والترابط بين الإخوان.
4- تبادل المعلومات بين أفراد الجماعة.
5- تبادل أخبار الإخوان المسجونين وتقديم خدمات جليلة لهم ... فضلا عن رعاية أهليهم .
6- التواصل النفسي والفكري والثقافي بين الإخوان حتى في أحلك الظروف.
7- إعطاء دفعة نفسية قوية للإخوان المسجونين .. وذلك بإشعارهم برعاية إخوانهم لهم .. ورعاية أهليهم أيضا .
8- إيصال العلاج والدواء للإخوان في السجون .
9- لا شك أن الحركة تنمى الإيمان .. والإيمان يدفع إلى مزيد من الحركة وهكذا.
تعقيب
إن خطط حسن البنا التربوية للربط بين أفراد جماعة الإخوان المسلمين قد نجحت تماما في استمرار هذا البناء وهذه الخطط للإمام حسن البنا تمثلت في الآتي:
- غرس الشعور العميق بالانتماء إلى جماعة ... ومدارسة كل الآيات والأحاديث التي تحض على الجماعة ... ولقد استقر هذا الشعور في الأعماق الغائرة لأفراد جماعة الإخوان بل يمكنك القول أنه صار مكتوبا على شفرة جينات أفراد الإخوان المسلمين بمقتضى الإيمان " ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا "...
- جعل ركن " الأخوة " من أركان البيعة .
- جعل مادة علم " الحب في الله " من العلوم الروحية المميزة لأفراد الإخوان المسلمين ... والحب في الله نشأ وترعرع في ثقافة وفكر جماعة الإخوان ... ولقد كان الإمام البنا حريصا في كل محاضراته على البدء بغرس روح الحب في الله بين الإخوان المسلمين .. في مقدمة معظم خطبه العامة والخاصة وسماها " عاطفة الثلاثاء "في دروس الثلاثاء التي كان يلقيها بانتظام في مقر الإخوان بالحلمية بالقاهرة .
- جعل نظام الأسر التربوي بين الإخوان يربى فيهم ثلاثة صفات أساسية تدعم الرباط بين الإخوان حتى صار كالعروة الوثقى ... لا انفصال لها .
هذه الصفات الثلاث هي :
1- التعارف .. فالتعارف يرفع الحاجز النفسي بين الناس.
2- التفاهم ... والتفاهم ييسر التعامل بينهم .
3- التكافل ... يوثق الرباط بينهم.
وهذه الوسيلة تعمق السلوك الجماعي بين أبناء الإخوان وتجعلهم قادرين على استمرارية الروابط حتى في أحلك الظروف لذلك كتب الأستاذ /جمعة أمين كتيبا يجعل نظام " الأسر " من ثوابت الإخوان المسلمين لأن هذا الفكر التربوي حافظ على استمرارية الجماعة ثمانين عاما في ظل ضغوط نفسية هائلة ضد الإخوان المسلمين .. وكل نظام ينجح تحت ظل الضغوط فهو نظام جدير بالاحترام والتقدير كما تنبئ السطور التي كتبها الأستاذ/ جمعة أمين ... حتى قال بعض المتحمسين من الإخوان " من لم يذق طعم الأسر في الإخوان ... فهو لا يعرف الإخوان "
وبعد:
فهذه عجالة موجزة عن التنظيمات المالية للإخوان بقيادة الأخ المحاسب عبد الحميد الطنبداوي وهو من إخوان " المنوفية " وكان يتميز بالهدوء والسكينة والصمت مع الدأب الشديد في جمع الأموال لأسر المسجونين .. ولقد عذبوه في السجن الحربي عذابا شديدا .. نسأل الله أن يجعله في ميزان حسناته يوم القيامة ... آمين