علاقة الإخوان بالأزهر وعلماءه

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
علاقة الإخوان بالأزهر وعلماءه

مركز الدراسات التاريخية

ويكيبيديا الإخوان المسلمين


الإخوان وشيخ الأزهر

ينظر الإخوان إلى الأزهر الشريف على أنه أكبر هيئة إسلامية عالمية، كما ينظرون إلى شيخ الأزهر على أنه رمز للإسلام والمسلمين بصفته إمام أكبر هيئة إسلامية عالمية، ولذلك فله واجب التوقير والاحترام حيث أنزلوه منزلته الرفيعة؛

وكان شيخ الأزهر هو فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي في الفترة من 1928 حتى 1945م، حيث كانت له مواقف مشهودة لخدمة الإسلام والمسلمين خلال، لذلك كان الإمام البنا رحمه الله على صلة به من قبل أن يكون شيخًا للأزهر لما وجد فيه من خصال حميدة.

كان الإمام البنا والإخوان يضع شيخ الأزهر في موضعه اللائق به مع عدم إغفال توجيه النصح له، حيث إن الإخوان يعملون بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: "الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم" وهذا هو مسلكهم في مواقف عديدة أخرى.

وفي المقابل فقد كانت ثقة الشيخ المراغي بالإمام البنا وجماعته عالية؛ فقد كان على صلة وثيقة بالإمام البنا منذ كان طالبًا بدار العلوم، كما كان الإمام البنا كثير الاتصال به والكتابة إليه.

ولذلك حين أعاد الإمام البنا إصدار مجلة المنار بعد وفاة مؤسسها الشيخ محمد رشيد رضا كتب الشيخ المراغي مقدمة لأول عدد أصدره الإمام البنا قال فيه:

"علمت أن الأستاذ حسن البنا يريد أن يبعث "المنار" ويعيد سيرته الأولى فسرني هذا؛ فإن الأستاذ البنا رجل مسلم غيور على دينه، يفهم الوسط الذي يعيش فيه، ويعرف مواضع الداء في جسم الأمة الإسلامية، ويفقه أسرار الإسلام، وقد اتصل بالناس اتصالاً وثيقًا على اختلاف طبقاتهم، وشغل نفسه بالإصلاح الديني والاجتماعي على الطريقة التي كان يرضاها سلف هذه الأمة. (1)

وعندما رحل الشيخ المراغى نعته الإخوان على صفحات جرائدهم تحت عنوان " فقيد الأزهر والإسلام فى ركب الموت".

موضحة أن هذا الرجل الذي كان ملء الأزهر وملء الحياة العامة، والذي طالما سحر النفوس بهدوء صوته، وبهرها بواسع معرفته، الرجل لم يغلب على نفسه، ولم يهزم في كرامته يومًا ما، كانت كبرياء الإيمان بالله وبالنفس أظهر ما في خلاله مما يجعل الإحساس بالمصاب فيه كبير؛

فكان زعماء الحياة المدنية يلمسون في شخصيته رأسًا مرتفعة وهامة سامقة، علم المتكبرون من أهل الأرض كيف يعنون لكبرياء أهل السماء، فما استطاع أحد منهم أن يجره في ركابه، ولا أن يقفه ببابه، وتلك حسنة للشيخ الأكبر ترجح بالكثير، وينبغي ألا تغيب عن بال العلماء المسلمين الباقين بعد على ظهر الأرض.

إن الشيخ المراغي كان شخصية إسلامية عامة فوق أنه شيخ للأزهر، بل إن موقعه من الشئون الإسلامية والسياسية الكبرى كان كثيرًا ما يطغى على حدود عمله الإداري في الأزهر، وقد أغضب ذلك الكثير من رجال السياسة، وألب الأزهريين أحيانًا عليه، ومع ذلك فقد الأزهر والأزهريون رجلاً من أوسع رجال الإسلام أفقًا، وأغزرهم علمًا، وأبصرهم بمسائل الدين والسياسة والتشريع والفلسفة، وأقدرهم على التوفيق بين هذه الأمور كلها.

إن بعض الهيئات السياسية تريد أن تفهم منصب مشيخة الأزهر على أنه ناظر مدرسة أو مدير جامعة، وهذا خطأ، فإن حالة المسلمين المدنية والسياسية، بل والعلمية والاجتماعية تعطي هذا المنصب فضل سلطان مادي وأدبي لا ينبغي تجاهله، وليس من الحكمة أن ننقص منه، وقد استمسك الشيخ المراغي بحقوق منصبه المرسومة والمفهومة كلها، فرحمة الله عليه، وإنا لله وإنا إليه راجعون. (2)

واستمرت هذه العلاقة والتقدير مع خلفه الشيخ مصطفي عبد الرازق فعندما توفى الشيخ نعته جريدة الإخوان المسلمين اليومية تحت عنوان " رزء مصر والأزهر بوفاة الأستاذ الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق" موضحة جهود الشيخ ومآثره كما أبرزت مدى مصاب القوم فى وفاته فذكرت نعى الأزهر وحزب الأحرار ورئيس الوزراء وأسرة الفقيد. (3)

وكان الشيخ قد تولى مشيخة الأزهر بعد وفاة الشيخ مصطفى المراغى في الفترة من سبتمبر 1945 حتى توفى يوم السبت 24 من ربيع الأول 1366 هـ الموافق 15 فبراير 1947م نهض خلالها بالأزهر الشريف حتى أنه استعفى الملك من لقب الباشاوية تقدير للمشيخة والنأي بنفسه عن مواطن الشبهات وشيعت الجنازة من الجامع الأزهر. (4)

اهتم الإخوان بأخبار وأحداث الأزهر فعندما تأزمت المسألة بين رئيس الوزراء النقراشي باشا والشيخ محمود أبو العيون وأصر الشيخ على حضور النقراشي لتقديم الاعتذار تابعت الصحيفة هذه الأزمة (5) حتى عاد الشيخ إلى عمله مرة أخرى وقد زاره كثير من المهنئين بعودته. (6)

وتقديرا لجهود الجريدة قام الشيخ أبو العيون بزيارة الجريدة وأمضى بعض الوقت مع الأستاذ أحمد السكري مدير الجريدة وبعض الإخوان وودع بما استقبل به من حفاوة وإجلال. (7)

وقد أجرت مجلة الإخوان حوار مع الشيخ محمود أبو العيون حول وضع الأزهر وكيفية تحقيق رسالته فى الشرق والغرب كما سألوه عن عدم استقرار الحالة فى الأزهر وعن خطة الأزهر فى إنشاء المعاهد الدينية فى جنوب الوادي؟ وعن دوره ودور العلماء فى التصدي لما تنشره الصحف والمجلات الخليعة؟

حيث أوضح الشيخ أن الأزهر وضع برنامجا لإرسال البعثات إلى مختلف بلاد العالم فى الشرق والغرب غير أن قلة المال هى التى تقف حائل أمام ايفاد البعوث إلى البلدان المختلفة.

وأن شباب الأزهر متطلع لأداء رسالته فى الشرق والغرب لكن أين المال لتحقيق ذلك. وأرجع السبب فى حالة عدم استقرار أحوال الأزهر أنه يتأثر بالحالة السياسية فى البلاد وأن الطلبة تتفاعل مع الأحداث مما يسبب عدم الاستقرار؛

كما أن مسألة تأسيس معاهد دينية فى جنوب الوادي تتبع الحالة السياسية كما أفاده فضيلته حول ما تنشره الصحف والمجلات الخليعة بأن العلماء وأئمة المساجد يقومون بمهمتهم على أكمل وجه لكن مظاهر المادة سيطرت على النفوس فأضعفتها كما أن الحكومات المتتالية لم تقم بواجبها من ناحية تطهير البلاد من أوراق الفساد ولم تقدم المساعدة لرجال الدين لخدمة ازدياد السرور؛

وأننا طالبنا بإيقاف الرويات السينمائية وصالات الرقص وعدم نشر الصور الخليعة لكن الحكومات لم تستجب لصيحات العلماء بل هى تساعد على ذلك بالتراخيص لنوادى الخمور والقمار وسباق الخيل والحفلات المختلطة وأهملت التعليم الدينى ومن ثم يجب أن يتآزر رجال الهيئات الدينية والعلماء ويضعوا ويضعوا حدا لهذه الشرور ويطالبوا الحكومة بالقضاء عليها. (8)

ولشدة اهتمام الإمام البنا بالأزهر وإصلاحه كان دائما ما يعمل على تنقية الأجواء بينه وبين الإخوان المسلمين والرد على أصحاب القلوب المريضة الذين يحاولون نشر الشقاق بين الأزهر والإخوان فقد كتب للشيخ محمد مصطفى المراغي تحت عنوان "إلى صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأكبر". (9)

وكتب الأستاذ البنا مقالا تحت عنوان "إخوان وأزهريون" حاول فيها تنقية الجو بين الأزهر والإخوان ورد على مروجي الفتن بين الهيئتين جاء فيها: أعرفتم قصة الملك والوزير .

قالوا إن ملكا دائم الخلاف مع وزيره وكان الوزير دائم الخلاف مع الملك, فأراد حكيم أن يتدخل بينهما ليحسم مادة هذا الأمر بأن استحضر ورقة على أحد وجهيها صورة من أجمل ما يتصور الناس وعلى الوجه الآخر صورة أخرى دمية شوهاء

وعرض الأولى على الملك وأخفى الثانية فأظهر الاستحسان ثم عرض الثانية على الوزير وأخفى الأولى فأغرق فى الاستهجان واشتد الجدل والخلاف فتقدم إليهما وأظهر لهما الوجهين معا فسلم كل منهما برأى صاحبه وانتهى بينهما عهد الخصومة والخلاف.

وكذلك الناس فى كل شؤونهم لو أنصف بعضهم بعضا وأخلد كل منهم بما عند الآخرين ونظر الأمر من كل وجوهه لا من زاوية واحدة لاستراحوا من كثير من عناء التمدد فى الخصومة والمراء بغير حق.

ومن هذا القبيل ما نشب خبر بين بعض الكتاب الأزهريين والإخوانين على صفحات الجرائد وأراد بعض ذوى الغايات استقلاله لخلق فتنة لا وجود لها ولا خير فيها بين الأزهر المعمور وهيئة الإخوان.

فريق يرى أن الأزهر مقتبل الدين ومثابة المؤمنين والبقية الباقية من مواريثنا الخالدة ومفاخرنا المجسدة وأن كل منهم وجه له أو عدوان على حقه وانتقاص لأبنائه تعرض لحصن من أقوى حصون الإسلام يجب على كل مسلم أن يدفعه وأن يقف دونه حتى تطل هذه الشعلة من هداية الله وضاحة السنا باهرة النور والضياء.

والفريق الثانى يسلم بهذا المعنى ولا يجادل فيه ولكنه ينظر إلى الأمر من زاوية أخرى هى زاوية الرغبة الأكيدة التي تملئها الغيرة الشديدة فى السير فى مدارج الكمال والابتعاد عن كل معوق للأزهر وأبنائه عن أداء رسالتهم الجلة ومبعثهم السامية من إعلاء كلمة الله وحمل رسالة الإسلام إلى العالمين. ولاشك أن الفريق الأول يشارك الثانى هذا الشعور ويتمنى معه تحقيق هذه الآمال إذن بين الفريقين إلا فى أن كلا منهما نظر من زاوية فذكر شيئا وغابت عدة أشياء.

أما الإخوان المسلمون كهيئة إسلامية تعمل لخدمة هذا الدين وإرادة مجده وتحقيق دولته ودعوته فانهم يعلنون فى كل مناسبة أن الأزهر هو العلم المرفوع لدلالة على هذا الدين الحنيف وأن أبناء من طلاب وعلماء وخرجين هم الجيش النظامي الرسمي لدعوة الإسلام وأن الإخوان هم الكتائب المتطوعة فى صفوف الجيش عدة وتقويه وتعاونه وتؤازره .

ومحال أن تخاصمه أو تعاديه وهم يذكرون جيدا ما قاله أحد خصوم الإسلام من أن هناك دعائم ثلاثا إن ظلت قائمة بلا مطمع لأحد فى القضاء على هذا الدين: القرآن والكعبة. والأزهر ولقد قامت دعوة الإخوان وما زالت تقوم على جهود نخبة ممتازة من أبناء الأزهر الأكرمين.

وأن أبناء الأزهر لأدق حبا وأطهر نفسا وأزكى فؤادا من أن تخدعهم الأباطيل ذوى الأغراض الحزبية اللذين يرون فى الأزهر وفى الإخوان معا قوة إسلامية تحول تحول دون ما يشتهون لهم يودون بجدع الأنف أن لو استطاعوا بأن يضربوا بعضه ببعض ولن يستطيعوا بإذن الله.

إما من حيث الموضوع فإن للإخوان عدة مذكرات منذ عام 1354 هجرية منها ما هو خاص بالأزهر فقط ومنها ما يتناول فكرة توحيد مناهج التعليم يوم أن ظهرت هذه المذكرة وتوارت فيها الأحاديث بين فقهينا الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي رحمه الله وبين معالي وزير المعارف محمد حسين هيكل باشا حينذاك ولم تسفر هذه الأحاديث عن شىء وسننشرها للذكرى والتاريخ فى عدد قادم بإذن الله.

وأمر الإصلاح الصحيح أجل وأخطر من أن تتناوله الأقلام على صفحات الجرائد السيارة قبل التمحيص الدقيق والنظر الثاقب المحيط والإخوان على استعداد دائما التقديم كل مساعدة بالرأي أو العمل إذا طلب إليهم ذلك أو بالنصح والتبيين إذا رأوا ما يدعوا إليه. والدين النصيحة والله يقول الحق وهو يهدى السبيل. (10)

حسن البنا

الإخوان وطلبة الأزهر

لم ينس الإخوان طلبة الأزهر فقد اهتموا بهم كثيرا، حيث احتوى الإخوان المسلمين كثير من الأزهريين فأصبحوا جنودا عاملين بين صفوفها كما اعتنوا بأخبارهم فعندما اصطدم البوليس مع طلبة معهد فؤاد الأول بأسيوط وسقط منهم جرحى وقتلى أثناء المظاهرات سارع الإخوان بتكوين لجنة من قسم البر والخدمة الاجتماعية بأسيوط لجمع تبرعات لأسر القتلى والمصابين؛

وقد بادر قسم البر والخدمة الاجتماعية بدفع مبلغ 20 جنيها كما قام المكتب الإداري للإخوان بأسيوط بدفع 10 جنيهات كما أرسلت منطقة الإخوان بأسيوط مبلغ 10 جنيهات كما قام الأستاذ فهمي أبو غدير المحامى والأستاذ صلاح عبد الحافظ بالحضور مع الطلبة أثناء التحقيق معهم والدفاع عنهم كما انهالت البرقيات إلى السدة الملكية ورئاسة مجلس الوزراء ومشيخة الأزهر تندد بما لحق بطلب معهد أسيوط الدينى. (11)

وعندما عرضت القضية على المحكمة والتي رأسها القاضي أبادير بك يوسف حضر للدفاع عن الطلبة كوكبة من المحامين أمثال الأساتذة فهمي أبو غدير بك بدوى وفهيم عبد المسيح وعبد الكريم أبو شقة وعبد الناصر حسن وغيرهم والذين طالبوا بالإجماع الإفراج عن الطلبة فقررت المحكمة الإفراج عن كل المتهمين والبالغ عددهم 27 بعد أن دفع كلا منهم كفالة مالية قدرها 500 مليم. (12)

وقد أصدرت اللجنة التنفيذية لمعهد القاهرة بيان تحت عنوان:" لا دعوة إلا فى ظل الكرامة" جاء فيه:

أولا: عدم العودة إلى الدراسة إلا فى ظل الكرامة.
ثانيا: التمسك بمعاقبة المسئولين فى حادث معهد فؤاد الأول بأسيوط.
ثالثا: تأييد فضيلة الشيخ أبو العيون فى موقفه وعدم التخلي عنه وشكره على ندائه.
رابعا: تحميل المسئولين فى الأزهر نتيجة ما ينتوونه من إلغاء للعام الدراسي وعم تأييدهم فى سياسة العجز والتراخي. (13)

وشعرت الحكومة بسوء تصرفها فسارعت بإرسال محمد عزيز أباظة مدير أسيوط إلى معهد فؤاد الأول للاعتذار عن حوادث معهد أسيوط وقد قوبل بحفاوة من قبل شيخ المعهد والمدرسين وأعلنت إدارة المعهد استئناف الدراسة هذا وقد قررت الحكومة إحالة حكمدار أسيوط على المعاش باعتباره المسئول الأول عن هذه الحوادث. (14)

وقد أصدر رئيس اللجنة التنفيذية العليا للأزهر كلمة يرجو فيها ولاة الأمر فى الأزهر بأن يرحموا حيرة آلاف طلبة الأزهر وخوفهم على مستقبلهم كما حذر الطلاب من الحزبية التي لا تتفق مع شمول الرابطة الإسلامية. (15)

وحينما ظهرت بعض الروايات التي تخالف منهج المصريين، أرسل الإخوان المسلمون مذكرة إلى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الشيخ محمد مصطفى المراغي، وإلى وزير المعارف تحت عنوان: "مستقبل الثقافة في مصر .. للحقيقة والتاريخ"

أوضحوا فيها العور الذي أصاب الثقافة في مصر، وأرجعوا ذلك إلى الاحتلال، والازدواجية والانفصال في أنواع التعليم المصري بين الديني والمدني؛ مما جعل ثقافة الأمة ذات طابعين مختلفين لا يكاد يلتقي أحدهما بالآخر، وقدموا رؤيتهم لإصلاح هذا الأمر، وقد ذكرنا جانبًا منه في إصلاح التعليم. (16)

وحينما قررت إدارة كلية الآداب تدريس مسرحية "جان دارك" لقسم اللغة الإنجليزية، أثار ذلك حفيظة الطلاب لاسيما طلاب الإخوان المسلمين؛ حيث إن المسرحية تسخر من النبي صلى الله عليه وسلم، وتصور أتباعه بأنهم حمقى وبلهاء، وتقارن بين شخصية النبي صلى الله عليه وسلم وشخصية جان دارك بالمسرحية، فهب الطلاب مطالبين بإلغاء تدريس المواد التي تطعن في أقدس شخصية في الوجود، ورفعوا احتجاجهم إلى عميد الكلية الدكتور طه حسين، إضافة إلى إرسال البرقيات لجميع الهيئات المسئولة في مصر.

وقد لقيت انتفاضة طلاب الإخوان هذه صداها في الأماكن الأخرى، فقد قامت كلية أصول الدين عن بكرة أبيها في مظاهرة حاشدة وأضرب طلابها عن الدراسة، ورفعوا مذكرة عاجلة لشيخ الأزهر، وكذلك قام معهد القاهرة الأزهري بمثل ذلك، وانتقل الأمر إلى معهد الإسكندرية والزقازيق، وطلاب المدارس الثانوية، ومدرسة الصنائع، والمدارس الأميرية، وقد توجه جموع الطلاب بعد ذلك إلى دار الإخوان المسلمين، وأرسلوا منها عددًا من البرقيات إلى الملك وشيخ الأزهر. (17)

ومما يجدر الإشارة إليه أن مجلة الإخوان المسلمون خصصت بابًا بعنوان: "أزهريات" كان يحرره الأخ كامل عجلان المدرس بمعهد قنا الأزهري والسيد إبراهيم حسن، تناول هذا الباب أخبار الأزهر المختلفة العلمية والدعوية، إضافة إلى متابعة أخبار الأزهر في باب "أبناء العالم الإسلامي".

وكان من أبرز المشكلات التي تابعتها صحف الإخوان مشكلة بطالة خريجي الأزهر، حيث ذكرت مجلة الإخوان أن مشكلة الخريجين المتعطلين أصبحت بشكل لم يسبق له مثيل؛ حيث إن هناك مئات من الشبان الذين تخرجوا ولم يجدوا عملاً (18)، بالإضافة إلى مشكلة ضعف رواتب أصحاب الفضيلة الأئمة العلماء، وعدم العناية بشأنهم، في الوقت الذي أنصفت فيه جميع طوائف الموظفين، ولذلك فإن المجلة تلفت انتباه أنظار ولاة الأمور إلى ذلك. (19)

وقد أبلى هؤلاء الإخوان بلاءً حسنًا في نشر الدعوة وحمل الرسالة وتثقيف العامة ورفع اللواء، وكان بعضهم ما زال طالبًا بالأزهر، وقد تخرج البعض مع نهاية المرحلة، وكان من هؤلاء الذين برزوا في هذه المرحلة: الشيخ محمد فرغلي، والشيخ أحمد شريت، والشيخ محمد الغزالي، والشيخ سيد سابق، والشيخ عبد المعز عبد الستار، والشيخ زكريا الزوكة، والشيخ إسماعيل حمدي، والشيخ محمد البهي، وغيرهم.

وقد كان للشيخ الغزالي دور رائد في الكتابة في صحف الإخوان حتى أصبح سكرتير مجلة الإخوان، وقد تولى الشيخ عبد المعز عبد الستار مسئولية قسم الدعوة والإرشاد، وقد رافق الإمام البنا في زيارته للصعيد عام 1939م، وبرع الشيخ سيد سابق في الجانب الفقهي، وكان يحرر باب "صحيفتنا الفقهية" بمجلة الإخوان، كما كان للشيخ محمد فرغلي دور رائد في الدعوة والإرشاد في الإسماعيلية، وقد أفسح الإمام البنا المجال للأزهريين لثقته فيهم ولتقديره لهم ولعلمهم المفيد.

نشط الإخوان فى المعاهد الأزهرية، وكانت أنشطتهم تتسق إلى حد كبير مع أنشطة الطلاب عامة؛ مثل الخروج فى المظاهرات، والمطالبة بجلاء الإنجليز عن مصر، كما اهتموا بقضايا الأزهر مثل تحسين مستوى خريجى الأزهر، ومساواتهم مع من طلاب الجامعة المصرية، واحتفالاتهم كذلك بالمناسبات الإسلامية المختلفة. وكانت تبعية طلاب الأزهر الموجودين فى الشعب والمناطق لقسم الجامعة الأزهرية والمعاهد الدينية بالمركز العام.

ومما تميز به طلاب الأزهر المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية؛ فلقد قام بعض طلبة الإخوان وعلى رأسهم الطالب محمد الغزالي السقا (الشيخ محمد الغزالي فيما بعد)، والطالب حفني أبو زيد من كلية أصول الدين، والطالب هلال مصيلحى هلال من معهد القاهرة بتوجيه الدعوة للطلاب لعقد مؤتمر يمثل الأزهر في يوم الجمعة الموافق 30 من يناير بالجامع الأزهر؛ وذلك لتكوين اتحاد إسلامي يقوم بالمطالبة بجعل التشريع الإسلامي أساس الحكم، وأعلنوا أنهم سيواصلون العمل لتحقيق ذلك المطلب. (20)

لقد بلغ اهتمام البنا بالأزهر وأبناءه الطلبة أن أنشأ قسما خاصا داخل الجماعة يخص شباب الأزهر، والهدف من إنشاء هذا القسم إظهار دعوة الإخوان المسلمين على صورتها الحقيقية، وإيضاح أهدافها لعلماء وطلبة الأزهر، وتوثيق الروابط بين الإخوان والأزهر بكل فئاته، والعمل على التعاون مع الأزهر لمواجهة الأحداث الدينية العامة التي تمس الإسلام والمسلمين داخل مصر وخارجها، ووضع مناهج التعليم على أسس إسلامية، وعلاج المشكلات التي تواجه المجتمع الإسلامي.

وقد عمل الإخوان في هذا القسم على الانتفاع بجهود علماء الأزهر وطلابه في الوعظ والإرشاد، وتثقيف الإخوان المسلمين ثقافة إسلامية، كما عملوا على مؤازرة الأزهر الشريف ومناصرته في كل الأمور والمسائل التي ترفع من شأنه؛ حتى يحتل مكانته في المجتمع المسلم. ولم يكن لهذا القسم أن يتدخل في شئون الأزهر الإدارية، ولا شئون الإخوان الإدارية، ولا يعمل إلا في إطار الاختصاصات السابقة فقط. (21)

كان لهذا القسم إدارة تنفيذية تقوم على العمل والإشراف على هذه الاختصاصات، مكونة من رئيس وسكرتير وثلاثة أعضاء، يختارهم مكتب الإرشاد، ويشترط أن يكون من هؤلاء ثلاثة من علماء الأزهر الذين مضت على عضويتهم في الإخوان ثلاث سنوات فأكثر، وقد تولى رئاسة القسم الشيخ محمد شريت الذي لم يكن عضوًا في مكتب الإرشاد، فتولى الإشراف عليه من قبل مكتب الإرشاد الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي.

كما أن لإدارة القسم أن تختار من علماء الأزهر الشريف من تأنس فيهم معاونتها على تحقيق أغراض القسم، ويكون هؤلاء العلماء بمثابة لجنة استشارية للجنة، تكون مهمتها إمداد القسم بالآراء والمقترحات التي تعينه على تحقيق غايته، والإشراف العام على نشاط القسم والنظر فيما يقدمه إليها من مقترحات، استرشادًا بآراء حضرات أعضائها وانتفاعًا بتجاربهم.

وتجتمع هذه اللجنة مرة كل شهر، ويعرض عليها التقرير الشهري للقسم قبل العرض على مكتب الإرشاد. واقتصرت صلة هذا القسم بالطلاب الأزهريين على الاتصال بلجانهم المؤلفة في الشُّعب والمناطق الإخوانية، ولم يكن للطلاب الأزهريين تنظيم مُناظر لقسم الطلاب. (22)

وحينما بدأ الإخوان في شراء دار الإخوان 1945م ونظرًا لطبيعة العلاقة الحميمة بين الأزهر والإخوان منذ نشأة الإخوان فقد شارك عدد كبير من علماء الأزهر وشيوخ الأزهر فى هذا الاكتتاب، وكان على رأس هؤلاء فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر الذى تبرع بـ5جنيهات، وفضيلة الشيخ محمد على دراز بـ2جنيه، والشيخ عبد المنعم خلاف بـ5جنيهات، والشيخ عبد المعز عبد الستار بـ10 جنيهات، وعدد كبير من الدعاة والأئمة بالأقاليم.

المصادر

  1. مجلة المنار، الجزء الخامس، المجلد الخامس والثلاثون، غرة جمادى الآخرة 1358ه 18 يوليو 1939م، ص(2).
  2. مجلة الإخوان المسلمين النصف شهرية، العدد (68)، السنة الثالثة، 22رمضان 1364ه/ 30 أغسطس 1945م، ص(5).
  3. جريدة الإخوان اليومية 242 سنة 1 25 ربيع الأول 1366, 16/2/1947ص2.
  4. المصدر السابق 242 سنة1/25 ربيع الأول 1366 16/2/1947ص2.
  5. المصدر السابق 229 سنة1/ 10 ربيع الأول1366 1/2/1947ص2.
  6. المصدر السابق 238 سنة1/20ربيع الأول 1366 11/2/1947ص4.
  7. المصدر السابق 240 سنة1/22 ربيع الأول 1366 15/2/1947 ص2.
  8. الإخوان المسلمون الأسبوعية 145 سنة5/11 رجب 1366 31/5/1947ص7.
  9. مجلة النذير 2 سنة 1/7 ربيع الآخر 1357هـ 6/6/1938 ص7,6.
  10. جريدة الإخوان اليومية 311 سنة 2/17 جماد ثان 1366 8/5/1947 ص1.
  11. المصدر السابق 188 سنة 1/21 محرم 1366 15/12/1946ص2.
  12. المصدر السابق 192 سنة1/25 محرم 1366 19/12/1946ص2.
  13. المصدر السابق 233 سنة 1/14 ربيع الأول 1366 5/2/1947ص2.
  14. المصدر السابق 249 سنة1/3ربيع أول 1366 24/2/1947ص2.
  15. المصدر السابق 258 سنة 1/12 ربيع ثان 1366 6/3/1947ص3.
  16. مجلة النذير، العدد (6)، السنة الثانية، 6 صفر 1358ه 28 مارس 1939م، ص(3-6).
  17. مجلة القلم الصريح، السنة الأولى، 2 صفر 1358ه 23 مارس 1939م، ص(2-3).
  18. مجلة الإخوان المسلمين النصف شهرية، العدد (14)، السنة الأولى، 14ربيع الأول 1362ه 20 مارس 1943م، ص(15).
  19. مجلة النذير، العدد (9)، السنة الأولى، 27 جمادى الأولى 1357ه 25 يوليو 1938م، ص(16).
  20. عاصم محروس عبد المطلب: دور الطلبة المصريين في الحركة الوطنية صـ480، 481.
  21. راجع لائحة قسم الجامعة الأزهرية والمعاهد الدينية ملحق رقم (12).
  22. المصدر السابق.

إقرا أيضا

للمزيد عن علاقة الإخوان بالأزهر الشريف

وصلات داخلية

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

أخبار متعلقة بالأزهر

أحداث في صور

وصلات فيديو