30 يونيو.. لغز التأييد الغربي والأمريكي للانقلاب على الديمقراطية
كتب: سيد توكل
مقدمة
في انقلاب الـ30 من يونيو الأسود، كان من الواضح أن الغرب وفي قلبه الإدارة الأمريكية يفصح عن دعمه الكامل والمطلق للانقلاب على الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي، ويتذرع في تبرير ذلك الموقف المتناقض بأن النظام الشرعي في مصر منبثقٌ عن مرجعيةٍ إسلامية لا ترغب في اعتلائها سدة الحكم، وأن الانقلابيين العسكر نفذوا ما كانت تطمح إليه من إقصاء الإسلاميين من المشهد السياسي.
وبعد الانقلاب بعاميين خرج السفيه السيسي قائد الانقلاب على الشعب في زينته، مهددا ومتوعداً ومحذرا ومنذراً وقال أنه لن يسمح لأصحاب توجهات دينية معينة – الإسلاميين- بالانضمام للجيش، في إشارة إلى الإخوان المسلمين، وذلك بحجة "تأثير ذلك سلبا على منظورهم للمصلحة الوطنية".
وقال السيسي في كلمة ألقاها بين أهله وعشيرته من ضباط وجنود الجيش، إنه سيُطرد أصحاب هذه "التوجهات" التي لم يحددها بالاسم من الجيش، مشيرا إلى أن ذلك معمول به منذ 30 عاما، وأن "هذا هو السبب في أنه جيش مصر وليس جيش أي أحد"!
الحركات الإسلامية
من جانبه قال الكاتب "أنس حسن":
- "أهم سبب لدى الدول الإقليمية للتسريع في انجاز خطوات كانوا لا يجرؤون عليها سابقا.. هو استغلال لحظة الهزيمة اللي منيت بيها الشعوب، وتغييب أهم الحركات السياسية عن الشارع وإيداعها السجون وغياب حياة سياسية بناء على موجة الانقلابات والحروب..".
وتابع:
- "بقول ده لأنه لازم نفهم كويس إن وجود حركات سياسية قوية إسلامية، مكانش ترف ولا كان وجود بلاقيمة زي ما بيروج كثيرين، بل إن وجودهم كان مهم جدا وهو اللي كان عامل فرامل للانظمة بنت الكلب دي وخاصة عربان الخليج اللي كانوا بيخافوا من مظاهرة في القاهرة أو الرباط أو عمان!!".
موضحًا:
- "وإن الخطوة اللي بتتعمل انهارده في شهرين الأنظمة دي كانت بتعملها في ١٠ سنين بسبب تعطيل الحركات السياسية الكبيرة وحشدها في الشارع، حتى ولو كان جزئي ومحدود!، وده بدوره كان بيتسبب في ضمان حد أدنى لحقوق المواطن في النظام الاستبدادي وقتها".
وأضاف "حسن":
- "لا يمكن قياس ده إلا بالنظر للواقع الحالي، زمان كنا فاكرين الانظمة بتنفذ كل ما يجول في بالها دون النظر للمعارض، انهاردة بيتضح قد إيه إن الانظمة دي كانت مخبية مشاريع ومأجلاها بسبب وجود حركات شعبية معارضة تقدر تحرك جزء كبير من الشارع!!".
مؤكدًا:
- "عشان كده خطاب "اللاجدوى" من وجود حراك اسلامي أو سياسي هو مغالطة طفولية، وإن اللي بيقولك إن الحركات دي فشلت ولم تقدم شيء، لقطة سريعة لأحداث انهاردة ومقارنتها بقبل كده هتفهمك قد إيه الشارع والمواطن البسيط خسر كتيير بغياب الحركات دي وتدميرها.. وان ضهره بقي عريان لسوط السلطة وقراراتها".
جنرالات أمريكا
نشرت صحيفة "مفاتيح الشرق الأوسط" الفرنسية حوارا صحفيا أجراه الصحفي بيار أندريه مع الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والإسلام السياسي ستيفان لاكروا حول تقييم تجربة الرئيس محمد مرسي وأهم الصعوبات والتحديات التي واجهها الإخوان خلال فترة حكمهم وطريقة تعاملهم معها.
"في واقع الأمر، الجيش المصري لم يتوقف أبدا عن التحكم في المشهد السياسي في مصر، وعلى عكس ما قد يظنه البعض، محمد مرسي لم يعد الجيش إلى ثكناته وإلى دوره العسكري في شهر أغسطس من سنة 2012، وإنما قام بدعم شق جديد من الجيش المصري كان يبدو أنه مستعد للتعامل معه وظن مرسي أنه أقل عداوة من الشق الآخر الذي كان يتزعمه المشير طنطاوي".
ثم يواصل لاكروا الحديث قائلا:
- "إذا قمنا بمقارنة ما بين الدستور الذي اعتمده مرسي والدستور المعتمد أيام حسني مبارك، لن نجد اختلافا كبيرا في ما يتعلق بالجيش، فمرسي حاول ادخار الجيش وعدم التصادم معه، وفضل أن يبدأ المواجهة مع الدولة العميقة أولا، ولكن مؤسسات الدولة العميقة في مصر لم تكن أبدا متخفية".
أذرع الغرب
من جانبه اتهم الكاتب الصحفي محمد القدوسي،كاثرين آشتون، الممثل الأعلى -السابق- للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، بالتواطؤ مع قيادات انقلاب 3 يوليو 2013"، وطالبها بالخروج أمام العالم لفضح ما رأته عن قرب خلال زيارتها للدكتور محمد مرسي، أواخر يوليو 2013، إذا لم تكن متورطة معهم.
وقال القدوسي:
- "نحن أمام قضية تخابر عكسية، والانقلاب عميل لجهات أجنبية، وآشتون متهمة معهم وعليها تبرئة نفسها".
وعن أذرع الغرب في مصر، يقول لاكروا:
- "فمؤسسات الدولة العميقة في مصر وهي وزارة الداخلية ووزارة الدفاع والمجلس الأعلى للقضاء، لم تقبل أبدا بحكم مرسي، وعداء هذه المؤسسات لجماعة الإخوان المسلمين الذي شكله العسكر عبر عقود ورسخه في ثقافتها، مثل أبرز وأهم الصعوبات التي أدت إلى الإطاحة بمرسي".
"وبينما بدأ الخلاف يشتد داخل الطبقة السياسية، كانت الدولة العميقة تعمل خلف الكواليس على إثارة السخط لدى عامة الشعب، وبنية تعقيد المهمة أمام مرسي، لعب العسكر ورقة التقاعس عن القيام بمسؤولياتهم وحتى أنهم أسهموا أحيانا في التخريب، فاستمرت وتصاعدت أزمات الكهرباء والغاز حتى انتهت صدفة فور عزل محمد مرسي، أضف إلى ذلك حملة الشيطنة الممنهجة لجماعة الإخوان من خلال وسائل الإعلام المصرية".
وفي ختام كلامه عن الأسباب التي أدت إلى الانقلاب على مرسي يشير لاكروا إلى أن الإمارات والسعودية أعدت حزم مساعداتها قطعا قبل 30 يونيو، فيقول لاكروا: "يجب أن نشير إلى دور القوى الخارجية وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والذين أظهروا عداء شديدا للإخوان، وروجوا في دولهم إلى مؤامرات مزعومة يريد الإخوان من خلالها الإطاحة بهم".
"كما أن إعلان دول الخليج عن حزمة مساعدات بقيمة 12 مليار دولار بعد 4 أيام فقط من الانقلاب، يدل على أن هذه المساعدات قد تم الإعداد لها بالتأكيد قبل 30 يونيو مع قوى معارضة لمرسي وبالتزامن مع الإعداد لمظاهرات 30 يونيو وللانقلاب".
المصدر
- تقرير: 30 يونيو.. لغز التأييد الغربي والأمريكي للانقلاب على الديمقراطية بوابة الحرية والعدالة