يقتلون الديمقراطية باسم العمل على تطبيقها

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
يقتلون الديمقراطية باسم العمل على تطبيقها


الاثنين 06 يوليو 2015

كفر الشيخ اون لاين | خاص

لعل البعض يتذكر – رغم زحمة الأحداث – أحد البنود الستة التي وضعها جمال عبد الناصر أهدافا لما سماه ثورة يوليو 1952م ، وهو : إقامة حياة ديمقراطية سليمة .

قال ذلك ، رغم أنه انقلب على الرئيس محمد نجيب أول رئيس جمهورية بعد إلغاء النظام الملكي ، ومن أسباب الانقلاب أن الرئيس محمد نجيب كان يريد انتخابات برلمانية ، وأن يعود الجيش إلى ثكناته ، وأن يتسلم السياسيون والأحزاب إدارة شؤون البلاد .

لم يعجب هذا بالطبع جمال عبد الناصر ، وبكل بساطة استخدم الدبابة في إزاحة الرجل ، واستأجر من لا يحركه إلا الجنيه والمصلحة الآنية ليقوموا بعمل مسرحية على شكل مظاهرة تطالب بإسقاط الديمقراطية ، والحجة أن أوضاع البلد لا تتحمل النظام الديمقراطي الآن ، ولا بد من تهيئة الشعب لها أولا .

وعلى مدى 16 عاما انفرد فيها عبد الناصر بحكم البلاد أقام برلمانا شكليا لا يصل إلى مقعده إلا من يرضى عنه عبد الناصر ، وتكاد تكون الوظيفة الوحيدة لمثل هذه البرلمانات هي التصفيق له ، والبصم على ما يريده من قوانين مهما كانت تلك القوانين شاذة وجالبة لخراب البلد وإرهاب المصريين .

وحينما نادى البعض على استحياء بضرورة الديمقراطية في إدارة شؤون البلاد ، سارع كهنة عبد الناصر وعلى رأسهم كبير الكهنة محمد حسنين هيكل بصك شعارات من مثل : لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ، ويقصدون من هذا الشعار ألا مجال للديمقراطية الآن حتى نحرر فلسطين ونسترد أراضينا المحتلة ، ومات الرجل بعد أن زادت مساحة الأراضي الفلسطينية والمصرية والسورية التي استولى عليها اليهود.

ومن الشعارات التي صكوها أيضا في ذلك الزمن الأسود هو : الحرية كل الحرية للشعب ، ولا حرية لأعداء الشعب ، وعند تطبيق هذا الشعار اتضح أن المقصود بأعداء الشعب هو كل معارض لعبد الناصر ، وأن المقصود بالشعب هو كل من يهتف بحياة عبد الناصر ويؤيد قراراته ويبرر هزائمه وخيباته .

ثم أتى السادات ، ونادى بالديمقراطية ، واقترح تكوين ما أسماه بالمنابر السياسية ، ثم تحولت تلك المنابر إلى أحزاب سياسية ، ويبدو أن الرجل كان يفهم من الديمقراطية أن الشعب عندما يختار اختيارا حرا ، سيكون هذا الاختيار الحر هو السادات وزمرته ،وسياساته وتحركاته ، فلما تبين له أن الديمقراطية لم تأت بما يريده ويشتهيه ، أعلن بكل بساطة أن للديمقراطية أنياب ، وما لبث أن غرس أنياب الديمقراطية في جسد كل صاحب رأي حر ، وفتح أبواب المعتقلات لكل من عارضه ، رغم أنه في بداية حكمه أعلن أنه هدم كل المعتقلات وألا معتقلات بعد اليوم ، ونشرت الصحف صورا له وهو يقوم بنفسه بهدم ما قالوا عنه يومها أنه السجن الحربي أو سجن القلعة .

وأتى محمد حسني مبارك ، وأعلن على الملأ أن الكفن ليس له جيوب ، وأنه لا ينوي ترشيح نفسه فترة ثانية لرئاسة البلاد ، وكان شعار الحزب الوطني الذي ورثه حسني مبارك عن السادات هو : تنمية – ديمقراطية – استقرار .

أي أن الديمقراطية أحد أهداف ثلاثة أعلن حسني مبارك أنه سيحققها للشعب المصري ، وكانت أهم مظاهر الديمقراطية في عهده هي :

- انتخابات مجلس الشعب المزورة ، والتي رغم ما كان يحدث فيها من تزوير إلا أن كثيرا من الأعضاء المرشحين على قوائم الحزب الوطني كانوا يرسبون بجدارة ، وينجح معارضوهم المستقلون ، وبعد دخول هؤلاء المستقلين إلى البرلمان يتم الضغط عليهم لينضموا إلى الحزب الوطني ، ليتم الإعلان - بكل كلاحة - أن الحزب الوطني هو صاحب الأغلبية المطلقة داخل البرلمان .

- وضع العراقيل الكثيرة أمام ترشح الإسلاميين والمعارضين ، ومن يفلت من تلك العراقيل ويدخل سباق الترشح ، يتم تزوير الأصوات التي حصل عليها لصالح منافسه ، وقد رأينا كيف تم حساب الأصوات التي حصل عليها الدكتور جمال حشمت في مدينة دمنهور ، والمقدرة ب 23 ألف صوت تقريبا بكل بساطة لحساب منافسه الدكتور مصطفى الفقي الذي لم تتعد الأصوات الحاصل عليها ال 3000صوت .

- كان سباق الرئاسة من زمن عبد الناصر وحتى زمن حسني مبارك ليس تنافسا بين مرشحين ، بل استفتاء على تجديد فترة الرئاسة للسيد الرئيس ، وفي العادة كانت النتيجة دائما تفوقا ساحقا لجناب الرئيس ، تفوقا لازمه نسبة ال99،9% ، وعندما تحول الاستفتاء إلى ترشح ، لم يُسمح لمنافسة الرئيس سوى لشخصيات هزلية لضمان نجاح الرئيس دون مغص أو مشاكل ، وعندما ترشح الدكتور أيمن نور أمام حسني مبارك ، تم تزوير النتيجة كالعادة ، وبعد انتهاء الانتخابات تم إلقاء القبض على أيمن نور بتهم عديدة ، ومكث صاحبنا في السجن بضع سنين جزاء وفاقا لتخطيه خطا أحمر ما كان ينبغي له الاقتراب منه أو التصوير .

والعجيب أنه عقب كل انتخابات كانت تطل وجوه كالحة على شاشات التلفزيون لتبشر الشعب المصري بانتهاء العرس الديمقراطي الذي انبهر به العالم كله ، بل إن شعوب أخرى طالبت حكامها باحتذاء ذلك النموذج المصري الذي لم يكن له مثيل في العالم .

- وقد رأينا في ذلك الزمان اتهامات عديدة للإسلاميين أنهم يريدون توظيف الديمقراطية للوصول إلى الحكم والاستمرار فيه ، وكأنهم يذكروننا بالمثل القائل : رمتني بدائها وانسلت .

- وكان يخرج علينا كل حين من يقول أن الشعب المصري غير مهيأ للديمقراطية ، تبريرا لعمليات التزوير الفاضحة التي عجزوا عن إخفائها ، ثم زادت تلك النغمة بعد ثورة 25 يناير حينما أيقنوا أن الديمقراطية ستقصيهم وتجلب الإسلاميين بمختلف مدارسهم إلى مقاعد الحكم ومقاعد البرلمانات .

ولم ينتبه من نادى بذلك أنه يدين النظام قبل أن يدين الشعب المصري ، لأن النظام ينادي بتطبيق الديمقراطية منذ عهد عبد الناصر ، ويسعى – كما يقول - لتهيئة الشعب لها ، ورغم مرور ما يقرب من 60 عاما من عمر النظام عجز عن تهيئة الشعب للديمقراطية ، ونتساءل : من عجز عن تهيئة الشعب للديمقراطية طوال تلك المدة الطويلة ، هل سيستطيع ذلك في قابل الأيام ؟!

وأخيرا أتى السيسي ليعلن انقلابه على أول انتخابات ديمقراطية حقيقية في مصر ، ويدعي أن الإخوان وصلوا إلى الحكم { وأخدوا معاهم السلم ، وانه اتقال له إن احنا جايين نحكم خمسين سنة }.

أعلن الرجل عقب انقلابه عن وضع خريطة طريق يتم من خلالها تعديل الدستور ، وتقام انتخابات برلمانية في حدود لا تتجاوز الستة أشهر.

وبالطبع لم يتم تعديل الدستور ، بل تم إلغاؤه ووضع دستور جديد من خلال لجنة لا صلة لها بالنظام الديمقراطي ، ولم يتم انتخاب برلمان حتى الآن ، وإنما تم ما أسموه بانتخابات رئاسية يعلم الجميع كيف تمت ، وكل ذلك تم لسبب واحد وهو : الحفاظ على الديمقراطية ، وجعلها منهج حياة الشعوب .

ملحوظة :

اعترف البرادعي بأن من وضع خطة الانقلاب على الرئيس محمد مرسي المنتخب انتخابا ديمقراطيا هو برنارد ليون ممثل الاتحاد الأوروبي لدول جنوب البحر المتوسط , قبل أن يشغل الآن مبعوث الاتحاد الأوروبي للتوفيق ما بين الأطراف المتنازعة في ليبيا .

وقد تم تعيين برنارد ليون ممثلا للاتحاد الأوربي لدول جنوب البحر المتوسط لتحقيق ثلاثة أهداف ، اقرأها وتأملها جيدا ، وهي :

1- تعزيز الحوار بين الاتحاد الاوروبي وتلك الدول.

2 - قيامه بمساعدة الدول التي ترغب في التحول الديمقراطي وفق الرؤية الاوروبية .

3 - جعل الاتحاد الاوروبي ذو دور فعال في قرارات هذه الدول .

إلى متى هذا الاستغفال ؟ !

ومتى سيأخذ الشعب المصري قراره بإنهاء تلك المهزلة ؟!

المصدر