ولنصبرن على ما آذيتمونا
تتصاعد الحملات الأمنية والهجمات الشرسة ضد جماعة الإخوان المسلمين وكوادرها في مصر هذه الأيام من قِبل النظام الحاكم، كما تتزايد الحملات الإعلامية المأجورة من قِبل النظام وخدامه وماسحي أحذيته البالية ضد رجال الإخوان الشرفاء وأعلام الأمة البارزين؛ مما جعل الجميع يتساءل: لماذا هذه الحملات القاسية؟! ولمصلحة من ذلك؟! ومن المستفيد من هذا التصعيد؟! ولماذا تشتد الوتيرة في هذه الأوقات بالذات؟!
بداية: لعل النظام المصرى ورجال الأمن الأشاوس لم يدرسوا التاريخ جيدًا.. ولعلهم لم يستفيدوا من التجارب السابقة لأسلافهم.. فقد جربت كل الأنظمة الحاكمة السابقة هذا السيناريو المكرر ضد الإخوان من: حبس، واعتقال، وتشريد، ومصادرة أموال، وتشويه صورة، وترويع الناس منهم حتى تصفية رجال الإخوان جسديًّا، فهل أفلحت تلك الوسائل؟ وهل حققت نتائجها؟ وهل استسلم أبناء دعوة الإخوان للأوضاع وأصابهم اليأس والإحباط؟.
لعل المتابع للأحداث يرى عكس ذلك تمامًا؛ فقد عجزت كل الأنظمة ووسائلها المختلفة عن تقييد دعوة الإخوان أو منعها من الانتشار القوي والوصول للناس، ولعل هذا ليس بفضل قوة الإخوان وصلابة رجالها.. ولكنه بفضل توفيق الله وستره الدائم لهم، ثم تثبيته إياهم في المحن والشدائد ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ (إبراهيم: 27) فهو سبحانه صاحب الفضل والمنة ﴿بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُم﴾ْ (الحجرات:من الآية 17).
وفي المقابل: انكسرت شوكة كل الأنظمة المجابهة لدعوة الإخوان، وخاب سعيهم وفشل مكرهم ﴿وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ﴾ (فاطر: من الآية43) ، ورغم حشدهم كل القوى وتعبئتهم لكل الجهود الشيطانية وغيرها وإنفاقهم اللا محدود في محاربة دعوة الإخوان ؛ إلا أنهم تحقق فيهم قول الحق تبارك وتعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ....﴾ (الأنفال).
ولعل الجميع يدرك الأسباب الحقيقية لتلك الحملة المسعورة الحالية، وهي وقوف الإخوان بصلابة كفصيل قوي ورئيسي ضد أباطرة النفاق ورءوس الفساد وكشفهم وتعريتهم، ثم رفضهم لمسلسل التوريث الهزيل والذي يهمش من دور الشعب، وحقه في الاختيار الحر النزيه.
ولكننا نقول بصوت عالٍ: لمصلحة من ذلك؟! ومن المستفيد من إشعال فتيل الفتنة في هذا الوقت الحرج؟! أين عقلاء الأمة؟ أين المثقفون الواعون المخلصون من هذه الحرب القذرة؟ وبماذا سيسجل التاريخ عن هذه الحقبة من تاريخ مصر المنكوبة؟.
إن دعوة الإخوان ستظل تحمل الإسلام الوسطي المعتدل مهما حل بها، وستستمر بفضل الله وحده رافعة رأسها شامخة قوية؛ لأنها ترتكن وتستند إلى معية الله وحده ﴿بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ﴾ (آل عمران: 150) .
وسيظل أبناء دعوة الإخوان رموزًا وأعلامًا بارزة وسط الأمة يحملون مشعل الخير والهداية، ويقدمون أرواحهم رخيصة في سبيل رفعة وطنهم وتقدم أمتهم، فهذا هو ما تربوا عليه وما عرفوه من نهج قائدهم وزعيمهم محمد صلى الله عليه وسلم.
نعم، لقد اشتد عود دعوة الإخوان وقوي ساعدها، وانتشرت مبادئها وزاد أنصارها، ونعلن دائمًا أن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا؛ ولكننا سنظل نضبط أنفاسنا ولن نقابل الإساءة بالإساءة، فهذا ليس ميدان المجابهة.. فميدان المجابهة الحقيقى هو ضد العدو وضد الصهاينة، ونحن نعلم أن هناك من يتربص بنا الدوائر ويريد شدنا وإقحامنا في مجابهة غير مطلوبة ندرك مدى خطورتها على الأمة جمعاء؛ ولكننا سنظل بفضل الله على وعي تام بخطانا وحسن سيرنا، ولن نكون ردَّ فعل في يوم من الأيام .
وفى النهاية، نقول لشباب دعوة الإخوان: ادرسوا التاريخ جيدًا، وتعرفوا على تاريخ دعوتكم، والتحموا بقيادتكم، ووحدوا صفوفكم، وأجمعوا قوتكم فيما يفيد من حسن تربية أنفسكم ودعوة غيركم للخير... وإياكم من الوقوع في الشراك الذي يُعِدُّونه لكم، فكونوا على بصيرة، ولا تلتفتوا خلفكم ولا تحت أقدامكم...
بل انظروا أمامكم فالمستقبل لكم ولدعوتكم... فيد الله غالبة وإن مع العسر يسرًا.... وعيشوا مع القرآن الكريم بقلوبكم وأرواحكم، وادرسوه جيدًا، واستمعوا إلى قول ربكم في سورة إبراهيم: ﴿وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ* وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ* وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ* وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ (إبراهيم:من12: 15)
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
المصدر
- مقال: ولنصبرن على ما آذيتمونا موقع إخوان برس