وقف الاستيطان. ومأزق نتنياهو
بقلم:معتصم حمادة
نتنياهو يعيش أزمة سياسية

قليل من التأمل يدعونا للقول إن بنيامين نتنياهو, رئيس حكومة إسرائيل, يعيش مأزقا سياسيا سببه قضية الاستيطان المثارة على أكثر من صعيد.
· فالرئيس محمود عباس اشترط للعودة إلى المفاوضات وقف الاستيطان وقفا كاملا,التزاما من الطرفين المتفاوضين بخطة خارطة الطريق,بما في ذلك تفكيك البؤر الاستيطانية المسماة في السياق نفسه,غير شرعية.
· والرئيس الأميركي باراك أوباما,وهو يحضر الدعوة لاستئناف العملية التفاوضية في الشرق الأوسط, يمارس ضغوطا,وإن نسبية,على نتنياهو, للالتزام بخطة خارطة الطريق,وبشكل خاص لوقف الاستيطان.
· تقف إلى جانب الرئيس أوباما أوروبا باتحادها المعروف, حتى إن خافييرسولانا المرجع الأوروبي الكبير,كان قد دعا في وقت سابق,إلى الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية خلال سنتين من تاريخه, دون التقيد بالعملية التفاوضية,خاصة إذا ما حاول الجانب الإسرائيلي تمييع هذه العملية وحرفها عن أهدافها المرسومة لها.
الموقف الاسرائيلي
· أما على الصعيد الإسرائيلي فإن مأزق نتنياهو يبدو أكثر وضوحا, فاليمين المتطرف, متمثلا في الوزير ليبرمان, يرفض بشدة أي وقف للاستيطان, وأي تفكيك للبؤر الاستيطانية.
يؤيده في ذلك الجناح الأكثر تشدداً في حزب الليكود نفسه, ولا يتردد قادة من هذا الجناح في تحذير نتنياهو من مغبة الرضوخ للقرار الأمريكي, لأن ذلك سيعني, برأيهم, تقديم إسرائيل دولة تابعة للولايات المتحدة لا تملك قرارها السياسي الخاص بها.
كما أن ذلك سيعني من جهة أخرى, سياسة داخلية مدمرة, تخرج عن مبادئ المشروع الصهيوني, وتفتح الباب لتشكيك بما يسمى سيادة الدولة الإسرائيلية على الأرض.
يزيد من تعقيدات الوضع الداخلي في إسرائيل,أن وزير جيش الاحتلال إيهود باراك,وهو الحليف الأبرز إلى جانب نتنياهو,يتبع سياسة متذبذبة, يحاول من خلالها أن يبدو الطرف الأقوى في الحكومة, والشخص الأكثر قدرة على إخراج نتنياهو من مأزقه. فتراه تارة يقف إلى جانب الولايات المتحدة,وتارة أخرى إلى جانب نتنياهو, وتارة ثالثة وسيطا بين الجانبين.
· بدوره لا يستطيع نتنياهو أن يتقدم, أو أن يتراجع. ففي قراراته مواصلة الاستيطان, يحرص على التوضيح – إرضاء لأوباما – أن ما يجري بناؤه الآن, هو استكمال لمشاريع استيطانية كانت الحكومات السابقة قد بدأتها, وعلى حكومته أن تستكملها ليس إلا, ولا تتضمن خططاً لمشاريع استيطانية جديدة.
بالمقابل يحاول نتنياهو أن يرضي اليمين المتطرف, فيدفع باتجاه ألا يكون قرار وقف الاستيطان مجانا,بل يقابله تطبيع لبعض الدول العربية مع إسرائيل,وواضح أن تل أبيب,تحاول أن تتجنب معركة مع البيت الأبيض, وتبحث لقضية الاستيطان عن "حل وسط".
الموقف الفلسطيني
بتقديرنا أن الموقف الفلسطيني, في خضم هذه القضية,يمثل الموقف المحوري للقضية. إذ بقدر ما يصمد الموقف الفلسطيني, بقدر ما تتزايد الضغوطات على نتنياهو.
وبقدر ما يستجيب الموقف الفلسطيني (" للحلول الوسط" بقدر ما تخف الضغوط على الجانب الإسرائيلي لتنقلب ضغوطات على الجانب الفلسطيني.
لذلك نرى أن تجديد موقف الرئيس عباس للمبادئ التي أعلن عنها في أكثر من مناسبة, كان آخرها موقفه في المجلس الوطني,من شأنه أن يبعث برسائل إلى من يعنيهم الأمر أن الجانب الفلسطيني لن يقدم تنازلات على حساب الأرض,وأنه آن الأوان للضغط على إسرائيل لتلتزم بما عليها من استحقاقات سياسية نحو أمن المنطقة واستقرارها, وحقوق الشعب الفلسطيني ومصالحه.
ونعتقد في هذا السياق أن رفض المقايضة بين وقف الاستيطان,و التطبيع العربي مع إسرائيل,من شأنه أن يعزز الموقف الفلسطيني. لذلك نرى أن موقفا من جامعة الدول العربية يعيد التأكيد على مضمون مبادرة السلام العربية وآلياتها,.
بات الآن حاجة ماسة,خاصة التأكيد أن لا تطبيع فبل الانسحاب الإسرائيلي الشامل,بمن في ذلك المستوطنون ,من الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة بما في ذلك "القدس عاصمة دولة فلسطين "التي آن الأوان كي ترى النور باعتبارها مستقلة وكاملة السيادة.
المصدر
- مقال:وقف الاستيطان. ومأزق نتنياهو موقع : المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات