وقائية الشريعة وفوضى جرائم الانترنت

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
وقائية الشريعة وفوضى جرائم الانترنت


بقلم : المنشاوي الورداني

يتطور العالم من حولنا بسرعة فائقة لاسيما في وسائل الاتصالات من خلال الشبكات العنكبوتية والفضائية واللاسلكية .. ومع هذا التطور الهائل الذي يبدو لنا ايجابيا للحضارة الغربية تظهر سلبيات لسوء الاستعمال عند أبناء العرب لهذه الوسائل الحديثة خاصة عند استعمال شبكة المعلومات الدولية المعروفة بالانترنت .

ولهذه السلبيات تراكمات تؤدى إلى نوع جديد من الجرائم أطلق عليها ( جرائم الانترنت ) .. هذه الجرائم يقف القانون الوضعي عاجزا عن ملاحقة الأشكال المختلفة والغريبة لسوء استعمال الانترنت .

وبيت القصيد في هذه المقالة .. هو تعرية عجز القانون الوضعي عن الجرائم الأخلاقية العابرة للحدود بعدما نعلم أن شبكة الانترنت هي وسيلة اتصال وتعارف واكتساب معلومات عابرة للحدود .. في المقابل تظهر عظمة الشريعة الإسلامية في تحصين البشرية بجملة أخلاق عظيمة تجعل للشريعة حين تطبيقها ( وقائية ) تمنع وقوع مثل هذه الجرائم ..

ولو قلنا أن جرائم الانترنت عديدة ولها مصطلحاتها العلمية التي سنذكرها الآن .. نقول يكفيك فخرا أيها الإنسان أنك إذا احتواك ( الانضباط الأخلاقي )

في استعمال هذه الوسيلة النافعة والمضرة في آن واحد فلن تصل إلى هذه الجرائم التي أصابت أبناء العرب والمسلمين وكذلك الغربيين في مقتل .

لقد تنوعت جرائم الانترنت كوسيلة اتصال حديثة أخذت أشكالا عدة .. منها : جرائم الاختراقات ويدخل ضمنها تخريب وإختراق المواقع وأجهزة الكمبيوتر والمراسلات والمعطيات والبيانات الإلكترونية المحمية والسرية الرسمية أو الشخصية وكذا إرسال الفيروسات ، وجرائم الأموال مثل السطو على أرقام البطاقات الائتمانية والتشفير الخاصة بالحسابات البنكية والتزوير وجرائم إنشاء أو ارتياد مواقع الدعاية للأعمال الإجرامية ... ويدخل ضمنها المواقع التي تشجع الفاحشة وجرائم الابتزاز والتهديد بمختلف أنواعه عن طريق مراسلات الكترونية وأخيرا جرائم قرصنة البرامج والأنظمة والتصميمات المختلفة التي ترتبط بالتعدي على حقوق الملكية الفكرية .

قصور الملاحقة القانونية للجرائم :

1 – ويظهر هذا القصور في نواحي عديدة .. منها القصور في معرفة هوية الجاني وجمع الأدلة التي تساعد على تحديد مرتكب الجريمة .. فهو لا يترك أثرا لجريمته ، وإن وجد فقد لا تدل عليه إضافة إلى اتساع شريحة الجناة لتشمل الأطفال القصر من مستخدمي الانترنت إضافة إلى طابع الجريمة الالكترونية العابرة للحدود وما ينتج عن ذلك من تقدير قانوني مختلف من دولة لأخرى حول وصف الجريمة .

2 – توزع المسئولية في الضبط .. بسبب فوضى عمل مقاهي الانترنت .

3 – إحجام قدرات توزيع الخدمات الالكترونية عن أرشفة المراسلات الإلكترونية لاستغلالها عند الحاجة .

4 – غياب إطار قانوني ( وقائي ) يعالج هذه (الفوضى ) .

نماذج من وقائية الشريعة

لما تعددت جرائم الانترنت وعجز القانون عن ملاحقتها محليا ودوليا لأنها جريمة متشعبة وعابرة للحدود ويهيمن عليها شيء من الفوضى في التعامل معها .. نرى أن مجرد وجود (نواهي وأوامر ) في شريعتنا الغراء تدعو الجنس البشرى للانضباط الأخلاقي ..فإن ذلك يكفى في الخطر الوقائي والحظر والمنع وتحضر عملية التناول للانترنت .. هذا ... وتشمل الممارسات اللاأخلاقية والجرائم الالكترونية شيئا من :

- المواقع الإباحية .

- ومواقع القذف وتشويه سمعة الآخرين .

- اختراق المواقع المحجوبة .

- إخفاء الشخصية وانتحال شخصيات أخرى

- جرائم السرقة و السطو على أرقام البطاقات الائتمانية

- لعب القمار عبر الانترنت .

- تشكيل عصابات وجماعات إجرامية .

- تجارة المخدرات عبر الانترنت .. وغيرها كثير حينئذ يجب إبراز نماذج من معالجة ووقائية الشريعة لهذه الممارسات ..

- وإليك بعضها ..أيها القارئ ...

1 – حذر الدين الإسلامي من النظر إلى العراة ، لما تحدثه من تصدعات أخلاقية في الفرد والمجتمع .ويذهب الشارع إلى العديد من ذلك فحرم النبي الأكرم أن تصف المرأة لزوجها جمال امرأة أخرى لا تحل له ففي الحديث ( لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها ) ( البخاري وأحمد )

2 – يقول تعالى : ( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) (الإسراء/32) .. يقول القرطبي : قول الله تعالى ( ولا تقربوا الزنا ) أبلغ من قوله .." ولا تزنوا " فإن الاقتراب من المحظور هو فعل محظور في حد ذاته ، ومن ذلك مشاهدة المواد الجنسية فضلا عن الاشتراك في تلك القوائم الإباحية أو شراء مواد جنسية منها وهو الأخطر ضررا .. ويدخل في وعيد الله في سورة النور ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ..) (19)

3 – القذف محرم شرعا .. وقد جعله الإسلام من الحدود التي لا تملك أحد حق التنازل عنها ولا يجوز العفو عنها بعد طلب المخاصمة إلى القضاء .. وانظر آيات سورة النور في ذلك .. وقول النبي الأكرم عن الموبقات وعد منها ( وقذف المحصنات الغافلات )

4 – استخدام البروكسى مخالف للنظام العام والذي قد يستخدم للدخول لمواقع محجوبة تتسبب في حدوث الفوضى ووقوع الجريمة .. وما دامت الأنظمة لا تخرج عن تعاليم الشرع فيجب الانصياع لها .. يقول تعالى فى سورة النساء ( يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم ) (آية /51 ) ، وقول النبي الأكرم _ صلى الله عليه وسلم _ " يأيها الناس اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا لمن كان عليكم إن كان عبدا حبشيا مجدعا فاسمعوا وأطيعوا ما أقام فيكم كتاب الله " وفى الحديث الذي رواه أحمد في مسنده : " تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ " .. وهنا ينبغي تطبيق نظرية ( سد الذرائع ) أي " دفع الوسائل التي تؤدى إلى المفاسد ، والآخذ بالوسائل التي تؤدى إلى المصالح " ( الشيخ أبو زهرة ،1976 : 226). كما أنه من المقرر فقيها أن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح " ( أبو زهرة :228 )

5 – فيما يخص إخفاء شخصية المستخدم للانترنت .. فهي من الأفعال غير المقبولة عرفا وشرعا والأفعال الطيبة لا يخجل منها الأشخاص أما الأفعال المشينة فيحرص الغالبية على إخفائها .. ولعل ما يدل على ذلك حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي رواه مسلم في صحيحه : " البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس " .

6 – فيما يخص انتحال الشخصية والاستيلاء غير المشروع على ممتلكات ومقتنيات مادية للمجني عليه .. فتتفق الشريعة مع القانون الوضعي في جعل الإنسان مسئولا عن كل فعل ضار بغيره ، سواء اعتبر القانون ذلك الفعل جريمة أم لم يعتبره ( عودة ،1401ه :77 ) ولا شك أن انتحال شخصية الأفراد أو المواقع مضر بأصحابها الأساسيين ولذلك فهي جريمة قانونية ومخالفة شرعية .

7 – فيما يخص الاختراق والاستيلاء على اشتراكات والأرقام السرية للآخرين وإرسال الفيروسات وغيرها .. فهذا يعتبر انتهاكا لخصوصية الفرد وحقوقه ومن المعلوم " أن الفقهاء يقسمون الحقوق إلى حقوق لله وحقوق للأفراد إلا أن الكثيرين فيهم يرون أن كل ما يمس حق الجماعة أو حق الأفراد الخالص يعتبر حقا لله تعالى أي من حقوق الجماعة ونظامها " ( عودة ،1401ه :206)

8 – أما عن القمار والمخدرات والسرقة .. فحدث الشريعة عنها تجبك بقدر واف في تحريم وتجريم هذه الكبائر .. يقول تعالى في سورة المائدة ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة .. فهل أنتم منتهون ) ؟ .. وهل يعجز القارئ أن يجد فى أساسيات الشريعة تحريم السرقة في القرآن والسنة ..؟ ..

اللهم حفظك ورعايتك .

المنشاوى الوردانى

باحث ومترجم بالتليفزيون المصرى

المصدر