وفاة رئيس حركة «السلم» الجزائرية محفوظ نحناح

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
وفاة رئيس حركة «السلم» الجزائرية محفوظ نحناح
نحناح.jpg

الجزائر: خضير بوقايلة

نعت «حركة مجتمع السلم» الجزائرية، أمس، وفاة رئيسها محفوظ نحناح، عن عمر يناهز 61 عاما، بعد صراع مع المرض تواصل قرابة عام، كان فيه الفقيد يتردد على عدة مستشفيات عربية وأوروبية، قبل أن يستقر في المستشفى الأميركي في باريس.

وكان نحناح قد عاد قبل عشرة أيام من آخر رحلة استشفائية له، بعد أن نصح الأطباء أهله بإعادته إلى الجزائر لقضاء ما بقي له من أيام حياته.

وكان مسكنه في مقر إقامة الدولة بنادي الصنوبر، طيلة الأيام الماضية، مزارا لمسؤولين كبار في الدولة ولقيادة ونواب حزبه وشخصيات سياسية ووطنية كثيرة.

وقال بعض من زاروه إن حالته كانت «متدهورة جدا»، ولم يكن بإمكانه أن يعي ما يجري حوله، بعد أن نال منه سرطان الدم ووصل به إلى آخر مراحله.

وقد توفي على الساعة الثانية والنصف بعد ظهر أمس في بيته. وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قد زاره في المستشفى الأميركي بباريس، عندما كان في العاصمة الفرنسية لمقابلة الرئيس شيراك.

ويعتبر محفوظ نحناح من أبرز وجوه التيار الإسلامي في الجزائر وأيضا في العالم الإسلامي. وقد برز، في منتصف السبعينات، كأحد أبرز معارضي النظام الاشتراكي القائم في الجزائر منذ الاستقلال، وقد أعلن عن أفكاره المعارضة لهذا النظام خلال المناقشات الشعبية لمشروع الميثاق الوطني في عهد الرئيس الاسبق هواري بومدين، وكلفه ذلك حكما بالسجن لمدة 15 سنة، غير أن الرئيس الشاذلي بن جديد قرر الإفراج عنه سنة 1980، وكان قضى في السجن أربع سنوات فقط، إذ بتولي الشاذلي الحكم بعد وفاة بومدين بدأت الجزائر تتخلى عن النظام الاشتراكي تدريجياً.

وقبل دخوله العمل السياسي العلني شارك نحناح في تأسيس «رابطة الدعوة الإسلامية» التي يقودها أحمد سحنون، كما أسس مع رفيقه في النضال محمد بوسليماني (اغتيل من قبل الجماعات المسلحة في بداية التسعينات) جمعية الإرشاد والإصلاح الخيرية.

ومع بداية التعددية السياسية في الجزائر، نهاية الثمانينات، كان نحناح من أبرز معارضي إنشاء حزب سياسي إسلامي، وانتقد كثيرا مؤسسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ قبل أن يستدرجه العمل السياسي العلني ويعلن عن إنشاء حركة المجتمع الإسلامي (حماس) في ديسمبر (كانون الأول) 1990، وقد أشار وقتها الى أنه اختار مناسبة الذكرى الثالثة للانتفاضة الفلسطينية لإعلان تأسيس الحزب.

ومنذ ذلك التاريخ دخل في صراع شرس، لكن بشكل خفي، ضد تيار الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي تمكنت من احتواء معظم الوعاء الانتخابي الإسلامي، وسمح لها ذلك بالحصول على الأغلبية المطلقة في المجالس البلدية، بمناسبة انتخابات يونيو (حزيران) 1990، ثم في الدور الأول من الانتخابات البرلمانية في ديسمبر (كانون الأول) 1991، ولم تحصل فيها حركة نحناح على مقعد واحد، وقد تدخل الجيش لتوقيف المسار الانتخابي وإلغاء تلك الانتخابات، وبعدها شن حملة ضد نشطاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ وقياداتها التي لم تكن دخلت السجن بعد.

وقد برز نحناح ليؤدي مع حزبه دور الإسلامي المعتدل، حيث قبل بتوقيف المسار الانتخابي ورشح خمسة قياديين في الحزب لعضوية المجلس الوطني الانتقالي (هيئة معينة كانت تعوض البرلمان)، ثم بعد ذلك شارك في الانتخابات الرئاسية سنة 1995، وقد نال المرتبة الثانية بعد مرشح النظام اليامين زروال، في حين نال المرتبتين الثالثة والرابعة كل من سعيد سعدي رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ونور الدين بوكروح رئيس حزب التجديد.

ولم يكن نحناح يرفض سياسة الأمر الواقع التي كانت تنتهجها السلطة في الجزائر، بل كان يفضل أن يكون رمزا من رموز المعارضة المسؤولة والمعتدلة.

وكانت مواقفه محل إعجاب وتقدير عدد من قادة الجيش ورموز السلطة الذين كانوا يصفونه بالرجل الوطني.

ومع ذلك رفضوا تزكيته والسماح له بالترشح في الانتخابات الرئاسية في أبريل (نيسان) 1999 التي فاز فيها الرئيس بوتفليقة، وكان رفض ترشيحه مستندا إلى مادة في قانون الانتخابات تشترط على كل مرشح ولد قبل ثورة التحرير أن يكون حاملا لشهادة عضوية في جيش التحرير.

ومع ذلك لم يرد نحناح الابتعاد عن فلك السلطة، بل قبل أن يواصل المشاركة في الائتلاف الحكومي الذي دخله في أول حكومة للرئيس زروال، مفضلا بذلك سياسة «التغلغل» والعمل على تغيير الأمور من الداخل واكتساب تجربة في الحكم تؤهله مستقبلا لقيادة البلاد.

وقد قبل أيضا التعامل «إيجابيا» مع التطورات السياسية حيث رضي باختيار بوتفليقة من قبل دوائر الحكم الفاعلة وأعلن تأييده ومساندة حزبه له في تلك الانتخابات.

وكان نحناح أيضا معروفا بقاموسه السياسي الخاص وبروح الدعابة والنقد اللاذع لخصومه، وقد أثرى الحياة السياسية بعدد من المصطلحات، لعل أهمها هو «الشوراقراطية»، التي قال إنها نهج حزبه، وهي مزيج من الشورى الإسلامية والديمقراطية.

ولد نحناح في يناير (كانون الثاني) عام 1942 في مدينة البليدة (50 كلم جنوب العاصمة)، وتخرج في الجامعة بشهادة ليسانس في الأدب العربي وفي علم النفس الصناعي.

يذكر أيضا أن آخر ظهور علني له هذا العام كان يوم 18 مارس (آذار) الماضي بمناسبة انعقاد المؤتمر الثامن لحزب جبهة التحرير الوطني، وكان قبل ذلك قد شارك في مظاهرة شعبية بساحة أول مايو بالعاصمة للاحتجاج ضد الحرب على العراق.

المصدر