وداعاً يا عطر زهر الليمون الطرابلسي

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
وداعاً يا عطر زهر الليمون الطرابلسي


أسعد هرموش

من قدر الله سبحانه وتعالى ، ان يتحدر شيخنا فيصل، من صلب الدوحة المولوية، هناك حيث: " التكية " تربض بين نهر "ابو علي" وقلعة طرابلس .

"التكية المولوية" العابقة بذكر الله، وأريج زهر الفيحاء، تدلف مع شيخنا، في نسائم الفجر، الى الجامع " البرطاسي" ومنه الى "القرطاوية" و "المنصوري الكبير"، الذي ضاق بالامس بالاخوان والاحباب الذين زحفوا للوداع الاخير.

من "المنصوري الكبير"، كانت البداية، مع فتحي وابراهيم وفايز ومحمد علي وعبدالله ورشيد، وكل اولئك الكبار، من رجالات الدعوة.

والى "المنصوري الكبير" كانت النهاية مع الآلاف المؤلفة التي قدمت للوداع المهيب.

رحلة الحياة، المخضبة، بأريج الدعوة الاسلامية، تنكبها شيخنا الكبير، عندما ضاقت بهمته وطموحاته، مدينة طرابلس، فارتحل بها، داعية الى بيروت وصيدا والاقليم والبقاع، داعية وقاضيا يحكم بالحق.

وعندما ضاق الوطن بأبنائه، في خضم حربه الاهلية، كان للدعوة رحابها الاوسع في اوروبا وفرنسا، حيث تفتحت الزهرات على ايدي الشيخ، عشرات المؤسسات الطلابية والدعوية، من الاتحاد الطلابي الى الكلية الاوروبية، وصولا ً الى العالمية من خلال الاتحاد العالمي للعلماء والمسلمين.

سيدي الشيخ، لقد كنت بحق استاذ التأصيل الفكري والفقهي، لمشكلات الامة والوطن، فأنرت الدرب، ووضعت معالم الطريق، امام الصحوة الاسلامية المعاصرة، في قضايا العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، وابرزت التعامل الحضاري الاسلامي مع بلاد الاغتراب.

ثم أرسيت قواعد الفكر السياسي الاسلامي، في السلم الاهلي والحرية والوحدة العربية والديموقراطية وحقوق الانسان، فكانت لمساتك الحضارية الراقية، التي شكلت، قيمة مضافة، لمشروعنا السياسي الاسلامي.

كما كنت استاذ التأسيس وبناء المؤسسات، من جمعية التربية الاسلامية في طرابلس وبيروت الى اتحاد الحقوقيين المسلمين الى رابطة الطلاب المسلمين وصولا ً الى بيت الدعوة والدعاة، انتهاء ً بعشرات المؤسسات الدعوية والطلابية والاجتماعية ومراكز الدعوة الاسلامية، ومسك ختامها مستشفى دارالشفاء. فإذا انت رائد الفكرة والنظرية، ورائد الممارسة والبناء.

وبالامس في يومك الاخير، كأنك ودعَت في موكبك، المستشفى والمدرسة والمركز والمسجد، وشوارع الفيحاء العابقة بأريجها.

وجاء كل من احببت لوداعك من لبنان، مسلمين ومسيحيين، سنة وشيعة، علماء ومفتين ورؤساء ووزراء ونواب.

من المقاومات الوطنية والاسلامية كلها، من فلسطين ولبنان والعراق.

من الاقطار العربية والاسلامية جلها، من مصر كنانة الدعوة الى العراق وتركيا وإيران والسودان والأردن وقطر والبحرين والعربية السعودية والكويت والمغرب العربي وسوريا. كلها سلمّت عليك من بعيد.

من المؤتمر القومي الاسلامي الى مؤسسة القدس الدولية.

ايها الوالد الكبير، قدري، انا تلميذك، ان يموت والدي مرتين، مرة والد الجسد، ومرة والد الروح.

لروحك الطاهرة، الرحمة والرضوان، بكل ما تحمله من معاني الخير والعطاء، ولعمامتك البيضاء ، الف تحية والف سلام.

رحمك الله وأسكنك فسيح جناته ، مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.

المصدر