وثيقة مستقبل مصـرنحو بنـاء دولة عصرية "مدنية وديمقراطية"
محتويات
- ١ دعوه للحوار المجتمعى / منتدى المستقبل
- ٢ تنــويــه
- ٣ مقدمة
- ٤ أولا - المبادئ الأساسية للدولة العصرية "مدنية وديمقراطية"
- ٥ ثانيا - حقوق الشعب كمصدر للشرعية والسيادة
- ٦ ثالثا - أولوية وأبعاد الإصلاح السياسي (التصدي للاستبداد وللاحتكار السياسي)
- ٧ رابعا - الإطار العام لمبادئ النظام الاقتصادي وإستدامة التنمية
- ٨ خامسا- التصدى للفساد المؤسسى
- ٩ سادساً- الخيارات الاجتماعية ومن أهمها التعليم والصحة والقضية السكانية
- ١٠ سابعا – مفاهيم المواطنة الكاملة
- ١١ ثامناً – تفعيل الثقافة المصرية
- ١٢ تاسعا - مبادئ السياسة الخارجية
- ١٣ هوامش
دعوه للحوار المجتمعى / منتدى المستقبل
21/7/2008
ينعم فيها كل مواطن مصري بـ:
• الأمــــان (الاقتصادي والاجتماعي والثقـافي)
• والكرامة (الحقوق والمشاركــــــــــة)
• والعدالة ( سيادة القانون وعدم التميـــيز)
دولة "الأمان والكرامة والعدالة"
هذه الوثيقة ملك لكل من يقبــها ويوافق عليهـا
تنــويــه
كنا نتمنى أن يكون بيننا الآن الراحلين الكبيرين
د.عزيز صدقى و د.محمود محفوظ ،
فقد كانت هذه الوثيقة مطلباً عزيزاً لهما
بذلا من أجلها الكثير من الجهد
مقدمة
لأننا ننتمي إلى وطن من حقنا أن نفخر به.. ومن حق أجيال قادمة سوف تولد على أرضه.. أن تفخر به وأن تجد فيه فرصتها فى الحياة الأفضل، ولأننا نعتز بكل ما قدمه الناس على مدى التاريخ المصري والذي يقف شاهداً لهم ولعطائهم ولإنجازات حضارية تحققت على أرض مصر.
ولأننا نثق أن من حق كل المصريين أن يعودوا إلى مركز الفعل ونرفض كل القوانين والتشريعات والسياسات والإجراءات والمفاهيم والأفكار التي قادت إلى تهميشهم وإقصائهم وإفقارهم والتي تم العرض لها ولتداعياتها .. توصيفاً وتحليلاً.. في تقارير ودراسات معلنة ومتداولة(1)،
وفي مقالات وأعمدة منشورة في الصحف القومية (2) ،
فضلا عما نشر في الصحف الحزبية والصحف المستقلة وفي مواقع على شبكة الإنترنت(3) ،
بالإضافة إلى الأحاديث الحية في وسائل الإعلام ، والاستجوابات في مجلسي الشعب والشورى وبعض تقارير ودراسات لجانهما ]مثال: التوتر الديني (العطيفي)، غرق العبارة (الطحان)[، وأيضا ما تضمنته كتب عديدة (4) .
ولأننا نؤمن بأن الاحتجاجات السلمية للناس والتي شهدتها السنوات الأخيرة لا تمثل فحسب شاهداً جديداً على وعيهم ونفياً متجدداً لكل الأوصاف السلبية التي حاول البعض أن يلصقها بهم، ولكنها تمثل أيضاً إعلاناً بالحق الأول..
وهو حق الاعتراف بحقوق الناس، ولقد بدأت باحتجاجات سياسية/اجتماعية تؤكد على هذا الحق، ثم تلتها احتجاجات أخرى لفئات من المجتمع.. وإذا كنا نسلم بأن هذه الاحتجاجات الأخرى ذات طابع فئوي / اجتماعي ..
فإننا نرى بأن ذلك لا ينتقص من جدوى مفعولها وتراكماته ، فنحن نؤمن بأن كل من يدافع وفي هذه اللحظة عن حق خاص.. يدافع وفي نفس الوقت عن حق عام وعن حقوق كل الناس.
ولأننا نؤمن بأن هذه الاحتجاجات ، قد أسقطت خيار الخبز أو الحرية وانتصرت لخيار الخبز والحرية.. وهو خيارنا، فبدون الخبز تغيب الحرية والعداله..
وبدون الحرية والعداله تغيب الكرامة.. كرامة الناس وكرامة الوطن ويغيب معها الأمان للاثنين معاً.. الناس والوطن.
ولأننا نؤمن بعدم وجود أغلبية صامتة.. فقضايا الوطن والمجتمع هي حديث "كل الناس" في منتدياتهم وتجمعاتهم ولقاءاتهم.. نقداً للواقع وتطلعاً إلى مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم،
ونرى أن مشاركة المرأة وخروجها في الاحتجاجات هو دليل جديد على عدم صمت الأغلبية وهو - أيضاً -دليل جديد على وعي المرأة المصرية التي باتت تدرك بأنها لن تحصل على كامل حقوقها– والتي ننحاز إليها
– إلا عندما يحصل كل الناس على كل حقوقهم في مجتمع حر وعادل.
ولأننا نعي أن هوية مصر تتمثل في حفاظها على جذورها الثقافية مع استلهامها لروح العصر والتصالح معه والتعبير عنه ، وبدونهما فإنها تفقد قوتها وتنتقل من مصاف القوى الإقليمية المؤثرة والفاعلة إلى مصاف الهوامش التابعة والمفعول بها، وهو ما لا ترضاه لها.
ولأننا نؤمن بأنه قد حان الوقت للمصالحة التاريخية على قاعدة المستقبل ..
فما يشغلنا هو النظر إلى الأمام لا الالتفات إلى الخلف، فخلال القرن العشرين عرفت مصر عدداً من الأنظمة السياسية والاجتماعية التي أعطت كل منها بعض الحقوق لبعض الناس، وعندئذ فإن المصالحة التاريخية سوف تتحقق في المستقبل.. في ظل دولة مدنيه وديمقراطية حديثة تعطي كل الحقوق لكل الناس.
ولأننا نؤمن بأن الدولة ليست مجرد أرض وشعب وسلطة ولكنها – وبالإضافة إلى هذه المفردات – مشروع نحو المستقبل يلهم طموح الحركة ويحشد إرادة الفعل.
ولأننا نؤمن بذلك كله.. ونؤمن بأنه لا ينبغي لمصر إلا ما يليق بها، فإننا نطالب لها بما تستحقه وبما يستحقه شعبها وأجياله القادمة،
ولذلك.. فلقد اتفقنا على أفكار مشتركه تجمعنا واتفقنا على أن تتضمنها وثيقة للمستقبل وأن نطرحها للحوار في أوساط القوى السياسية والفعاليات المدنية والرأي العام.. وهذه الأفكار تنتظم على المحاور التالية:
أولا - المبادئ الأساسية للدولة العصرية "مدنية وديمقراطية"
إننا نرى أنه قد حان الوقت للبدء في إعادة بناء الدولة التي تعانى الآن شروخاً وإنكسارات تدعو الى إعادة البناء،
وفى هذا الصدد.. فإننا نؤكد على المبادئ الأساسية للدولة التي ندعو إليها وهي:
1. أنها دولة "مدنية وديمقراطية" وتؤسس على قاعدة كل الحقوق لكل الناس.
2. أنها دولة لا تقبل بمعادلة سياسية مغلقة ولكنها تتبنى معادلة سياسية مفتوحة.. لا إقصاء فيها لأحد .. طالما احترم قواعد تداول السلطة سلمياً والتزم بها.. ولا استحواذ فيها للسلطة لأحد بغير سند من الإرادة الشعبية.
3. أنها دولة لا تقبل بالتهميش الاجتماعي أو الديني.. فهي دولة كل الناس.
4. أنها دولة لا تذوب – على الإطلاق– في أي حزب سياسي.
5. أنها دولة ليست مقطوعة الصلة بالدين.. فالقيم الدينية هي عامل أساسي في التنمية المجتمعية وهي التي ترسم الإطار الأخلاقي للدولة، وبالتالي.. فهي دولة مدنية تحترم كل الديانات والعقائد وتوفر لمعتنقيها حرية التعبير وحرية العبادة.
6. أن المرجعية في هذه الدولة هي دستور جديد وهو الحكم بين السلطات "التنفيذية ، التشريعية، القضائية" .
7. إنها دولة لا تصطنع تصادماً مع المجتمع المدني، فهي الحارس على فكرة الحرية، والمجتمع المدني هو الحارس على شرعيه سيادتها.
8. أنها دولة تقر بمبدأ اللامركزية وتمنح اختصاصات الرقابة والمسائلة للمجالس المحلية المنتخبة.
ثانيا - حقوق الشعب كمصدر للشرعية والسيادة
حيث أن الشعب هو مصدر الشرعية والسيادة، فإن هناك حقوقاً ترتب له ولا يملك أحد سلطة مصادرتها أو تعطيلها، ونحن نرى هذه الحقوق كما يلي:
1. حق الشعب (بمواطنيه المقيمين بالداخل والخارج) في التعبير عن إرادته في إستفتاءات وإنتخابات حرة ونزيهة تكتمل فيها سلامة الإجراءات في ظل تمثيل عادل لكل فئات الشعب، وبدونهما .. فإن شرعية الحكم تبقى في أزمة.
2. لأن الإشراف على الاستفتاءات والانتخابات (القومية والمحلية) هو قضية متعلقة بثقة الشعب، فمن يمنحه الشعب ثقته في الإشراف عليها..
هو من ينبغي أن يشرف عليها، ولأن الشعب المصري قد منح ثقته للقضاء.. فمن حق الشعب أن تجرى الإنتخابات تحت إشراف القضاء وفقاً لقاعدة "قاض لكل صندوق" مع أستخدام وسائل تكنولوجيا المعلومات ، وأن يتم النص على ذلك في الدستور الجديد وفي مادة محصنة (لا يجري أي تعديل عليها إلا بموافقة 95 % على الأقل من الناخبين في استفتاء عام) .
3. حق الشعب في تأسيس أحزاب سياسية تعبر عن أفكاره وأرائه وقناعاته، ولآن هذا الحق بطبيعته هو حق مشروط .. فإننا نرى أن الموافقة أو عدم الموافقة على قيام حزب.. هو أمر مرهون بالمحكمة الدستورية العليا وحدها، وأن ينص على ذلك في الدستور الجديد، لأن شرط القبول أو الرفض يرتبط بمدى توافق برنامج الحزب مع مواد الدستور.. أو عدم توافقه.
4. حق الشعب في تكوين منظمات المجتمع المدني "جمعيات ، تعاونيات، إتحادات، نقابات،..الخ" بالمعايير المتعارف عليها دوليا.
5. حق الشعب في الإقرار بسلطة الرأي العام وبموجب هذه السلطة.. فإن الصالح العام يصبح شأناً خاصاً لكل مواطن، وبموجب هذه السلطة..
لا تعود هناك مؤسسات مغلقه بعيدة عن رقابة الرأي العام..
سواءاً كانت مؤسسات دولة أو مؤسسات حزبية.. أو مؤسسات المجتمع المدني، وبموجب هذه السلطة.. فإن المعيار الأول للأداء في هذه المؤسسات .. هو احترام حقوق الناس والوفاء بها.
6. حق الشعب في الحصول على معلومات صحيحة وليس على معلومات موجهة أو مغلوطة، وبالتالي.. فإن الانتقاص من حرية الصحافة ومن حرية الإعلام وحرية تداول المعلومات،هو إعتداء على حقوق الناس قبل أن يكون اعتداء على حقوق الكلمة المقروءة والمسموعة، ولذلك ..
فإننا نطالب بإلغاء وزارة الإعلام وإدارة المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة من خلال مجلس أعلى للمؤسسات الإعلامية له استقلالية كاملة ويتيح حصصاً إعلامية متكافئة لكل القوى والآراء ، وينظم وفق الخبرة المتراكمة في الدول الديمقراطية.
ونطالب أيضا بالاستفادة من هذه الخبرة عند إعادة هيكلة الأوضاع في المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة لتكون تعبيراً عن كل الآراء، فالأوضاع الحالية تنقل ملكيتها عملياً الى السلطة التنفيذية وحزبها الحاكم وتجعلها ناطقة باسمهما.
ثالثا - أولوية وأبعاد الإصلاح السياسي (التصدي للاستبداد وللاحتكار السياسي)
الإصلاح السياسي هو شاغل الجميع وهو شاغلنا أيضاً.. لأنه مقدمة ضرورية نحو بناء الدولة العصرية "المدنية الديمقراطية"، ونحن نتمثل أولويته وأبعاده على النحو التالي:
1. في واقعنا الحالي فإن الإصلاح السياسي لابد وأن يسبق الإصلاح الاقتصادي.. أو يتزامن معه على الأقل، وليس هناك ما يبرر على الإطلاق تأجيله بدعوى الانتهاء – أولاً – من الإصلاح الاقتصادي الذي لن يحقق أهدافه في ظل سياسات موجهة لخدمة حفنة من المنتفعين والمحتكرين.
2. لن يكون هناك إصلاح اقتصادي حقيقي و كامل " في واقعنا الحالي" بدون إصلاح سياسي، لأن الإصلاح الاقتصادي في جوهره هو تقنين لحقوق الملكية ومن ثم..
فهو يقضي بضرورة الكشف عن مصادر الثروة، وفي غياب الإصلاح السياسي سوف يظل الفساد متمركزاً في مواقعه.. ولن يسمح بالكشف عن مصادر الثروة، وعندئذ.. لن يتحقق الإصلاح الاقتصادي المستهدف على الإطلاق.
3. أن الإصلاح السياسي في جوهره هو إعلان بالاعتراف بحقوق الناس، وتأجيله- بالتالي -يعني تأجيل الاعتراف بحقوقهم والإصرار على تهميشهم وعلى تعميق فجوه الثقة بينهم وبين السلطة.. وهو ما نرفضه، لأن الاعتراف بكل الحقوق لكل الناس.. هو أساس الدولة العصرية "مدنية وديمقراطية". 4. أن ملف الإصلاح السياسي
– وعلاوة على كل ما سبق وفي مقدمته تداول السلطة سلمياً عبر انتخابات حرة شفافة
– يتسع لقضايا رئيسية أخرى، مثل:
4.1. الفصل بين السلطات دستورياً وتحقيق التكافؤ بينها، وفي هذه الجزئية.. فنحن نرى: أ. أن كل الدساتير ومنذ تأسيس دولة محمد علي وحتى الآن.. لم تحقق فصلاً كاملاً بين السلطات خاصة أنها استبقت رأس الدولة فوق المساءلة ومنحته صلاحيات مطلقة.. وبالتالي فلقد أسقطت التكافؤ بين السلطات على الرغم من التطور الذي شهده العالم عبر قرنين من الزمان .. سياسياً واقتصادياً وتكنولوجياً.
ب. أن تحقيق التكافؤ بين السلطات والفصل بينها يستدعي تقييد صلاحيات رأس الدولة وتنظيم إجراءات مساءلته ، كما يستدعي الموازنة الدقيقة بين صلاحيات السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وعلى سبيل المثال ..
فإذا منح الدستور الجديد للرئيس (باعتباره رأس السلطة التنفيذية) صلاحية حل البرلمان وفقاً لإجراءات منظمة، فإن الدستور الجديد ينبغي أن يمنح – أيضاً - البرلمان صلاحية موازية بمسائلة وإقالة الرئيس وفقاً لإجراءات منظمة.
ج. تقييد المدد الرئاسية بمدتين وعدم تركها مفتوحة وأن ينص الدستور الجديد على ذلك، فلقد عانت مصر ومنذ تأسيس دولة محمد علي وحتى الآن.. من طغيان السلطة التنفيذية وضعف السلطة التشريعية، وبالتالي.. فإن إصلاح الخلل بينهما يقضي بتقييد المدد الرئاسية.
4. لأن حق التقاضي والتمكين له هو من أهم حقوق الناس
، فإن الفصل التام بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية يتصدر أولويات الإصلاح السياسي، وعندئذ .. فنحن نرى:
أ. أن تختص السلطة القضائية بإدارة شئونها وفقاً للنظام العام وبما لا يتعارض مع الدستور الجديد.
ب. أن يعاد النظر في إختصاصات وزير العدل بحيث يتحول إلى وزير دولة للمحاكم وبدون اختصاصات تنفيذية يباشرها إزاء السلطة القضائية.
ج. أن يتم اختيار النائب العام عن طريق الانتخاب المباشر من الجمعيات العمومية للقضاة ثم يصدر قرار التعيين من رئيس الجمهورية
د. لا يرأس رئيس الجمهورية أي مجلس قضائي أعلى ، وان تكون رئاسة هذا المجلس لرئيس محكمة النقض أو رئيس المحكمة الدستورية العليا
هـ. أن تقوم السلطة القضائية –وفقا لإجراءات منظمة
- بترشيح اسم رئيس المحكمة الدستورية العليا وأن ترفعه إلى رئيس الجمهورية لإصدار قرار بتعيينه، وأن يقوم رئيس المحكمة – وبعد قرار تعيينه – بأداء اليمين الدستورية فى جلسة علنية بمجلس الشعب وفى حضور رئيس الجمهورية.
رابعا - الإطار العام لمبادئ النظام الاقتصادي وإستدامة التنمية
النظام الاقتصادي لابد بالضرورة أن يكون مرناً.. فإذا قبلنا بأن هناك اختلافا وتمايزاً بين الأحزاب والقوى السياسة في زوايا الرؤية الاقتصادية، وأنه فى حال تداول السلطة سلمياً.. فإن كل حزب سوف يحاول تطبيق رؤيته عبر سياسات إقتصادية، فإن كل ما نبحث عنه
– عندئذ
– ونطالب به هو إطار عام يتضمن المبادئ التالية والتي توافقنا عليها:
1. أن روح العصر ومستجداته تنتصر لفكره اقتصاديات السوق الاجتماعي التي تلعب فيها الدولة والقطاع العام والقطاع الخاص والقطاع المدني والقطاع التعاوني أدواراً رئيسية في تحقيق التنمية المستدامة ، وفي توفير الأمان الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين.
2. إن انحيازنا لاقتصاديات السوق الاجتماعي تجعلنا نضع خطاً فاصلاً بين.. علاقات السوق وانحرافات السوق، وبالتالي فإننا نرفض الاحتكار وغياب القواعد العادلة للمنافسة وغياب الشفافية وغياب رقابة الدولة بدعوى حرية السوق.. الخ.
3. إننا ننحاز إلى السوق الموسع وليس إلى السوق الضيق، لأننا نؤمن بأن السوق ينبغي أن يكون بؤرة جذب اجتماعي تتسع لكل الفئات والشرائح الاجتماعية ، وليس بؤرة طرد اجتماعي تستبقي فئات وشرائح اجتماعية خارج أسواره.
4. ولأننا ننحاز إلى السوق الموسع.. فإننا نؤمن بتوسيع القاعدة الإنتاجية بضمانات تتوافر لصغار المنتجين وصغار المدخرين وبإستراتيجيات تسعى إلى تنمية قدرات أكثر الفئات ضعفاً.
5. أننا نؤمن بأن الدعم – أياً ما كان النظام الاقتصادي وسياساته- هو أحد حقوق الناس، والدولة التي تسقط هذا الحق عن الناس، تسقط وفي نفس الوقت حقها في تحصيل الضرائب ، ولا نراه عدلاً ولا نراه مقبولاً.. أن يحصل المحتكرون على الدعم ويتم حرمان الناس منه.
6. إننا نرفض السياسات التي تقبل بتركز الثروة لدى أقلية بأمل تحقيق نمو اقتصادي تتساقط – وفيما بعد – ثماره على المجتمع بأسره،
فهذه السياسات تفضي إلى زيادة التهميش للفقراء ولشرائح عديدة من الطبقة الوسطى، وتؤدي إلى زيادة الأغنياء ثراءً.. بما يهدد الأمن الاجتماعي والأمن الإنساني وبالتبعية.. الأمن القومي، وبالمثل.. فإنها لا توفر شروط النمو المتوازن بين الشرائح الاجتماعية وأيضاً .. بين المناطق الجغرافية على مستوى المدينة والقرية والأطراف ، وفي غياب النمو المتوازن فإن قاطرة التنمية المستدامة لا تذهب بعيداً،
ومن ثم .. فنحن أكثر انحيازاً لسياسات اقتصادية توفر شروط النمو المتوازن .. اجتماعياً وجغرافياً، وتتسع بها قاعدة ملكية الثروة.. فحقوق الملكية لا ينبغي أن تحتكرها أقلية ولكنها حقوق ينبغي أن يتمتع بها المجتمع كله.. بما فيهم الفقراء، فإتاحة حقوق الملكية للفقراء.. هو أحد أهم آليات مكافحة الفقر.
7. إننا لا نستطيع أن نتجاهل أن مستقبل الاقتصاديات في العالم قد بات مرهوناً بمدى التقدم العلمي وزيادة إنتاجية العمل ورأس المال بأكثر مما يبدو مرهوناً بمعدل الاستثمار.. على الرغم من أهمية الأخير، وبالتالي .. فإننا ندعو إلى تكوين القاعدة العلمية المحلية في مصر. ونرى أن الذي يحول دون تكوينها في العادة.. هو:
أ. مناخ معادي للنخبة والتي تعبر عن مجاميع قادرة على إبداع أفكار جديدة أو تبنيها، وعناصر القاعدة العلمية من العلماء والباحثين المبدعين هم بالضرورة جزء من هذه النخبة .
ب. نظام سياسي لا يقبل بسداد التكلفة السياسية لتكوين القاعدة العلمية، وهذه التكلفة تتمثل في قبول النظام بتلك القاعدة... كشريكة قرار ، فإذا كان النظام لا يقبل بوجود شركاء في القرار ، فإنه
- بالتبعية
- لن يدرج بناء القاعدة العلمية ضمن أولوياته ، ولن يعير - بالتالي - اهتماماً لتنمية وتطوير المنظومة التعليمية كرافد تغذية لتلك القاعدة .
ونحن نثق أن الدولة العصرية "مدنية وديمقراطية" سوف تكون قادرة على بناء القاعدة العلمية، ليس لأن مصر لا تعوزها الكفاءات العلمية، ولكن
– أيضا
- لأن هذه الدولة لن تعمل على إقصاء النخبة وسوف تقبل بوجود شركاء في القرار.
8. أن التقدم ألمعلوماتي والمعرفي والعلمي والتكنولوجي ليس بعيداً عن سياسات الخصخصة التي عمدت قبلاً الدول المتقدمة إلى تطبيقها بهدف زيادة ثروتها المجتمعية، وبناء عليه نؤكد على أننا لا نلتزم موقفاً ايدولوجياً.. مع أو ضد هذه السياسات ، ولكننا نؤكد على الفارق الفاصل بين الخصخصة و"البيع"، وهذا الفارق كما نتمثله يرتبط بالحركة فوق السلم التكنولوجي الصاعد في اتجاه زيادة ثروة المجتمع والدخول في مضمار الأنشطة الاقتصادية الأكثر تطوراً والتي توفر فرصاً للعمل المؤهل، ونؤمن بأنه إذا لم تقود سياسات "الخصخصة" إلى ذلك .. فإنها لا تعدو - عندئذ - ألا أن تكون سياسات للبيع يشوبها الكثير من التجاوزات والتي تتراكم بها معدلات الفساد والبطالة والتخلف التكنولوجي.
9. إننا - ومن حيث المبدأ - نرحب بكل السياسات التي تفتح طريقاً لنمو وازدهار الاقتصاد المصري بمبادرات وجهود القطاع الخاص، ولكننا نضيف:
أ. أن من حق كل رجل أعمال أن يبحث عن تنمية ثروته، ولكن من حق المجتمع أن يساءله عن مصدر الثروة وأن يطمئن إلى أنها تكونت في إطار ممارسات قانونية لا شبهة فيها، فقوانين السوق لا تضفي حماية على ممارسات غير قانونية ولا تقبل بها.
ب. أن معيار التقييم لأداء القطاع الخاص هو مدى إضافته للثروة المجتمعية، ولذلك.. فإننا نجد أنفسنا أكثر دعماً للمنظمين وهي الفئة التي ينتمي إليها رجال أعمال يقبلون بالمخاطرة في إنتاج سلع جديدة وفي تبني أساليب إنتاجية جديدة.. الخ، فهؤلاء يضيفون إلى ثرواتهم وإلى الثروة المجتمعية.
ج. أننا لا نعترض - ومن حيث المبدأ - على حصول رجال الأعمال على حوافز تشجيعية، ولكننا - في المقابل - نرى أن هذه الحوافز يتحمل تكلفتها المجتمع كله.. وبكل شرائحه، وبالتالي.. فالمجتمع يصير شريكاً لرجال الأعمال ،
وبمنطق الشراكة يترتب للمجتمع حقوق مثل .. حقه في قيام رجال الأعمال بدفع الضرائب وعدم التهرب منها وتحملهم لمسئوليتهم الاجتماعية، وحقه في ميزانيات شفافة لكل أنشطة القطاع الخاص، وحقه في إستقطاع نسبة من أرباح القطاع الخاص لمكافحة الفقر ودعم شبكة الأمان الاجتماعي وتمويل أنشطة البحوث والتطوير العلمي..... الخ.
10. أننا نؤمن بالمنافسة ولكننا لا ننحاز إلى المنافسة غير العادلة والتي تعري صغار المنتجين وتطيح بهم خارج دورة الإنتاج، ونجد أنفسنا أكثر إنحيازاً إلى ما نصفه بمنافسة البقاء والتي توفر شروطاً عادلة تسمح بتعايش كبار المنتجين وصغارهم في سوق موسع،
ولعلنا هنا نؤكد على أن مفهوم السوق لا يعني فقط الحديث عن علاقات السوق ولكنه يعنى أيضاً الحديث عن ضمانات السوق وعن الفرص المتكافئة وعن منع الاحتكار.
11. إننا لا نؤمن باستقالة الدولة من أداء دورها في المجال الاقتصادي بدعوى حرية السوق، ولم نر دولة في العالم المتقدم أو في عالم النمور الاقتصادية النامية قدمت استقالتها من هذا الدور.. لأن ما يجري على أرض الواقع هو إدارة السوق والتي تستبقى للدولة دوراً يمتد إلى:
أ. إحكام الرقابة على علاقات السوق للحيلولة دون الانزلاق إلى انحرافاته.
ب. سن القوانين التي توفر شروط المنافسة العادلة وإعمالها بما يحول دون إحكام قبضة المنافسة المتوحشة والاحتكار.
ج. إدارة معادلة التوازن بين المنتجين والمستهلكين في ظل توافق عام.
د. الاضطلاع بمهمة "المنظم" في مضمار صناعات التكنولوجيا الطليعية، وبالتالي.. فنحن نرفض الدعوة إلى انسحاب الدولة من النشاط الإنتاجي،
فهناك دور إنتاجي ينتظرها بضخ استثماراتها - على سبيل المثال - في مجال الصناعات المتطورة وفي مجال التقدم العلمي.. باعتبار أن المعرفة قد صارت مورداً إنتاجياً في الاقتصاديات المعاصرة.
هـ. إدارة المرافق العامة والحكومية ومؤسسات القطاع العام - التي تقضى اعتبارات الأمن القومي والأمن الاجتماعي أن تبقى في يد الدولة - وفق ضوابط قانونية وتحت رقابة من ممثلي الشعب، ونلحق بذلك ملاحظة مؤداها.. أن على الدولة أن تدير هذه المرافق بميزانيات تشغيل تعطي الأولوية لتسيير دولاب العمل وتأمين احتياجاته، وليس - وكما يحدث الآن - بميزانيات توزيع تعطي الأولوية لرواتب القيادات العليا ومكافأتها.
و. تحديد حد أدنى للأجور يتوافق مع تكلفة المعيشة، ومراجعة النسب المقارنة بين رواتب ومكافآت القيادات العليا ورواتب ومكافآت مرءوسيهم، فلقد ازدادت النسبة في الحالة المصرية .. إلى حدود تثير القلق ولا تجد لها سنداً موضوعياً.
ز. تنظيم سوق العمل في ظل ضمانات تقر بحقوق العمال (ومن بينها التأمين ضد البطالة وتوفير التدريب التحويلي ) من ناحية، وتشرع لهم وسائل التمكين للدفاع عن هذه الحقوق سلمياً من ناحية أخرى.
ح. تأمين ضوابط التنمية المستدامة والتي تقضي بألا يقوم جيل باستنزاف الثروات الطبيعية (بترول، غاز طبيعي، أرصدة غير متجددة للمياه.. ..) وحرمان أجيال قادمة من حقوقها في هذه الثروات دون تعويضها بثروات بديلة، وعندئذ.. فإن على الدولة أن تراعي التكامل بين ثلاث حزم من الضوابط ( حزمة الكفاءة، حزمة العدل الاجتماعي، حزمة صون البيئة ).
خامسا- التصدى للفساد المؤسسى
واتصالا بكل ما سبق.. فإننا لا نستطيع أن نتجاهل تمدد شبكة الفساد المؤسسي في مصر بكل التداعيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي خلفتها ومازالت .. والتي تكاد تنهار تحت وطأتها مقومات الوجود المصري ذاته، ونجد أن للفساد المؤسسي أسبابه وجذوره.. ولكننا نرى في نفس الوقت ضرورة التصدي له ،
إلا أننا نرى - أيضا - أنه لا يمكن مكافحته وحصاره طالما أن هناك قرارات سيادية تملك الحق في إغلاق ملفاته أو حبسها في أدراج الأجهزة الرقابية، ولذلك فإننا نقترح وفي إطار دعوتنا إلى بناء دولة عصرية "مدنية وديمقراطية" وصياغة دستور جديد..
أن يكون لمجلس الشعب ومنظمات المجتمع المدني الحق في توكيل شخص تحت مسمى "المدعي العام المستقل" بهدف التحقيق في أي ملفات فساد قد يكون قد تم إغلاقها بقرارات سيادية وأن يلزم القانون الأجهزة الرقابية بتقديم كل المعلومات إليه وأن يمنحه القانون الصلاحية في إقامة الدعوى القضائية باسم المجتمع.
سادساً- الخيارات الاجتماعية ومن أهمها التعليم والصحة والقضية السكانية
إن دعوتنا إلى الدولة العصرية "مدنية وديمقراطية" تأخذنا إلى طرح خياراتنا لبعدها الاجتماعي، وفي خياراتنا - ابتداء - فإننا لا نقبل ببنية مجتمعية تحتل قمة الهرم فيها.. أقلية تحتكر كل الامتيازات لها ولأبنائها..
بينما تفترش قاعدته فئات عريضة من المحرومين والتي تزداد اتساعاً بالوافدين من الفقراء الجدد والذين يتساقطون من الطبقة الوسطى، فنحن ضد الإقصاء والتهميش والحرمان، ونعتبر أن الفقر هو عائق على طريق الحرية.. كما نعتبر أن الفقر هو
-أساساً
- مسئولية سياسات اجتماعية خاطئة، ولذلك .. فإن البعد الاجتماعي الذي نتبناه يحمل الخيارات التالية:
1. إرساء قواعد البنية المجتمعية التي تسمح للفئات الفقيرة والمهمشة بالحراك الاجتماعي صعودا إلى طبقة وسطى موسعة ، وهذا يعني تبني سياسات عادلة لتوزيع الدخل القومي..
تحافظ للطبقة الوسطى على مدخراتها.. وترفع نصيب الفئات الاجتماعية الفقيرة ولمهمشة في حصة التوزيع، ولا تنحاز لرأس المال على حساب عنصر العمل.. وتحول دون تركز الثروة في قبضة أقليه في قمة الهرم الاجتماعي.
2. وفاء الدولة بالتزاماتها الاجتماعية بما يكفل جودة الحياة - على الأقل بحدودها الدنيا -لمواطنيها، وبما يكفل أيضاً الأمن الإنساني للشرائح الاجتماعية الفقيرة والمهمشة، وهو الأمن الذي يطالب الدولة
- ضمن مطالبات أخرى
- بمد شبكة البنية الأساسية (مياه الشرب الصالحة، الصرف الصحي، ....) إلى كل المناطق.
3. أن كل المواطنين هم شركاء في التنمية، ولذلك.. فإن التعليم لا يعود فقط هو الحق والواجب.. حق لكل طفل ذكراً أو أنثى.. وواجب تلتزم به الدولة، ولكن جودة التعليم – وكما نؤمن – هي الأخرى .. حق وواجب، فالتعليم هو عملية لخلق قدرات لدى الأفراد ومن ثم فهو إستثمار بشري وليس إنفاق جار، وبمدى جودته
- بالتالي
- يصير الأفراد.. كل الأفراد.. شركاء في التنمية، وفي هذا الخيار فإننا نؤكد على:
أ. أن أهم معايير جودة التعليم في عصر المعلومات والمعرفة والتكنولوجيا.. هو خلق قدرة التفكير الحر والناقد لدى الطالب عبر المستويات التعليمية المختلفة
ب. أن المدارس والجامعات الحكومية ينبغي أن تتمتع بجودة التعليم وليس مقبولاً التحجج بضعف الإمكانات المالية، فجودة التعليم - إذا ما خلصت الإرادة وانفرجت زاوية الرؤية - تقبل بالحد الأدنى من التمويل ولا تبقى معلقة بالحد الأقصى
ج. أن التعليم ينبغي أن يكون الزامياً ومجاناً ومتاحاً لكل الأفراد في الفترة العمرية (6-18 عام) مع تجريم حرمان الطفل من التعليم، ونرى أنه ينبغي أن يكون مجانياً في الجامعات الحكومية بشروط محفزة لاستمرار النجاح والتميز.
د. أن استقلالية الجامعات هي زاوية ارتكاز في تطوير التعليم.. بقدر ما تكون منفرجة وراسخة، ومعيار الاستقلالية كما نتبناه هو تمتعها بالحرية الأكاديمية دون تدخلات حكومية تستلب الاستقلالية وتصادر الحرية.. وتدفع بالأساتذة الموهوبين بعيداً عن مركز الفعل وتحل بديلاً لهم آخرين بمعيار الولاء السياسي.
ه. أن ربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل واحتياجات التنمية المستدامة هو ضرورة لا تحتمل الجدل، ولكننا نرى - في نفس الوقت
- بأنها ضرورة مشروطة برؤية مستقبلية للاقتصاد المصري يزداد بها الطلب على العمل الأكثر تأهيلاً والذي يدفع بدوره
- ومن خلال الربط
- إلى تحفيز التعليم على التطور ضخاً لمخرجات مكثفة للمعرفة والتكنولوجيا.
و. أن المؤسسة التعليمية يجب أن توفر في كافة وحداتها قيم الديمقراطية مثل "التسامح، العقلانية، الحرية،الشفافية" ،
و يجب أيضا أن تضطلع بدورً محوري ونشط من خلال أساتذتها وطلابها في التصدي للقضايا المجتمعية مثل محو الأمية، وتنمية رأس المال الفكري والاجتماعي،و إصحاح البيئة،و تعميق مفاهيم المواطنة وحقوق الإنسان..الخ.
ز. أن التعليم مسئولية سيادية وعليه يجب إعادة صياغة القوانين والتشريعات والآليات التنظيمية بما يساعد كافة عناصر المنظومة التعليمية ] (عام وخاص)،
(وطني وأجتبى)، (مدني وديني) [ على إعداد المواطن المصري بمواصفات تمكنه من الحفاظ على تماسك اللحمه الوطنية، وهويته وتراثه الحضاري، كما تمكنه أيضاً من المشاركة الفاعلة في التقدم الإنساني.
4. ولأن كل الناس هم شركاء في التنمية.. فإن على الدولة أن تفي بحقهم في منظومة صحية إيجابية تتضمن الوحدات والهيئات "الحكومية والخاصة والأهلية والجامعات ومراكز البحث العلمى "، منظومة.. تؤمن لهم الدفاعات الوقائية من خلال الحد
- أساساً
- من التدهور البيئي ، وتؤمن لهم كفاءة الأداء في المؤسسات العلاجية، وتؤمن للفقراء والطبقة المتوسطة خدمات صحية مواتية في إطار نظام تأمين صحي كامل لا يخضع لعلاقات السوق المتوحشة.. فبدون هذه الخدمات يصير الأمن الإنساني للفقراء مهدداً، ولأن هذه المنظومة في حاجه إلى "صناعة دواء" محلية نشطة ومتطورة، وقادرة
- بالتالي
- على إدارة إستراتيجية "دواء فعال وسعر رخيص"، فإن كفالة الدولة - بصورة أو بأخرى - لهذه الصناعة تأتي ضمن التزاماتها الاجتماعية.
5. الاهتمام بالقضية السكانية بأبعادها المتكاملة: معدل النمو الديموجرافي والخصائص السكانية، والصحة الإنجابية، والتوزيع السكاني، والطفل، وحول هذه المحاور .. فنحن نرى:
5.1. فيما يتعلق بمعدل النمو الديموجرافي والخصائص السكانية .. فنحن نقر بخطورته في ظل استمرار تدنى الخصائص السكانية وخاصة المتعلقة بـ "التعليم والصحة"، ونتفهم بعض المشاكل التي قد تترتب عليه، ولكننا في نفس الوقت نرى:
أ. أن الفقر (المادي والمعرفي) هو الذي يقود إلى الانفجار السكاني وليس العكس، فالإنجاب المفرط لدى الفقراء.. هو شكل من أشكال الدفاع عن الذات في ظل افتقارهم لضمانات وتأمينات اجتماعية وهو أيضاً شكل من أشكال الاستثمار الاقتصادي في ظل واقع يسمح بتشغيل الأطفال ويفرض على الفقراء تهميشاً يحول بينهم وبين الحراك الاجتماعي.
ب. ومن ثم .. فإننا نؤمن - ولخفض معدل النمو الديموجرافي - بضرورة تبني سياسات وإجراءات نشطة وحاسمة تتعلق بالتنمية البشرية وخاصة بين النساء، وبمكافحة الفقر "المادي والمعرفي" ،كما تستهدف مد مظلة التأمينات الصحية والاجتماعية لتغطي كافة المواطنين بموارد سيادية وأهلية.
ج. أن إعلاء سيادة القانون وتفعيل دوره في حل المنازعات مع إحداث تغيير في القيم الاجتماعية سوف يساعد - أيضاً - على خفض معدل النمو الديموجرافي، لأنه سوف ينحى خيار "العزوة العددية" والتي تدفع بالبعض إلى الإنجاب المفرط بغرض تكوين أسر كبيرة قادرة – وبالتفوق العددي – على تبؤ منزلة اجتماعية عالية وعلى حسم المنازعات لصالحها في ظل غياب القانون وخاصة في المناطق الفقيرة ولمهمشة.
د. تحميل الخطاب الإعلامي بمضمون مؤداه أن الهدف هو الارتقاء بالخصائص السكانية "التعليم، الصحة" للأبناء ومنحهم الرعاية الكاملة، وان الأسرة الصغيرة المتعلمة والمتماسكة هي أكثر قدرة على تحقيق هذا الهدف.
5.2. وفيما يتعلق بالصحة الإنجابية.. فنحن نرى:
أ. الاهتمام كأولوية أولى بصحة النساء في سن الإنجاب وخاصة الأمهات.
ب. توفير وسائل منع الحمل والتوعية الصحية والدينية بالموضوعات المتعلقة بالعلاقات الزوجية وإنجاب الأطفال.
ج. تنشيط ودعم منظمات المجتمع المدني ذات الاهتمام في هذا المجال.. للعمل في أوساط الفئات الفقيرة والمهشمة مع التأكيد على أهمية الاستخدام المكثف للإرشاد الصحي المباشر (الرائدات الريفيات).
5.3. وفيما يتعلق بالطفل.. فنحن نرى:
أ. ضرورة توفير العدد المناسب من رياض الأطفال المجهزة لتنمية القدرات البدنية والعقلية للطفل.
ب. تجريم تشغيل الأطفال وحرمانهم من التعليم الإلزامي.
5.4. وفيما يتعلق بالتوزيع السكاني.. فنحن نرى:
أ. تبني إستراتيجية "التنمية حيث نحن" والتي تعنى أن تتكرس جهود التنمية حيث يعيش الناس وحينما تواجدوا.. كمحاولة للحد من تيار الهجرة غير المرغوبة من الأطراف إلى المركز والتي تخل بخريطة التوزيع السكاني.
ب. تكوين وتفعيل آليات ومشروعات وبرامج للتوعية والتدريب تستهدف تشجيع الهجرة الداخلية من المركز إلى الأطراف من ناحية.. وتشجيع الهجرة الداخلية في إتجاه استيطان مناطق جديدة تتسع بها رقعة المعمور السكاني.
ج. فتح الجسور مع الجاليات المصرية في كل أنحاء العالم.. سواء الجاليات التي ارتضت الهجرة الدائمة أو الجاليات التي دفعتها الظروف إلى هجرة مؤقتة،
فالجسور المفتوحة سوف توطد الصلة بين أبناء هذه الجاليات والوطن الأم لتضيف إلى الرصيد المصري.. ثقافياً واجتماعياً وإقتصادياً وسياسياً، كما أنها سوف تمثل مداراً حيوياً لتعزيز الأمن القومي المصري.
سابعا – مفاهيم المواطنة الكاملة
إننا نؤمن بأن المواطنة هي تعبير عن حركة المواطنين من أجل المشاركة والمساواة واكتساب الحقوق بأبعادها المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية واقتسام الموارد العامة للبلاد في إطار عملية إنتاجية على أن تتم هذه الحركة بدون أي تمييز سواء بسبب اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب أو العرق أو المكانة أو الثروة ،
وذلك في إطار الوطن الواحد الذي من الطبيعي أن يتضمن حركة المختلفين بحيث يصب كل جهد مبذول من أجل الخير العام .
بيد انه إذا تم إعاقة حركة المواطنين عن ممارسة المواطنة لأي سبب، فإنهم بالضرورة سوف ينعزلون عن الانتماء العام، ولأننا ندعوا إلى دولة عصرية حاضنة لكل المصريين من خلال الحركة المشتركة لهم جميعاً، فلابد من مواجهة كل ما من شأنه إعاقة تحقق المواطنة والتي من مظاهرها اللامساواة بين الفقير والغني، المرأة والرجل ، المسلم والمسيحي ، .....
وعليه فإننا نؤكد على المفاهيم التالية :
1. رفض كل دعاوى التقسيم الطائفي للسلطة، فهذه الدعاوى في حد ذاتها تمثل انقلاباً على مفهوم المواطنة.. فضلا عن أنها تقود إلى بناء دولة كرتونية لا أمان فيها لأحد.
2. تكريس المعنى المدني لكافة المناصب في الدولة، فمنصب رئيس الدولة - على سبيل المثال - يعبر عن التزامات مدنية محددة مثل احترام الدستور والقانون، الذين ارتضاهما الناس بملء إرادتهم الحرة، وإقامة العدل واحترام حقوق ومصالح الناس ...الخ
3. الاعتراف بحقوق الكفاءة كجزء لا يتجزأ من حقوق المواطنة،ونحن نؤمن بأن إهدار حقوق الكفاءة يستبقي حقوق المواطنة.. منقوصة، ولذلك ففي الدولة العصرية "مدنية وديمقراطية" التي ندعو إليها..
فإن تولي المواقع لا يعود مكافأة ولاء لأحد، ولكن استحقاق كفاءة.. للأكفاء.. دون تمييز ديني أو عرقي أو اجتماعي أو سياسي. ونرى أن من بين ضمانات الوفاء بالاستحقاق.. أن يتضمن الدستور الجديد تقييداً لحق رئيس الدولة أو رئيس الوزراء في التعيين لبعض المناصب العليا الحاكمة،
وأن يكون لهما الحق في ترشيح أسماء لتولي هذه المناصب وعرضها على مجلس الشعب، وللمجلس الحق في عقد "جلسات مقابلة" مع هذه الأسماء..
وله الحق في قبول أو رفض الترشيح، ولا يصدر القرار بالتعيين إلا بعد موافقة المجلس، وفي حال رفضه..
يتم تقديم أسماء لمرشحين آخرين إلى المجلس والذي يعاود - بدوره - مباشرة حقوقه في هذا الصدد.
4. أن تكون كافة وحدات التعليم متاحة للجميع بغض النظر عن المعتقدات الدينية.
ثامناً – تفعيل الثقافة المصرية
لأننا نؤمن بأن الدولة العصرية "مدنية وديمقراطية" لابد وأن تتمتع بمفردات القوة الناعمة ومن بينها وفي صدارتها..
الثقافة، ولأن الثقافة المصرية التي شارك في بنائها المسلمون والمسيحيون كانت واحدة من أهم مراكز ومصادر الحضارات العربية والإسلامية والإنسانية وظلت إلهاماً للمنطقة ولكافة الناطقين باللغة العربية في أنحاء المعمورة، ومازالت تختزن رصيداً حيوياً واعداً، فإننا نرى أنه لابد من تفعيل الثقافة المصرية..
وإلا فإنها سوف تتحلل إلى ثقافات فرعية، وعندئذ.. قد تتوالد أزمات ثقافيه في المجتمع تتعصى على الحل ويدفع ثمنها المواطن العادي عندما يجد نفسه وقوداً لمعاركها، ونرى أن تفعيل الثقافة المصرية مشروط بـ:
1. حماية واحترام اللغة العربية والانتماء إلى روح العصر والتفاعل معها عبر نافذة مفتوحة وعندئذ.. فإن حرية التعبير هي ضمانه لا غنى عنها للانتماء والتفاعل... في ظل دستور جديد ينظمها ويحدد ضوابطها.
2. انفتاح المؤسسات الثقافية الرسمية على أشكال التعبير التي تتيحها ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتنخرط فيها فئات عريضة من المجتمع وتطرح من خلالها قضايا متعددة. والانفتاح ثقافياً - وكما نقصده - هو تفاعل هذه المؤسسات مع تلك القضايا وعدم تجاهلها.
3. تشجيع الجمعيات الثقافية كإحدى منظمات المجتمع المدني وخلق المناخ المواتي لنموها.. كماً وكيفاً. 4. تفجير طاقة الإبداع في المجتمع المصري لحل إشكاليات ثقافية "حقيقية أو مصطنعه" مازالت تعترض طريقه وتثير إرتباكاً فى أوساطه مثل الإشكالية الدينية/العلمانية ، ولأن الإبداع هو إجابة جديدة على سؤال جديد أو على سؤال قديم، ولأن الفكر هو القادر على تقديم هذه الإجابة ، فإننا نؤمن بأن مصر في حاجة إلى مفكرين قادرين على حل تلك الإشكاليات ، وأن على المؤسسات الثقافية في الدولة الجديدة أن تحتضنهم وتوفر لهم المعطيات المواتية لإبداعاتهم.
5. إلغاء وزارة الثقافة وإحلال المجلس الأعلى للثقافة على أن يتمتع بالاستقلالية الكاملة.
تاسعا - مبادئ السياسة الخارجية
إن واحداً من أهم أهدافنا في هذه الوثيقة هو بناء مصر كدولة إقليمية كبرى باستحقاقات القوة الذاتية التي تسمح لها بإدارة سياستها الخارجية عبر مدارات حيوية ، وفي هذا السياق فإننا نؤكد على عدة مبادئ يجب أن تلتزم بها السياسة الخارجية المصرية، مثل:
1. مبدأ الحماية، باعتباره أحد أهم وأحدث "المبادئ المحورية" في العلاقات الدولية، فالدولة التي تحمي مواطنيها في الخارج تحتل مكانة مناسبة في صدارة الدول التي تستحق الثقة في سياساتها ومبادراتها على عكس الدولة التي لا تلتزم هذا المبدأ.
ولكن يجب أن يكون مفهوماً أن الإعلان عن الالتزام بهذا المبدأ لن يحظى بالمصداقية ما لم يكن كافة المواطنين في الداخل يتمتعون هم أنفسهم بالحماية.
2. مبدأ تحقيق التوازن بين المبادئ والمصالح وهو مبدأ يدعو إلى:
أ. اضطلاع مصر بدور محوري في عالمها العربي الذي تنتمي إليه بموروث التاريخ وبعامل الجغرافيا وبمستقبل المصير، للمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة والأمان والكرامة والعدالة لمواطني هذا العالم، وللتصدي للاستعمار الجديد الذي تقوده حاليا الولايات المتحدة الأمريكية تحت شعارات متعددة، وصحيح أن لهذا الدور تكلفته ولكن صحيح
- أيضاً
- أن له عائده السياسي والاقتصادي والثقافي، وفي موازنة العائد/ التكلفة فإن المحصلة تبقى دائماً موجبة ، وعلى العكس ..
فنحن نرى أن تخلي مصر عن هذا الدور سوف يحملها بأعباء تكلفة يتضاءل بجانبها العائد ويستبقي المحصلة سالبة.
ب. مراجعة معاهدة "كامب ديفيد" وما لحق بها من اتفاقيات، اتصالا بمتغيرات طرأت وتتدافع بمستجداتها ...
ووعيا بتحديات التنمية المستدامة ...
وتوافقاً مع اعتبارات حاكمة للأمن القومي المصري.
3. مبدأ تأمين كافة الممرات المفتوحة للحضور الدولي المصري، ولأن إفريقيا هي من أهم الممرات لهذا الحضور، فإن الضرورة تقتضي تكثييف التواجد المصري في ترتيبات حل مشكلات القارة ، وتوثيق العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بدولها وخاصة دول حوض النيل والقرن الإفريقي مع العمل الدؤوب لصيانة وتنمية الروابط التاريخية مع السودان بأقاليمه المختلفة .
4. مبدأ الدفاع عن القيم الحقيقية والمحفزة إذ علينا أن نستخلص من التاريخ الطويل لحضارة مصر "قيماً مصرية" نبعت من تراثها، وندافع عن ممارستنا لها أو نبشر بها في العالم أجمع ،
وعلى سبيل المثال.. فإن الشعب المصرى لم يمارس في تاريخه عمليات إبادة ضد شعب أو طائفة أو عرق، ولذلك .. فإن رفض الإبادة بكافة أشكالها ينبغي أن يكون إحدى القيم التي تدافع عنها السياسة الخارجية المصرية في المحافل الإقليمية والدولية.
5. مبدأ الإجراء الدوري لقياسات شعبية السياسـة الخارجية المصرية، فالدول حين تقرر رسم سياسة خارجية تجاه مصر أو تجاه أي دولة أخرى ، تأخذ في اعتبارها بالضرورة مكانة هذه الدولة في محيطها الإقليمي ، وكذلك "شعبية" سياساتها الخارجية.
6. مبدأ العمل المشترك مع كل الدول والتجمعات الإقليمية التي تسعى إلى تحقيق عولمة أكثر إنسانية .
هوامش
1. مثل: تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، تقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان ،تقارير التنمية البشرية ، تقارير نوادي القضاة، تقارير منظمات المجتمع المدني الحقوقية، التقارير الاقتصادية لمركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام،
دراسات معهد التخطيط القومي، تقارير التنمية الإنسانية للوطن العربي، وثائق مكتبة الإسكندرية عن الإصلاح العام والقطاعي، الهيئة القبطية الإنجيلية، كتب توثيقية لمنتدى حوار الثقافات .. الخ
2. مثل مقالات واعمدة للسادة (مع حفظ الالقاب) :فاروق جويدة، سكينة فؤاد، فهمى هويدى، أسامة غيث، لبيب السباعى،كمال أبو المجد، أمينة شفيق، يحيى الجمل، ميلاد حنا، حازم الببلاوى، صلاح حافظ، سلامه أحمد سلامه، محمود عوض، شريف عفت ، سيد يسين ،
أنور عبد الملك ، محمد رياض ،جابر عصفور، مصطفى السعيد، جمال غيطاس، عبد العظيم درويش، حسام البدراوى، وحيد عبد المجيد، محمد السيد سعيد، محمد السعيد ادريس، أحمد النجار، سامى خشبة، عادل أبو زهره، قدرى حفنى، صلاح فضل، حلمى النمنم .. (وآخرين فى مقامهم)
3. مثل مقالات أو مقابلات صحفية للسادة (مع حفظ الالقاب) : رشدى سعيد، طارق البشرى، محمد سليم العوا، جلال أمين، رفعت لقوشه، يوسف القعيد، سمير مرقص، حسام عيسى، محمد البرادعى، أحمد زويل، حامد عمار، محمد حسنين هيكل، عزيز صدقى،محمد فايق ،حسب الله الكفراوى، حسن نافعة، يحيى حسين،طارق حجى، كمال متولى، فؤاد رياض، إبراهيم العيسوى،
جودة عبد الخالق، على نجم،رفيق حبيب، هشام البسطويسى، سعد الدين ابراهيم، عبد العزيز حجازى،مراد وهبة، منصور حسن، احمد الجويلى، عبد الوهاب المسيرى، مجدى مهنا، صبرى الشبراوى، عبد الفتاح القصاص، البدرى فرغلى ، ابراهيم صالح، على الغتيت، عصام العريان، نادر فرجانى، ضياء رشوان، نبيل عبد الفتاح، جميل مطر، مصطفى كامل السيد، منار الشوربجى، بهى الدين حسن، عزازى على عزازى، عبد الله الأشعل، سعيد اسماعيل على، اسامه الغزالى،
إسراء عبد الفتاح وزملائها، بلال فضل، شرين أبو النجا، كمال أبو عيطه، جمال زهران، أمين أسكندر، جورج أسحق، محمد أبو الغار، محمد سامى، إكرام لمعى، أحمد شعبان، كمال خليل، أبو العلا ماضى، جمال فهمى، محمد حماد،
أمين يسرى،محمود بكرى ، عبد الحميد الغزالى، صنع الله ابراهيم، علاء الاصوانى، ... (وآخرين فى مقامهم على الأقل).بهاء طاهر، عبد الجليل مصطفى، عمرو الشوبكى، بالاضافة الى السادة رؤساء تحريرالصحف المستقله والحزبيه
4. مثل كتاب "وصيتي لبلادي" د. إبراهيم شحاتة ، وكتاب "مصر المحروسة" د.علي السلمي..الخ