واجبنا نحو المسجد
بقلم : الأستاذ / فؤاد الهجرسي
محتويات
مقدمة
ندخل المسجد نصلى أو نؤدي بعض الوظائف الاجتماعية وكلما اتجهنا إلى المسجد أحرزنا حسنات تضاف إلى صحائفنا عند ربنا , وتطرح عنا سيئات كنا نحمل أوزارها , والمسجد هو الذي يعود بنا إلى ربنا من آن لآخر نستغفره من ذنب ونستعينه على توب وذلك يمسح على قلوبنا إلى أن نشعر بحرارة الإيمان بين جوانحنا وتشرق باليقين فنعرف .
- 1. نعرف حقيقة الوجود من حولنا .. مخلوقاً يدين للخالق بفضل الخلق وطائعاً يركع لربه ويسجد قال تعالى : ( ُثم استوي إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أوكرهاً قالتا أتينا طائعين ) 11 – فصلت . وقال : ( تسبح السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) 44 – الإسراء
- 2. ونعرف حقيقة أنفسنا وحاجتها إلى الأمان والاطمئنان ولن تجد ذلك في غير مناخ باعث على الإيمان كالمسجد ومداومة الاتصال به ودخول بابه والذكر لله في رحابه 0
- 3. ونعرف ضرورة التجرد من حظ النفس ونتمكن من إخلاص القول والعمل لذات الرب سبحانه قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فأشهدوا له بالإيمان ) وبالتجرد يتحقق جهاد النفس والمال بسبب ملازمة الذكر مع الذاكرين والصدق مع الخاشعين .
أرض المسجد شاهدة
كل الأرض لها إحساس وإدراك بحال الناس ولها عاطفة تجاههم اقرأ من سورة الدخان قول الله تعالى : ( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ) لم تبك السماء ولا الأرض حزنا على فرعون وقومه فقد أغراهم المسير خلف بني إسرائيل بقيادة موسى عليه السلام ولما ترك لهم البحر رهواً زاد من التغرير بهم فهلكوا جميعاً ولم يحزن على هلاكهم أحد حتى ولا الأرض التي عاشوا فوقها
ودليل آخر : روى الترمذي من طريق أبى هريرة رضي الله عنة قال : ( قرأ صلى الله عليه وسلم من سورة الزلزلة : ( يومئذ تحدث أخبارها ) ثم قال ( أتدرون ما أخبارها ) قالوا الله ورسوله أعلم قال : ( فإن من أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها تقول : عمل يوم كذا : كذا وكذا فهذه أخبارها )
إذن المكان من الأرض شاهد بما يعمله الإنسان على ظهره والمساجد أمكنة بل هي أطهر الأمكنة ، فهي شاهدة من باب أولى .
وخيل لنفسك موقفك يوم القيامة بين يدي ربك وأرض المسجد تشهد عليك بما عملت فوقها .. وكم تسعد إن كانت لك وكم تساء لو كانت عليك .
للمسجد قيمته وقدره
قال الله تعالى : ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ) 36- 37 النور هي بيوت الله أماكن تنزل النور الإلهي حيث تحلق أرواح المؤمنين سابحة إلى المعالي قريباً قريباً من الله تعالى
قال الشيخ الشعراوى رحمه الله : ينصح رواد المساجد بهذه الجمل التي استقيتها من تفسيره
لماذا لا تتركون الدنيا في هذه الدقائق
المسجد خاص بعبادة الله تعالى
حين تأتى إلى المسجد أصحب معك خلق التعبد
ليكن الانفعال والتفاعل والحركة والنشاط كله لله .
انو الاعتكاف
انزع نفسك ممن ينوى أن يتكلم معك في أحوال الدنيا
عمار المساجد
قال تعالى : ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) 18 – التوبة )
(وأقام الصلاة ) حافظ على أفضل أوقاتها وعلى أحسن أداء لها وألبسها روحها وتلك هي الصلاة التي تنهى عن (الفحشاء والمنكر )
( ولم يخش إلا الله ) عند سماع اسم من أسماء الله تعالى يرتجف ويضطرب ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) 2- الأنفال
أحوال تقع أخر الزمان . وهل نحن كذلك
عن عبد الله بن يسر رضي الله عنه قال : ( جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة ورسول الله صلى الله علية وسلم يخطب فقال "اجلس فقد آذيت الناس" أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي 0
قال صلى الله علية وسلم : ( يأتي آخر الزمان ناس من أمتي يأتون المساجد فيقعدون فيها حلقا ذكرهم الدنيا وحب الدنيا لا تجالسوهم فليس لله بهم حاجة ) صحيح الإسناد
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : ( لقد سمعت حديثا إذا كنت في قوم فتصفحت وجوههم فلم تر فيهم رجلا يهاب في الله عز وجل فأعلم أن الأمر قد رق )
تطواف وتأمل
بعد ما نقلنا من النصوص التي تشير إلى أهمية المسجد بين ساحات المسلمين وأن أرضه شاهدة مثل كل أرض أو أخص من ذلك وأنه قيم المنزلة بنص القرآن وأن عماره مؤمنون وجاء في الكلام تحذير مما يقع آخر الزمان من : إيذاء الناس فيه : ( اجلس فقد آذيت ) و ( لا تجالسوهم ) و ( فاعلم أن الأمر قد رق )
بعد مراجعة كل هذا وكثير مثله فى بابه تعال نطف بالمساجد ونتأمل
إذا دخلنا من باب المسجد فهل نرى عبادا مسبحين أم جلساء متخاطبين وأصواتهم بالخطاب مسموعة والموضوع لا يناسب مقام المسجد
قد يطلب أحدهم إلى آخر أن يذهب عند الباب ليبصر من هذا المار أو ليعرف لم هذا التجمع بل يتجاوز فيطلب معرفة فريق الكرة الذي أصاب الهدف الآن .... !
تذهب لتشارك في عمل اجتماعي مثل تتويج عقود النكاح بإشهارها في المسجد لكن الحضور ينسون المسجد وآدابه وكأنهم في ناد على الشاطئ فالأصوات عالية والتعليقات والتبريكات بأعلى الأصوات دعك من قارئ القرآن والمتحدث في المناسبة والمبرر لارتفاع الأصوات أنه فرح والأمثلة كثيرة لا تحصى 0
عينى عليهم
عيني على أولئك كم فقدموا من مكرمات فى طيات هذا الحديث : ( وحق على المزور أن يكرم زائره ) وكم ضيعوا من حسنات في طيات هذا الحديث الشريف : ( الكلام فى المساجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب )
وعينى على أولئك لفقدهم التفاف الملائكة الداعين لمن جلس وذكر واستغفر أو سبح ففي الحديث : (من توضأ فأحسن وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد فإذا دخل كان فى صلاة ما كانت تحسبه وتصلى عليه الملائكة مادام في مجلسه الذى يصلى فيه – قائلة- اللهم اغفر له اللهم ارحمه ما لم يحدث فيه )
عينى على من دخل المسجد وجلس فى رحابه وفاته مضمون هذا الحديث : ( من قال سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم غرست له بها نخلة فى الجنة ) أو من فاته مضمون هذا الحديث : ( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ) قال صلى الله علية وسلم لإحدى زوجاته فى حادثة مشهورة
وانظر: من ذا الذي يعرف عدد خلق الله أجناساً أو أفراداً تحت الأجناس إلا الله ومن ذا الذي يعرف حجم رضا الله أو زنة عرش الله أو مداد كلماته إلا الله 000
وأمثال ذلك كثيرة ينال كله في أقل اللحظات عطاءً فياضاً من الله الرب الكريم الرحيم
نداء
أيها المسلمون عامة أيها الإخوان المسلمون خاصة / ولست أخصكم لأميزكم بل لأنبه إلى حجم مسئوليتكم ، وأنتم تتصدون لحمل رسالة هذا الدين للعالمين أعلموا أنه لن يقوم بهذه المهمة إلا مؤمنون مخبتون أوابون لن يقوم بهذه المهمة إلا من امتلأ وجدانه بالله ولهج قلبه بدوام الذكر والإخبات واستكمل مدارج الوصول حتى يكون باطنه مثل ظاهره وهمه وفق منطوقه وبدت عليه مظاهر العبودية لله رب العالمين .
وقد يكون البدء من هنا .. من المسجد .. والله ولى التوفيق .
المصدر
- مقال:الحاج فؤاد الهجرسى يكتب : واجبنا نحو المسجد موقع: إخوان الدقهلية