وأين نصيبنا من هذا الحب

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
وأين نصيبنا من هذا الحب

بقلم/ عمر التلمساني المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين

منذ أن قامت جماعة الإخوان المسلمين سنة 1928 والحب شعارها وعدتهانعم على الحب قامت السماوات والأرض وعلى الحب قامت كل دعائم الإسلام لإيجاد الفرد السعيد والمجتمع والأمة السعيدة، بل والعالم السعيد، وبالحب الطاهر فاضت الآيات القرآنية، وتعطرت الأحاديث النبوية، وعلى الحب توثقت كل روابط القوة التي حالفت المسلمين حينًا من الدهر، كان شأنه في التاريخ مذكورًا، ولما قامت جماعة الإخوان المسلمين في عام 1928 على ضفاف القناة، كان الحب شعارها ودثارها وعدتها، فسرت الفكرة مسرى نسائم السحر من براعم الزهر، تنديها وتغذيها وتجعلها تنفح على الأرج العطر، والشذى الندى الناعم الهنيء، نشبت وقويت وأتت ثمارها، حتى عصفت بإنتاجها أضراس الحقد، وأنياب الجحود والإلحاد.

أجل لن تقوم ولن يقوى شأنها إلا إذا ساد الحب أفرادها، وربط قلوبهم وشرح صدورهم، فالتعاون في الحقل حب، وفي المصنع حب، وفي الوظيفة حب، وفي الإنتاج حب، ينظر كل فرد في الأمة إلى أخيه في الوطن نظرة المؤثر السخي الكريم، في كل شيء، في كل ناحية من نواحي الحياة عملا وإنتاجًا.

واليوم وبالأمس نسمع السيد رئيس الجمهورية يهيب بالمواطنين أن تحابوا وتعاونوا وتكاتفوا، ويا له من نداء رن صداه بين جوانح الصدور، فتشوقت إليه أملا، يعود بالحقوق إلى نصابها، وأول مظاهر إنصاف الذين ظلموا وألصقت بهم أشنع التهم، وهم أطهر من ماء السماء، وراح الإخوان يقرعون الأبواب الرسمية شهرًا بعد شهر وعامًا بعد عام يطالبون ويلحون بعودة جماعتهم إلى وضعها الرسمي المشروع، وكانت صرخات في واد بلقع أجدب، ونفخة في رماد تطاير على الأبواب.

أما إننا مواطنون يجب أن نستمتع بكل ما يجب أن يستمتع به المواطنون جميعًا، وإما إننا نوع معين من المواطنين يجب أن يحرم من حقه في تشكيل قانوني سليم.

إن القول بأن الإخوان يقوم تشكيلهم على أساس ديني يسبب الفرقة .. فقول يرده الواقع ويدحضه الكثير من الحجج والبراهين.

أولا: الأمة المصرية تتكون من ديانتين أساسيتين .. الإسلام والمسيحية، وما يزال الإسلام شائعًا بين أبناء الديانتين من مئات السنين، وبلغ التسامح الديني بالأغلبية المسلمة أن كان من رؤساء وزرائها مسيحيون، وكان يرأس مجلس النواب مسيحي.
ثانيًا: إن الإسلام لا يعرف شيئًا اسمه دين وشيئًا اسمه سياسة، إنه دين ودولة ومصحف وسيف، وقيادة وجندية، وقانون واجتماع، والمسلم الذي لا يدين بهذا كله، تنقصه المعرفة بهذا الدين، فقد كان المسلم في أزهى عصور المسلمين يصيح في وجه الحاكم أن لا سمع لك ولا طاعة، إذا ما أحس بأن الحاكم قد خرج شيئًا ما عن دائرة الشريعة الإسلامية، ولم يقل له الحاكم إنك تشتغل بالسياسة، وليس هذا حقك.
ثالثًا: إن التشكيل القانوني لدعاة الإسلام، أضبط في التعريف وأدق في التوجيه وأشمل للسيطرة على تصرف أفراده، وإلزامهم جادة الحق والصواب.
رابعًا: قامت جماعة الإخوان منذ عام 1928 ميلادية فلم يثبت في تاريخها يومًا من الأيام، أنها دعت إلى فرقة، أو هتفت بعنصرية دينية، أو نادت بحرمان غير المسلمين مما يستمتع به المسلمون، بل كان القسس يحضرون احتفالاتها ويلقون فيها كلماتهم من وجهة نظرهم هم، لا من وجهة نظر الإخوان المسلمين ولم يعترض عليهم أو يقاطعهم أحد.
خامسًا: كيف يكون التشكيل الرسمي للإخوان مدعاة إلى التفريق بين أفراد الأمة، وهم لا يحرمون على مسيحي أن يبتني كنيسة أو أن يشتغل بوظيفة، أو أن يؤدي شعائر دينه آمنًا مطمئنًا، وإذا طالب المسيحيون بحزب مسيحي، فما الخوف من ذلك أليس هذا واقع الأمة فعلا .. مسلمون ومسيحيون وكل ينادي بصلاحية دينه وإصلاح المجتمع.
سادسًا: ألم تقم في بلادنا مدارس الجمعية الخيرية الإسلامية ومدارس الأقباط، والعلوم التي تدرس فيها واحدة، فهل اعتدت إحداها على الأخرى للمخالفة في الدين.
سابعًا: ألم تقم جمعية الشبان المسيحيين وجمعية الشبان المسلمين ولكل منها دور في أرجاء البلاد؟ فهل حصل احتكاك بينهما؟ وهل كانت مهمة جمعية الشبان المسلمين أن تدعو إلى الدين المسيحي، وجمعية الشبان المسيحيين تدعو إلى الدين الإسلامي؟؟ أم أن كلا منهما كانت تدعو إلى دينها وتحض على اعتناقه وتنشر أمجاده.
ثامنًا: كيف يباح إقامة جماعة مسلمة تتحدث عن الأصول في العقيدة والفروع وتهاجم كل من يخرج عليها، ثم لا يباح إقامة جماعة الإخوان المسلمين لأنها تتحدث في السياسة، والسياسة أقل خطرًا وأهون شأنًا من التحدث في صميم العقيدة.

أيها الداعون إلى الحب، والمترنمون بحنانه، أتفرق هذه العاطفة النبيلة بين إنسان تمنحه كل شيء، وبين إنسان تحرمه من كل شيء؟؟ الحب نعمة الله التي تجعل المسلم يحنو على غير المسلم ويعينه ويساعده ويقيمه فهل المسلم أأمن على غير المسلم من المسلم؟؟ أي قول هذا؟؟ وأي تصرف هذا؟؟ وإلا فقولوها صريحة واضحة، وأنتم أهل الصراحة والوضوح أنكم لا تريدون الإخوان المسلمين خاصة وبالذات، ولكن قولوها مسببة مبنية على حجج وأدلة، حتى يصدق الناس ما تقولون ورحم الله الشاعر يوم أن قال:

هذا الكلام له خبئ
معناه ليست لنا عقول
يا رئيس الجمهورية: إننا من أفراد شعبك الذين يجب أن يكون لهم من الحب الذي تدعو إليه نصيب، فإن حرمتنا من حقنا، فلنا أن نقول مطمئنين إنك لا تحبنا، فإن صح هذا فإنا لا نبادلك نفس الشعور، لأن المسلم يحب ولا يكره، ويأسو ولا يجرح، ويعلم تمام العلم أن الجنة التي يرنو إليها، حياته، لن يدخلها وفي قلبه غل أو حقد أو حسد.

إنك أول من يعلم عن طريق جميع أجهزتك، أننا لا نتآمر، ولا ندعو إلى انقلاب ولا نفكر في ثورة، ولا ننافس على حكم، ولا نبيت على ضغن، كما فعل غيرنا وما يزالون رسميًا قائمين، إننا ندعو لك ولكل حكام المسلمين صادقين مخلصين أن يوفقكم الله جميعًا إلى خير العباد، وعز البلاد، وشعارنا: لو كانت لنا دعوة مقبولة عند الله لادخرناها للحاكم، حبًا منا للأمن والاستقرار والسلام.

هيا اجعلنا نؤمن بدعوتك للحب، وحضك عليه، ونفورك من الحقد والبعد عنه، فأنت تملك الكلمة وطالما قلت: إن مصر حرة الإرادة صاحبة المبادرة.

إن السيد رئيس الدولة عن طريق أجهزته يعلم، بل ويعلم العالم كله شرقه وغربه، أننا لسنا عملاء ولا خونة ولا نتلقى أموالا من أحد .. إننا ننفق من قوتنا، ومما ينفق منه كل مسلم مصري، وغير مصري، يحب أن يجاهد في سبيل الله وفي سبيل نشر دعوته.

إنها كلمة حب، تقوم على الحب، ويبعثها الحب، ويغذيها الحب، ويعيش صاحبها على الحب .. الحب الذي ما أحس معه في يوم من الأيام بكراهية لمخلوق، حتى من آذاه وعذبه، بل كان دعاؤه صباح مساء .. اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون.

للمزيد عن الأستاذ عمر التلمساني

روابط داخلية

كتب متعلقة

مقالات وملفات متعلقة

رسائل الأستاذ عمر التلمساني

.

مؤلفات الأستاذ عمر التلمساني

متعلقات أخرى

وصلات فيديو