هيومان رايتس ووتش تنتقد إحالة قيادات الإخوان لمحاكماتٍ عسكريَّة
انتقدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الدَّوليَّة الناشطة في مجال حقوق الإنسان بشدة حملات الاعتقالات الأخيرة التي نفذتها السلطات المصريَّة في صفوف جماعة الإخوان المسلمين ، والتي طالت طلابًا ورجال أعمال وأكاديميين وعددًا كبيرًا من مرشحي الجماعة السابقين في انتخابات مجلس الشعب 2005م، وإحالة عدد كبير من الأكاديميين ورجال الأعمال من قيادات الجماعة إلى المحاكمات العسكريَّة
بالرغم من كونهم مدنيين.. وقالت المنظمة- ومقرها نيويورك - في تقريرٍ لها عن إحالة نحو 40 من قيادات الإخوان إلى المحاكمة العسكريَّة: إنَّ هذه المُحاكمات تُثبت خروج الحكومة المصريَّة على كلِّ أعرافِ السياسة وحقوق الإنسان السليمة، ودعت المنظمة الحكومة إلى احترام الاتفاقيات التي وقَّعت عليها مصر في هذا الصدد، ومن بينها العهد الدولي للحقوق المدنيَّة والسِّياسيَّة.
وانتقدت المنظمة بشدة قرارَ إعادة اعتقال المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام للإخوان المسلمين و32 من قيادات الجماعة، بالرغم من صدور حكم قضائي بالإفراج عنهم، وفي هذا الصدد قالت سارة ليا ويتسن - مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومان رايتس ووتش : "يظهر من إعادة القبض على هؤلاء الرجال بعد دقائق من إعلان براءتهم ازدراءٌ مطلقٌ لسيادة القانون وعدم احترام مروع للمحكمة"
وتابعت تقول بأنَّ "هذا التَّصعيد في الحملة ضد الإخوان المسلمين له تبعاتٌ مقلقةٌ لأي فرد يعمل سلميًّا من أجل التغيير" .. وقالت ويتسن: "كان من المفترض ألا يتم القبض على الشاطر وأعضاء الإخوان المسلمين الآخرين من الأساس"، وأضافت: "والآن بعد أن أقرَّت محكمة مستقلة بهذا تلجأ الحكومة إلى محكمة عسكرية لتُصدِر الحكم المنشود".
وقالت تقرير المنظمة إنَّ هذه الحملة الأخيرة تأتي ضمن حملة موسعة تشنُّها الدَّولة المصريَّة ضد الجماعة في إطار معركة الإصلاح السِّياسي الراهنة في مصر بين القوى السِّياسيَّة والوطنية، وعلى رأسها الإخوان من جهة وبين النظام السِّياسي الحاكم من جهةٍ أخرى.
وقال التقرير إنَّ هذه الحملة بدأت في ربيع العام 2006م الماضي عندما قدم الإخوان المسلمون الدَّعم للقضاة في حملتهم من أجل استقلال القضاء وإجراء انتخابات نزيهة في مصر ، وخلال الأشهر التالية اعتقلت قوات الأمن 792 عضوًا من الجماعة على الأقل، ولم توجّه الاتهامات للكثيرين منهم؛ وتسارعت وتيرة الحملة بعد مظاهرة وقعت في 10 ديسمبر احتجَّ فيها طلاب الجماعة في جامعة الأزهر على مجرى انتخابات اتحاد الطلبة بالجامعة.
ورغم إبداء الطلاب أسفهم على هذه المظاهرة والتي كانت مُجرد عرض رياضي تقليدي وتأكيد قادة الجماعة أنَّ الجماعة ليس لديها ميليشيات مسلحة، وأنَّها ملتزمة بالتغيير السلمي فقد تمَّ القبض على مئات الأعضاء منذ ذلك الحين، وفي 28 يناير الماضي أمر النائب العام المستشار عبد المجيد محمود بتجميد ممتلكات الشاطر و28 آخرين من أعضاء الإخوان المسلمين استنادًا إلى أنَّهم قاموا بـ"تمويل منظمة محظورة"!!
وفي نهاية التقرير أوردت المنظمة كشفًا كاملاً بأسماء المجموعة المُعتقلة حاليًا في الحملة الأخيرة حتى يوم 13 فبراير 2007م الحالي والبالغ عددهم 226، من بينهم الـ32 المقدمون للمحاكمة العسكريَّة من الإخوان الموجودين في مصر
تحويل الإخوان للعسكرية انتهاك للقضاء
أعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن إدانته الكاملة للخطوة التي اتخذتها السلطات مؤخرًا بإحالة 40 من العناصر القيادية لجماعة الإخوان المسلمين إلى المحاكمة العسكرية، باتهامات عدة شملت الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام الدستور، وغسيل الأموال، واستخدامها في تمويل أنشطة الجماعة الغير معترف بها ..
ويعتبر المركز أن إحالة المتهمين – وجميعهم من المدنيين – إلى المحاكمة العسكرية، تمثّل تدخلاً فجًّا من جانب السلطة التنفيذية في إدارة شئون العدالة، واستلابًا للحق الدستوري للمتهمين في المثول أمام قاضيهم الطبيعي، فضلاً عما تحمله هذه الخطوة - وما اقترن بها من إجراءات – من استهانة بالغة باستقلال القضاء والاحترام الواجب لقراراته وأحكامه.
جاءت هذه الخطوة بعد أيام قلائل من إصدار محكمة جنايات القاهرة قرارها في 29 يناير 2007 بإخلاء سبيل 16 من المتهمين، في مقدمتهم المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ، وأمرت بالإفراج عنهم فورًا من سراي المحكمة بكفالة مالية لا تتجاوز خمسمائة جنيه لكل منهم، وحددت الرابع والعشرين من فبراير الحالي موعدًا للنظر في الاستشكال المقدَّم من المتهمين في قرار النائب العام بالتحفظ على أموال 29 منهم.
وبدلاً من احترام أحكام القضاء، استخدمت وزارة الداخلية قانون الطوارئ لتتحايل على قرارات الإفراج، وذلك بإصدار أوامر اعتقال جديدة للمتهمين، أعيدوا بموجبها إلى سجن مزرعة طرة بدلاً من الإفراج عنهم. ثم جرى انتزاع المتهمين من أمام قاضيهم الطبيعي ليمثلوا أمام القضاء العسكري في جرائم لا صلة لها بالنظام العسكري.
لقد كانت ظاهرة إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية – والتي تراجعت إلى حد كبير في السنوات الأخيرة – تشكّل اعتداء جسيمًا على حقوق الإنسان ومعايير العدالة واستقلال القضاء، حيث يفتقر القضاء العسكري إلى ضمانات الحيدة والاستقلال المفترضة في القضاء الطبيعي
وحيث يحرم الماثلون أمامه من حقهم في إعادة النظر في القرارات التي تصدرها المحاكم العسكرية، والتي لا يجوز الطعن عليها أمام هيئة قضائية أعلى. ومن المؤسف أن تعود السلطات إلى إشهار سيف المحاكمات العسكرية في مواجهة الخصوم السياسيين، والتي كان آخرها المحاكمة العسكرية لعضو البرلمان طلعت السادات.
ويعتقد مركز القاهرة أن استئناف ظاهرة الإحالة للمحاكمات العسكرية يحمل في طياته إصرارًا على تغليب المعالجات البوليسية والأمنية في مواجهة الخصوم السياسيين، ويضفي مزيدًا من الشكوك حول ما ستؤول إليه التعديلات الدستورية التي يجري التخطيط لها من قِبَل الحكومة من انتكاسة خطيرة للضمانات الدستورية للعديد من الحريات الأساسية للمواطنين تحت ستار مكافحة الإرهاب.
إن مركز القاهرة إذ يؤكد مجددًا إدانته لإحالة المتهمين من جماعة الإخوان المسلمين إلى المحاكمة العسكرية، فإنه يدعو مختلف القوى السياسية والمدنية المتطلعة إلى إصلاح ديمقراطي حقيقي وجاد، لرفض حسم الصراع مع أي فصيل سياسي عبر سياسات الإقصاء الأمني أو الإجراءات والمحاكمات الاستثنائية الجائرة، وتأمين حق المتهمين في هذه القضية في المثول أمام قاضيهم الطبيعي
المصدر
- مقال: هيومان رايتس ووتش تنتقد إحالة قيادات الإخوان لمحاكماتٍ عسكريَّة موقع إخوان برس