هل نفعت الذكرى؟
بقلم : سميح القاسم/شاعر فلسطيني كبير من عرب العام 1948
قبل أيام أحيا الشعب العربي الفلسطيني الذكرى الثالثة لرحيل القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات.
وحين اتصلت بي إذاعة صوت فلسطين لأقول شيئاً في هذه الذكرى الموجعة، والمهينة، فقد كان عليّ أن أبذل جهداً لتفادي الحرج، لأن كلاماً كثيراً ينبغي أن يقال في هذه الذكرى على وجه الخصوص، فالحالة السياسية الفلسطينية الراهنة لا تسرّ الصديق ولا تغيظ العدو، ومن شأن أبي عمّار ياسر عرفات أن يتقلّب في قبره، كما يقال، غضباً على ما هو كائن وقلقاً مما قد يكون.
تحلّ هذه الذكرى، المستمرة إلى وقت طويل، عشيّة انعقاد مؤتمر الخريف في أناپوليس، ونقولها صريحة واضحة: هناك ثلاثة أمور أوليّة ينبغي أن تتحقق في هذا المؤتمر، أو هذا الاجتماع، أولها، إزالة الحواجز الإسرائيلية التي تقطّع أوصال الضفة وتشلّ حرية حركة الناس وتنكّد عيشهم، وثانيها، تنظيف المنطقة مما يسمونه المستوطنات العشوائية كخطوة على نهج تصفية الاستيطان الكولونيالي الاستفزازي، وثالثها، إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وكما قلنا فهذه أمور أوليّة لا يمكن التقدم على المسار السياسي السلمي بدون تحقيقها، وفي حال عدم الاستجابة لمثل هذه المطالب الأولية والأساسية، فسيكون على الأخ الرئيس محمود عباس أن يسلّم مفاتيح الضفة ل حركة حماس حقناً للدماء الكثيرة التي قد تسفك هناك، لا سمح الله!
نرى أنها أفكار طبيعية ومعقولة وشديدة التواضع في ذكرى رحيل ياسر عرفات المأساوي، ونرى أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ينبغي أن تُحمَّلا المسؤولية الكاملة عن كل انهيار أمني وتطوّر سلبي، لا على الساحة الفلسطينية فحسب، بل على أكثر من موقع في المنطقة وفي العالم. ملاحظة:
جاء في الأنباء أن كلفة بناء ضريح الشهيد ياسر عرفات بلغت مليوني دولار، وبقدر ما عرفته، وأزعم أنني عرفته جيداً، فقد كان يفضّل الاقتصاد في النفقات على ضريح مؤقت، لأن ضريحه المستقر لن يكون إلا بجوار قبّة الصخرة المشرّفة. هذه كانت وصيته، ولن يهدأ لنا بال إلا حين تتجسّد وصيته، صرحاً للحرية والوطنية وكرامة الإنسان. نقطة. سطر جديد.. وستنفع الذكرى!
المصدر
- مقال:هل نفعت الذكرى؟المركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات