هل طبق القضاة نصيحة فيلم "الناظر"؟

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
هل طبق القضاة نصيحة فيلم "الناظر"؟


(30/04/2017)

كتب: سيد توكل

مقدمة

طبق قضاة الانقلاب في اللحظات الفارقة من الصدام مع السفيه عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب، عادة طريفة لحيوان الأبصوم أو الفأر الجرابي، الذي يتظاهر بالموت عندما يحدق به الخطر؛ حيث يلقى بنفسه على الأرض وينفخ بطنه متوقفًا تمامًا عن التنفس ومتقمصًا هيئة الجيفة متى استشعر مخلوقًا مفترسًا يتربص به أو خطرًا باديًا في الأفق يتهدده، مراهنًا على طبيعة بعض تلك الحيوانات "كما راهن القضاة على سادية العسكر وإجرامهم"، لذلك فالقضاة ببساطة في صدام تعديلات قانون الهيئات القضائية طبقوا سلوك فأر الأبصوم "اللي بيعمل نفسه ميت!".

صرصور الحقل

غاب عن المشهد صراخ المستشار أحمد الزند ونواح المستشارة تهاني الجبالي، وخيم صمت القبور، وأعلنت محكمة النقض انعقاد جمعيتها العمومية العادية لاختيار الأعضاء الجدد بالمحكمة وتوزيع العمل الصيفي، في 23 مايو المقبل، نافية عقد جمعية عمومية طارئة لمواجهة السفيه عبدالفتاح السيسي.

صوت "صرصور الحقل" كان حاضرا.. حين أكدت المحكمة، في بيان من نوع لف وارجع تاني، عدم صحة ما يتم تداوله عن عقد جمعية عمومية غير عادية، موضحة أن رئيس المحكمة لم يدعُ لانعقاد جمعية عمومية غير عادية، كما لم يتقدم أحد من قضاة المحكمة أعضاء الجمعية بطلب لعقدها وفقا لأحكام قانون السلطة القضائية.

وكان نادي قضاة مصر ، قد دعا إلى جمعية عمومية طارئة لمحكمة النقض، يوم 2 مايو المقبل، لرفض قانون السلطة القضائية، وتعديلات طريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية، لافتًا إلى وجود توقيعات من 436 قاضيًا بالمحكمة يرفضون قانون السلطة القضائية

اعمل نفسك ميت!

وهكذا سكن القضاة في أماكنهم وحبسوا أنفاسهم ولم يحركوا ساكنا حتى تمر بيادات العسكر فوق "روب الشامخ"، فيما ملؤوا الدنيا صراخا وعويلا إلى حد الاستقواء بأمريكا أيام الرئيس المنتخب محمد مرسي، ولعل القضاة نفذوا تلك الحيلة من الإفيه الشهير للمرحوم علاء ولى الدين، أثناء تلقيه الضربات الثقيلة من بعض شريري فيلم "الناظر" مفتولي العضلات، فيقول لرفيقه أحمد حلمي بصوت مرتعش: "اعمل نفسك ميت.. اعمل نفسك ميت".

وبعد مهزلة قانون السلطة القضائية لم تعد قاعدة "اعمل نفسك ميت" مجرد إفيه ضاحك فى فيلم كوميدى نفذه القضاة، أو سخرية عابرة من عدم قدرتهم على مواجهة جشعهم واستغلال مناصبهم ووقوفهم مع الباطل، ولكنها صارت أصلا ومنهجا متبعا يعيش مؤيدو العسكر على أساسه ويحيون في ظلاله..نمط المتماوتين. أولئك الذين يحلو لهم صمت القبور، حين يلزم الكلام ويروق لهم رقود الموتى وسكون المتوفين، حين يستلزم الأمر بيانا أو يتعين عليهم صدعا وبلاغا بالحق في وجه جنرال دموي يقتل المصريين بدم بارد.

"اعمل نفسك ميت" إذن هو شعار قضاة الانقلاب، الذين أعمى جنرال 30 يونيو أعينهم بالغنائم عن رؤية الدماء في رابعة والنهضة، وهو خيار كل منحازا بعيدا عن الإنصاف والتجرد، حين يصدر ممن يتعصب له أو لهم نفس الخلل أو الخطأ، الذي طالما ملأ الأرض صياحا واعتراضا من قبل لما رآه في غيره.

مع السيسي نعامة!

"اعمل نفسك ميت" هو خيار كل متناقض كان يتسلى بالصياح الباطل في وجه رئيس مدني منتخب هو الدكتور محمد مرسي، قد أمن عقوبته واستغل الديمقراطية والحريات والحقوق فاستأسد وأرغى وأزبد، فلما بدت الضراء وتكشفت البأساء بعد انقلاب السفيه السيسي خنس وكتم صوته وقصف قلمه وابتلع لسانه، ولم يستطع استعماله في الجهر بالحق حين صار للحق ثمن وحين أصبح الصدع به مكلفا.

إن أزمة قانون الهيئات القضائية يضع علي القضاة مسئولية أخلاقية، خصوصا حين يجبن عن مثلهم مع وجود المبررات نفسها فقط، لأنهم خائفون والخوف شعور إنساني منه ما هو فطري فليس كل خوف جبن، وليس كل خائف جبانا رعديدا، الخوف شعور معتبر، لكنه إن عطل مروءة الإنسان، وأكسبه جبن الضباع أمام عسكر الانقلاب، جنبا إلى جنب مع خستها ودناءة صنيعها مع الثورة، فحينئذ لا يكون الخوف معتبرا ولا مقدرا.

حين يكسر الخوف الهمة ويخرس اللسان ويقمع الصوت، يكون ذلك هو الجبن والخور، هنا يبرز الشعار مجددا "اعمل نفسك ميت".

المصدر