هل أصبح الصحفيون "من أهل الشر" لدى السيسي؟
بكار النوبي
(05/05/2016)
محتويات
مقدمة
لا تزال أزمة نقابة الصحفيين تلقي بظلالها على الساحتين المحلية والدولية، وتحظى باهتمام كبير من وسائل الإعلام الدولية، خصوصا مع تفاقم الأزمة؛ بسبب عناد سلطة الانقلاب ومكابرة أجهزتها الأمنية، واستنكافها عن التراجع أو الاعتذار عن ممارساتها المشينة وغير المسؤولة. اللافت أن عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب، تجاهل الأزمة تماما في خطابه، اليوم، بمناسبة تدشين مشروع حصاد القمح.. فماذا يعني تجاهله وعدم اكتراثه بالأزمة؟.
الرضا والقبول بممارسات الداخلية
وكيل مجلس نقابة الصحفيين خالد البلشى يرى أن تجاهل السيسى لأزمة نقابة الصحفيين مع وزارة الداخلية خلال خطابه، اليوم، هو تأكيد عدم اكتراثه بأزمة اقتحام قوات الأمن مقر نقابة الصحفيين. وأكد البلشى- في تصريحات صحفية- أن هذا التجاهل هو إعلان بشكل واضح عن قبول أو رضا بشكل ما عما جرى من اقتحام لنقابة الصحفيين، مع التجاهل التام للحصار المفروض على النقابة، وللجمعية العمومية للصحفيين التى طالبت السيسي بالاعتذار.
وأشار إلى أن تجاهل السيسى يؤكد أنه لا يكترث، وعدم الاكتراث أخطر من أن يكون هناك مسؤول، والمسؤولية تعنى أنه بحكم منصبه عليه أن يستمع للمطالبات التى توجه له، وتجاهل المطالبات هو تجاهل لمطلب شعبى، ومطلب جماعة كاملة من الصحفيين، كما يعنى رضاه عن ممارسات أجهزته الأمنية عما جرى، بحسب قوله.
وقال عضو مجلس النقابة:
- "نحن أمام نظام ما زال يصر على نفس النهج الذى يستعين بالأمن بشكل كامل، وما جرى من تجاوزات للأمن وبلطجة مورست على نقابة الصحفيين، كان يقتضي من "الرئيس" كمسؤول رسمي أن يرد على صراخ جماعة الصحفيين، وهي إحدى الجماعات المهمة في المجتمع المصرى"، وتابع: "اجتماع مجلس نقابة الصحفيين سيناقش إجراءات تنفيذ قرارات الجمعية العمومية".
الخوف من حرية الإعلام
الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، اعتبر- في تصريحات صحفية- أن تجاهل السيسي أزمة الصحفيين يعكس فساد التصور، حيث يرى السيسي أن المشروعات التنموية تكفي وحدها لبناء الدولة، هذا في حال نجاحها، ولكن ذلك يعكس عدم إدراك بأن الحرية هي العامل الأساسي لتحقيق التوازن، مؤكدا أن من يبني حقا لا يخشى من حرية الصحافة والإعلام.
أما الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية والقيادي بجبهة الإنقاذ سابقا، فيرى أن تجاهل السيسي أزمة الصحفيين يعد بمثابة الضوء الأخضر لرجال الشرطة من أجل ارتكاب مزيد من الانتهاكات، مضيفا: "السيسي يتصور أنه حصل على التفويض، وأن المفوضين قد ماتوا". الدكتور سامي عبد العزيز، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، يفسر الأمر على أن السيسي لم يقم ببلورة رؤية أو نظرية يبني عليها سياسته حول الأزمة، وأنه يترقب تطورات الأحداث حتى يصل إلى نقطة يكون فيها أقوى.
وخرج اجتماع عمومية الصحفيين بعدة مطالب، أبرزها إقالة وزير الداخلية، واعتذار رئيس الجمهورية عن إهانة الصحفيين، وتثبيت لوجو موحد "لا لحظر النشر"، وتسويد الصحف يوم الأحد، وشارات سوداء على جميع المواقع، وتكون افتتاحية الصحف يوم الخميس والجمعة بمقالات تطالب بإقالة وزير الداخلية.
عدم اكتراث بالمجتمع المدني
وبحسب مراقبين، فإن تجاهل السيسي للأزمة يعكس حالة من عدم الاكتراث بالمجتمع المدني، وهو ما تمثل في مشاهد سابقة عززت من هذا الاتهام، ومنها ما حدث مع نقابة الأطباء، وتجاهله التام لمطالبهم العادلة بمحاكمة أمناء الشرطة الذين اعتدوا على أطباء مستشفى المطرية، كما أن خنق المجال السياسي أضعف الحياة الحزبية، وجعل الأحزاب مجرد ديكور بلا روح ولا معنى، بعكس ما كانت عليه قبل انقلاب 30 يونيو 2013م.
ومع تجاهل السيسي لأبرز النقابات المهنية، وهي نقابة الصحفيين، وعدم اكتراثه باقتحام قطعان الشرطة لها، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن السيسي لا يفهم معنى المجتمع المدني ولا الدولة المدنية، ويتعامل مع الجميع باعتبارهم جنودا في وحدة عسكرية، عليهم أن يطيعوا الأوامر بلا تردد أو نقاش!".
الصحفيون في زمرة أهل الشر
ويرى مراقبون أن تكرار السيسي عبارة "ما بخفش" 9 مرات في خطاب مدته 37 دقيقة، يعكس حالة من عدم التوازن، يحاول جاهدا أن يخفيها بعبارات قوية وثبات مفتعل، وأن هذه العبارة موجهة في جوهرها إلى أهل الشر، وفيما يبدو من تجاهل السيسي لأزمة الصحفيين أنه وضع النقابة في زمرة أهل الشر الذين يحاربونه ويناصبونه العداء، ويرجون سقوطه بين عشية أو ضحاها.
المصدر
- تقرير: هل أصبح الصحفيون "من أهل الشر" لدى السيسي؟ موقع بوابة الحرية والعدالة