هكذا يتغير العالم

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
هكذا يتغير العالم

06-06-2010

بقلم: م. محمد سيف الدولة

طرأت حالة تغير كبيرة على معنوياتنا ومواقفنا جميعًا بعد الأحداث الأخيرة، انقلبنا من حالة الإحباط واليأس إلى الأمل والحماس والتسابق على المشاركة في الأسطول التالي، انقلبنا من النقيض إلى النقيض في لحظة واحدة؛ وهي اللحظة التي تلقينا فيها نبأ العدوان الصهيوني على أسطول الحرية وسقوط شهداء وجرحى.

قبل الأحداث، كاد الكثيرون أن يفقدوا الأمل في فك الحصار عن غزة وفي انفراج الأزمة، فمنذ فُرِضَ الحصار، لم تكف القوى الوطنية عن الضغط على الإدارة المصرية؛ فشكَّلت اللجان، وأطلقت القوافل، ونظَّمت الوقفات السلمية والمظاهرات الجماهيرية، ورفعت القضايا وحصلت على أحكام قضائية ضد الحكومة.

ولكن رغم كل ذلك وغيره، لم يحدث أي جديد؛ فلقد أحكم الصهاينة الحصار، وتمادى النظام المصري، فأنشأ الجدار الفولاذي، ورفض استقبال قافلة جورج جالاوي البرية، وزجَّ بأنصار فلسطين في السجون والمعتقلات، ولفَّق لهم التهم.

وأعطت باقي الأنظمة العربية ظهرها للموضوع.

وأصاب المواطن العادي الملل من متابعة هذه المسألة بلا جدوى.

وانشغلت القوى السياسية بملفات أخرى.

وكادت غزة أن تدخل في بحر النسيان.

وظهر الأمر وكأن الحصار سيدوم إلى الأبد، وأنه لا أمل.

وفجأة يقرر بضعة أشخاص من شتى بقاع الأرض، أن يقتحموا الحصار ويواجهوا الصهاينة.

قرروا ذلك وهم عُزَل من أي سلاح سوى مبادئهم وعقائدهم، وغضبهم ضد الظلم، وشجاعتهم البالغة.

فتقدموا الصفوف، لم يستأذنوا أحدًا، لم يستجدوا حقوقهم، لم يحسبوا العواقب؛ فنجحوا في تحقيق إنجاز لم تحققه مئات الحركات والمبادرات السابقة الحذرة المحتاطة، المرنة، المُسايِسة، ونجحوا في فضح الأشرار الصهاينة أمام العالم أجمع.

وفي إرغام الإدارة المصرية على فتح المعبر ولو إلى حين.

وقدموا دماءهم الشريفة الطاهرة ثمنًا لذلك.

ولكن الأهم من كل ذلك، نجاحهم في إطلاق القوة الكامنة العميقة داخل الشعوب؛ ففي لحظة، استيقظ الجميع، وقرروا مواصلة الاشتباك مع العدو.

ليست هذه هي المرة الأولى ولن تكون الأخيرة.

حدث ذلك من قبل مع الحرب على غزة، ومع حرب لبنان وانتفاضة الأقصى والعمليات الاستشهادية وانتفاضة الحجارة وغيرها الكثير.

وما زلنا جميعًا نتذكر مشهد محمد الدرة، وكيف فجَّر حينها غضبة شعبية هائلة على امتداد الوطن العربي والعالم، امتدت آثارها لسنوات تالية.

إن هذه الطاقة الكامنة داخل كل الشعوب تمثِّل قوة حقيقية موجودة وقائمة؛ ولكنها غير مرئية، لا يراها المعتدون والظالمون، ولا ترصدها أجهزتهم الأمنية والاستخبارية، وإن فعلت، فهي لا تتمكن من حسابها وقياسها وتقدير حجمها ودرجة خطورتها.

وهي قوة مصدرها الشعور المتراكم بالظلم والقهر على أيدي الأعداء الخارجين والداخليين، ويغذيها ويبلورها العمل الدءوب طويل النفس، من قبل النخبة والدعاة من القوى الوطنية، والسياسية على امتداد عقود طويلة.

  • ولكنها مع ذلك تظل كامنة، فإن نجحنا في إخراجها وتفجيرها؛ فإننا لا يمكن أن ننهزم أبدًا، وهي لا تظهر إلا في الأزمات الكبرى، أو كرد فعل على الاعتداءات بالغة القسوة والإجرام غير المتناهي، أو تأثرًا بالبطولات بالغة الشجاعة، كما إنها لا تدوم إلا بمواصلة الفداء والتضحية والاستشهاد.

  • Seif_eldawla@hotmail.com

المصدر