نواب الشعب في وداع الشيخ ماهر عقل

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
نواب الشعب في وداع الشيخماهر عقل

كتبت- مروة مصطفى

مقدمة

الشيخ ماهر عقل

- آخر مواقفه دفاعه عن دور العبادة وحقوق الطفل - كان مقررًا له السفر للإمارات لجمع تبرعات لبناء مسجد

الشيخ الفقيد المرحوم ماهر عقل عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين عن دائرة كفر صقر بمحافظة الشرقية، تُوفي يوم الجمعة 4 أبريل إثر تأثره بحادثٍ أليم، وحظي الشيخ بحب الجماهير في دائرته لوجوده الفعَّال بينهم، وتودده إليهم وتفانيه في خدمة الصغير قبل الكبير، انطبق عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ للّه عبادًا اختصهم لنفسه لقضاء حوائج الناس وآلى على نفسه أن لا يعذبهم بالنار فإذا كان يوم القيامة أجلسوا على منابر من نور يتحادثون إليه والناس في الحساب" (رواه الطبراني).

ووضع الله له القبول في أهل الأرض وكأنَّ ذلك بأمرٍ إلهي، وجعل الله له من البحر طريقًا ومن العدو صديقًا، كان صوَّامًا قوامًا حافظًا للقرآن مجاهدًا جوهره ومظهره لا يختلفان على وجهه نورًا خارجًا من نقاء سريرته كما وصفه محبوه، ولا يخاف في الله لومة لائم، يجاهد من أجل نصرة لا إله إلا الله، يتمتع بموهبة الاختلاف مع الآخر، وكانت فلسفته "اكسب قلبًا ولا تكسب موقفًا"، صدق فيه قول العوام "السيرة أطول من العمر"، فها هي سيرته تفوح من قبره لتملأ الدنيا عبقًا.

"إخوان أون لاين" يرصد في السطور التالية مواقف للشيخ ماهر عقل- رحمه الله- في عيون أصدقائه وزملائه بمجلس الشعب المصري.

في البداية أشاد النائب علاء حسنين أمين اللجنة الدينية بمجلس الشعب بالشيخ عقل، وقال إنه كان نائبًا معتدلاً بالمقارنة بغيره من نواب المعارضة وفي الوقت نفسه كان بسيطًا متواضعًا، تبحث عن الحق فتجده دائمًا بجانبه لا يحمل بغضًا ولا عداءً لأحد في المجلس، وكان د. فتحي سرور- رئيس مجلس الشعب- يلقبه بالشيخ الوقور، وكان يقول دائمًا "الشيخ عقل اسم على مسمى".

وأوضح أن الشيخ عقل كانت له بصمات في معظم القوانين التي تدخل ضمن اختصاص لجنة الشئون الدينية بالمجلس أبرزها قانون منع المظاهرات في المساجد، ومناقشة مشروع صندوق الزكاة الكويتي لإعادة بناء المساجد التي تحتاج إلى أعمال إصلاح وترميم.

داعية أمريكا الشمالية

ووصفه الشيخ سيد عسكر عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بأنه "داعية أمريكا الشمالية"، مشيرًا إلى أنه من العلماء الأفاضل الذين أسهموا في مجال الدعوة بين الجاليات الإسلامية في الدول الأوروبية بصفةٍ عامة، وبصفةٍ خاصة للجاليات الإسلامية في أمريكا الشمالية.

وأوضح أن الفقيد الراحل للعام الثالث على وجوده في المجلس يشيد الجميع بنشاطه الواضح، والبارز ليس في لجنة الشئون الدينية فحسب، ولكن من خلال مشاركاته في بعض اللجان الأخرى مثل لجنة التعليم والصحة والاقتراحات والشكاوى والدفاع والأمن القومي وحقوق الإنسان كلما أُتيحت له الفرصة لذلك.

وأكد أنه كان يحظى بحب الجميع لتمتعه بمميزات شخصية منها النقاء والسماحة ويتقبل النصح من الآخرين، مشيرًا إلى أن الكبر لا يعرف له طريقًا، وأن الله وضع له القبول في الأرض فأحبه أهلها.

كان محبوبًا

وبكل الحب رثاه صديقه الحميم مؤمن زعرور عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين عن دائرة التلين بالشرقية، الذي بدأ حديثه غاضبًا قائلاً: وقال إنه لم يكرم بعد موته كما يستحق أن يكرم عالم مجاهد حاملاً للقرآن الكريم في مكانته ومنزلته، واستنكر تغيب رئيس المجلس عن حضور سرادق العزاء الذي أُقيم لتلقي العزاء في الفقيد الشيخ عقل .

واستعاد معنا زعرور ذكرياته مع الشيخ الفقيد الذي لازمه طوال 15 عامًا ماضية، ووصف وفاته بوفاة سنده وملجأه الذي طالما كان يأخذ بيده في كل الأمور، وتعلَّم منه حب الناس الذي حظي به الشيخ عقل، فكان محبوبًا من كل الوزراء والنواب حتى في خلافه مع أحد النواب- رفض ذكر اسمه- لم يكن فظًّا أو عنيفًا حتى إن هذا النائب حضر لتقديم العزاء في السرادق يوم الوفاة فهمس في أذنيه ليسأله هل سامحَ الشيخَ أم لا؟ فأجابه النائب أتمنى أن يكون الشيخ هو الذي سامحني وانهمرا سويًّا في البكاء.

وأضاف زعرور أن الشيخ عقل - رحمه الله- كان مقررًا سفره إلى دولة الإمارات لجمع تبرعات من محبيه بالإمارات لبناء مسجد جديد لم يتح له القدر بناء هذا المسجد في الدنيا، ونبتهل إلى الله أن يبدله خيرًا منه في الآخرة.

رسَّام البسمة

خطأ في إنشاء صورة مصغرة: الملف مفقود
جنازة الشيخ ماهر عقل

وأكد د. أحمد توفيق الخولاني عضو الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين ونائب دائرة باب شرق ببور سعيد أن الشيخ عقل كان البسمة التي ترتسم على شفاهنا؛

حيث كان خفيف الظل يحب أن يُسعدنا دائمًا بتعليقاته الطريفة وروحه تشبه روح شابٍ متفاءلٍ يحب الحياة.

وقال: أذكر أننا كنا نبحث عنه قبيل فجر الحادث بحوالي ساعة لندعوه لتناول طعام السحور فوجدناه يُصلي قيام الليل وفضَّله على تناول السحور، واتصل بأهله وأخبرهم أنه سيتناول معهم الإفطار، ولكنه لم يستطع إذ تُوفي في حادثٍ وهو في طريقه إلى قريته.

وأضاف أن الشيخ كعادته كان يؤمهم في الصلاة ويُطيل في الدعاء، ولكن د. الخولاني كان يطلب التخفيف لظروفه الصحية، إلا أنه في يوم الحادث- والكلام لـ د. الخولاني- كان الدعاء بردًا وسلامًا ولم يشعر بطوله وكأنَّ هذا الدعاء كان وداعًا لإخوانه.

ويستكمل د. الخولاني قائلاً: لم يكن هذا التصرف الوحيد الذي أشعرهم بوداع الشيخ عقل ولكنه على غير عادته تحدَّث في المجلس أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس عن "أزمة العيش" وقانون البناء الموحَّد.

وأخبرنا عن تاريخه الدعوي الذي تمرَّس فيه منذ أن كان خطيبًا في مصلحة السجون وفي الإعداد المعنوي للجنود المصريين قبل حرب أكتوبر 73 ودوره البارز في إعلاء همم الجنود ورفع روحهم المعنوية؛ حيث أتت دعوته بثمارها وتحقق على يديه النصر.

نصير الحق

أما د. فريد إسماعيل عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين عن دائرة فاقوس بمحافظة الشرقية فوصف الشيخ عقل قائلاً: "كان كالأب والأخ الأكبر الذي نلقي في صدره مشاكلنا، ونطلب منه المشورة في بعض أمور المجلس، بالإضافةِ إلى أنه كان عالمًا من العلماء الأجلاء ومجاهدًا شجاعًا لا يخشى في الله لومة لائم، تاريخه العريق يشهد بأنه كان لا يتوانى في قول كلمة الحق عند كل سلطان جائر.

وأشاد د. إسماعيل بدوره البارز في التنقل بين المساجين في سجون مصر ليشجعهم على التوبة والأوبة إلى الله، وكان يتمتع بشعبيةٍ كبيرةٍ في الولايات المتحدة الأمريكية حتى إنهم صلوا عليه صلاة الغائب يوم وفاته.

وذكر د. إسماعيل أن آخر مواقفه المشرفة في المجلس هو دفاعه عن دور العبادة من القوانين التي قد تلغي هذا الدور، وموقفه البارز في الاعتراض على بعض المواد في قانون الطفل التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وكذلك موقفه الإيجابي في قانون الطوارئ وقانون السلطة القضائية، وكان دءوبًا في المطالبة بحقوق العمال والوقوف ضد الغلاء.

وانتقل بنا د. إسماعيل إلى محافظة الشرقية؛ حيث دائرة الشيخ عقل التي لم يتوانَ لحظةً واحدةً في خدمة الصغير أو الكبير، والتي كان أبرزها مجهوده من أجل إعداد طريق (أبو كبير- السنبلاوين) ليصبح طريقًا مزدوجًا من أجل تفادي حوادث الطرق.

نموذج برلماني

ومن جانبه رأى صابر أبو الفتوح عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين عن محافظة الإسكندرية أن الشيخ عقل كان مثالاً للبرلماني المسلم، فكان رجلاً أزهريًّا جوهرًا ومظهرًا بكل معاني الكلمة، وكان شغوفًا بالعلوم الشرعية، وفي الوقت نفسه لم تخرج العلوم السياسية عن بؤرة اهتمامه ليثبت بذلك أن السياسة هي الدين وأن الدين لا ينفصل عن السياسة.

وأشاد صابر بوقفته الصامدة ليحاج في اللجنة عن موضوع الختان وقانون الطفل؛ حيث تناولهما الشيخ بثورةٍ عارمةٍ لتعارضهما مع الشريعة الإسلامية.

غضبته لله

واحتسبه عند الله الشيخ محمد عبد الرحمن عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين عن دائرة المراغة بمحافظة سوهاج وأثنى عليه ثناءً حسنًا؛ حيث وصفه بالشيخ المتفرد في أدائه البرلماني المتوازن يبحث عن أصول الموضوعات ولا يقبل الاكتفاء بفكرةٍ عابرةٍ عن أي موضوعٍ يتناوله بالمناقشة.

وأضاف أن الشيخَ عقل كان يتمتع بصفاتٍ أجبرت البرلمان على احترامه فكان بعيدًا عن الاندفاع غير المحسوب فحظي بحب الجميع بدون استثناء ورغم اختلافه في الرأي مع بعض الاتجاهات، إلا أنَّ الجميعَ يعلم أن غضبته لله، وكان يحسن انتقاء ألفاظه في الاختلافِ مع الآخر ولم يكن تصادميًّا أبدًا، ينتقل من مقاعد المعارضة في محاولةٍ لتقريب وجهات النظر بينه وبينهم، فكان يتعامل بمنطق "اكسب قلبًا ولا تكسب موقفًا".

ودلل الشيخ عبد الرحمن على نبوغه اللغوي باستشارة د. فتحي سرور رئيس مجلس الشعب للشيخ عقل في مسألةِ الصياغة وتصحيح الأخطاء اللغوية.

المصدر