نكبتنا... بين الفراعنة و الصهاينة
بقلم : شاهين فوزي
(14/05/2014)
فى ذكرى مرور 66 عاماً على النكبة يبدو أن نكبتنا قد تمددت من احتلال ثلثى مساحة فلسطين الى أن باتت معظم دويلات العرب منضوية تحت أسر السيادة الصهيونية
وهو الأمر الذى بات ثابتاً فلا الصهاينة يتحرجون من إعلانه ولا حلفاؤهم العرب يخشون من إفتضاحه بعد أن صارت الشراكة علنية فى الحرب على المقاومة التى يتم وصمها بالارهاب .
فقد تواترت تصريحات الصهاينة بدعم الانقلاب العلمانى العسكرى وآخرها ما أكده ( باراك) في كلمته أمام معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى فى 9مايو 2014 إنه (( يتعين على الولايات المتحدة في بعض الأحيان التنازلُ عن قيم الدفاع عن الحرية والديمقراطية بهدف حماية مصالحها”، وأضاف أنه شعر بالفرح بعد أن تدخل الجيش واعتقل (الرئيس المعزول) محمد مرسي وأخرج (الرئيس المخلوع) حسنى مبارك من السجن ، و أن التحدي الأكبر الآن في مصر هو توفير الغذاء والوظائف والحفاظ على دور مصر كأحد الدعائم الرئيسية للسلام في الشرق الأوسط، وهو أمر قال إن السيسي قادر على تحقيقه ، مطالباً حلفاؤه فى واشنطن بعدم إبداء أي خلافات معه أو أى ملاحظات بصورة علنية)).
وهكذا فبمضى ثلاثة عقود على (كامب ديفيد) انتقل النظام من خانة عقد الاتفاقات السرية فى الخفاء الى خانة المجاهرة بالاتفاقات الأمنية المخابراتية مع الصهاينة ضد المقاومة فى غزة بل والسماح بتوغل الطائرات الصهيونية لقتل المصريين فى قلب سيناء ،و صار عسكر (كامب ديفيد) يستخدمون أبواقهم الإعلامية المأجورة للتأكيد على توحد المصالح بين مصر و اسرائيل و أنهما معاً يحاربان الارهاب وأن حماس و الإخوان هما الخطر الحقيقى على مصر وعلى المنطقة العربية بأسرها !!!
إن التعامل مع الانقلاب العلمانى العسكرى ينبغى أن يتم باعتباره ذراعاً طويلاً للاحتلال الصهيونى ، وبالتالى فان ما يجرى فى مصر من مسرحيات هزلية يسمونها ( انتخابات) لا تعدو المنافسة بين ( العمل ) و ( الليكود) أى أنها بين جناحين قد يختلفان فى التكتيك ، لكنهما يتوحدان فى الاستراتيجية ، وهى التعاون الأمنى مع اسرائيل ، وخنق غزة و استئصال التيار الاسلامى المقاوم من مصر ومن باقى بلدان العرب. السيسى اذاً فرعون جديد يستخدم الاعلام والقضاء لسفك دم مقاومى الانقلاب ، لكنه ينتمى لسلالة الفراعنة الجدد وهم فراعنة على شعوبهم لكنهم خداماً مخلصين للصهاينة
إن النكبة الحقيقية تكمن فى تمييع المعركة بدعوى أن السيسى والعسكر حكاماً متغلبين ، بينما هم طغاة بغاة يسفكون دماء المصريين و يعتدون على الحرائر و يعلنون ولائهم الصفيق لأعداء الأمة وبرائهم الصريح من المنهج الاسلامى و يؤكدون على حربهم على الفكر والتنظيم الاسلامى من منطلق علماني فج بدعوى أنهم يقبلون إسلام الفرد لكنهم يرفضون اسلام الدولة!!
يبدو استئصال الاسلاميين وهماً زائفاً فى ظل الخلفية الاسلامية الراسخة فى وجدان الأمة و لذلك مثالين واضحين أولهما هو الصحوة الاسلامية التى اجتاحت مصر اوائل السبعينيات واستمرت جذوتها حتى الان رغم أن طاغية الستينيات أعلنها صريحة فى خطاباته 1965( كما يتوهم السيسى الآن ) أن الإخوان المسلمين قد تم القضاء عليهم للأبد !!
والثانى هو الطاغية حافظ الأسد الذى سفك دماء عشرات الآلاف فى مذابح أبرزها تدمير حماة فى 1982 ، وظل اعلام البعث يتغنى بالقضاء على الرجعية ، ثم أفاقوا على كابوس ثورة كبرى يقودها اسلاميون أشد بأساً من رجال الثمانينيات.
ليس فى الأمر ثمة لبس فى المعركة الدائرة فى مصر الآن فالانقلاب العسكرى العلمانى فى مصر هو رأس حربة الغارة الصهيونية المرتكزة على الدعم الخليجى مستهدفة بالأساس التيارات الاسلامية التى برزت كجسم رئيسى محرك للثورات العربية و داعم للمقاومة الفلسطينية و حاصد للاستحقاقات الديمقراطية فى آن واحد ، و لقد تخطى العداء للمنهج الاسلامى والولاء للمشروع الصهيونى كل الحدود ، لذا فان خروج بعض الشيوخ علناً ليتحدثوا عن فتنة أو عن ( لماذا صمت ؟) لا يعدو كونه دعماً سلبياً للطغيان يؤازر ما يقدمه قادة حزب النور والدعوة السكندرية من جهود مخلصة لخدمة مشروعهم الممول لتدجين المسلمين تحت رايات البغاة تحت دعاوى بائسة كحرمة الخروج على الحاكم الصهيونى المتغلب و كرغبتهم فى حفظ دمائهم مع إهدار دماء كل من يدفع عن الأمة هذه النكبة بل واتهام قادة التيار الاسلامى المقاوم بهدر تلك الدماء المعصومة طبقاً للمبدأ التاريخى للمنافقين ((قتله من أخرجه)).
إن كل ما يستخدمه إعلام المخابرات من حشد زائف تهليلاً و رقصاً لإشاعة وجود شعبية لقائد الانقلاب الدموى لن يغير من الحقيقة شيئاً كما لم تنجح 30 عاماً من إعلام التطبيع مع الصهاينة فى أن تغير كثيراً من عمق العداء المتأصل لدى الأمة تجاه الصهاينة ، وكذا فان الملايين من المصريين من حملة المشروع الاسلامى ومن طلاب [[الحرية]] لن يجدى معهم إعلام الفسدة شيئاً وسيظل قائد الانقلاب لدى الكبار والصغار محض مجرم سفاح ارتكب من المجازر ما لم تبتلى به مصر عبر تاريخها الحديث ، ويبدو أن الشاعر كان يتحدث عن أمثال هذا السفاح حين قال:
غَفَتِ الحَرائِقُ،
أَسْبَلَتْ أَجفانَها سُحُبُ الدُّخان
و له الجَواري السائِراتُ بِكُلِّ حان
و له القيان،
و لَهُ الإِذاعةُ، دَجَّنَ الِمذياعَ لَقَّنَهُ البَيان
فَبِأَيِّ آلاءِ الوُلاةِ تُكَذِّبان
مَن ماتَ مات،
و مَن نَجى سَيَموتُ في البَلدِ الجَديدِ مِن الهَوان
في الفَخِّ تَلهَثُ فأرَتان
تَتَطَلَّعانِ إلى الخلاصِ على يَدِ القِطَطِ السِمان
فَبِأَيِّ آلاءِ الوُلاةِ تُكَذِّبان
خُلِقَ المُواطِنُ مُجرِماً حتى يُدان
و الحَقُّ لَيسَ لَه لِسان
و العدلُ لَيسَ له يَدان
و السَّيفُ يُمسِكُهُ جَبان
في كُلِّ شِبرٍ مِن دَمٍ،
سَيُذابُ كُرِسيٌّ و يَسقُطُ بَهلَوان
فَبِأيِّ آلاءِ الشُّعوبِ تُكَذِبان.
@shahinfawzy
المصدر
- مقال:نكبتنا... بين الفراعنة و الصهاينة موقع:نافذة مصر