نعم نحن نقدر..Yes we can
Yes we can .. نعم نحن نقدر
- بقلم / د. عصام العريان
محتويات
حديث أوباما
استمعت مع الملايين حول العالم لخطبة الفوز والنصر التي ألقاها باراك حسين أوباما الرئيس الأمريكي الجديد المنتخب، وتحوَّلت من الـ(CNN) إلى (الجزيرة)، ثم استقرَّ بي المقام إلى الـ(CNN) لأستمع إليه بلغته الأصلية التي يعبِّر بها عن نفسه، وهزَّتني من الأعماق لغته السلسة وعباراته القوية وكاريزميته الطاعنة وسلوكه التمثيلي التبشيري وهو يشير بأصابعه ويده إلى بعض الأفراد، ولم أكن وحدي الذي تأثر، بل رأيت الدموع في عيون الكثيرين من الآلاف الذين استمعوا لذلك الشاب الذي حقَّق حلمًا عزيزَ المنال في بلد عنصري كان البيض من عصابات "كوكلوكس كلان" يقتلون فيه السود منذ 40 سنة فقط، وكانت المطاعم تمتنع عن قبول دخول السود والكلاب.
بالفعل.. كان يصنع التاريخ في تلك اللحظة الفارقة التي قد يكون لها ما بعدها، وقد تمر كلحظةٍ عابرةٍ مضيئةٍ أو شهابٍ لمع في سماء داكنة، ثم تعود الأمور إلى سياقها السابق، وتجري على الأمة الأمريكية ما جرى على الأمم من قبلها فتصبح أثرًا بعد عين أو تنضم إلى قائمة الإمبراطوريات السابقة، مثل السوفيتية، والبريطانية، والفرنسية، والنمساوية، والعثمانية.. إلخ.
وهذا هو المتوقَّع نظرًا لحجم التحديات التي تواجه الشاب قليل الخبرة باراك أوباما الذي حطَّم الكثير من "التابوهات" أو المحرَّمات في المجتمع الأمريكي، وجاء من خارج المؤسسة الحاكمة أو البيوتات السياسية الكبرى، وحتى لو ساعدته المؤسسة فلا بد أن تعترف أمريكا كلها بدون انقسام بالأخطاء الكارثية التي بدأت مع عهد "ريجان"، والتي أدت إلى السقوط الذريع مع نهاية عهد بوش الابن، والتي كان من أسسها.
1-حرية السوق المطلق
2-الليبرالية المتوحشة في الاقتصاد.
3-المحافظة التقليدية في الأسرة والمجتمع، وهو أمر حسن.
4-السباق المحموم في التسلح (حرب الكواكب).
5-القيادات المنفردة للعالم واحتقار الحلفاء والأصدقاء.
6-الحلول العسكرية بدلاً من الحلول السياسية والدبلوماسية
لقد ساعدت عوامل كثيرة على النجاح المذهل لباراك أوباما، ولكن الضربة القاضية كانت هي الإعصار المدمِّر الذي أصاب أسواق المال، والذي ما زال مستمرًّا حتى يومنا هذا ويهدِّد مستقبل أوباما نفسه.
اعترف أوباما بالتحديات التي تواجهه وصعوبتها، وطالب بولايةٍ ثانيةٍ قبل أن تبدأ ولايته الأولى، وحاول رأب الصدع الذي أصاب وما زال يؤثر في المجتمع الأمريكي، ودعا الجميع إلى مساندته وإلى العمل بجد، وتساءل في نهاية خطابه بلهجة خطابية مؤثرة عدة أسئلة كانت إجابة الحشد الأمثل عليها معه: "نعم نحن نقدر" (Yes, we can)، ولكن هل يستمر هذا الإصرار مع توالي الأيام وكرِّ الليل والنهار وشدة المؤامرات من الداخل والخارج.
لقد ألهب نجاح أوباما خيال الملايين حول العالم وحرَّك مشاعرهم وأعاد إليهم طعم النجاح من جديد بعد ثماني سنوات عجاف لإدارة أمريكية يمينية متعصبة بشكلها (التحالف الشيطاني بين المحافظين الجدد واليمين المسيحي)، فإذا كان باراك أوباما استطاع بمساعدة الشعب الأمريكي العازف أساسًا عن السياسة والتصويت هزيمة تلك المؤسسة الحاكمة والقابضة على مفاصل أقوى دولة في العالم، فإننا أيضًا نقدر على التغيير بعون الله وتأييده أولاً وآخرًا، ثم بإرادتنا الحرة القوية التي لا يتطرَّق إليها ضعفٌ أو خورٌ، وبوفائنا لعهدنا مع الله عز وجل الذي لا يعدو عليه تلونٌ ولا عذرٌ، وبتضحياتنا المستمرة التي لا تنقطع ولا يحول بيننا وبينها طمع ولا بخل، وبمعرفتنا بمبدئنا الثابت وحملنا لدعوتنا الهادية السامية وإعلائنا لديننا السمح الحنيف، الذي يدعو إلى الحق والخير والسلام.
نعم.. بكل ذلك وبتأييد ملايين المسلمين والمسيحيين وشعوب الجنوب قاطبةً الذين يبحثون عن مخرج وعن ملجأ وعن منقذ، نقول لهم حالاً وقولاً وعملاً: إن الإسلام هو الحل.. الإسلام الذي يدعو إلى التسامح والتعايش والسلام العالمي، ويعمل أتباعه وفق تعاليمه فيقدمون معاليَ الأمور على صغائرها، ويعتبرون مقاصد الإسلام العليا على الغرق في الجزئيات والتفاصيل، ويعملون من أجل وحدة العالم الإسلامي لتكون مقدمة لوحدة إنسانية عامة تحترم كرامة الإنسان الذي خلقه الله بيديه وأسجد له ملائكته بعد أن نفخ فيه روحه وكلَّفه بعمارة الأرض وَفق منهجه السماوي، وتحترم التنوع البشري في العقائد والثقافات والميول.
إن العالم يبحث الآن عن منقذ بعد الأزمة المالية العاصفة التي ستدمِّر الاقتصاد العالمي كله الذي دخل بالفعل في ركود، في بريطانيا وآسيا، ثم سينتقل إلى أوروبا وينتهي بأمريكا، ونحن أمام مسئولية تاريخية، فهل نقدر على تقديم الحل الإسلامي للعالم كله؟!
لا تعوِّلوا على جهود أوباما ليحقِّق لكم أمانيَكم، ولا تنتظروا منه الكثير بالنسبة لقضاياكم ومشاكلكم؛ سواءٌ أكانت تتمثَّل في إنهاء الاستبداد والطغيان أم حل القضية الفلسطينية أم الخروج من العراق ليتعافى هذا القطر الشقيق من جديد، ولكن تعلَّموا منه الدرس التاريخي بجهودنا نحن وبقدراتنا المتواضعة وبإرادتنا القوية وعزيمتنا التي لا تَهِنُ، وبإصرارنا الذي لا يلين، نستطيع أن نقول كما قال أوباما وهتف الحشد خلفه: "نعم.. نحن نقدر" (Yes, we can)، ونستطيع أن نغيِّر ونتغيَّر.
لقد كان أول اختيار أوباما لرئيس موظفي البيت الأبيض الذي يسمونه حارس البوابة، والذي يمتلك أذن الرئيس ويحدد له ما يقرأ ومن يلتقي، رسالةً واضحةً إلى العرب والفلسطينيين.
لقد اختار "رام إيمانويل" الأمريكي الصهيوني ذا الحشية المزدوجة، الذي خدم الجيش الصهيوني، والابن البار لأبيه أحد قادة عصابة "أرجون" التي دمَّرت فندق الملك داود عام 1964م لتقتل الوسيط الدولي "برناددت" والتي وصفتها وحاكمتها الحكومة البريطانية كعصابة إرهابية، والصديق الوفي للكيان الصهيوني، الذي نقلت وكالات الأنباء انتقاده لإدارة بوش الراحلة بسبب إصرارها على إجراء انتخابات حرة في الأرض الفلسطينية بمشاركة حماس وجاءت بحماس إلى السلطة رغم عدم تخليها عن المقاومة، والتي سمَّاها عنفًا وإرهابًا.
إذن.. هذا رجل حليف قوي لبلده الأصلي الكيان الصهيوني قبل بلده الذي هاجر إليه مع أسرته (أمريكا)، ولاؤه للكيان الصهيوني قبل ولائه لأمريكا؛ لا يؤمن بالحرية والانتخابات الديمقراطية أو احترام نتائجها، ضد المقاومة المشروعة للاحتلال.
أعلم أن الحكمة تقتضي أن ننتظر لنرى بقية التعيينات والاختبارات، خاصةً من سيتولون ملف الشرق الأوسط، وأن نعطيَ الرجل فرصته، مع إدراك قلة خبرته، وأن ندرك أن أولى الأولويات الآن بالنسبة له هي الأزمة المالية ورأب الصدع داخل المجتمع الأمريكي، لكن الرسالة واضحة، وهي أننا إذا كنا بمقاومتنا للمشروع الأمريكي الإمبريالي والمتحالف مع العدو الصهيوني قد أنهينا عهد بوش، بل العهد الذي بدأ مع ريجان ونكاد نكون قضَينا على الحُلْم الإمبراطوري بالانفراد بقيادة العالم، وأصبحت أمريكا مدينةً بأكثر من 12 تريليون دولار (مرة ونصف دخلها القومي)، المقاومة النفسية ضد الانهزام، والمقاومة الإيمانية ضد الانسحاق والانبهار، والمقاومة الثقافية بالحفاظ على قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا المنبثقة من ديننا وعقيدتنا، والمقاومة العسكرية في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال التي أرهقت الجيوش المتحالفة وكبدنها الهزائم المتتالية.. هذه المقاومة ساعدت على نجاح أوباما عندما أدرك الأمريكيون أنهم في مأزق وأنهم بحاجة إلى مخرج، إلى منقذ، فرأَوا في أوباما فرصتهم لالتقاط الأنفاس أو مراجعة النفس، أو لعله لإحداث التغيير الحقيقي والبدء من جديد.
نحن نقدر أن نساعد أوباما بأن نسترد حريتنا بأيدينا ونبنيَ ديمقراطيتنا بجهودنا على مقاسنا ومن ثقافتنا وعقيدتنا، ونحقق تنمية بلادنا بسواعدنا وأموالنا وعقولنا ووحدتنا، ونحمل رسالتنا إلى العالم كله من موقع المشارك لا التابع، من موقع المساند لا المنتظر، من موقع اليد العليا لا اليد السفلى، إن احترمنا أنفسنا فسنُجبر العالم كله على احترامنا، ونستطيع أن نشارك في صنع القيم إنسانية عالمية واحدة تكون لقيم الإسلام فيها الدور الأكبر بعد انهيار القيم المادية مع انهيار أسواق المال.
هل نستطيع؟.. نعم؛ حيث يقول الله تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم (الرعد: من الآية 11).
هل نقدر؟.. نعم، إذا اعتمدنا على الله وتوكلنا عليه ووحَّدنا جهودنا ومضَينا إلى الأمام دون النظر إلى الخلف، واستفدنا من عَثَراتنا وأخطائنا، والله المستعان.
فواصل
زيارة للأحباب
أي زيارةٍ نقابيةٍ للأطباء خلف الأسوار رأيت السيدة جميلة إسماعيل وهي في طريقها إلى زيارة زوجها السجين أيمن نور، وازداد إعجابي بهذه الزوجة الوفيَّة التي لم تدَّخر وسعًا ولم تَأْلُ جهدًا ولم تتوقَّف طوال الشهور والسنين عن البحث لزوجها عن مخرج لينال حريته، وطرقت كل الأبواب، ولم تيأس، وواجهت إصرار النظام على حبس زوجها واستمرار حبسه والعناد العجيب بإصرارٍ أكبر وعنادٍ أشد. رأيت كيف يتم تفتيشها والبحث في أوراقها..
جميلة إسماعيل مثالٌ سيسجِّله تاريخ مصر للوفاء والحب والتضحية وقوة الإرادة، وستصل إن شاء الله- ولو بعد حين- إلى أملها في خروج زوجها د. أيمن نور من خلف الأسوار إلى فضاء الحرية الواسع، وليس إلى مجرَّد حرية مُقيَّدة كالتي نتمتَّع نحن بها.
ألف سلامة يا د. محمد بشر
علمت من زملائنا الأطباء في الزيارة أن د. محمد بشر- الذي يعاني أصلاً من تليف كبدي ويقضي العقوبة الثانية (3 سنوات) على نفس التهمة (الانضمام للإخوان المسلمين) بعد عقوبةٍ أولى (3 سنوات كاملة)- يعاني من الآم مبرِّحة بالعضلات، ويخشى الأطباء من اللجوء إلى المسكِّنات وأدوية الروماتيزم بسبب حالة الكبد، وينتظر إجراء الفحوص الطبية لمعرفة السبب، وما أدراك ما هو الروتين السجوني لمعالجة مريض؟!
ألف سلامة يا د. بشر، وشفاك الله وعافاك.
ألا يدرك كل من يشارك في هذه المأساة حجم المعاناة والظلم الذي يعاني منه الأبرياء وأسرهم وحجم الآلام التي تعاني منها النفوس والأبدان؟!
إن الضابط الذي يحرِّر محضر الضبط، ووكيل النيابة الذي يحقِّق صوريًّا، ورئيس النيابة والمحامي العام الذي يأمر باستمرار الحبس دون جريمة، والقاضي العسكري أو المدني الذي ينطق حكمًا جائرًا؛ هو أول من يعلم أنه حكم سياسي.. يشاركون في جريمة ضد الإنسانية، وسيأتي يوم يقفون فيه أمام العدالة؛ إن لم يكن في الدنيا (ولو أمام محكمة الجنايات الدولية) فسيكون أمام الله في الآخرة، ولن يُفلت أحدٌ من العقاب.
مأساةٌ أن تمرض وأنت خلف الأسوار؛ حيث روتين السجون لا يرحم مهما حاول البعض تسهيل الإجراءات.
اعتراف متأخِّر من رايس
بعد سلسلةٍ من الأوهام والخداع، اعترفت رايس في لقائها مع عباس بأن تحقيق وعد بوش خلال هذا العام لن يحدث بإقامة سلام بين الفلسطينيين والصهاينة وإقامة دولة فلسطينية. وهل صدَّقها أحد في المنطقة أو في العالم؟! هل كانت تخدع نفسها أيضًا وتصدِّق كذبتها؟! ماذا يقول محمود عباس؟! هل ما زال يجري وراء السراب والأوهام؟!
مسلسل خفض سعر الفائدة
في مرةٍ واحدةٍ خفَّض البنك المركزي البريطاني سعر الفائدة بـ105% ليصل إلى 3% فقط؛ وذلك في أكبر خفض منذ نصف قرن، وقد اعترضت قيادة البنوك وأعلنت أنها لن تقبل أي خفض جديد بعد ذلك. المحاولات للخروج من الركود والانهيار الاقتصادي ما زالت مستمرة، والداء الوبيل ما زال يفتك بالعالم.. داء الربا؛ الذي زرعه المرابون اليهود في الاقتصاد العالمي، مع أن الله حرَّمه في كافة الشرائع السماوية.
من يدمر الحياة الحزبية والسياسية؟!
في تكرارٍ لمشهد احتراق حزب الوفد، تم إحراق مكتب ومقر د. أيمن نور زعيم حزب الغد الشرعي؛ تحت سمع وبصر وحماية ورعاية أجهزة الأمن!.
أصبحت جميلة إسماعيل وأنصار أيمن نور الذين كانوا داخل المقر متهمين، ولعل التهمة تصبح مع الأيام سيفًا مصلتًا على رقابهم؛ تهمة تكدير الحياة السياسية الراكدة.. انقلبت الأوضاع وأصبح المجنيّ عليهم معتدين آثمين!.
السؤال لرجال الحزب الوطني الذين صدَّعونا أثناء مؤتمرهم: من هو المسئول عن تدمير الحياة السياسية والحزبية في مصر؟! أليست أجهزة الأمن التي تحمي حزبكم من المنافسين وتأتمر بأوامر زعماء حزبكم الكبار؟!
تأجيل الحوار الفلسطيني
كان من الأفضل تأجيل الحوار الفلسطيني حتى يتم إعداد مناخ مناسب لنجاحه؛ فليس المهم هو عقد الحوار لمجرد اللقاء وطرح المواقف المعروفة ثم تحميل جانب محدد سلفًا مسئولية فشل الحوار.
والأهم الآن هو الإعداد الجيد والوقوف على الحياد بين الأطراف الفلسطينية ودراسة أسباب عدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من قبل في القاهرة ومكة وصنعاء.
طرح الحوار لمجرد إنقاذ شرعية الرئيس عباس الذي يمارس دوره التفاوضي المستمر منذ سنوات دون الوصول إلى نتيجة؛ لأن "الحياة مفاوضات" كما كتب ونشر رئيس وفد المفاوضات السيد صائب عريقات، أو لعدم إراقة ماء وجهه وهو يلتقي قبل الموعد المزمع للحوار بيوم أو بيومين مع الرباعية الدولية التي لم تقدم شيئًا للشعب الفلسطيني ولم تحقِّق نتيجةً تذكر حتى الآن ضد العدو الصهيوني.
وأيضًا أي حوار لا بد أن يتطرَّق إلى القضايا الجوهرية التي لم يتم حسمها، والأهم الاتفاق على برنامج وطني فلسطيني يحقِّق أمال الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة غزة والضفة الغربية وأراضي 1948، وكذلك في الشتات والملاجئ، وهذا يحتاج إلى الإقرار أولاً بأن مسار أوسلو لم يصل إلى شيء، والمراد منه هو إنشاء كيان فلسطيني هدفه تحقيق أمن العدو وحمايته من المقاومة التي إن هدأت يومًا فستشتعل أيامًا مقبلةً طالما بقي الاحتلال.
عدم التنازل عن الحقوق الفلسطينية في القدس وعودة اللاجئين وإنهاء الاستيطان والمياه وغيرها.. شرط لنجاح أي حوار.
ثم الأهم أننا أمام تغيُّرات جوهرية في الإدارة الأمريكية في انتظار انتخابات صهيونية، غالبًا ستأتي بالليكود اليميني المتطرف بقيادة نتنياهو، وبذلك تعود المفاوضات إلى نقطة الصفر من جديد، فلماذا لا يعترف الجناح الذي خطف "فتح" وخطف "منظمة التحرير الفلسطينية" بفشله، ويعيد الأمور إلى الشعب الفلسطيني ليقرِّر خطة العمل للمرحلة المقبلة في انتخابات رئاسية نزيهة.
من حكم ابن عطاء الله السكندري
"لا يُخرج الشهوة من القلب إلا خوفٌ مُزعجٌ أو شوقٌ مٌقلِقٌ".
قال الإمام الآمدي في كتابه: الإحكام في أصول الأحكام (طبعة الحلبي عام 1967م- 1387هـ): "مذهب الجمهور من أصحابنا ومن المعتزلة أنه لا يُشترط في التكليف بالفعل أن يكون شرطه حاصلاً حال التكليف، بل لا مانع من ورود التكليف بالمشروط وتقديم شرطه عليه، وهو جائزٌ عقلاً وواقعٌ سمعًا، خلافًا
لأكثر أصحاب الرأي وأبي حامد الإسفراييني من أصحابنا، وذلك كتكليف الكفار بفروع الإسلام حال كفرهم".
ثم دلَّل على ذلك حتى قال ردًّا على الإشكال القائل إنه تكليف بما لا يطاق: "إنما يلزم منه التكليف بما لا يُطاق بتقدير تكليفه بالفروع حال الكفر، إنْ لو كان تكليفه بمعنى إلزامه بها مع الكفر، وليس كذلك، بل بمعنى أنه لو أصرَّ على الكفر حتى مات ولم يأتِ بها مع الإيمان فإنه يعاقَب في الدار الآخرة ولا إحالة فيه".
وبذلك يثبت قول النووي في "المجموع" أن مقصد الأصوليين حول تكليف الكفار بفروع الإسلام هو زيادة العقاب عليهم في الآخرة، وليس إتيانهم بها مع كفرهم، وليس عقابهم على تركها حال كفرهم بعد إيمانهم".
يقول الآمدي:
"إن الامتثال بعد الإسلام غير ممتنع، غير أن الشارع أسقطه ترغيبًا في الدخول في الإسلام بقوله عليه السلام: "الإسلام يَجُبُّ ما قبله"، هذا بخلاف المرتد؛ حيث إنه أوجب عليه فعل ما فاته حال ردته؛ ليكون ذلك مانعًا من الردة" (انظر الكتاب ص 133/ 134 للمزيد من مناقشة حجج كلا الفريقين).
وبذلك يتضح ما قاله النووي في "المجموع" عن الفرق في المسألة بين الفقهاء وبين الأصوليين.
المصدر : نافذة مصر