نص حديث المرشد العام لـ"الحرية والعدالة"

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
نص حديث المرشد العام لـ"الحرية والعدالة"


فضيلة المرشد العام خلال حواره مع (الحرية والعدالة)


د. محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين:

- نسعى إلى حالة توافق بين التيارات السياسية على عدد محدود من مرشحي الرئاسة

- البابا شنودة استنجد بالشريعة الإسلامية وقال إنها ستنصفه

- وجود التيار السلفي يُثري الحياة السياسية.. والممارسة السياسية ستُنضج أفكارهم

- المرشح الذي سندعمه لن يكون محسوبًا على تيار إسلامي بعينه ولا بد أن يكون ذا خلفية إسلامية

- لن نتدخل في عمل رئيس الوزراء الجديد.. والحكومة القادمة يجب أن تكون ائتلافية توافقية

- الأزهر سيظل المرجعية العلمية لنا في كل مجالات الحياة

- الإسلام قائم على التكامل ولا يمكن فصل الدين عن السياسة

- المخلوع وعصابته اعتبروا مصر عزبة هم لصوصها

- الاهتمام بالإنسان وبناء التنظيم من أبرز أسباب استمرار وتأثير جماعة الإخوان

- لا نتدخل في عمل مؤسسات الدولة والكتاتني اتصل بي يوم انتخابه رئيسًا للبرلمان وقال: "ادعُ لي فإن المهمة ثقيلة"

- لدينا برامج تربوية جديدة تتسع للمجتمع كله

- لا توجد صفقة ولا صدام مع الجيش وننصحهم إذا أخطئوا

- الحزب يعمل من خلال مؤسساته.. وجميع الأحزاب تتشاور معنا وفي مقدمتها "الحرية والعدالة"

- الشعب المصري قادر على استيعاب الديمقراطية والتعامل مع آلياتها بذكاء

- مرحلة مبارك لم تكن إفسادًا أو فسادًا فقط بل كانت إفقارًا وإمراضًا

- نطالب الحزب بعمل أوعية تربوية لأعضائه ويمكن أن نقدم له المساعدة في هذا الأمر إذا أراد


أجرى الحوار- عادل الأنصاري ومحمد سعيد


الحديث معه له طعم آخر، ورؤية مغايرة، فأفكاره وأطروحاته تعبِّر عن عمقٍ كبيرٍ باتت تدركه جماعة الإخوان المسلمين بالوضع السياسي المرتبك الذي تعيشه مصر عقب نجاح ثورة يناير، والتطورات على الأصعدة الداخلية والخارجية، ومدى قدرة الجماعة على التعاطي مع ذلك الوضع بأقل الخسائر التي قد يتكبَّدها الوطن في لحظته الحرجة تلك.

المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع في حواره مع "الحرية والعدالة" في ختام ملف "الإخوان رؤية من الداخل.. استشهاد إمام وحقيقة جماعة".. كان واضحًا للغاية؛ فطبيعة الأحداث الأخيرة التي ألمّت بالوطن وكادت تعصف به كان للجماعة موقف واضح منها رغم الانتقادات الكثيرة التي تعرَّضت لها من عددٍ من القوى السياسية والحركات الشبابية.

المرشد العام وصف ما يجري بأنه ولادة جديدة متعثرة لمصر يحاول البعض أن يجهضها، أو يبترها من خلال التشكيك في العملية الديمقراطية، أو الإساءة لمجلسها المنتخب، وقال: إن الجماعة تحاول أن توجد حالة توافق عام على عددٍ محدودٍ من مرشحي الرئاسة، وعندها يكون التنافس دون تشتيت الأصوات، مشيرًا إلى أن المرشح الذي ستدعمه لن يكون محسوبًا على تيار إسلامي بعينه، لكن لا بد أن يكون ذا خلفية إسلامية.

د. بديع أوضح أن الشعب المصرى شعب فارز قادر على استيعاب الديمقراطية والتعامل مع آلياتها بذكاء، وأن محاولات الإساءة للشعب بوصفه بـ"الجهل" عيب، وأن إلصاق تهمة الصفقة مع الجيش غير صحيح، مشيرًا إلى أن الاختلاف بين الإخوان وبين السلفيين وغيرهم من القوى الوطنية متاح في الآليات والوسائل، والتنسيق معهم مستمر.


المرشد العام رأى أن العمل السياسي قد يضرُّ بالعملية التربوية، بل نعت ذلك بـ"الخطر"، مشيرًا إلى أن التربية أساس النجاح، وأن بناء الإنسان هو الصعب العسير، ولا يمكن بناء الإنسان دون القيم والأخلاق والربانية، وهو ما يُميِّز الإخوان الذين جعلوا من السياسة درسًا أخلاقيًّا في صالح الأوطان لا تنافسًا من أجل مصالح الدنيا.

د. بديع طالب الإعلام بأن يكفَّ عن الحديث المرسل وعن ارتباطه بالمصالح الشخصية والحزبية بما يضرُّ بالمصلحة العامة للوطن، بينما لم يزل الوطن يعاني أزمات عهود ماضية مارست فيها الأنظمة سحق الشخصية المصرية من أجل استمرارهم على كراسي الحكم دون الالتفات إلى أن الأوطان باتت على محك الضياع، وشبه الثورة بالعاصفة التي تنطلق فتقضي على رأس الفساد دومًا، وتُبقي على الأوطان والشعوب.

أكد د. محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين أن الجماعة تحاول أن تُوجد حالة توافق عام على عددٍ محدودٍ من المرشحين لرئاسة الجمهورية، وعندها يكون التنافس دون تشتيت الأصوات.


وقال إن التوافق ليس معناه إجماع المصريين على شخص، ولكن تقليل عدد المرشحين المتصفين بصفات وطنية، مشيرًا إلى أن المرشح الذي ستدعمه الجماعة لن يكون مرشحًا محسوبًا على تيارٍ إسلامي بعينه، لكن لا بد أن يكون ذا خلفية إسلامية.

وقال المرشد العام إن منهج الإسلام في تربية الأفراد شمولي متعدد؛ فهو تربوي، دعوي، مهني، سلوكي ورياضي، وإن المسلم ليس عنده فصل بين تلك الأمور.

وقال بديع في حواره مع (الحرية والعدالة): "هذا هو أساس الإسلام وتلك نقطة اللبس عند كثير من الناس الذين ينادون بفصل الدين أو الدعوة عن السياسة"، مؤكدًا أن الإسلام قائمٌ على التكامل.

وأضاف أن الشعب المصري شعب فارز قادر على استيعاب الديمقراطية والتعامل مع آلياتها بذكاء، واعتبر أن مبدأ السمع والطاعة إنما وُضع لكي ينفع الإخوان بلادهم.

ورأى المرشد العام أن مرحلة المخلوع حسني مبارك لم تكن إفسادًا أو فسادًا فقط بل كانت إفقارًا وإمراضًا، موضحًا أن المخلوع وعصابته اعتبروا مصر عزبة هم لصوصها.

فإلى نص الحوار:

* نحن نتكلم في ذكرى استشهاد الإمام البنا ما الأسباب- في رأيكم- التي دفعت بدعوة الإخوان المسلمين أن تستمر مؤثرة خلال هذه العقود رغم العقبات والمحن التي مرت بها في حين أن هناك دعوات كثيرة سابقة لها ولم يكن لها تأثير؟

    • أحب أن أستشهد بموقفٍ لا أنساه أبدًا وهو موقف محمد الفاتح، إذ إنَّ هذا الشاب الذي لم يتجاوز العشرين عامًا تحققت على يديه نبوءة النبي- صلى الله عليه وسلم- وقام بفتح القسطنطينية، إذ ظلَّ المسلمون لمدة 600 عام وكل قيادة وكل خليفة وأمير يحاول تجهيز جيش لفتح القسطنطينية ويرجع مهزومًا دون يأس، وأريد من ذلك تأكيد نقطتين أن عدم النجاح ليس معناه ضعفًا منهم؛ لكن لحكمةٍ يعلمها الله ادخرها وقال إنها ستتحقق على يد فلان، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء.

والثانية هي الشخص فأحيانًا كثيرة تجد شخصًا له شخصية عميقة ولكن لا يأتي النصر على يديه، فهل نستطيع إذن الحكم عليه بأنه شخص غير جيد، حاشا لله. فالمولى- عزَّ وجلَّ- ينصر أضعف الأشخاص حتى يقول الناس أنت السبب وأنت الزعيم في حين أن كل ذلك بيد الله، وفي نبوءة محمد الفاتح التي وعد بها الله ورسوله ليس لأحدٍ فضل فيها ولكن لحكمة يعلمها ومناخ يريده رب العزة أن يحدث فيه مع أن هناك شخصيات جاهدت ولم تحقق شيئًا وليس معنى ذلك أن الذي رأى النصر هو الأفضل.

وما يؤكد ذلك موقف سيدنا عبد الرحمن بن عوف إذ أفطر مرة وهو صائم فأحضروا له طعامًا وحين قدموا له الطعام بكى وقال أغنى أغنياء الأمة "مصعب بن عمير أول سفير في الإسلام مضى إلى ربه كنا إذا غطينا رأسه كُشفت قدمه عند استشهاده من شدة فقره"، وهو كان قبل إسلامه أثرى شباب مكة والذي كان يقول عن الحرير ما أخشنه ورائحة عطره تنتشر في شوارع مكة التي يمشي بها، وكان مضحيًا بحياته في سبيل الله وفتح الله على يديه كل بيوت الأوس في ليلة واحدة وهذا شيء عجيب، ويقص عبد الرحمن بن عوف وهو يأكل أنه تذكَّر ذلك المشهد وهو يدفنه وقال: "وما منا من أمير إلا وعلى مصر من الأمصار"، ومضى ابن عوف قائلاً: "أخشى أن أكون من الذين عُجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا".

وهذه القصة ذكرتها لكم لنفرِّق بين أمرين أن الناس التي بذلت وضحَّت وعملت من جماعات إسلامية قبل ذلك وأنشأت دعوات لم يرد الله أن تحقق نتائجها هذا شيء، واختيار الله لشخص الإمام الشهيد حسن البنا لتنتشر دعوته بين الناس شيء آخر، وما عرفته عنه أن هذا بركة إخلاص وصدق ثم إرادة الله تعالى قبل وبعد كل شيء؛ لأن الله علم فيه هذا، فأراد أن يجعله نموذجًا، فما معنى شاب عادي في دار العلوم وما الفرق بينه وبين مئات من أقرانه وهو بسيط ويقابل الناس بكل بساطة، وما معنى أن يجتمع ستة عمال حول حسن البنا ويؤسسوا هذه الجماعة، وما معنى أن يستشهد وعنده 42 عامًا ويضع بهذا التخطيط الذي لا مثيلَ له على مستوى العالم ببركات وهامات لا يملكها إلا الله.

* ولكن البعض يقول إن الإخوان يمجدون شخص مؤسس جماعتهم الأول ويضعونه في منزلة قد تقارب التقديس، فما رأيك؟

    • كلامي يؤكد عكس كلام هؤلاء، وأقول ذلك ردًّا على مَن يقول بتمجيد الأشخاص إذ إن هناك قدرة إلهية في الأمر برمته، وأعطيك مثالاً على ذلك إذ إن الصحابي الجليل الشاب أسامة بن زيد كان عمره 18 عامًا عندما بعثه النبي على رأس جيش المسلمين لفتح الشام، فرغم صغر سنه حقق الله على يديه النصر، ولا تقل لى إن نصره ذلك يعد من باب التراكمات والإستراتيجيات وإنه تدرب في أكاديميات عالمية ومر بحروب قبل ذلك، بل إن الجيش به هامات وقادة عظام مثل على بن أبى طالب وعثمان بن عفان وعمر بن الخطاب والزبير وطلحة وغيرهم، فنصر الدعوات يكون بتأييد من الله ورعاية منه وبصدق وسلامة تلك الدعوات.

ونعود إلى القضية الأصلية، فهذه الجماعة المباركة لُفت بالإخلاص، وهو ما نعيش به الآن على مستوى مصر والعالم كله؛ حيث وصلت الدعوة لمائة دولة الآن وعناصر من جماعة الإخوان المسلمين تحمل هذا الفكر وتخدم بلادها حسب القانون والدستور الذي تعيش فيه، وهذا أمر أساسي في جماعة الإخوان المسلمين وهو التربية لأن القرآن قال لنا ذلك، وأهم شيء هو الإنسان حيث اهتمَّت به الجماعة.

ومن لم يهتم بالإنسان فجهده مهدور، ولا بد أن يفشل، وأطول قَسم في القرآن الكريم عن النفس الإنسانية؛ حيث بلغ 11 قسمًا ‬(وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)‬ (الشمس).

فالجماعة أعدَّت الإنسان، والإمام ربَّى الأفراد على القرآن والسنة، وألّف رجالاً، ألّف بين قلوب الستة من العمال وحببهم في الدين لدرجة أن ضحَّى أحدهم بدراجته، وحين سأله البنا عن سبب تأخره يومًا عن لقائه، قال إنه باع دراجته وتبرَّع بها للدعوة، وهذا درسٌ لمَن يريد أن يبدأ، فعليه أن يبدأ بالإخلاص، وأن يجمع حوله الصادقين المخلصين، فكوَّن أن الجماعة بفضل الله إلى الآن حققت هذه النتائج الطيبة فأولاً لأنها إرادة الله- عزَّ وجلَّ- وثانيًا بركة الإخلاص ثم رجال ضحوا في سبيلها بكل ما يملكون.

وهذا المبنى "المركز العام للإخوان المسلمين" المُنشأ على جبل المقطم نموذج لتلك التضحية، فقد بحثنا عن أكثر من مكان ليكون المركز العام للإخوان المسلمين ولم نُوفَّق، ولما أراد الله وجدنا هذا المبنى ولما استأجرناه فوجئنا بأنا رجعنا مرةً أخرى إلى المقطم.. لماذا؟ لأن جثث الإخوان في 54 و65 مدفونة في هذا الجبل، وعندما جاء العلامة د. يوسف القرضاوى وزارنا قلت له: هل تذكر قصيدة ملحمة الابتلاء التي نظمتها في السجن الحربي عن شهداء الإخوان في المقطم وقلت فيها:


وسل (المقطم) وهو أعدل شاهدٍ
كم من شهيدٍ في التلال دفين

قتلته طغمة مصر أبشع قتلةٍ

لا بالرصاص ولا القنا المسنون

بل علقوه كالذبيحة هيئت

للقطع والتمزيق بالسكين

وتهجدوا فيه ليالي كلها

جلدٌ وهم في الجلد أهل فنون

فإذا السياط عجزت عن إنطاقه

فالكى بالنيران خير ضمين

ومضت ليال والعذاب مسجر

لفتى بأيدي المجرمين رهين

لم يعبئوا بجراحه وصديدها

لم يسمعوا لتأوهٍ وحنين

قالوا اعترف أو مت فأنت مخيّرٌ

فأبى الفتى إلا اختيار منون

وجرى الدم الدفاق يسطر في الثرى

يا إخوتى استشهدت فاحتسبوني

لا تحزنوا إني لربي ذاهبٌ

أحيا حياة الحر لا المسجونِ

وامضوا على درب الهدى لا تيأسوا

فاليأس أصل الضعف والتهوين

وطلبتُ منه أن يُكمل الملحمة النونية فالله لم يضيع جهدنا ورأينا أن هذا الخير ببركة هذه الدماء والأرواح.

* ارتبط وجود جماعة الإخوان بوجود تنظيم فهل ترونه عاملاً إيجابيًّا أم سلبيًّا في البقاء والاستمرار، وهل ترون فكرة وجود تنظيم يحمي الفكرة الإسلامية التي خرجت بها جماعة الإخوان المسلمين من العوامل التي ساعدت على تميزها عن غيرها من الجماعات والحركات التي نشأت على المستوى الفكري والعلمي؟

    • هذا صحيح "تأبى العصي إذا تجمعن تكسرًا وإذا افترقن تكسَّرت أحادا"، والعقلية التنظيمية التي لدى الأستاذ البنا ليست من عنده إنما من عند الله، وفي القرآن نجد أن النمل والنحل نماذج عجيبة وأفرد الله لهما سورتين لأنهما مجتمع متعاون منظم، وإذا لم أكن أقدر على بناء مدينة أعمل خميرة تنتج لي الخبز أو مخزنا.

وهو ما قلته لشيخ الأزهر بأن الأزهر به بذور الإسلام ذات الصفات الوراثية السليمة المنتقاة، والأزهر هو المخزن لهذه البذور، والإخوان المسلمون هي نبت الأزهر وعمرها 82 سنة، والأزهر عمره أكثر من ألف عام، فالإخوان المسلمون أخذت بذورها من الأزهر وجعلتها مشتلاً وتعهدته بالتربية والتعاهد والترابط والحب، ولهذا كان ورد الرابطة الذي يجمع الإخوان في الصباح والمساء لأني عندما أحب أن أعمل نموذجًا أعمل نموذجًا صغيرًا كي أكبره، وأنا أريد عمل تجربة منظمة ودقيقة وأعرضها للدنيا كلها الآن، وعندما عرضت الجريدة عبر ملف "الإخوان رؤية من الداخل" برامجنا التربوية من الأسرة والمخيم والكتيبة التي يفهم الناس معناها خطأ على اعتبارها مصطلحًا عسكريًّا، ولكننا نقصد بها أنها تحرس الإيمان والعقيدة كان ذلك أفضل لإثبات أن بناء الأوطان والتضحية من أجل الله لا بد معهما من تربية، فأنا أعد شابًّا غير عادي يحافظ على علاقاته ويكون موظفًا في الدولة يخدم وطنه وليس الإخوان المسلمين وهذا الأمر لخير هذا البلد، ومَن يسافر في الخارج يرتقي أفضل الوظائف.

إذن فالتنظيم عبارة عن رعاية للنبت، ورأينا الإخوان في برلمان عام 2005م عندما أخذوا تأشيرات الحج أجروا عليها قرعة وكذلك الوظائف، وأريد أن يشعر الناس بأن هذا التنظيم ومبدأ السمع والطاعة ما هو إلا لينفع الإخوان بلادهم وليكون المؤمن صالحًا يخدم بلاده، وهذا التنظيم كالقلعة التي تحمي أفرادها وترفع كفاءاتهم.

* هناك مَن يقول إن الجماعة فازت في الانتخابات نتيجة تبنيها الرؤية الإسلامية، وهناك مَن يرى أن الخدمات التي تقدمها الجماعة للناس هي أبرز أسباب نجاحها.. فما رأيكم؟

    • نقدم هذه الخدمات من منشأ تربيتنا على الإسلام وتكليفي بهذه الواجبات على خدمة غيري، وهو ما يتربى شباب الإخوان وأشبال الإخوان عليه، وأنا لدى كتاب هنا عن كيفية التعامل مع الصبي المسيحي للطفل المسلم، وهذا أمر أغرسه مبكرًا لأن هذا تعاليم ديننا، ولكن للأسف الناس والحكومات طبَّقت الإسلامَ بطريقةٍ مختلفةٍ؛ ما تسبب في ابتعاد الناس عنه، وهذا خطأ تمامًا، واعرف الحق بالرجال ولا تعرف الرجال بالحق.

والقضية ليست قضية منافع، وإن البعض يحاول تشويه الشعب المصري بأن مرشح حزب كذا أو فصيل كذا يمكن أن يشتريه بزجاجة زيت، وهذا خطأ وإهانة غير مقبولة للشعب المصري، فالمزور الذي يدفع أموالاً للناس حتى يزوروا له لا يكون مطمئنًا؛ ولذلك اخترع البطاقة الدوارة وتصوير ورقة التصويت وغيرها من حيل التزوير، وعليه فالشعب المصري شعب فارز قادر على استيعاب الديمقراطية والتعامل مع آلياتها بذكاء.


* قد يستطيع الإنسان النجاح ولكن قد يصعب الحفاظ عليه فكيف يحافظ الإخوان على نجاحهم الذي وصلوا إليه في الانتخابات؟

    • قال الله تعالى: (عسى ربكم أن يهلك عدوكم فينظر كيف تعملون) (الأعراف)، وهذا نداء للإعلاميين الذين يهاجموننا حتى مع أول جلسة لمجلس الشعب، وهو يدل على عدم الحكمة في الحكم، وصحيح أن الشعب لم يعطنا شيكاتٍ على بياض لكنه اختار التيار الإسلامي حتى المسيحيين، والبابا شنودة استنجد بالشريعة الإسلامية فقال إنها ستنصفه لأن قواعد وأصول الشريعة من عند الله وليس أحكام الشريعة لأنها تتغير مع الزمان والمكان، وأصول الشريعة هي أصول الرسالات السماوية كلها ونحن كي نحافظ على الخير فالله سيحاسبنا على ما سنفعله.

ورأينا أن اللجنة الأولى لتقصي الحقائق في أحداث بورسعيد أنجزت في أربعة أيام ما لم تنجزه أية لجنة خلال السنوات الماضية ولم يعرضوا نتائجها على الإعلام حتى لا يحرفها. والنجاح الذي سنحاول الحفاظ عليه هو حب الناس بمواصلة العمل على تحقيق طموحهم في العيش الكريم وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية ومواصلة طريق الحرية والديمقراطية وحرية الإبداع.

* هناك مَن يرى أن الجانب التربوي من أبرز خصائص الإخوان التي تميزهم إلا أن الكثيرين ومن بينهم كثير من الإخوان يتخوفون من تأثير الانخراط في العمل السياسي على البعد التربوي؟

    • فعلاً أشعر بالخطر، وحين نقول إن التربية أساس النجاح، وبناء الإنسان هو الصعب العسير، ولا يمكن بناء الإنسان دون القيم والأخلاق، والقيم من عند الله، والأخرى ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم: "والله ما أخشى عليكم الفقر، ولكني أخشى أن تُبسط عليكم الدنيا، كما بُسطت على مَن كان من قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم".

وإن الإمام البنا وهو يعلمنا ورد الرابطة يريد أن يدلنا عبر آيات الذكر الكريم على سنن الله في الكون، وأن تداول السلطة سيحدث ولو بعد حين ولكي تنتظر وأنت على يقين عشرات السنين وعد الله بأن يتحقق وأن التنافس على الدنيا سيأتي بالهلاك، ويجب أن أعمل الخير في أهله وفي غير أهله حتى مَن أساء إليّ، فلا يعقل أن يقتل رئيس شعبه من أجل كرسيه، أو يزور انتخابات من أجل استمراره في الحكم.

وأعود إلى نقطة الدعوة والسياسة إذ إن الإنسان المسلم تكوينه شمولي فهو تربوي دعوي مهني سلوكي ورياضي، وكل شيء، والمسلم ليس عنده فصل بين تلك الأمور، فإذا نظرنا إلى صلاة الظهر يوم الجمعة فإنها تتحول إلى خطبة عبارة عن نظم وشرائع من القرآن والسنة، ونفس الإمام يصلي بهم في المحراب وهاتان الركعتان تعدان شعيرة، وبذلك جمع الإمام بين الشعيرة والشريعة، وهذا هو أساس الإسلام وتلك نقطة اللبس عند كثير من الناس الذين ينادون بفصل الدين أو الدعوة عن السياسة، فعندما أكون في مؤسسة ولكل واحد وظيفة معينة هذا لسهولة التخصص، ولكننا نكمل بعضنا البعض، فالتكامل في الإسلام يكفل هذا وهذا.

* هناك مَن يتصور أن السياسة والتربية نقيضان، فهل هناك إمكانية لإحداث نوع من التوازن بين الدور السياسي والدور التربوي؟

    • إذا قلنا إن طبيب الأوبئة إذا ذهب لمكان سيتعرض فيه لميكروبات كثيرة فيجب أن أحصنه، أقول له عليك أن تبادر بنفسك بالعلاج إذا شعرت بالتعب لأنك قد تتعرض للهلاك وأنت لا تدري، وذهبت إحدى النساء لأم المؤمنين وقالت لها: "أشكو إليك قسوة في قلبي".

إن تأثير الكرسي على القلب كبير ولا بد أن يُراعي الشخص الذي تبوَّأ المسئولية مدى مسئولياته فلا يُعظِّم الكرسي في قلبه حتى لا ينسى تلك المسئوليات، ود. محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب اتصل بي يوم انتخابه رئيسًا للبرلمان وقال: "ادع لى فإن المهمة ثقيلة".

أنا أقول لكل أخ من الإخوان تولَّى منصبًا ليخدم الشعب "راقب نفسك أنتَ في اختبار صعب"، وأرجو من كل أخ في أي موضع من مواضع المسئولية أن يتمثل في نفسه كلام النبي: "اللهم من ولى من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومَن ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه".

* وسائل التربية المعروفة عند الإخوان هناك مَن يقول إنها تحتاج إلى تطوير للتواؤم مع الواقع السياسي الجديد الذي فرض نفسه بعد الثورة.. فهل لديكم خطط جديدة لتطوير الأداء التربوي في الجماعة؟

    • بالفعل نحن مهتمون بهذا الأمر، وجمعنا مرشحي الحزب لانتخابات الشعب والشورى في مخيم لمدة أسبوع كامل تحت عنوان "نائب رباني قدوة متميز"، وفي أي وقت أنا مستعد لتلبية طلباتهم ومساعدتهم في أي شيء يطلبونه مني.

وقمت بعرض مشروع على الموقع الإليكتروني الرسمي للجماعة منذ 4 أعوام عندما كنت مشرفًا على قسم التربية في الجماعة، وأعددت مشروع الصيف تحت عنوان "مشروع استثمار الصيف لأولادك".

وأرى أن هذا المشروع هو أغلى استثمار في الدنيا ووضعت ضمنه مشروعًا اقتصاديًّا بتربية بعض الأرانب أو عيش الغراب في البلكونة، وكان هدفي متابعة التربية لدى الأولاد لصنع نهضة أخلاقية تربوية، وفي فتح مقرات الجماعة عقب الثورة لم أكن أقصد أن أفتح المقرات فقط ولكن قصدت أن أجعله يوم الثلاثاء لإحياء درس الثلاثاء للإمام البنا الذي قطعه النظام البائد، وثانيًا كنت أدعو كل أطياف الشعب المصري لحضور الاحتفال وقد ذهبت إلى 24 محافظة، 3 أو 4 منها كان اللقاء في الإستاد الرئيسي بالمحافظة وليس في سرادق، والمعدلات تخطت 40 ألفًا بينهم أطفال ورجال ونساء ومسيحيون، وأحاول شرح مبادئ الجماعة وأخلاقيات وسلوكيات مطلوبة وأزيل الشبهات حول "الإسلاموفوبيا" أو "الإخوان فوبيا"، .

وهو ما أقوم به لدى زيارات الوفود الأجنبية التي لا تعلم شيئًا عن الإسلام وجماعة الإخوان، وكنت أقول لهم "أنا مرشد الإخوان المسلمين محمد بديع القطبي الذي كنتم تقولون عليه إنه انغلاقي ومتقوقع على نفسه وعلى الجماعة واللي هيضيع الجماعة"، ولكن بعد تلك الزيارات تغيَّرت نظرتهم.

كما أن لنا برامج تربوية جماعية للمجتمع المصري كله وسنقوم بعمل مؤتمرات ورحلات ومخيمات وسنفتحها لمَن يحب أن يتربى على تلك القيم والأخلاقيات، وكل ذلك حسب قوانين ولوائح الدولة فنحن أحرص الناس على اتباع لوائح الدولة وقوانينها.

* فيما يتعلق بأعضاء حزب الحرية والعدالة من الإخوان هل من المفترض أنهم جزء من العمل التربوي لجماعة الإخوان المسلمين؟

    • من المفترض أنهم جزءٌ منهم، لكننا حريصون على أن نقول لهم كحزبٍ أن يبحثوا عن محاضن تربوية لحزبهم ويكونوا هم المسئولين عن إعدادها وعن تنسيقها؛ لأنهم أعرف ببرامجهم الزمنية، ويصعب عليَّ أن أقول لهم تعالوا يوم الأربعاء للقاء أسرتكم الإخوانية ولديهم في التوقيت نفسه جلسة برلمانية أو لقاء خاص بمصالح الناس فهذا الموضوع انتهى، وكنت أقول للأخ "إذا كان عندك حاجة تنازل عنها؛ لأن تلك الجلسة هي زادك في حياتك".

ولكن الآن أصبح يحكمه نظام حزب ونظام برلمان ونظام مؤسسة لا بد أن يحترمها، وأقول له: إذا احتجت لأحدٍ من عندي من خبراء التربية فأهلاً وسهلاً، فنحن نساعدهم، ويمكن للحزب أن يقوم بعمل لجان تربوية ونحن أيضًا على استعداد للمساهمة والمساعدة.

* قد ينجح الإنسان في اختبارات الابتلاء ولكنه يتخوف كثيرًا من اختبارات السراء والتوسع في المشاركة السياسية وتولي المناصب العليا في الدولة.. فكيف يقي نفسه؟

    • الإنسان يتعرَّض لفتنٍ كقطع الليل المظلم، والنبي صلى الله عليه وسلم حذَّر الناس فقال: "يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنًا، ويصبح كافرًا يبيع دينه بعرض من الدنيا"، فالتغيير يطرأ بشكلٍ مخيف، وإن القلب يتغير مقدار الليل والنبي صلى الله عليه وسلم يحذرنا من الخطر على نفسه ونحن في المصائب والابتلاءات في السجن كان الناس معنا يدًا واحدةً، وهناك قلوب كانت متعاطفة معنا، ولكن عندما ينجح المظلوم يقف الذين وقفوا معه في السابق ضده مثلما يحدث الآن ولا يتعاطف أحد مع الناجح.

والدليل على ذلك أن قابيل قتل أخاه هابيل؛ لأن أخاه كان طائعًا فأحبه الله فلم يرضَ الأخ بتلك المحبة لأخيه، وهذه الخواطر الشيطانية التي يمكن أن تخطر في قلوب الناس ومنها الحسد خطرٌ على المجتمع، ونرجو ألا نشعر بالتعالي والكبر في تعاملاتنا، ونعيد الفضل إلى المولى عز وجل؛ لذلك لا بد أن يرى الناس أن هذه النعم من فضل الله على الناس, وأن هذا الخير الذي حمله الله لنا مسئوليته على كاهلنا وشعبنا أمانة ومسئولية وليس جاهًا أو سلطانًا وشهرة، وأن هذا أمر خطير، وأن الله لا يدخل الجنة عبدًا كان في قلبه مثقال ذرة من كبر, والكبر- تفسيره عند النبى صلى الله عليه وسلم- بطر الحق وغمط الناس يعني احتقار الناس، وبطر الحق بمعنى أن يعرض عليك الحق وترفضه.

والله سبحانه وتعالى يقول: (كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)، والآية التي بعدها يقول: (إن إلى ربك الرجعى) أي أن الإنسان سوف يأتي إلى ربه والإمام عليّ يقول "علام الكبر يا ابن آدم أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بينهما تحمل العذرة".

فنقول إن هذا أمر أيضًا يُضاف إليه شيء خطير، وهو التنافس غير الشريف ونحن نعيش في عصر الحرية وكل إنسان يصنع ما يريد، ولكن نرجو أن نتعاون مع بعضنا البعض، وأن يضع كل إنسانٍ نفسه مكان أخيه ويقول لنفسه هل لو كنت فزت هل كان الإخوان المسلمون سيصنعون معى ذلك؟

ولو كنت حصلت على الأغلبية هل كانوا سيصنعون معي ذلك؟

ونحن وطنيون ولسنا أمثال الحزب الوطني الذي كنا نقف ضدهم؛ لأنهم كانوا ينهبون البلاد, ويخربون البلد عن عمد: فساد وإفساد وتعذيب ممنهج مبرمج، لكن لو أنت وطني ومخلص وفُزت بالأغلبية والشعب جاء بك ماذا كان سيفعل معك الإخوان المسلمون، معقولة كانوا سيفعلون مثل ذلك! فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه"، وعلى كل شخصٍ أن يضع نفسه مكان أخيه.

الدكتورة منى مكرم عبيد أهدتني كتابًا عن الإخوان فيه كلام من والدها عن الأستاذ البنا، وكلام لها عن شخصي، ولا بد أن يكون الإنسان منصفًا، وأرجو أن يساعدونا ولا تتصيدوا لنا الأخطاء وتشعروا بأن الحمل ملك لنا كلنا وأن نجاحنا منسوب إلينا جميعًا والتقصير كلنا مسئولون عنه, لكن الحديث بطريقة "أنا خلاص ألقيتها على الإخوان وهذا برلمان الإخوان" فهذا هو الخطأ فمَن قال ذلك, فهذا برلمان الشعب، وإننا نحترم ما جاء به الشعب، ولا بد أن نحترمه ونضعه فوق رءوسنا ولا بد من أن نعتمد إرادته، ويا دعاة الديمقراطية ويا دعاة الليبرالية هذا أصل من أصول أفكاركم وثقافتكم نرجو أن تلتزموا به ونحن أول مَن التزمنا به.

ونقول إنهم قالوا إن الإخوان سوف يجربون الديمقراطية لفترة واحدة وسوف يرمونها بعد ذلك, وكان الأستاذ مهدي عاكف دليلاً على كذب هذا الافتراء علينا؛ لأنه كان من حقه أن يترشح مرشدًا في دورةٍ أخرى، فاللائحة تُجيز له ذلك، لكنه قال: "إنه يكتفي بهذا وإن الإخوان تستطيع أن تأتي بغيري يتحمل المسئولية وهي جماعة مؤسسية, وليست فردية ولم تتوقف على أفراد أبدًا".

* فضيلة المرشد هل من الممكن أن يضر التنظيم بالفكرة التي تدعو لها الجماعة ويكون عبئًا عليها وعلى أفرادها؟

    • التنظيم بالفعل يضرُّ بالفكرة إذا طُبِّق تطبيقًا خاطئًا، مثلاً عندما يقول أفراد: إن التنظيم منعني من أن أقول رأيي, هل معنى هذا أن الفكرة أُضيرت أم التطبيق هو الخطأ، فالصحابي الجليل اقترح في غزوة بدر على الرسول صلى الله عليه وسلم اقتراحًا قال فيه الذي تصنعه إذا كان وحيًا سمعًا وطاعةً، فوضَّح له صلى الله عليه وسلم أنه ليس وحيًا, إذًا فكل الآراء التي يكون فيها وحي تُقبل كما هي, وهي قليلة جدًّا جدًّا، وهي في أصول الإسلام، وبقية الأمور تُقبل فيها الاقتراحات والآراء والنصيحة وتُقبَّل من أي أحد، فالنبي لم يقل للصحابي: أُفكر وأرد عليك؛ لأن الإسلام يقول: إن الفكرة عليها أجر، أي على الفرد أن يُفكِّر، والصحابي كان من الممكن أن يقول: هذا نبي يُوحى إليه فكيف لي أن أقترح عليه؟

* هل هذه إيجابية أم شجاعة؟

    • إيجابية وشجاعة وحرية في الرأى والفكر، والتفكير عليه أجرٌ من الله, ولم يُسكت النبي الصحابي بقوله: ليس لك دخل، هذا وحي من الله. فأتاح له عرض الفكرة، والأجمل من ذلك أن فكرة الجندي داخل الجيش كانت سبب النصر، فإذا لم ينشغل فكره لنفع المسلمين أو الوطن لم يفهم الإسلام فهمًا صحيحًا.

والتطبيق الخطأ في التنظيم هو الذي يضرُّ الفكرة، وتظل الفكرة سليمة وأنت الذي شوَّهت صورتها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفتّان أنت يا معاذ؟"، وطريقتك في التنفيذ هي التي ستجعل الناس تكرهك، وقال علي: "خاطبوا الناس على قدر عقولهم أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟"، لكن التنظيم أيضًا حماية، لماذا؟

لأني أقول له: "أنا اتفقت معك على قرار، وإذا خالفنا القرار بعد الاتفاق عليه فقد أخطأنا في الفكرة, لذلك نقول: إن التنظيم حماية للفكرة، ولكن إذا طبَّق التنظيم الفكرة خطأ كانت المسئولية على مفكريه، وتظل الفكرة نقيةً صحيحةً لا دخلَ لهذه الأخطاء البشرية فيها".

* نريد من فضيلة المرشد أن يُقيِّم لنا برؤيته دروس الماضي، وفي هذا الإطار ماذا تعني بالنسبة للإخوان المرحلة الناصرية؟

    • أسوأ ما حدث في الفترة الناصرية- وهي التى حكم فيها "جمال عبد الناصر"- تحطيم الإنسان المصري الذي نعاني منه حتى الآن، هذا السحق الذي قصد به الإنسان المصري عبر الفكر الاشتراكي وتطبيقه؛ ما تسبب في تحطيم القيم والناس بالقهر والظلم، ومن مظاهر هذا السحق التمسح بالاشتراكية والقول إن الاشتراكية هي أصل في الإسلام وإن الصحابي الجليل أبا ذر كان اشتراكيًّا، وبدأنا نخاف ونرعب عندما نتكلم عن الإسلام أو الاقتراب من التدين.

هذا النظام البائد جعل الأب يتجسس على ابنه والعكس، واعتقل في ليلة واحدة 42 ألفًا من الإخوان، وأعدم كل قيادات الإخوان البارزة، من علماء ومفكرين وفقهاء قانون، من فقهاء القانون هؤلاء المستشار عبد القادر عودة الذي ألف الجزء الأول من كتاب "التشريع الجنائي في الإسلام"؛ وطالب رؤساء دول ومفكرون عبد الناصر أن يترك عودة لكي يُكمل موسوعته لرؤيته وعلمه، لكنه أصرَّ على إعدام الشهيد، وعمل طوال فترة حكمه على قص القيادات الإخوانية حتى لا تنبت مرةً أخرى، لكن أقول له وقالها الإخوان من قبلي: "أنت تحارب دين الله عز وجل"، وقد عاقبه الله بما فعله من هدم الإنسان، فهدم الإنسان هو أخطر ما أصاب مصر.

ومن وجهة نظري أن عبد الناصر سحق الإنسان المصري وحطمه وأبعده عن القيم والأخلاق واستخدم وسائل في غاية البشاعة لم يأتِ وقت بعد لنقول كيف كانت سجون مصر في عهد عبد الناصر، ما شرح منها نذر يسير, ومن جاء بعدها بنى على هذه الشخصية المحطمة، واستخدم عدة وسائل لا يتم بها الإصلاح عبر صراعات وتوازنات للاستفادة منها لكي يبقى بعيدًا عن الأنظار ويبقى المتصارعون مشغولين بصراعاتهم.

* وكيف تنظرون لفترة المخلوع؟

    • مرحلة المخلوع حسني مبارك لم تكن إفسادًا أو فسادًا فقط، بل كانت إفقار مصر وإمراضها عن عمد، فالحقيقة أنه وعصابته اعتبروا مصر ليست عزبةً هم ملاكها بل كانت عزبةً هم لصوصها، وظلوا يقسمون خيراتها بينهم لدرجة تؤصل الانطباع الشعبي بأن "البلد بلدهم", والذي يثبت ذلك أيضًا ميزانيات الشرطة ومخصصات الرئاسة والوزارات السيادية التي تساعد المخلوع على تدعيم حكمه، واستخدام هؤلاء المنتفعين لينقضوا قيم وتقاليد الإسلام، وليس الإسلام وحده بل المسيحية.

وكان يلعب بمقدرات الوطن لصالحه فقط، ولبقاء هذه الفئة المنتفعة، الذين كانوا حريصين أن ينتفعوا ويجعلوا البلد كله فقيرًا ويفرق بينهم شيعًا حتى يظلوا منشغلين ببعضهم وفي البحث عن لقمة عيشهم ويروق لهم الجو ويقتسموا الغنيمة بينهم عبر الاحتكار سواء احتكار اقتصادي أو سياسي، ويؤكد ذلك تلك النسبة العالية التي حصل عليها الإخوان وحزب الحرية والعدالة في الانتخابات البرلمانية إذ تجاوزت الـ40% بمعدل تصويت 10 ملايين مواطن، في حين عمل الحزب الوطني المنحل في 2010م على تزوير الانتخابات وأسقط جميع مرشحي الجماعة حينها، ورددوا أن الشعب لم يعد يحب الإخوان، فكذبوا على أنفسهم وكذبوا على الله وعلى الناس فكانت نهايتهم في السجن.

* واجهتكم محاكمات عسكرية أثناء حقبة المخلوع، كيف ترون هذه المرحلة الآن بعد انتهائها؟

    • هذا أمر خطير جدًّا، ونربأ بالجيش أن يدخل في تلك الأمور، وضروري أن يبقى بعيدًا عن الصراعات السياسية، ونقول للقيادات العسكرية: أنتم رجال جيشنا، ولا نريد أن نعاديكم، ولا بد من محاكمة المدنيين أمام قاضيهم الطبيعي، ونرفض أن يتم معاملة أي شخصٍ بغير القانون المدني الذي نخضع له جميعًا.

وفي السابق تعرضنا لكثيرٍ من تلك المحاكمات، وكنتُ في واحدةٍ منها، وحوكمت أمام القضاء العسكري بتهمة التغلغل في النقابات المهنية "بطرق مشروعة"، وهو أمرٌ مضحك للغاية، والملاحظ الآن- وفي السابق أيضًا- أن كل المهن التي لها عقلانية والتي تُسمَّى بمهن نخبوية مثل الأطباء والصيادلة والمعلمين والمحامين والصحفيين وغيرهم ينتخبون الإخوان، وكنت أدخل النقابات لدعم الإخوان عند أصحاب العقول المستنيرة للوقوف بجوار الإخوان في انتخاباتهم, فأغلق المخلوع النقابات، ووضع معظمها تحت حراسة قضائية لمدة تزيد عن 20 عامًا، من أجل منع الإخوان من الانتشار داخل النقابات.

ولم يعلم أن بفعله هذا قد خرَّب البلد, ومنع خير هؤلاء عن الشعب، وقد قالها رئيس الوزراء الدكتور عزيز صدقي: إننا "نعتذر للشعب المصري أننا حرمناه من مجهودات هذه الجماعة المباركة سنين طويلة"، ونحن بالفعل متأسفون أن حُرِمَ الشعب المصرى من المجهودات التي كنا نستطيع أن نقدمها له, وأقول: إن لواءات الجيش الذين حكموا علينا ظلمًا مضطرون، وإن قائده الأعلى هو الذي أوقعهم في تلك الورطة ليكونوا في مواجهة مع الشعب.

وأرجو من كل إنسانٍ يُظلم أن يلجأ أولاً إلى الله؛ لأنه عندما يشكو إليه يطمئن، وحين يقول حسبي الله ونعم الوكيل فسوف يأتي الله له بحقه، وكان من الممكن أن نرفع قضايا ونأخذ حقوقنا ونأخذ أحكامًا، ولكن حينها لن تنفذ بل يمكن أن نموت قبل أن نأخذ حقوقنا, ولكن ذلك العهد قد انتهى، وأصبحت دولة القانون هي السيد، ولا بد أن نقف يدًا واحدةً ضد أي خرقٍ للقانون.

* هل هذه المحاكمات ألقت بظلالها على العلاقة بين الإخوان والجيش؟


    • اللحظة الحرجة التي تمرُّ بها مصر أكبر من أي شيء، ونقول للمجلس العسكري: نحن حريصون على أن توفوا بوعدكم لشعبكم، ونرفض أي تغيير في الجدول الذي التزمتم به، وقلت لهم بالتحديد: لكم عندنا ثلاثة مواقف:

إن أحسنتم في أخذ قرار أو موقف سنشكركم عليه ونؤيدكم فيه، ولكننا لا نعطي توقيعًا على ورقة بيضاء، وعندما تتخذون موقفًا خاطئًا أو ممارسةً خاطئةً سنقول لكم هذا خطأ وصوابه كذا، ويكون بديلاً عن الذي فعلتموه؛ كي نساعدهم في إدارة العملية السياسية لمصلحة هذا البلد، والموقف الثالث الذي كنا نلحظه أيضًا أن تحدث عليهم ضغوط، إما من الداخل أو من الخارج فيتأخر ويتباطأ الأداء ويتراجع إلى الخلف..

قلت لهم: عندما نجدكم تتباطئون سندفعكم إلى الأمام.. هذه هي السياسة التي نسير عليها.. فليس عندنا صفقة معهم، ولا نعطي لهم شيكًا على بياض، فليس هناك معهم صفقة أو صدام، ولا نصطدم ولن نصطدم بأي قوةٍ من قوى مصر، فكلها لصالح هذا الوطن.. نحن نحافظ على مؤسسات مصر، ونقول: إن كل مؤسسة تطهر نفسها من داخلها بيدها"، وقد دَعَوني ذات مرة للجلوس معهم لمناقشة المشاكل الاقتصادية، فأرسلتُ لهم ثلاثة من الخبراء الكبار في الإخوان, وأعجبوا بالدراسة التي قدموها.

* هل حاولتم أن تطالبوا بحقوقكم أو لديكم إجراءات قضائية للمطالبة بحقوقكم من الذين عذبوكم في سجونهم طوال حكم المخلوع؟

    • نعم فالجرائم التي ارتكبت ضدنا وضد غيرنا لا تسقط بالتقادم, وحقوقنا عند الله محفوظة وسوف نأخذها منهم، والقيادات الذين ظلموا العباد وعذبوهم كان وراءهم رجل يُشجعهم على ذلك، وكان كلما برع أحد الأفراد في تعذيب أحد المواطنين كافأه واستحثه على المزيد، فتنافسوا في التعذيب.

إن مَن يقتل ويعذب يُرقّى لأعلى المناصب, والله سوف يقتص من كل ظالم، وأقول هذا الكلام لأن هناك قلوبًا مريضةً تعذب الناس حتى الآن، وأقول بكل وضوح لكل إنسان يمد يده يعذب إنسانًا الآن أيًّا كان منصبك لن نتركك، وإياك أن تعذب الناس من أجل الحصول على المعلومات؛ لأنك بذلك تنتهك كرامة الإنسان، وهذه مخالفة للقانون والدستور.

وأي واحد يعذب إنسانًا فسوف ينتقم الله منه، ولا يجوز أن تُهان كرامة شعب مصر، خاصةً بعد الثورة خشيةً من انتقام الله سبحانه وتعالى منه ومن الشعب المصري الذي لم يرضَ أبدًا أن ينتهك أحد مرةً أخرى بعد الثورة، سواء كان من الأمن الوطني أو الشرطة المدنية أو الشرطة العسكرية.


* مع ارتفاع سهم (حزب الحرية والعدالة) في الشارع وما خلفته نتيجة الانتخابات كيف ترى علاقة الجماعة بالحزب؟

    • الحزب ابن الجماعة، وأنا أفرح جدًّا عندما أجده ناجحًا وأكون سعيدًا بهذا النجاح، وهل يعقل أن أتبرأ منه حتى يفرح الداعون لفصل الحزب عن الجماعة، وقلنا كثيرًا: إننا لن نتدخل في شئون الحزب، ولكن نتابعه ونقومه إن أخطأ وندعو لهم بالتوفيق إن أصابوا، ونحن نضع خبراتنا تحت أيديهم ونقدم للجميع النصيحة، للجميع، فمن باب أولى أن تكون تلك النصيحة لحزبنا.

* البعض يحاول التشكيك في مدى قدرة الإخوان على التواصل مع الأقباط.. فما ردكم؟

    • هناك أكثر من 100 مسيحي شاركوا في تأسيس حزب (الحرية والعدالة) من بين سبعة آلاف عضو مؤسس، وعلاقتنا تاريخية مع الأقباط، وليس هناك خلاف في الرؤى الوطنية، فمصر وطننا جميعًا، وقلت كثيرًا: إنني أحب أن أزور الفاتيكان والاتحاد الأوروبي حتى أحدثهم عن الإسلام, وأريد أن تقوم الصلة بين الديانات السماوية، فالوصايا العشر موجودة في التوراة والإنجيل وفي سورة الإسراء بالقرآن الكريم.

ولقد أجريت اتصالاً مع بطريرك الكرازة المرقسية بابا الإسكندرية البابا شنودة عقب تعرضه لوعكة صحية ألمَّت به ودعوتُ له بالشفاء، ونحن حريصون على علاقتنا بالأقباط في ظلِّ هذا الدين والمنهاج الرباني الذي سيتمتعون فيه بكل عدل وحرية وعدالة حرمنا منها كلنا أثناء حكم نظام بائد كان لا يقيم وزنًا لنظام أو دين أو دستور.

* البعض يقول: إن مكتب الإرشاد والمرشد العام يمكن أن يتدخل في تسيير أمور الدولة، وفي هذا الإطار ما طبيعة علاقتكم مع الدكتور الكتاتني رئيس مجلس الشعب؟

    • ربما كلمة التنسيق باتت تُفهم على نحو خطأ في ظلِّ الحديث الإعلامي الدائر غير المنضبط، ولكن رأينا بوضوح أن الحزب وهيئته البرلمانية ولجانها لها مطلق الحرية في قراراتها، ونحن من بعيدٍ ندعو له, فهل يجوز عندما يكون ابني ناجحًا وبدأ يعمل وينجح أن أقول له من باب حقوق الأبوة سيّر عمل المؤسسة بالشكل الفلاني؟ هذا أمر لا يصح"، فاختيار البرلمان للكتاتني أمر يفرحنا بتلك الأغلبية التي حاز عليها، ونتشرف أن يكون من الإخوان الرجل الثاني في الدولة، وهذه هي مكانة الإخوان المسلمين في مصر ومكانة أبنائها.

* مؤخرًا قررت الجماعة أن تكون على رأس الحكومة وأن تسحب دعمها عن حكومة الجنزوري، فكيف ستكون علاقة الإخوان بالحكومة الجديدة؟

    • عرض الإخوان المسلمون اقتراحًا على لسان المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام في الفضاء الإعلامي باستعداد (حزب الحرية والعدالة) لتشكيل حكومة ائتلافية من القوى الوطنية التي وصلت إلى البرلمان حتى يصل الاقتراح إلى من بيدهم الأمر، فيتخذوا إزاءه القرار المناسب، إلا أن ردهم على هذا المقترح جاء سلبيًّا بتأكيد استمرار الحكومة القائمة حتى نهاية الفترة الانتقالية.

وكان الدافع وراء هذا المقترح الكارثة الجديدة التي وقعت في استاد بورسعيد، وخشينا معها أن تضيع الحقائق والأدلة ويفلت المجرمون من العقاب مثلما حدث في الكوارث السابقة (ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء)، فشعرنا بأنه لا بد أن تكون هناك حكومة قوية تستند إلى الشعب وتستمد شرعيتها منه، ولما كان الشعب قد منح ثقته بالدرجة الأولى (لحزب الحرية والعدالة) ثم بقية الأحزاب والقوى التي نجحت في انتخابات مجلس الشعب فكان الطبيعي أن يتم تشكيل الحكومة القوية منها، حكومة ائتلافية يقودها الحزب.

والحكومة لا بد أن تكون ائتلافية، وأن تكون هيكلاً عظيمًا قويًّا يحقق تآلفًا وتحابّا وانسجامًا؛ لأن أية علاقة ليس بها تواؤم وتجانس وتحاب ستؤدي إلى علاقة تناحر، وقد تتسبب في استقطاب الوزارة إلى قطبين البعض مع وزير والآخرون مع وزير آخر، وفي النهاية تأتي المحصلة صفرًا بلا إنجازات, لا بد من التآلف والتوافق والحب بين أعضاء الوزارة من الإخوان وغيرهم, ونحن وراء هذه الوزارة وسندعمها بكل الدراسات والبحوث ونقف بجانبها.

* رئيس الحكومة الذي سيكون من الإخوان علاقتكم به كيف ستكون؟

    • لن نتدخل في أي قرارات للحكومة، وسيكون موقفنا منه هو موقفنا من رئيس البرلمان علاقة نصيحة ودعم ودفع في حال أي بطء.

* كيف ستكون العلاقة بينكم وبين القوى العلمانية والليبرالية في المرحلة المقبلة؟

    • نكنّ للجميع الاحترام مهما اختلفنا أو اتفقنا معهم، ونتعاون فيما اتفقنا عليه، وقد تكون وجهات النظر صحيحة والآراء تختلف، كل منا له توجه خاص، وسوف نتفق على ما فيه صلاح لمصر بعد النظر فيما نتفق عليه ثم نعرضه على الشعب كي يختار، وسوف نقول: إن مرجعيتنا الإسلامية هي التي تعبر عن آرائنا, ولا بد أن نكون جميعًا متحملين للمسئولية.

التنوع يثري الحياة، والتنوع كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين من بعدهم, ولا بد من مراعاة حاجات الشعب المصري بكل أطيافه؛ لأننا أصبحنا مسئولين عن آلامه وأحلامه وأحزانه وأفراحه, والتنافس من أجل مصر خير، وتنافس الجميع لتقديم أفضل ما عنده يُثري الحياة المصرية ويجعلها في المقدمة بين الدول.

* من الماضي والحاضر إلى المستقبل كيف ترون جماعة الإخوان بعد 10 سنوات؟

    • لا يعلم الغيب إلا الله, الجماعة سوف تنطلق في الشعب المصري بكل قوة بعد أن كانت تنطلق وهي مكبلة اليدين، ونحن مكبلون بالسلاسل لم نسكت عن خدمة شعب مصر, وطاقة الجماعة التي كانت موجهةً للشعب بنسبة 1% والإخوان مقيدون سوف تكون 80% وهي حرة, فالإخوان جماعة خدمية للعالم كله وليس لمصر فقط، وستظل حاملة لهذا الخير لمصر والعالم.

وسيظل الأزهر المرجعية العلمية لنا في كل مجالات الحياة إذا اختلفنا في شيء من أمور الدنيا.

* كيف ترون مستقبل الحياة السياسية في مصر في عشر سنوات؟ وهل تتوقعون أن تكون المنافسة محصورة بين الأحزاب الإسلامية؟

    • الكل سيزيد من جهده وتنافسه، ونتمنى أن يوجد من يغلبني في التنافس للوصول للأفضل، وكل ذلك في صالح الشعب المصري, وأنا متفائل بدور مصر؛ لأنها رائدة طوال تاريخها وجنودها خير أجناد الأرض, وأملي في الله كبير أن يجعلنا كما قال يوسف لعزيز مصر (‬اجْعَلْنِى عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (يوسف)، وهذا دليل على أن رب العزة وضع في هذه الأرض خيرات لم يخرجها إلا عندما نكون كما قال الله عز وجل: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)، وسوف يفتح الله على مصر البركات إذا اتحد شعب مصر وأصبح يدًا واحدة من أجل هذا الوطن الحبيب.

* لاحظ البعض صعودًا سلفيًّا في الانتخابات التشريعية.. فكيف تفسرون ذلك؟

    • في انتخابات مجلس الشعب الماضية كانت هناك مفاجأة تمثلت في استحواذ الجماعات السلفية التي كان دورها مقتصرًا على الوعظ في المساجد وخارجها وتقديم خدمات مخفضة الثمن على ثاني أكبر عددٍ من المقاعد، والحقيقة أن إخواننا السلفيين ليسوا تكتلاً واحدًا، فهم تجمعات ذات قيادات مختلفة، وكما أن هناك تفسيرات سياسية هناك تفسيرات دينية في الفروع، أما الأصول فواحدة عند الجميع.

والاختلاف بيننا وبينهم في الآليات والوسائل، وفى طريقة العرض للناس والتعامل مع بعض الأحداث، أنهم حديثو عهدٍ بالسياسة، أما نحن فلنا في هذه الممارسة السياسية فترة طويلة وعريقة، والتنسيق مع الإخوة السلفيين وبقية الأحزاب أمر مستمر، وليس معناه التحالف.

* كيف ترون مستقبل العالم الإسلامي والعربي في ظل ثورات الربيع العربي؟

    • نتمنى أن يتوحد وأن ينتصر لكرامته وأن يعيد لُحمته مع بعضه البعض في أهداف تكاملية ليست صراعية ولا تعارضية، نريد أن نقدم نموذج السوق العربية المشتركة، واتفاقيات الدفاع العربي المشترك، والاتفاق العلمي والثقافي والاقتصادي, وأن نقدم نموذجًا لللآخرين يعرفون به أن العرب كما قدموا ألف ليلة وليلة قدموا ألف اختراع واختراع, كما حدث في لندن ألف اختراع واختراع.

العالم الإسلامي يشعر بالمسئولية والأمانة على عاتقه, ورسالة الإسلام الخاتمة تمثل الحضارة والقيم والأخلاق ولا يمكن الرد على دعاوى اتهام المسلمين بالتخلف إلا بالفكر الناضج والعاقل والاختراعات التي تثبت أننا شعب له حضارة تاريخية علمها للعالم أجمع وأن نقدم قدوة عملية بهذا الدين.

* وماذا عن تشكيل اللجنة التأسيسية التي سيتم تشكيلها لإعداد الدستور؟

    • رأيُنا واضح، فاللجنة التأسيسية التي ستضع الدستور لا بد أن تكون ممثلةً لكل طوائف وشرائح الشعب، ومعبرةً عن طموحاته وآماله، ويجب التوافق على التشكيل الوزاري، وبهذا يتحقق الانسجام بين مثلث متساوى الأضلاع "رئاسة ووزارة وبرلمان"، ليتعاون الجميع مع الشعب.

وقد أوشكت انتخابات مجلس الشورى على الانتهاء، وقد تمَّت بحمد الله بنزاهة وحرية رغم ضعف الإقبال عليها، ربما لشعور الناس أن صلاحيات مجلس الشورى قليلة، وربما للإرهاق الذي حل بهم نتيجة انتخابات مجلس الشعب التي استمرت حوالي ثلاثة أشهر، ونحن نرى إما أن يجري توسيع اختصاصاته وصلاحياته حتى تتوازى وتتكامل مع اختصاصات مجلس الشعب أو أن يُلغى، وعمومًا هذا ما سيقرره الدستور القادم،

ولكن النتيجة التي ظهرت من المرحلة الأولى تقطع بأن غالبية الشعب المصري تحب الإسلام وتتطلع إلى العيش في ظلاله، ومن ثَمَّ فإنه يختار الإسلاميين ودعوتنا أولاً للإخوة أصحاب المذاهب الأخرى أن يدرسوا الإسلام دراسة محايدة متعمقة من مصادره الأساسية دون التأثر بحملات خصومة وافتراءاتهم عليه سواء أكانوا من الغرب أم من الشرق.

ودعوتنا ثانيًا للجميع أن يحترموا إرادة الشعب وقواعد الديمقراطية، وألا يحاولوا تجاوزها أو الافتئات عليها، وألا يصبوا جامَّ غضبهم على الشعب، وإنما عليهم الاختلاط به وخدمته واحترامه.

* دعوتَ فضيلتك لاجتماع للقوى الوطنية لبحث الوضع المصري وللخروج من الوضع الحالي، ثم أرجأتم الموعد ولم يتحدد حتى الآن، ما أسباب الإرجاء؟ وهل ذلك يعني الإلغاء؟

    • بالفعل دعوت القوى الوطنية لحوار من أجل مصر "رقم 6"، وقد انعقدت قبل ذلك خمسة مؤتمرات حضرها كثير من ممثلي الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية، وتم تشكيل لجان لأهداف محددة، وأرى أن مصر اليوم تحتاج إلى عقول جميع أبنائها، وأيضًا لسلامة صدورهم وإخلاصهم لمصلحتها وتوافقهم على طريق تماسكها وتقدمها وخدمة شعبها، ووصلتني بالفعل موافقات كثيرة- والحمد لله- من عددٍ كبيرٍ من السياسيين ممن يرغبون في المشاركة.

وعندما حددت الموعد في 21 فبراير الجاري وجدت بعض الاعتراضات، وصلتني بعضها مكتوبة أو عبر مكالمات هاتفية، وطلبوا مني تأجيل الموعد لعدة أيام لإتمام مشاوراتهم الداخلية قبل المشاركة، ووعدتهم بذلك، وسوف أعلن قريبًا الموعد الجديد بإذن الله، وسأرسل إليهم دعوات المشاركة.

* كثير من الدعوات خرجت مؤخرًا حول الرئيس التوافقي، واستغلها البعض للحديث عن صفقة بين الجماعة والمجلس العسكري؟

    • كما قلت سابقًا ليس هناك صفقة، وأرى أن وضع عدد من الضوابط للرئيس القادم أهم من الرئيس نفسه، ونتمنى أن يكون الدستور الجديد قد تم إعداده خلال هذه الفترة، ولو على التوازي مع فتح باب الترشيح حتى يحدد سلطات الرئيس ويضمن عدم تداخل السلطات كما حدث من قبل، ومن ثَمَّ فنحن نحاول الآن ضبط مواصفات الرئيس وتقليص سلطاته حتى لا ننتج فرعونًا آخر.

أما عن تأييد مرشح بعينه فباب الترشيح لم يفتح بعد، وسننتظر حتى يفتح باب الترشيح، وسيتقدم من يتقدم، ونقوم بعدها بحصر عدد المتقدمين وندرس بعدها برامجهم، وتقوم مؤسسة الإخوان بالاختيار بينهم بالشورى، ثم نحاول أن نوجد حالة توافق عام ليس على مرشح واحد ولكن على عدد محدود من المرشحين، وعندها يكون التنافس دون تشتيت الأصوات.

ونرى أن التوافق ليس معناه إجماع المصريين على شخص، ولكن تقليل عدد المرشحين المتصفين بصفات وطنية، وفي النهاية تقرر مؤسسة الجماعة الشورية دعم أحد هؤلاء المرشحين بعينه، والمرشح الذي سندعمه لن يكون مرشحًا محسوبًا على تيار إسلامي بعينه، وإلا كنا نحن أولى، ولا بد أن يكون المرشح ذا خلفية إسلامية، وحتى الآن الجماعة لم تحسم أمرها ولم تناقش الأمر في مؤسساتها.

المصدر