نحو مناقشة أوسع من أزمة طلاب الإخوان...

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
نحو مناقشة أوسع من أزمة طلاب الإخوان ...


ضياء رشوان..

(الأثنين 18 ديسمبر 2006)

تثير الأزمة الواسعة التي أثارتها تدريبات طلاب الإخوان المسلمين في جامعة الأزهر، قضايا كثيرة تستحق المناقشة الجادة، كما تثير مخاوف كبيرة تستوجب إثارتها ولفت انتباه الرأي العام المصري إليها قبل فوات الأوان.

ولعل القضية الوحيدة في هذا النقاش العام المحتدم التي حظيت بقدر من التوافق الواسع حولها من جميع الأطراف حتي المختلفة جذرياُ فيما بينها، هي إدانة ما قام به طلاب الإخوان بالأزهر أو الاعتذار عنه باعتباره مظهراً لا يتسق مع الرؤية الفكرية والمسلك الحركي لأي قوة سياسية في البلاد، تعتنق فكرة التطور الديمقراطي والتغيير السلمي للأوضاع القائمة في البلاد حالياً. وعلي الرغم من ذلك التوافق حول جوهر الأزمة نفسه بين مختلف أطرافها، فإن مسارها المتسارع أوضح أنهم مختلفون بعد ذلك في معظم القضايا المرتبطة بها بمختلف أنواعها وأحجامها.

فالقضية الأصلية ـ التي اندلعت الأزمة علي أرضيتها والتي هي أكثر اتساعاً وأطول عمراً منها، أي قضية حرية العمل السياسي والانتخابات الطلابية في الجامعات المصرية ـ لا تزال محل خلاف عميق بين من يرون ضرورة توفير الغطاء القانوني اللازم لممارستها ـ كما هو الحال في مختلف جامعات العالم ـ وبين من ينحازون إلي الوضع القائم في الجامعات المصرية منذ صدور اللائحة الطلابية عام 1979

والتي تحظر هذا العمل السياسي بداخل الجامعات، وتضع قيوداً ثقيلة علي حرية الطلاب في تشكيل الاتحادات المنتخبة المعبرة عنهم. ويبدو أن تفاصيل الأزمة، وحدة الخلاف حولها، قد حالت حتي الآن دون التعرض، بقدر أعمق وأوسع من المناقشة الجدية، لتلك القضية المحورية والسعي للتوصل إلي حل حاسم ونهائي لها.

فإذا كان الاستعراض الذي قام به طلاب الإخوان، قد مثّل لكل من أدانوه أو اعتذروا عنه. مؤشراً خطراً لما يمكن أن يحدث في المستقبل من عنف محتمل في الجامعات المصرية وربما في المجتمع كله، فلا شك أن نفس تلك الجامعات وهذا المجتمع، يشهدون يومياً ومنذ سنوات طويلة مظاهر لا حصر لها لعنف يقع بالفعل وليس مجرد احتمال يخشي منه.

ولعل الصور الصحفية والمشاهد التليفزيونية التي تسجل صور ذلك العنف المتنامي في جنبات الجامعات بما فيها عنف "البلطجية" في جامعة عين شمس، وعنف قوات الأمن المدججة بالسلاح ضد أي تحرك طلابي سلمي للاحتجاج في حرم الجامعات وحولها، فضلاً عن المظاهر الأخطر للعنف المجتمعي المتسع حسب جميع التقارير الأمنية والدراسات المتخصصة والملاحظات العينية المباشرة لكل المصريين، تشير كلها إلي الحجم الأكبر والمدي الأخطر الذي باتت قضية العنف الاجتماعي العام تمثله.

أيضاً وفي خضم الصراع المحتدم حول القضية الأوسع من أزمة طلاب الإخوان بجامعة الأزهر، أي جماعة الإخوان المسلمين نفسها، بدا الجدال العام الدائر حولها منقسماً بصورة عامة ما بين إدانتها ومطالبة واضحة بإقصائها من الحياة السياسية المصرية، وبين دفاع عنها وتبن لمعظم مقولاتها الفكرية والسياسية الرئيسية.

وبذلك غابت الأسئلة الجوهرية حول "المسألة الإخوانية" في خضم هذا الجدال أو التراشق حول الجماعة، وفي مقدمتها: هل من الممكن من الناحية الواقعية أو من المقبول من الناحية المبدئية "استئصال" جماعة بهذا الحجم وتلك الخصائص من الحياة السياسية المصرية؟

وبذلك الغياب للسؤال الأول، غاب السؤال المترتب علي إحدي إجابتيه حتي عند أكثر المتحمسين لها وهو: كيف يمكن "استئصال" الإخوان ليس فقط كجماعة يري هؤلاء أنها "محظورة" بل كحالة مجتمعية وسياسية متغلغلة في مختلف جنبات ونواحي البلاد؟

كما غاب أيضاً السؤال التالي المنطقي عمن يرون ضرورة استمرار الإخوان كواحدة من القوي السياسية الرئيسية الأصيلة في البلاد: ما القضايا الرئيسية التي يجب علي الإخوان حسمها وإعلانهم موقفاً واضحاً منها حتي يتخلص المجتمع أو قطاعات منه من مخاوفهم التي تثيرها أحياناً الصياغات العامة غير المفصلة للجماعة بشأنها أو التصرفات غير المسؤولة لبعض أعضائها كما فعل طلاب الأزهر؟

إن الأزمة التي أثارتها واقعة جامعة الأزهر تبدو أكثر عمقاً واتساعاً من مجرد تفاصيلها علي أهميتها البالغة، وحتي لا يظل المجتمع المصري ونخبتاه السياسية والثقافية في حالة رد فعل دائمة علي مثل تلك الأزمات التي اكتسبت صفة الدورية والانتظام، فإن الأمر يستحق أن تتم إثارة القضايا الأكثر اتساعاً وخطورة من نطاق مثل تلك الأزمات بطريقة أكثر تنظيماً وإيجابية للتوصل إلي توافقات قومية حولها، أو حتي اختلافات واضحة تجاهها فيما بين الفرقاء السياسيين والفكريين.

ولعل الأمثلة السابقة للقضايا وعشرات أخري غيرها تستحق الدعوة إلي مؤتمر وطني عام لجميع القوي السياسية والفكرية في البلاد للتداول العام والعلني حولها، يتبناه تجمع من النقابات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، حتي لا نضطر في كل مرة وكل أزمة إلي إعادة إنتاج ما قلناه المرة السابقة، دون أن نتوصل لما يمكن أن نتفق عليه أو حتي نختلف حوله.

المصدر