موقف إخوان الأردن وسوريا من الربيع العربي
محتويات
إخوان الأردن
اندفعت الشعوب العربية تعبر عما تعانيه من كبت واضطهاد من الأنظمة الحاكمة لها في ثورات الربيع العربي، غير أن الوضع في الأردن لم يسير على نسق ما سار في تونس ومصر واليمن وسوريا.
لقد جاء "الربيع العربي" بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فالجماعة أظهرت حماسة فائضة لانتصارات الإخوان في عدة أقطار عربية، وصرح زعماء لها، بأنهم ليسوا أقل شأنا من إخوانهم في فلسطين وغزة وتونس وغيرها، وأن الأردن ليس استثناء عن السائد في الحالة العربية.
ما قرع نواقيس الخطر في دوائر صنع القرار في المملكة، لتبدأ المواجهة مع الجماعة وحملات التضييق و"الشيطنة" سياسيا وإعلاميا وفكريا، ولتبدأ على مسار مواز، محاولات تفكيكها وتقسيمها، وصولا إلى حظر الجماعة وإغلاق مكاتبها، والإبقاء على حزبها السياسي المرخص، حزب جبهة العمل الإسلامي، والسماح له بمزاولة نشاطاته، وفقا لضوابط وقيود صارمة للغاية.
وعلى الرغم من رغبة وتطلع إخوان الأردن لحياة أفضل وإصلاحات جذرية في السياسية الأردنية إلا أنهم في شباط - فبراير 2011 (ذروة الربيع العربي) جمع لقاء العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، بقيادات الصف الأول في جماعة الإخوان المسلمين.
تلقى القصر خلال اللقاء رسائل تطمين من الإسلاميين بأن الربيع الأردني لن يكون على غرار التجربة المصرية، ولن يُرفع شعار "إسقاط النظام"، أو تنقل فكرة ميدان التحرير إلى دوار الداخلية. إلا أن النظام الأردني بدأ هجمة مضادة على الجماعة، تمثلت في سحب الغطاء القانوني للجماعة، والتضييق على فعالياتها، وسجن بعض قيادييها، خاصة بعد مظاهرات أذار/ مارس في دوار الداخلية.
وأكد القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين عبد اللطيف عربيات أن "الإخوان لا يريدون تغيير النظام في الأردن، كما صورت هذه القوى، سواء كانت محلية أم خارجية، عربية أو أجنبية، لها أهدافها الخاصة التي لا تتماشى مع أهداف البلد".
وشن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني هجوما صريحا على الجماعة، ووصفها بـ"الماسونية" في مقابلته مع مجلة "ذا أتلانتك" الأمريكية، وقال في حديث لشبكة "بي بي إس" الأمريكية إن "جماعة الإخوان المسلمين جمعية سياسية منظّمة؛ قامت باختطاف الربيع العربي".
يقول الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي، محمد أبو رمان
- إن "تأزم العلاقة بين جماعة الإخوان والنظام الأردني؛ يأتي نتيجة كرة الثلج المتدحرجة، فالأزمة الحالية ليست وليدة اليوم، فقد بدأت في 1985 عندما وجه الملك حسين بن طلال رسالة مهمة للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، واتهم الإخوان فيها بالخداع".
كما وجه رسالة لرئيس وزرائه زيد الرفاعي يلمح فيها بأنه خدع بجماعة الإخوان وبنواياهم، وأنهم أصبحوا جماعة قوة مؤثرة سحبوا البساط من تحت أقدام القوى اليسارية والقومية، خاصة بعد مظاهرات جامعة اليرموك احتجاجا على رفع الرسوم والضرائب ضد الحكومة. (1)
ويضيف:
- بدأت الفجوة بين الإخوان والنظام بالاتساع في فترة التسعينيات، بسبب اتجاه النظام الأردني نحو التصالح مع الخليج، والخصخصة، ومعاهدة السلام، لتتصدر حينها جماعة الإخوان قوى المعارضة بشكل كبير".
بدأ النظام الأردني يستشعر أن جماعة الإخوان المسلمين، وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي تأسس في 1992م، حتى أصبح فاعلا مركزيا على الساحة السياسية الأردنية.
وقال أبو رمان إن
- "الأزمة بين النظام والإخوان بقيت تتدحرج، حتى وصلت إلى أسوأ مراحلها مع نجاح ثورات الربيع العربي، حيث قدّرت الدولة أن الإخوان لديهم نوايا حقيقية لإجراء انقلاب ناعم عليها".
أما مراد العضايلة (عضو مجلس شورى الجماعة) فأكد أن الحركة الإسلامية "لم تخرج عن سياساتها العامة في علاقتها مع النظام، وكان أهم شعاراتها في الربيع العربي؛ إصلاح النظام، لا إسقاطه". (2)
مثَّل الانقلاب العسكري في مصر، 3 يوليو /تموز 2013، نقطة تحول جديدة في سياق الأزمة المتدحرجة بين الجماعة والدولة، مما جعل مجلس السياسات (وهو أعلى هيئة لصوغ السياسات الرسمية الأردنية) يدرس خيارات الأردن في التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين غداة الانقلاب المصري
ووضعها في ثلاثة سيناريوهات:
- الأول: هو حظر الجماعة قانونيًّا واعتبارها إرهابية، أسوة بتلك الدول؛
- والثاني: هو استثمار مرحلة ضعف الجماعة وفتح قنوات الحوار السياسي معها، لإخضاعها لشروط اللعبة التي يحددها النظام؛
- والثالث: بقاء الوضع على ما هو عليه، مع تجميد أي اتصال أو تواصل استراتيجي مع الجماعة، وتركها لأزمتها الداخلية التي كانت تأكل من قوتها ورصيدها الاجتماعي والسياسي. (3)
اتُّخذ القرار، وبقيت الأمور معلّقة بين الجماعة والدولة، مع حالة من الضبابية الشديدة في موقف الطرفين؛ فالجماعة كانت تراهن على فشل أجندة المعسكر المحافظ، وعودة الثورة المصرية والإخوان، وربما محمد مرسي، وتعيش "حالة إنكار" لما حدث، أولًا، وأزمة النظام الاقتصادية، ثانيًا؛ بينما النظام كان يراهن على الأزمة الداخلية الإخوانية.
مع مرور الوقت، بدأ ينقشع الضباب وتتضح موازين القوى الجديدة، وبدأت الجماعة تدرك أن معطيات لحظة الربيع الأولى تلاشت، على الأقل في المشهد الأردني، مع تبخر الحراك الشعبي الداخلي، تحت وطأة القلق من الظروف الإقليمية، ومع الأزمة الداخلية للجماعة، ومع استمرار نظام السيسي برغم أزماته الداخلية.
الإخوان في سوريا والثورة
تُعتَبَر جماعة الإخوان المسلمين في سورية الحركة الأقوى والأكثر تنظيمًا من بين قوى المعارضة السورية، على الرغم من نفي قادتها من البلاد في عهد حافظ الأسد. فبعد حوالي ثمانية عشر شهراً على اندلاع الثورة، ساهمت الجماعة في تأسيس المجلس الوطني السوري، وهى تُعتبر المكون الرئيس في المجلس. تمثل جماعة الإخوان المسلمين حوالي ربع أعضاء المجلس الوطني السوري البالغ عددهم 310 عضوًا.
وقد حظيت بهذا الموقع الذي يتجاوز - بحسب المعارضين السوريين - حجمها الفعلي على الأرض وفي الثورة، بفضل تعدد الهيئات التي أقامتها في المنافي، وخبرتها في العمل السياسي. وقد أعلن المراقب العام للجماعة في سورية محمد رياض الشقفة أن الجماعة تؤيد الاحتجاجات والتظاهرات المطالبة بإسقاط النظام السوري مؤكدًا مشاركة الإخوان فيها بفاعلية ومشدداً على استمرار الاحتجاجات حتى إسقاط النظام.
ويخشى معارضون من أن تتحول البلاد من "سوريا الأسد" إلى "سوريا الشقفة"، أو إلى نموذجي مصر وتونس ما بعد ثوراتهما. لكن الواقع مختلف في سوريا، إذ ليس لدى "إخوانها" قاعدة شعبية حقيقية يستندون اليها. يضاف إلى ذلك اختلاف طبيعة المجتمع السوري والحجم الكبير والانتشار الملحوظ للأقليات، ما يجعل من تحقيق الجماعة لنوع من الهيمنة أمراً صعباً. (4)
غير أنه على أرض الواقع تعتبر الثورة السورية ليست ذات قوة أمام النظام السوري والجيش الروسي والايراني بسبب حالة عدم الوفاق والتخوين بين المعارضة بعضها البعض.
فالجيش الحر لا يتوافق مع الإخوان، فقد جدد فهد المصري مسؤول إدارة الإعلام المركزي في القيادة المشتركة للجيش السوري الحر انتقاده لسيطرة جماعة الإخوان المسلمين على ائتلاف المعارضة السورية، وقال: "إنها تحاول الركوب والسطو على الثورة".
كما حمَّلت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر، أمس السبت، جماعة "الإخوان المسلمين" بسوريا مسؤولية تأخر انتصار الثورة وتشرذم المعارضة. (5) ولا تجد المعارضة على قلب رجل واحد مما سهل على الجيش السوري والروسي والايراني توجيه الضربات المتتالية للأراضي السورية والتي يسيطر على بعضها المعارضة وفي الغالب يقع الضرر الأكبر على المدنين الأبرياء، ومن ثم لن تنتصر الثورة السورية إلا بتغليب المصلحة العامة دون التفكير في ساعة الحسم والمناصب.
من الواضح أن الحركات الإسلامية من السهل لها التغلغل وسط الشعوب والتأثير فيها، وطرح مبادئها إلا أنها دائما تصطدم مع الأنظمة الحاكمة والتي في مجملها تخرج من بوتقة الأنظمة العسكرية، وهذا ما يجعل الحركات الإسلامية تتقوقع على نفسها وقت اشتداد الضربات عليها، لكن بعدما تترك فيها شروخ وثقوب لا تعالج بسهولة.
المراجع
- إبراهيم غرايبة، جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، مرجع سابق، صـ85، 86.
- محمد العرسان: إخوان الأردن والنظام.. كيف أضحى حلفاء الأمس أعداء اليوم؟
- مجلس السياسات يدعم النسور ويجمد وضع "الإخوان"، موقع جريدة الحياة اللندنية، الأحد، 01 ديسمبر /كانون الأول 2013.
- يوسف شيخو: «موسم الهجوم» على إخوان سوريا، الأربعاء 10 نيسان 2013م
- الجيش الحر يُحمِّل الإخوان المسلمين مسؤولية تأخر انتصار الثورة أورينت نت
للمزيد عن الإخوان في سوريا
|
1- الشيخ الدكتور مصطفي السباعي (1945-1964م) أول مراقباً عاماً للإخوان المسلمين بسوريا ولبنان. 2- الأستاذ عصام العطار (1964- 1973م). 3- الشيخ عبدالفتاح أبو غدة (1973-1975م). 4- الأستاذ عدنان سعد الدين (1975-1981م). 5- الدكتور حسن هويدي (1981- 1985م). 6- الدكتور منير الغضبان (لمدة ستة أشهر عام 1985م) |
7- الأستاذ محمد ديب الجاجي (1985م لمدة ستة أشهر). 8- الشيخ عبدالفتاح أبو غدة (1986- 1991م) 9- د. حسن هويدي (1991- 1996م). 10- الأستاذ علي صدر الدين البيانوني (1996- أغسطس 2010م) 11- المهندس محمد رياض شقفة (أغسطس 2010) . |
للمزيد عن الإخوان في الأردن
من أعلام الإخوان في الأردن
