موقعة الجمل هل أنقذت الوطن

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
موقعة الجمل هل أنقذت الوطن

مقدمة

رحم الله شهداءنا الذين ضحوا بأنفسهم في ثورة 25 يناير، والذين وراهم الثرى وهم يحلمون برحيق الحرية، لكن الشهادة قطفتهم قبل أن يستنشقوا هذا الرحيق، ونعموا برحيق الجنان عند رب كريم- نحسبهم كذلك.

نجحت ثورة يناير بتوحد الرفقاء، وكان الشعب على قلب رجلا واحد فما شعر أحد في ميدان التحرير بفرق بين تيار وأخر، أو قوى سياسية وغيرها، لقد كان انصهار الشعب لا يستطيع أحد أن يفرق بينهم، وتجلى ذلك في موقعة الجمل.

في يوم الثلاثاء 1 فبراير 2011م دعى المتظاهرون لأول مظاهرة مليونية والتي استجاب لها الشعب واحتشد فيها لأول مرة في هذه الحشد الكبير في تحدى كبير للظلم الذي ظلوا فيها سنين عددا، ومرت الساعات والجميع يشعر بأن الميدان يتزين بمن فه، وبعد انتهاء اليوم بعد ان نزل رجال القوات المسلحة في الميدان وشاهدوا الحشد الذي كان عاملا قويا في تحجيمها في التعامل بالشدة مع معتصمي التحرير.

لكن ما أن حل الظلام وانصرف من انصرف، أخذت الشائعات تنتشر أكثر بتعدي البلطجية على البيوت والأسر الأمنة، لكن يبدو أنها لم تؤثر في الناس كثيرا الذين لا يعرفون ما يجرى خارج الميدان، غير أن الجميع سارع بالجلوس أمام شاشة العرض والتي وفرها للجميع وحدة الإعلام في الميدان لمشاهدة الجزيرة، في انتظار خطاب مبارك لعله يثلج صدورهم بالتنحي، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد خطب خطابا دغدغ فيه العواطف والمشاعر، وانهمرت كثير من دموع بعض المعتصمين، وفجأة انتهى الخطاب وظهرت بوادر الشقاق في الميدان ما بين مطالبا بالانصراف لنعطي الرجل فرصة أن ينهي فترة رياسته، وأخر يطالب بأن نترك الرجل يموت على أرض الوطن كما طلب، وغالبية مصممه على مواصلة الاعتصام، وكان هؤلاء هم الذين شاركوا من أول يوم في الثورة وشاهدوا الشهداء يتساقط الواحد تلو الآخر، واستقر الرأي على مواصلة الاعتصام، وانصرف البعض على أمل العودة في الصباح الباكر للميدان لكونه منذ الصباح يقف على قدمه الميدان، لكن لم يعلم أحد بما كانت يخبئه الصباح.

وما ان انجلى فجر الأربعاء 2 فبراير استيقظ الجميع للوقوف بين يدي ربهم في صلاة الفجر رافعين أكف الضراعة إلى ربهم، بعدها ظل من يقرأ القرآن ، وأخرين خلدوا إلى النوم، وما ان اقترب الساعة من العاشرة إلا واستيقظ الجميع على وقع الصدمة، حشود تحيط بالميدان من كل مكان، وكان الميدان في هذا الوقت شبه خالي – إلا ممن تبقى من جاء من الأقاليم ومن ظل في الميدان لم يغادره – حتى استشعر المعتصمين بالخطر والموت يحوم حولهم من كل اتجاه، والهتافات ضدهم، وهنا استيقظ كل من في الميدان، وعبر شاشات التلفزيون شاهد الجميع نذر الصدام القادم بين الطرفين، فسارع شباب القاهرة والجيزة ومن تثنى له النفرة من كل مكان للتوجه لميدان التحرير لإنقاذ من فيه.

وفي مفاجأ لمن في الميدان تخلى أفراد القوات المسلحة المرابطة حول الميدان عن حماية من فيه، أو القيام بواجبتهم في التصدي لمن يحملون الأسلحة – حتى تصور الجميع أن ما تم كان بإيعاز من المجلس العسكري – ومع لحظات الترقب التي كانت تعلوا الوجوه هجمت الخيول والأبل من ناحية عبدالمنعم رياض في محاولة لاختراق الصفوف والوصول لقلب الميدان والسيطرة عليه، وإحاطة المعتصمين من كل اتجاه وطردهم خارج الميدان، غير أن كل فرد استمات على التصدي لهذا الهجوم واستطاعوا أن يقبضوا على بعض المهاجمين، غير أن ذلك كان يمثل الموجة الأولى من محاولة اختراق الميدان.

بدأت المرحلة الثانية بتواجد المهاجمين في جميع مداخل الميدان من ناحية طلعت حرب، والمتحف المصري، وعبد المنعم رياض، وكوبري قصر النيل، وشارع القصر العيني والفلكي وشارع شمبليون، وشارع مسجد عمر مكرم، حتى شعر من في الميدان على قلتهم أنهم هالكون.

وانطلقت النداءات من إذاعة الميدان ..احموا المداخل يا شباب...احموا النساء ياشباب..وهنا زاغت العيون والقلوب وتتواتر علينا الأخبار أن كثير من البلطجية قادمين من شارع شمبليون وآخرين من شارع طلعت حرب وآخرين من على كوبري قصر النيل والأغلبية من عند ميدان عبدالمنعم رياض جهة المتحف.

لقد تجلت بطولات الشباب والبنات والشيوخ والأطفال المتواجدين في الميدان في التصدي للهجمات المتدفقة من كل اتجاه، بل استطاعت هذه القلة أن ترد المهاجمين من ناحية عمر مكرم وقصر النيل إلى ادراجهم مذعورين، والذين تحولوا إلى ميدان عبدالمنعم رياض في محاولة لتجميع أنفسهم وزيادة عددهم لعمل هجوم قوي على الميدان ومن فيه – خاصة قبل دخول الليل.

وعلى الرغم من المعركة الشرسة بين أطياف المجتمع المصري وقف رجال الجيش يتفرجون، بل أنهم اختفوا داخل دبابتهم، ورغم النداءات والاستغاثات من قبل المعتصمين – الذين زادت فيهم الاصابات – إلا أن رجال الجيش لم يتحركوا، ورغم استمرار التراشق بين الطرفين من صباح الأربعاء حتى فجر الخميس إلا أن هذا لم يحرك ساكنا في أحد من رجال الجيش، بل رأينا وسمعنا القبض على من جاء لنصرة المعتصمين من قبل أفراد من رجال الجيش بجوار المتحف المصري.

لم تنته المعركة بعد، فما أن حل الظلام حتى كانت الموجه الثالثة وهي موجة المدربين – والذي يستنجد انه من رجال الشرطة او الجيش – لأنه جاءت مصحوبة – مع الساعات التي سبقت أذان الفجر – بضرب نار على المعتصمين، وسقط الشهيد تلو الشهيد، واصبحت الطلقات محددة الاتجاهات سواء من فوق العمارات المحيطة بالميدان او من فوق الكوبري، وحاول المعتصمين الوصول لمكان من يطلق الرصاص وبالفعل وصل بعضهم وارتقى اسطح العمارات وتأمينها لكن بعد راح العديد من الشهداء لبلوغ هذا المراد.

كانت الكلمات التي تدوي في الميدان :"لا سبيل سوى الموت في الميدان.. لا انسحاب ولا استسلام"، وهنا تجلت أصالة الشعب المصري فقد رأينا رجال وزوجاتهم وقد بلغوا فوق الستين، يكسرون في رصيف الميدان ويحملون الطوب في أثوابهم ليوصلوه إلى الشباب الذي يصد هجوم البلطجية ناحية ميدان عبدالمنعم رياض، ورأينا من يحمل الخبز ليطعم الصفوف الأولى التي لا تستطيع أن تترك أماكنها خشية نفاذ البلطجية مناها.

كان المشهد كرب والصورة قاتمة، والمجهول يسيطر على المشهد، غير انه مما رفع الروح المعنوية لشباب الميدان ما قام به الدكتور محمد البلتاجي، حينما قاد البعض من الشوارع الخلفية ودخلوا مهللين ومكبرين مما أعطى الأمل للمعتصمين أن المدد يصلهم، وتكرر هذا المشهد اكثر من مرة فزادت حمية شباب الميدان في التصدي للبلطجية، ولم تتكشف لهم الحقيقة أن هذا المدد ما هم إلا أفراد من الميدان خرجوا مع الدكتور البلتاجي ودخلوا ليرفعوا من الروح المعنوية، خاصة أن البلطجية سيطروا على الشوارع المؤدية للميدان ومنعوا أي احد من الوصول للميدان لنصرة المعتصمين، حيث وقع عبء الدفاع عن الميدان على المرابطين فيه سواء من الإخوان – خاصة إخوان الأقاليم الذين لم يغادروا الميدان بعد مليونية الثلاثاء – أو كثير من شباب الثورة والشعب المصري الكريم.

لقد مكث المعتصمون في الميدان في ساحة حرب من الساعة الحادية عشر صباحا من يوم الأربعاء حتى الساعات الأولى من صباح الخميس لم يعرف أحد طعم الراحة في هذا اليوم، ولم تنطلق الحناجر تعبر أن هذا إخوان أو ليبرالي أو يساري أو غيره، لكن الجميع كانوا على قلب رجل واحد.

لكن كانت الحصيلة في صباح الخميس عشرات الشهداء سقطوا، ومئات المصابين الذين لم تستطع المستشفيات الميدانية استيعابهم، وتلمس كل واحد أقرب مكان ليرتمي عليه من الاجهاد والتعب بعد يوم واجهوا الموت بكل بسالة، حتى كلل الله ذلك – من فضله – بردع البلطجية ومن خلفهم النظام، والحفاظ على الميدان، فلم يجد أرس النظام سبيل إلا تسليم البلاد لرجاله من العسكر ليستكملوا إجهاض هذا الحلم الذي اندلع وثبت أقدامه منذ معركة الجمل، لكن بعدها ضاع الميدان وضاع الثوار.

قالوا عن الاخوان في موقعة الجمل

فى الحلقة رقم (7) من: «يوميات ثورة الصبار» كتب الشاعر عبد الرحمن يوسف فى المصرى اليوم، يوم 14/4/2011، يقول: «لقد انتهت تلك الليلة [يقصد فجر الثالث من فبراير 2011 ليلة موقعة الجمل]، ولكى أكون منصفًا، لا بد أن أذكر أن الصفوف الأمامية كانت عامرة بفضل جماعة الإخوان المسلمين أولا، ولولاهم لما مرت هذه الليلة على خير».

وتحت عنوان (الإخوان يتحركون) نشرت (الأخبار) يوم 3 من فبراير 2011: «كان تحرك الإخوان ظاهرًا خلال المعركة بشكل كبير، حيث أمسكوا بالميكروفونات وظلوا يحثون المعارضين بالميدان على مشاركة إخوانهم على الحدود -حسب التعبير الذى استخدموه- والجهاد فى سبيل االله. وعند نفاد الطوب قاموا بتحطيم أرصفة الميدان بالكامل لإلقائه على المهاجمين».

وقالت د. نادية مصطفى -أستاذ العلاقات الدولية ورئيس قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: «ولا يستطيع أحد أن ينكر الدور الجهادى الذى ساند به شباب الإخوان إخوانهم فى ثورة مصر فى ميدان التحرير يوم الهجوم البربرى على الميدان فى 2/2/2011، فلقد تجلت فى هذا اليوم لحظة تاريخية من ماهية توزيع الأدوار وتكاملها (كلٌ ميسرٌ لما خُلق له) فكان الإبداع الاستراتيجى والتنفيذى للدفاع عن الثورة من ميدان التحرير إبداعًا مشتركًا متكاملا، سواء من العقول أو السواعد أو الأبدان، بل الأرواح».

- وقال الدكتور محمد سليم العوا [المصرى اليوم، 11 من يونية 2011]: «لولا وجود الإخوان فى موقعة الجمل ومجابهة الجبابرة لما نجحت الثورة».

- وقال أحمد دومة، عضو ائتلاف شباب الثورة [موقع دار التحرير الإلكترونى 22/3/2011]: «شباب الإخوان لعبوا دورًا فاعلا فى حسم (موقعة الجمل) وتصدوا بصلابة وشجاعة لهجمة الخيول والجمال التى حاولت اقتحام الميدان وإجلاء المتظاهرين بالقوة، وأعتبر أن جهد الإخوان فى هذا اليوم أحد العوامل المهمة فى نجاح الثورة، فمعظم الشباب الموجود فى الميدان آنذاك كانوا يعانون إصابات متعددة وفى حالة إعياء لا تسمح لهم بالتعامل مع البلطجية الذين دفعهم النظام السابق لإجهاض الثورة وإخلاء الميدان، ولولا وجود شباب الإخوان ووقفتهم البطولية لتبدلت موازين القوي».

أما د.صفوت حجازى فقال -فى شهادته على الثورة المصرية على قناة الجزيرة: «حقيقة أقولها للتاريخ: لولا أن االله -عز وجل- ثبت شباب الإخوان ليلة موقعة الجمل وبقية الليالى لكان الناس فى الميدان قد ذُبحوا، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا حاقد أو مخادع».

وأكد فى ندوة حاشدة نظمها طلاب كلية الهندسة بجامعة أسيوط ونشرتها جريدة "الفجر" يوم السبت 2 من أبريل 2011- أنه «لولا تصدى شباب الإخوان وشجاعتهم أثناء الثورة فى ميدان التحرير لحدثت مذابح رهيبة للعشرات ولذُبحت الثورة، وأن الإخوان حموا الثورة، وأن 80% ممن وقفوا على حواجز المواجهة مع البلطجية فى ميدان التحرير يوم موقعة الجمل من شباب الإخوان».

وفى المصرى اليــوم [ 27/2/2011] وتحت عنــوان (الإخوان ليســوا بعبع) كتب د. محمود خليل، رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة يقول: «لقد لعب الإخوان دورًا أساسيا فى حماية الشباب المصرى خلال الأيام التى انقض فيها رجال أمن الحزب الوطنى البائد وموظفوه وبلطجيته على المتظاهرين فى ميدان التحرير، مستخدمين الخيول والبغال والجمال، كذلك قاموا بدور مهم فى تنظيم عملية الدخول إلى الميدان خلال التظاهرات المليونية التى شهدتها الأيام التالية».

- أما د. سعد الدين إبراهيم فقد قال [موقع ابن خلدون، يوم 9 من أبريل 2011]: «.. كانت الإشارة إلى معركة الجمل؛ لتذكير الناخبين بالدور المشهود والمشكور للإخوان المسلمين، فى صد الجحافل التى أرسلها نظام مبارك من راكبى الجمال الذين أتوا من منطقة الهرم بالجيزة لمداهمة آلاف المتظاهرين فى ميدان التحرير.. وكان شباب الإخوان أول المدافعين عن بقية الجموع، وتصدوا ببسالة لراكبى الجمال حتى أدبروا منكفئين على أعقابهم».

ويقول فولفام رايس ، في كتاب صادر عن دار "Tectum Verlag" الألمانية، خلال ثورات الربيع العربي، كانت مصر واحدة من الدول التي لفتت انتباه وسائل الإعلام، فجماعة الإخوان المسلمين التي كانت تمثل - رغم القيود والحظر - أهم حركة معارضة، استطاعت خلال الثورة أن تطور أدواتها بحرية.