من وحي الدعوة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
من وحي الدعوة

محمد طلبة السعداوي

الإمام الشهيد

حسبوا بغيلته تموت وتنتهي
روح الجهاد فينعمون بسؤدد
لكنهم ضلوا فما غالوا سوى
جسد وروح إمامنا لم تفقد
هو بيننا بسنائه وبهائه
ومضائه وضيائه المتجدد
هو بيننا نور يشع وشعلة
تذكي النفوس وجذوة لم تخمد

الشاعر

الشاعر

يا ويلكم من زرعه وغراسه
فقد استقام الزرع للمتعهد
نحن الحواريون صنع فؤاده
ما بين داعية وبين مجند
سنظل – رغم الظالمين – منارة
بين البلاد وهدي من لم يهتد
سنمزق الأستار عن آثامكم
ونحطم الأصنام إن لم ترشد
ونبث في الشعب المنوم يقظة
حتى ينال بنا صفاء المورد

بسم الله الرحمن الرحيم

إهداء

يسر دار القبس للنشر والتوزيع أن تعيد نشر كتاب (من وحي الدعوة) للأخ الأستاذ الشاعر الكبير محمد طلبة السعداوي رحمه الله تعالى .. وسيجد الجيل المعاصر صدى أشواقه وتطلعاته حية متجددة، تحيي إيمانه وتصيح في وجدانه أن يواصل الطريق في عزم وقوة وثبات.

عباس حسن السيسي

تقديم لفضيلة الداعية الكبير الأستاذ محمد الغزالي

يجب أن نعترف بالطاقة الروحية الضخمة التي ساندت دعوة الإخوان المسلمين، وصاحبت انتشارها في أرجاء هذا الوادي أولا .. ثم في أقطار العالم الإسلامي كله بعدئذ.

وقد كان الداعية الجليل "حسن البنا" خطير الأثر في إمداد هذه النهضة بما تنشده من قوة، ورشحه إخلاصه العميق ونشاطه الجم وتفانيه في سبيل الله، لأن ينهض بأعباء الدعوة الكبرى وأن يتجاوب مع ما في الإسلام من حرارة وحياة وانطلاق.

والإسلام كان – وما زال – يصنع الرجال ويوجه النهضات، ولكنه بحاجة إلى النفوس القابلة للانفعال والتأثر، والمعادن المستعدة لضرب المطارق وألسنة اللهب وقد كان "حسن البنا" والرعيل الأول ممن عرفوه والتفوا به رجالا من هذا القبيل القوي امتزجوا بالإسلام، واختلط الإسلام بدمائهم وعظامهم، فكانت حركتهم العظيمة به مصر إلهام للعواطف والأفكار أطلقت المشاعر الجياشة وأثارت النفوس إليه وكان أن تربى في حجر هذه الدعوة المنتجة لفيف كريم من الأدباء والشعراء، جعلوا بحار الشعر والأدب تنبع من أصول الإيمان ودواعي الجهاد بعد أن كانت الفوضى الخلقية قد شردت بها في كل تيه.

وفي طليعة شعراء الإخوان المسلمين ومصوري عواطفهم الخالصة الأستاذ "محمد طلبة السعداوي" شاعر مهذب العبارة رقيق الديباجة سهل الأداء واضح الغاية، وهو كأصحاب الدعوات يصدر في نظمه عن إيمانه بربه واعتزازه بدينه واعتداده بمبدئه واستهانته بالصعاب في سبيله.

وقد يفهم بعض الناس الشعر على أنه هيمان في أودية الخيال وشرود أسباب القيل والقال .. وقد يظنون الشعراء صنفا يشبه كتاب السياسات الحزبية في بلادنا، أي قوما تحرك أقلامهم الأهواء والمصالح، فإن يك من الشعراء من يرضى بهذه المنزلة فشعراء الإخوان – وفي مقدمتهم الأخ الشاعر محمد طلبة السعداوي – أبعد الناس عنها وأكرههم لها.

والذي يطالع شعر الأستاذ السعداوي يجده انفعالا صادقا أساسه الحب في الله والبغض في الله – وهذه عناصر أولى في كل إيمان صحيح.

ونحن نرجو أن يجد جمهور المسلمين غذاء لمشاعرهم في دواوين الشعر التي ينضح بها محض الإيمان وتتحرك بها ألسنة الحق.

وبهذا الأمل النبيل نقدم للقراء هذا الديوان.

محمد الغزالي

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل المرسلين وعلى آله وأصحابه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين وبعد فلم يكن ليدور في خاطري أني سأكون صاحب كتاب يعرض في الأسواق وتتداوله الأيدي وتتفحصه العقول والأفكار في أناة وإمعان وروية، وذلك لأني شاعر مقل لم أنظم ما يجوز أن يسمى شعرا إلا من عهد قريب وكنت أنظمه لألقيه في أحفال الإخوان بقرى مراكز مديرية البحيرة التي تأخذ المنتظمين فيها براعة الإلقاء وجهارة الصوت أكثر مما تأخذهم بلاغة الشعر ورصانته وقوته ... حتى كان يوم ألح علي أحد مندوبي المركز العام وأخذ مني قصيدة أرسلها لمجلة الإخوان المسلمين فنشرت .. ثم توالى النشر وأنا أعلل النفس بأن الإخوان لا بد وأن يتجاوزوا عن عثرات أخيهم ويصفحوا عن أخطائه وزلاته، على أن ذلك لم يكن ليغريني مطلقا بمجرد التفكير في ضم هذا الشعر كالمنشور في مجموعة وكتاب يتداوله الناس جميعا – ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه – ثم جاءت المحنة التي أكلت الأخضر واليابس والمسودات والمبيضات والمستور والمنشور وإن كانت قد عجزت عن أن تفت في عزائم القلوب المؤمنة والنفوس الزكية والأرواح القوية فلوت عنقها وأدارت رأسها لتأكل نفسها وتقضي على مشعليها وموقدي نارها، ثم هدأت النار وسكن الموج وخرج معدن الإخوان الصافي جديدا يلمع ويتوهج وانتهى الطغاة الزائفون إلى رماد تذروه الرياح.

واحتفل الإخوان المسلمون بزوال الهمجية والبربرية فوفقني الله سبحانه إلى نظم قصيدة هزت مشاعر الإخوان وأثارت إعجابهم مما جعلهم يطلبون إلي أن ألقيها في جميع أحفالهم التي تلت حفل دمنهور المبارك الذي ألقيت فيه لأول مرة ولم يكتف الإخوان بذلك بل طلبوا مني صورا منها مما حدا بجمهرة منهم أن يصروا على طبعها وتوزيعها واقترحوا أن أضم إليها بعض القصائد التي بقيت ونجت من المحنة والتي نظمت بعدها حتى يتجمع منها كتاب يوزع على الإخوان .. ولا أطيل، فبعد إحجام وتردد .. قبلت.

وها هو ذا الكتاب الذي لم يكن لي سوى مجهود قليل في وضعه، بين أيديكم قد صار بفضل الله ورعاية الإخوان وليدا مرجو النفع، وكل ما أتوجه به إلى القراء أن يترفقوا بصاحبه ويتجاوزوا عن أخطائه وعثرته.

وقانا الله جميعا الزلل وسدد خطانا وهدانا إلى الصراط المستقيم.

محمد طلبة السعداوي

عودوا

هذه هي التسمية التي شاعت بين الإخوان عن القصيدة التي كانت سببا في طبع هذا الكتاب، وقد رأيت أن أفتتح بها هذه المجموعة من الأشعار المتواضعة.

عودوا فليس لها سواكم عودوا
شهدت لكم في العالمين شهود
عودوا فعودكم البهي مجيد
زاه كأضواء الصباح جديد
هتفت له الدنيا وضاء جبينها
وهفا إليه مقرب وبعيد
والدهر يمتحن الرجال فصادق
في النائبات وكاذب رعديد
والمعدن الصافي إذا جربته
يبقى ويفنى الزائف التقليد
أين الذي باهى وأثنى عطفه
تيها وأسعده الأذى المشهود
أين الذي أزهاه طي لوائنا
والنصر فوق لوائنا معقود
أين الذي أزهاه وقف جهادنا
وهو القعيد بداره المشدود
ليرى ويشهد جندنا ورجالنا
هل نال منهم معقل وقيود؟
أو هزهم حكم الطغاة وبأسهم؟!
أو نال من عزماتهم تشريد؟!
قل للذين بغوا تحطم بغيكم
والسهم في أعماقكم مردود
عام ونصف العام في حرب فما
أوهى قلوب المؤمنين حديد
عام قل عامين فيها جردوا
جيشا فما أغناهم التجريد
كلا وما أغنى الحصار وعنفه
شيئا وما أغنى القنا المحشود
قل للذي باهى بهدم بنائنا
إن البناء على الزمان وطيد
نحن الذين دعوا ودوى صوتهم
ومن الدعاة الطاهرين أسود
نحن الذين مشوا على سنن الهدى
ومضوا وكل السادرين قعود
علم النبي مجددا ومعطرا
يسموا بنا فوق السها وسود
أعمالنا في الخافقين وصحفنا
بيضاء تنطق بالسنى وتشيد
زوروا فلسطينا وجوبوا أرضها
وسلوا التراب يجبكمو ويعيد
هذا دم الإخوان يخضب مهجتي
وعلي عبق من شذاه وعود
وسلوا اليهود تجب بأن شبابنا
هم جيش مصر الصادق المعدود
وهمو الرعيل الطاهر العف الذي
يعطي إذا عز العطا ويجود
لولا الحكومة والسياسة والهوى
لبكى على صهيون بوم سود
لولا البراهمة الضعاف وشيخهم
ما عاش في أرض المعاد شريد
لكنه في لحظة مجنونة
شن الأذاة البائس المنكود
ورمى بسهم في الكنانة طائش
ومشى يهز قناته ويكيد
عجبا أيحشد للحمى أجناده
ليذله وعلى الحدود يهود
(أسد علي وفي الحروب نعامة)
خرقاء عن شرق النضال تحيد
(وإذا الجبان خلا بأرض وحده
فهو الشجاع الفارس الصنديد)
قل للذين تنكبوا سبل الهدى
وهمو لشيطان الضلال عبيد
قل للذي في الحاكمين أضله
شيطانه وذكاؤه المحدود
لا يطفئ الشمس المضيئة عابث
أبدا ويفنى دونها ويبيد
وشذا سمى البنيان عن زيغ الهوى
فالله من حول البناء يذود
يا ليلة المختار أقبلت المنى
في نورك الزاهي وهل العيد
حنت إليك مشاعري وعواطفي
وهفا إليك الذكر والتمجيد
كم وقفة لي في هواك وقفتها
أشدوا وأهتف بالهوى وأشيد
ما ذاق مثلي لذة قدسية
شاد بمن يهوى ولا غريد
والشعر يأتي في مديح المصطفى
عذبا ويحلو القول والترديد
وإذا استمد القول من وحي الهدى
فالقول باق والمديح خلود
يا ليلة المختار بالله اذكري
عهدا تناهى ظله الممدود
واستذكري الماضي البعيد وحدثي
فالنفس ولهى والفؤاد عميد
ماذا عن الساري بطيات الدجى
والليل يكتم سره والبيد
رصدوا له في كل شبر عصبة
ضلت وعماها الفتى المرصود
ومضى يطمئن في المغار صديقه
وكأنه من دونه المقصود
لا تبتئس فالله يرعى غارنا
ولنا عليه النصر والتأييد
من باع لله الحياة رخيصة
عنت الحياة له ودان وجود
ولقد تولى الله حفظ نبيه
في الغار لما طوقته جنود
لله در العنكبوت وأختها
فالغار من صنعيهما مسدود
وتداول الأعداء ثم تراجعوا
بددا وعز عليهم المنشود
ومضى ابن عبد الله يحدو خطوه
فوز وفوز المؤمنين أكيد
يا أيها الإخوان هذا أمسكم
واليوم للأمس البعيد وليد
فخذوا عن الهادي وعن تاريخه
إن الحياة إرادة وجهود
فإذا سكنا فترة فلأننا
نستجمع الأنفاس ثم نعود
لندك بنيان الضلال ونبتني
صرحا أقيم أساسه المحمود
ونعيد للدنيا مآثر أحمد
ومآثر الهادي شذى وورود
ونظل جند الله نحفظ دينه
حتى يوافي نصره الموعود

تحية العودة

نظمت هذه القصيدة لتلقى مع [عودوا] في غمرة فرحة الإخوان بالعودة ولكن هيهات فلم يغن عن [عودوا] شيء بل ظلت الأنشودة الساخرة التي تستهوي أفئدة الإخوان وتهز مشاعرهم.

هذا الضياء ونوره المتجمع
هذا العبير وريحه المتضوع
هذا البهاء وسحره جلاله
قبس يشع من الإله ويسطع
الله أهدى نفحة من نوره
لمن اتقوا وعلى الهداية أجمعوا
فتلألأت بوجوههم أنواره
حتى تخالهمو شموسا تطلع
للمؤمنين تحية من صاحب
عرف الهوى فهو المحب المولع
لم يستطع حبس الغرام بقلبه
أبدا ولم تكتم هواه الأضلع
فمضى كقيس يذرع الدنيا سرى
وجمال ليلى يزدهيه فيتبع
متعلق بذيولها متدله
يشدو ويهتف بالغرام فيبدع
عدتم فهللت السماء وكبرت
ويكاد إنشاد الملائك يسمع
أنتم رجال الله بين عبيده
وضياؤه ونباته المترعرع
عجم الزمان بناره أعوادكم
فخرجتمو منها نضارا يلمع
مس الإله قلوبكم فتطهرت
والله ينشي المخلصين ويصنع
فعرفتمو الداء العضال بشرقنا
ودواؤه بين اليدين مضيع
حجب الدواء عن العيون عصابة
من صنع سراق البلاد وبرقع
الإنجليز بمكرهم قد حاولوا
أن يفسدوا الوادي ولم يتورعوا
فتناهب الخيران فينا قلة
والكثرة الكبرى بترب تقنع
هذا يحط كيانه فقر وذا
يوهي القوى منه المحل الأرفع
وبذاك نام الذئب ملء عيونه
مستمرئا يزهيه هذا المصرع
لكنكم هتكتمو أستاره
وفضحتمو المخبوء وهو مروع
حتى انجلت للعالمين حقائق
بانت وكانت قبل ذلك تخدع
فانثال نحوكمو الجموع وأقبلت
زمر وأقوام تفيض وتبع
الزهر يغري بالرحيق فراشه
والنبع يغوي الظامئين ويطمع
ومضيتمو بالركب رفاف السنى
والله يرمق خطوكم ويشجع
كانت لكم في كل ضائقة يد
لله ما تعطي وما تتبرع
ولدى النوازل ثلة وجماعة
بقلوبها ودمائها تتطوع
وإذا أصاب المحل أرضا فاشتكت
يهمي سحابكمو هناك فتمرع
ركب العروبة كنتمو حداؤه
يغري نشيدكمو خطاه فيسرع
وضع الحمى فيكم رجاء نهوضه
منذا سواكم بالأمانة يصدع؟
لكن عين الذئب لم تهنأ ولم
ينعم بنوم بل جفاه المضجع
راعته منكم كثرة وثابة
وتكتل وتساند وتجمع
فخشي على سلطانه من وثبة
تجلي الذئاب عن القطيع وتدفع
ومضى يؤلب في الظلام حكومة
من صنعه تعنو له بل تخشع
صدعت ولم تقدر عواقب صنعها
يا ليتها قد قدرت ما تصنع
أمرت بتقطيع الأواصر ما درت
أن القلوب رباطها لا يقطع
ومضت (كنيرون) تؤجج نارها
مجنونة منهومة لا تشبع
كم أسرة في السجن زج عميدها
وعليه سجان غبي طيع
جعلت من الوادي جحيما مفزعا
والمصطلون به السجود الركع
ضلت وعماها جهول سادر
وأشد ما يودي عمى وتسرع
تركت مقاتلة اليهود جبانة
وأتت تقض الوادعين وتفزع
ولو أنها عقلت لدك شبابنا
حصن اليهود وحطموه وضيعوا
ولأصبحت أرض المعاد طهورة
منهم وأيدينا سياج يمنع
سبحانك اللهم كم من عبرة
تجلي بأحداث الزمان وتنصع
دول هي الأيام هذا سعده
في يومه وغدا شقاء مترع
لا تأمن الدنيا أخا الدنيا فما
حال يدوم وكل نعمى تنزع
إن ربت الدهر المخاتل ضاحكا
ومذاقه باقي الحلاوة ممتع
هي عبرة عل الذين تربعوا
في الحكم أن يهدوا ضياها أو يعوا
أين الطواغيت الذين تألهوا
واستأسدوا بين الحمى وتنطعوا
كالوعل قد نطحوا الرواسي علها
تندك فاندكوا همو وتصدعوا
والشمس لا يطفي سناها عابث
أبدا ويفنى بالهجير ويصرع
وإذا البناء سما بدين المصطفى
فهو البناء الخالد المترفع

إلى روح الإمام الشهيد

صغت هذه التحية بمناسبة احتفال الإخوان المسلمين بعيد الهجرة النبوية الشريفة لسنة 1371.

ولا شك أن ذكرى الشهيد في هذه الأحفال المباركة التي هو باعثها وموقظها هي العطر الذي تضمخ به والنور الذي تزهو وتضيء بشعاعه.

قف يا زمان هنا ضياء محمد
وهنا عبير هداية وتعبد
وهنا السنا وهنا الهدى وهنا التقى
وهنا وبين الجمع روح [المرشد]
قف يا زمان، وحي روح إمامنا
واركع فأنت أمام أكرم مهتد
قف يا زمان، وحيه حي الذي
بعث الهدى والوعي في المستعبد
عشرون عاما – بل تزيد – قد انقضت
مذ قام يدعو للطريق الأرشد
عشرون عاما يا زمان تعطرت
بأريج دعوته وعطر محمد
عجبا له قد قام في فوضى الحمى
وطريقه في القوم غير ممهد
والناس أعداء الجديد وطالما
كانوا العذاب لهادم ومجدد
مردوا على هون الحياة وذلها
والذل يحلو للمهين المقعد
فاثاقلوا – متعنتين – وكابروا
وعموا عن العلياء في دنيا الغد
لكنه لم يثنه إعناتهم
ومضى بعزم في المضي موطد
رد المراء بآية وبيانه
فبدوا بريح في المراء مبدد
قالوا – وقد فلت سيوف جدالهم
وبدت عليهم حيرة المتردد
عجبا! أتخلط بالسياسة ديننا
أرأيت دينا للسياسة يرتدي؟
فأجابهم في بسمة وضاءة
ما ضر لو حكم الزكي المهتدي؟!
تدعون قانون السماء لتتبعوا
قانون [نابليون] أكبر ملحد؟!
أفتشترون ضلالة بهداية
جن الذي يشري التراب بعسجد
شرع النبي عدالة وفتوة
أين الشرائع من شريعة أحمد
أيقاس بالتبر التراب وهل ترى
أن الأصيل كزائف ومقلد
حكم الجدود بها فعز لواؤهم
ومضى يرفرف فوق هام الفرقد
بدو من الصحراء أزوى عودهم
فقر وأوهتهم حياة الجلمد
يطأون كسرى بالنعال وقيصرا
ويقوضون دعائم المتمرد
وردوا حياضهما بقلب ثابت
وهي التي بين الورى لم تورد
طاحوا بملك الروم في جبروته
وبملك كسرى في سناه المفرد
راعوا الملوك فطأطأوا هاماتهم
ودهوا الشعوب فلم تقف أو تصمد
والدهر مشدوه المشاعر حائر
ران الغباء بعقله المتبلد
يا دهر إنهمو جنود محمد
وهمو ضرام فؤاده المتوقد
وهمو يد الإسلام تصفع من بغى
وتدك عرش الظالم المستعبد
وتعيد ميزان العدالة والنهى
وتفك قيد العاثر المتقيد
ساروا على نهج الرسول ونوره
فهمو سجود الليل فرسان الغد
فهموا الديانة مصحفا ومهندا
لا عد مسبحة وقعدة مسجد
ولو اننا سرنا على آثارهم
ما روع الأوطان عسف المعتدي
هز الشهيد المؤمنين وردهم
للحق بعد تفرق وتشرد
هوت الجموع إليه في شوق كما
تهوي جموع النحل للزهر الندي
يتذوقون رحيقه وأريجه
ويرطبون بنبعه القلب الصدي
كانوا شتيتا في الحمى فتجمعوا
كالنبع حف به كرام المورد
بلوا صداهم من معين طاهر
لا فرق يدني أبيضا عن أسود
بل كلهم أبناء دين واحد
جمع القلوب بألفة وتودد
ومضوا وراء إمامهم وتعاهدوا
ألا يناموا عن مضام مجهد
والموت أسمى من حياة هاضها
لؤم الذئاب وحيلة المتصيد
ويسود بالدين القوي مجاهد
ويعز بالإسلام من لم يرقد
لكن أعداء الحمى ولصوصه
باتوا بجفن في الديار مسهد
راعتهم الأضواء في دين الهدى
والنور يبهر كل أعشى أرمد
خافوا على آثامهم أن تنتهي
والدين يجلد كل باغ مفسد
وأبوا على أفيائهم وظلالهم
أن تستباح لبائس ومشرد
وخشوا على أبراجهم وقصورهم
من أن يطيح بها ضرام الأكبد
فتطوعت منهم يد مجنونة
بالغدر في جوف الدجى المتلبد
أوهت فؤاد الشرق ضربة فاجر
من كل أخلاق الرجال مجرد
أودت بباعث نهضة قدسية
لم يسترح في بعثها أو يقعد
حسبوا بغيلته تموت وتنتهي
روح الجهاد فينعمون بسؤدد
لكنهم ضلوا فما غالوا سوى
جسد وروح إمامنا لم تفقد
هو بيننا بسنائه وبهائه
ومضائه وضيائه المتجدد
هو بيننا نور يشع وشعلة
تذكي النفوس وجذوة لم تخمد
يا ويلكم من زرعه وغراسه
فقد استقام الغرس للمتعهد
نحن الحواريون صنع فؤاده
ما بين داعية وبين مجند
سنظل – رغم الظالمين – منارة
بين البلاد وهدي من لم يهتد
سنعلم الفقراء كيف أكلتمو
قوت الفقير وملبس المتجرد
ونعلم البؤساء أن نعيمكم
أصل الشقاء وبؤس كل منكد
ونعلم الفلاح كيف سرقتمو
مجهوده من كفه المتخدد
ونعلم العمال أن دماءهم
تجري نضارا في نحور الخرد
ونعلم الأوطان كيف فسقتمو
فيها فحقت نقمة المتوعد
ونعلم الشعب المغلل أنكم
ظفر الجبان ومخلب المستأسد
ونعلم المغتر في أقوالكم
زيف الخطابة والتواء المقصد
سنمزق الأستار عن آثامكم
ونحطم الأصنام إن لم ترشد
ونسير في طول البلاد وعرضها
ندعو ونرشد إذ نروح ونغتدي
وسنغرس الإسلام في ولداننا
من بات مولودا ومن لم يولد
ونبث في الشعب المنوم يقظة
حتى ينال بنا صفاء المورد
ومن السماء العون ما صدق السرى
والجنة الكبرى ولو لم نحصد
روح الإمام تحية من تابع
يخطو بنورك في الحياة ويقتدي
إنا على الدرب الموصل لم تنل
منا سهام الغادر المترصد
تحت النعال تساقطت وتحطمت
بل قد هوت بالفاجر المتعمد
فاهنأ وطب نفسا فإن بناءنا
لا خوف من باغ عليه ومعتد
سيظل مرموق السنا متلألئا
والله خير معضد ومؤيد

فرعون التافه

هذه قصيدة ينقصها الختام كنت بسبيل إنهائها حين حضرت مع الرائد الكبير فضيلة أستاذنا الشيخ الغزالي حفلة الهجرة بمركز المحمودية وسمعته ينصح لنا بأن نكف عن هؤلاء اللئام الذين أساءوا إلى الدعوة الإسلامية فهم أهون شأنا وأحقر قدرا وعملا ..

وعدت أحاول وضع الختام ولكن هيهات ..

فمعذرة إليه وإلى القراء الكرام.

سل مصر ما خطبها هل نالها هرم
وهل تمشت بها العلات والسقم
أم الفراعين كم تاهت بما ولدت
على الزمان وبلدان الورى عقم
باهت بهم مشرق الدنيا ومغربها
وأين في المشرقين العزم والهمم
شتى الممالك في ماضي الزمان عنت
وجاء فرعون منها الطوع والسلم
وخر أقيالها عبدان هيبته
وبطش فرعون إن قاموا هو العدم
سل مصر ما بالها في جيلنا هزلت
أصاب طاغوتها من ضعفها لمم
تمخضت في خريف العمر عن حدث
كما تمخض عن فأر زر علم
مدت له الكف لم تقدر ضآلته
إن الهزيل بعبء الأمر يرتطم
فاعجب لها إذ تولى القزم إمرتها
[وتحسب الشحم فيمن شحمه ورم]
سلها عن النيل هل غاضت منابعه
وهل تضاءل منه الرفد والنعم؟
سلها عن الناس هل هانوا بساحتها
وهل تهاوت بها الأقدار والقيم؟
سلها عن المجد والتاريخ هل كفرت
به وما عادت الأمجاد تحترم؟
سلها عن الخلق السامي وهل فصمت
عرى الفصائل واستخذى بها الشمم؟
سلها عن المثل العليا وهل نسخت
وأصبح الدون في الدنيا هو العلم؟
سلها عن الدين هل هانت محارمه
وهل تردت بها الأقداس والحرم؟
سل مصر كيف استباح القزم حرمتها
وكيف ضاعت به الآصار والذمم؟!
أتت به حاكما للنيل وانتظرت
بيض الفعال فخاب الظن والفهم
وجاء والريح في الوادي مواتية
وملئها الخير والأنداء والديم
فالمؤمنون – رجاء الجيل – قد رفعوا
أكفهم بكتاب الله والتزموا
واستمسكوا بعرى الإسلام وائتلقت
منارة الدين تستهدي بها الأمم
هزوا الضمير وأحيوا الوعي وانتصبوا
جنا يراع بهم بين الحمى خصم
زاحوا الغبار عن التاريخ فانكشفت
للهامدين وعباد الثرى القمم
واستنهضوا الشرق من أوضاع رقدته
فقام مستنهض الهمات يحتدم
هاجوا العزائم في الأضلاع فاتقدت
والعزم إن هيج لا يخبو له ضرم
وأسرعوا (لفلسطين) يجاذبهم
إلى الشهادة شوق ليس ينكتم
واداركوا يطردون الشر عن بلد
تصارع النور في واديه والظم
وأمسكوا بخناق الزور والتحموا
بالسارقين وكاد الزور ينهزم
حتى بدا الحاكم العاني فألبسهم
ذل الهزيمة جبن فيه ملتزم
وعاد بالجيش مخذولا وقد شهدت
للجيش في العالمين العرب والعجم
ورده عن مذاق النصر مقتدرا
فلم يذق وفؤاد الجيش يضطرم
وحال (فرعون) دون النصر وانحسرت
عن اليهود وأعداء الهدى النقم
وراح يلقى سدالا فوق فعلته
بفعلة ضج منها اللوح والقلم
(مركب النقص) في المهزوم صيره
ليثا على قومه يقسو وينتقم
فأوقع الشر (بالإخوان) يحسبهم
هونا عليه وكان المرتع الوخم
أراد إسكان صوت الحق حين رأى
أن الضلال بصوت الحق ينهدم
يا ذلة الخلق العالي وضيعته
إذا تولى زمام الأمر متهم
إثم يمزق أعراض وفاحشة
فعل الوحوش إذا سادوا وإن حكموا
خطب ألم بوادي النيل ناء به
ظهر الكنانة حتى كاد ينقصم
لو أن محكمة التفتيش قد بعثت
لهال رهبانها التعذيب والألم
أو الفراعين قد قاموا لراعهمو
هذا الدعي الذي ضجت به الرحم
إفك وزيف وتلفيق ومفسدة
جبانة عف عنها الغاب والأجم
رمى البهاليل – لم يعقل – بناقصة
من الفعال فلم يلحق بهم وصم
لم يغن في هدم وصرح الحق ألوية
من الجنود ولا قيد ولاتهم
تحطمت تحت وطء النعل أسهمه
وعز من كان بالرحمن يعتصم

إلى فؤاد سراج الدين باشا

هذه الأبيات القصيرة والتي بعدها وجهتها إلى الحكومة الوفدية في شخص قطبها الكبير (سراج الدين) وذلك بعد معاونة الإخوان للوفد في انتخابات 1950 ونجاحه، وقد أملنا ولكن ...؟!

[سراج الدين] أنت ومن يرجى
لدين الله غيرك [يا سراج] !!!
ومن لظلامنا الداجي ضياء
ومن لقلوبنا الجرحى علاج
وأنت لمصر بلسمها المصفى
وأنت لها من البؤسى سياج
أتيت فهزها شوق ملح
وطار بها إلى اللقيا ابتهاج
وكانت قبل ترزح تحت نير
من البلوى وما أجدى احتجاج
سراج الدين كم في مصر عان
يضج بقلبه الباكي ابتهاج
ظلمنا يا وزير وما ظلمنا
ولا ميل هناك ولا اعوجاج
وقد لصقوا – بنا – زورا – ذنوبا
وما لصقوا وما نسبوا لجاج
فما الإخوان إلا صبح جيل
تضيء بنوره السبل الفجاج
ولن يجدي مع الأضواء ستر
إذا صدقت يشع لها انبلاج
وما يغني [العقال] إذا استضاءت
شعاب النفس أو يغني [الرتاج]
فعجل يا سراج برد حق
وضيئ لم ينل منه العجاج
ودمت لمصر والنحاس هديا
ودام لمجدها ملك وتاج

إلى فؤاد سراج الدين باشا

هذه هي القصيدة الثانية التي أعدت لتلقى أمام الوزير في وفد من أبي المطامير قام معي ليرجو معاليه أن يأمر بإلغاء عقوبة كانت قد وقعت علي بسبب مساعدتي للمرشح الوفدي وكانت هذه العقوبة هي خصم نصف شهر من مرتبي وقد رأيت أن أجعل من هذه القضية الخاصة قضية عامة للإخوان جميعا، ولكنه لم يستجب إلا لإلغاء العقوبة، ومعذرة إلى القراء ...

خفت الهوى وفررت من إغرائه
مالي رجعت أهيم في أضوائه
كنت الطليق الحر أمرح لاهيا
ويلي أسرت وبت صيد ظبائه
يا عاذلي أقصر فما ذقت الهوى
أبدا ولا كنت الشقي بدائه
لو ذقته يوما لهمت بكاسه
وبدلت عذل صريعه بعزائه
إني عشقت سنى الهدى وجلاله
وأنا المتيم بالتقى وبهائه
قضيت عمري شاديا مترنما
بالمؤمنين وبالعلا وضيائه
ولطالما أنشدت حر قصائدي
للمخلصين وللحمى ولوائه
لم يثن شعري أو يصد مدائحي
بطش العتي ولا سنى إغوائه
واليوم يهنيني ويسعد خاطري
رؤيا [فؤاد] في سرير قضائه
رؤيا الوزير الألمعي تهزني
وأنا السعيد بقربه ولقائه
إنا أتينا يا وزير يقودنا
نور العدالة في بهي صفائه
نال الجميع على يديك روافدا
كالنهر غداقا بخيرة مائه
لا فرق بين مؤيد ومعارض
والنوء يسقي الكل من وطفائه
إلا أناسا في الكنانة فاتهم
عدل الوزير وهم ظماء وفائه
كنا دعاة الحق لم نسكن ولم
نبخل بجهد في علو بنائه
كنا وقودا في الوغى لم ندخر
نارا ولم نبخل على أعدائه
أعصابنا ودماؤنا وقلوبنا
رخصت وكانت كالثرى وهبائه
والدين يشري بالحياة وطيبها
لا شيء يغلو في سبيل علائه
لكن أترضى يا وزير بظلمنا
كلا، وأنت العدل في لألائه
سجن وإبعاد أيرضى عدلكم
أنا نلاقي الهون من جرائه
أيفيء قوم بالظلال ونصطلي
نحن الهجير على لظى بأسائه
كلا، فأنت الحاكم البر الذي
يحنو ويمسح ظلمنا بعطائه
ولقد أتاك الوفد ملء إهابه
أمل فلا خابت خطى شفعائه

إلى المجاهد المجهول

وهذه قصيدة من الشعر الذي نظم قبل المحنة ولم يبق منه لدي شيء سوى قصائد قليلة.

كان أحد الإخوان الذاهبين إلى فلسطين قد أهدى إلي صورته فكتبت تحتها هذه الأبيات وقد نشرت بمجلة الإخوان بالعدد رقم 192.


ستبقى صورتي رمزا لحبي
وذكرى للورى تروي وتبني
بأني قد أجبت نداء ربي
وسرت مناصرا ديني وشعبي
فحب الله والأوطان يسبي
ومضطرم الهوى قد شف قلبي
ووله مهجتي ودمي ولبي
فسرت على الهوى في خير ركب
أمد الخطو في سهل وصعب
وأضرب في الفيافي أي ضرب
وأمعن في الدجى في غير رهب
فإن أنأى السرى أهلي وصحبي
فسوف أحل بين أخ وترب
فقوم محمد في كل رحب
همو أهلي وإخواني وحزبي
وإن شط المزار على المحب
أحس بحسهم في كل خطب
فأفرح إن همت مزن بصوب
وأزهر ربعهم بجنى وحب
وأفزع إن دهي دهر بريب
وروع دارهم يوما بكرب
وذي [أرض المعا] على مهب
من الأهواء في شد وجذب
تكأكأ فوقها أوغاد شعب
طريدو لعنة وأذى وسب
فيا عجبا أبعد ضنى ونصب؟
وتيه حائر في كل درب؟
وعيش في شعاب الأرض جدب؟
تجيء ذيولهم من كل صوب
تهاجم في الحمى آساد عرب
لتجليهم عن الوطن الأحب
لتلك مجانة وذهاب لب
وضيعة شعبهم أذنت بقرب
بني صهيون ضللتم بغيب
وعممتم بأستار وحجب
ومنيتم بتضليل وكذب
فكم في العرب من أبطال حرب
وأعواد شداد البأس صلب
تذب الغاصبين أشد ذب
وتطرد مجرمي نهب وسلب
بأسياف ثقال الضرب عضب
غدا تجلون في رجف ورعب
وتشتيت على شرق وغرب
سيدفن حلمكم معكم بترب
ويفنى جيلكم في غير عقب
ويمحى سطركم من كل كتب
وإن قضيت في الهيجاء نحبي
فحسبي ميتة الشهداء حسبي
وحسبي من جوار الله قربي

تحية الميلاد

القصيدة الثانية من القصائد التي بقيت من رماد المحنة.

نشرت ب مجلة الإخوان المسلمين بالعدد 183.

وألقيت بكوم حماده ودمنهور والدلنجات.

طوت السنين إليك والأجيالا
وبدت تفيض وضاءة وجلالا
سبت العصور بحسنها وبهائها
ومشت تتيه على الزمان دلالا
فاهتف لطلعتها وحي قدومها
وانثر أزاهير الربا استقبالا
وأنر حنايا القلب من أضوائها
واملأ كيانك فتنة وجمالا
واقطف ورود الحسن من وجناتها
لا تخش عينا أو تهب عذالا
واشف الظماء الجدب من أندائها
وانهل من النبع الشهي زلالا
وامنح فؤادك للهوى ونعيمه
ما دام حظك في الغرام وصالا
هي ليلة الهادي فخذ من فيضها
ريا لقلبك ما أردت حلالا
هي ليلة الهادي فخذ من ظلها
فيئا وخذ منها قرى ونوالا
يا ليلة الميلاد حبك في دمي
أحني عليه القلب والأوصالا
يا ليلة الميلاد حبك في دمي
يجري ضراما دافقا سيالا
يا ليلة الدنيا ومطلع سعدها
أشرقت في ليل الأنام هلالا
يا ليلة الهادي ومشرق نوره
ما كنت إلا ديمة وطلالا
أشرفت في دنيا تموج تظالما
وتعج بغيا سادرا وضلالا
فطويت دستور المظالم عنوة
وحطمت أسيافا له ونبالا
وحفرت قبرا للمظالم موحشا
وأهلت فوق الظالمين رمالا
وبدأت عهدا بالسعادة مورقا
ما كان أطيبه ندى وظلالا
يا ليلة الحدث السعيد أنبأت
آيات حسنك بالمنى أجيالا؟
يا ليلة الميلاد هل لحظ الورى
في مهد طه السعد والإقبالا؟
أترى وآمنة تهدهد طفلها
كشفت عن الغيب الخفي سدالا؟
فرأت سطور المجد فوق جبينه
ورأت ضياء ساطعا يتلالا
ورأت ظلاما يختفي ومظالما
كانت شقاء آثما ونكالا
ورأت عروشا تنتهي وصوالجا
كانت بجسم العالمين نصالا
ورأت عهودا تنقضي وممالكا
تطوى وكانت نقمة ووبالا
وبدا وليد المهد يخطو يافعا
فترى الدنا في خطوه الآمالا
يا بنت وهب قد وهبت محمدا
نعمى تعز نظائرا ومثالا
يا بنت وهب قد وهبت محمدا
للعالمين هداية وثمالا
يا بنت وهب قد وهبت محمدا
فوهبت غيثا واكفا هطالا
يا بنت وهب قد وهبت محمدا
فوهبت نجما سعده يتوالى
عشنا بنور عهوده وحدوده
فوق السماك أعزة أبطالا
دانت لنا الدنيا بهدي كتابه
ومشت تطاطئ رأسها إذلالا
ألقت جموع الخافقين قيادها
وغدوا على جاه الرسول عيالا
يا ليلة الميلاد بدل حالنا
فخبا الضياء بحينا .. بل زالا
ولت ليال بالهناء عزيزة
وأتت ليال بالشقاء حبالى
من كان يحلم أن ميراث التقى
يغدو بأحداث الزمان خيالا
من كان يحلم أن ملك محمد
يمسي رفيع بنائه أطلالا
من كان يحلم أن من ملك السها
تضع العبيد برجله الأغلالا
هذه بلاد المسلمين جميعها
غال العدو ربوعها وتغالى
هانت على الأعداء لما جانبت
هدي الرسول فزلزلت زلزالا
هذه فلسطين تناهب أرضها
شعب على نسل النبي تعالى
تاهوا فلما دوخت أقدامهم
ألقوا بواديها الكريم رحالا
أجلوا عن البلد المطهر أهله
وتناهبوه قسمة وعدالا
بل هذه مصر تثاقل فوقها
ذئب على أبناء مصر احتالا
سبعون عاما ويلتاه لمصرنا
ذلت وذاقت منهمو الأهوالا
فقر وعري والبلاد ترابها
تبر يرد الجوع والإمحالا
نعماؤها (للإنجليز) وأهلها
يتجرعون الطين والأوحالا
واليوم تصحو من جهامة حلمها
لترد بأس الغاصبين مذالا
لله أقوام بمصر تعاهدوا
أن يطردوا عن نيلها الأنذالا
بين المشارق والمغارب نهضة
للدين تبغي للحمى استقلالا
وعي يسود المسلمين ويقظة
كبرى تهد رواسخا وجبالا
وتهب في وجه الدخيل تهزه
وتقض مضجعه الوثير صيالا
ولنا رجاء في النبي ونوره
يأسو ويهدي البرء والإبلالا
ويبارك (الإخوان) حتى يدفعوا
عن أرض مصر عدوها المغتالا
ويعود للإسلام سابق مجده
ويعز ملك المسلمين منالا

إلى المتخلفين

نشرت هذه القصيدة بالعدد 164 من مجلة الإخوان المسلمين وهي إحدى القصائد التي نظمت قبل المحنة.

وقد وجهت إلى الوفديين حين نكصوا عن تأييد الحكومة التي قطعت المفاوضات وذهبت تشتكي لمجلس الأمن.

عبث به تلهو البلاد وتمرح
دنيا تجد وفي الكنانة [مسرح]
ركب الحياة يسير مضطرد الخطى
نحو الكمال وشعب مصر يجنح
أمم تهب ونحن نفترش الثرى
ونهيم في وادي الشقاء ونسرح
يا ويلتاه لمصر من زعمائها
يلهون والكاس المريرة تطفح
كفروا بأنعمها فعاشوا في غنى
بخلاء قد ضنوا بجهد يمنح
حفلوا بأنفسهم وناموا عن منى
نادوا بها زمن الشباب وأفصحوا
فجر الجهاد أضاء من عزماتهم
لم تثنهم يوما دماء تسفح
هتفوا بعز بلادهم وتعاهدوا
يوم الجلاد على الثبات وصرحوا
فتعلقت بهم القلوب وأصبحوا
ذكرا به تمسي البلاد وتصبح
حتى إذا ملكوا الزمام رأيتهم
يلوون أعناق الجياد فتجمح
وهج النضار أضلهم ببريقه
فتمايلوا في حانه وترنحوا
هتفوا وقد سكروا بخمر نعيمه
إن التفاهم للمجاهد أرجح!
عجبا! متى كان التفاهم شرعة
في عرف محتل تفيد وتفلح؟
عجبا! متى كان الوداد وسيلة
لنوال حق من عدو تصلح؟
والله ما غير النضال طريقة
فيه تزول الراسيات وتنزح
والله ما غير العداء تكنه
أمم العروبة للعدو وتفضح
والله ما دون الجهاد ووقده
أمل لأبناء الكنانة يلمح
والله ما دون النفوس نبيعها
في ساحة الشرف النبيل فننجح
أما التفاهم والوداد ولينه
فلتلك آية مجهد يستروح
أما المفاوضة التي نادوا بها
فلتلك خطة سائل يستمنح
والحق لا يعطي وإن طال المدى
ما بين تدليل وشاد يشرح
لكنه يجني وإن عز الجنى
أو دونه قفر يضل وأبطح
ما دام في الدرب الموصل أنفس
صحت عزائمها وساد المطمح
قل للذين تجنبوا شوك الغضى
وأضلهم جاه المناصب فانتحوا
عودوا إلى الصف القوي وكفروا
عما مضى والنيل دوما يصفح
وتعهدوا سقيا الجهاد وجددوا
عهد الشباب بعزمة تتفتح
ما قيمة الدنيا إذا عشتم بها
والنيل مقروح الفؤاد مجرح
ما قيمة العمر القصير إذا مضى
في اللهو والشعب المعنى يرزح؟
ما الحكم؟ ما الدستور؟ إن قيست به
حرية كبرى وسجن يفتح؟
ما الحكم؟ ما الدستور والرمح الذي
طعن الكنانة قائم لا يبرح
كحجارة الشطرنج حكم خادع
وتنقل بيد العدا وتأرجح
فإذا بدا منكم هوى أو نزوة
جعلوا المقاعد تحتكم تتطوح
ما كان أجدركم بنبذ مناصب
زيف يجللها وعار ينضح
ما كان أجملكم بترك صغائر
وشيت ببرق زائف لا يملح
ألهت عن الهدف الجليل وسودت
بيض الصحائف من جهاد يمدح
عودوا إلى شرف الكفاح وناضلوا
ودعوا الخلاف فإنه مستقبح
عودوا إلى الصف الموحد وانتضوا
سيف الجهاد بقوة لا تكبح
فالخلف في وطن نذير ضياعه
وبلائه فلتغفروا ولتصفحوا
هي فرصة كبرى فإن ضاعت فلا
يجدي النواح وإن أطال النوح
هي فرصة كبرى وما من فرصة
ولت وعادت بعد ذلك تسنح

إلى باعث المجد وحامل العلم

وجهت هذه القصيدة إلى المغفور له الشهيد الأعزل إمامنا وقائدنا ومرشدنا فضيلة الشيخ حسن البنا بمناسبة انقضاء عشرين عاما على بدء دعوته.

نشرت بالمجلة العدد 210 تاريخ 28 أغسطس سنة 1948.

صال الصدى بالوامق المشتاق
فاملأ فؤادي بالتقى يا ساقي
إني عشقت طلاك من فجر الصبا
وسرى الهوى مسرى دمي الدفاق
وغدوت خفاق الجوانح شيقا
أرنو إلى سلسالك الرقراق
ولطالما سكرت بعذب رحيقه
وأريجه وعبيره أعماقي
هو آية الله العلي ونفحة
رفافة الأضواء والإشراق
فأرح قلوب الوامقين بطيبها
وامنح رحيقك صفوة العشاق
لله ما أبليت في إحيائنا
وبعثت من همم ومن أخلاق
لله ما أبليت في إسعادنا
وبثثت من حب ومن أشواق
لله ما أنفقت في إروائنا
وفجرت ينبوعا من الترياق
كم خطوة بين الديار خطوتها
تهدي وتنشر آية الخلاق
وتسيح في طول البلاد وعرضها
تدعو القلوب لألفة وتلاقي
أملت آمالا فسرت بوحيها
ومضيت لم تعرف أذى الإخفاق
وكذاك شأن ذوي الرسالات العلا
لا ينثنون أمام ألف نطاق
فاهنأ – رعاك الله – قد عوضت من
تعب ومن سهر ومن إيراق
واملأ فؤادك بالحشود كريمة
تهوي إليك بفرحة ومتاق
ألفت بين قلوبهم بمحبة
وربطت بينهمو بخير وثاق
قلت انهضوا – فتفاعلت بنفوسهم
وكأنها تعويذة من راق
أو أن (هاروتا) تجدد سحره
أو أن (عيسى) في العشيرة باق
فإذا جميع الراقدين نواهض
نبذوا حياة القيد والأوثاق
يتأهبون لخوض كل كريهة
وخصومة دموية وشقاق
عافوا حياة الوحل في مهد الغنى
واستبرءوا من حمأة الإملاق
وتململوا بالقيد وهو مذلة
والموت من عيش المذلة واق
ثمرات دعوتك الكريمة أينعت
أنعم بخير جنى وطيب مذاق
فاليوم لا أنساب بين ديارنا
لا أنت مصري وأنت عراقي
كلا فما غير الأخوة نسبة
جمعت أواصر أمة ورفاق
هذي فلسطين العزيزة تلتقي
في أرضها عرب على ميثاق
هو من كتاب الله مأخوذ وما
أسمى مواثيق الكتاب الباقي
صفحات ماضينا الكريم تجددت
جمراء تزهو بالدم المهراق
وتهيب بالنوام في وضح الضحى
طال الرقاد وذل الاسترقاق
هيا انسجوا نسج الجدود وأبدلوا
ثوب التقى بثيابنا الأخلاق
فتموج في أعماقهم وكيانهم
روح الغيور وعزمة المصداق
حتى إذا حان النضال رأيتهم
يتسابقون إليه أي سباق
تسري حميا الحرب في أوصالهم
كالكهرباء أو اللظى المحراق
لولا السياسة والخنوع وسادة
مرئوا الهوان وذلة الأعناق
لولا السياسة والخضوع وساسة
مردوا على جبن وسوء نفاق
لولا السياسة والسلام وطغمة
رضيت بذلة [هدنة] ووفاق
لرأيت أجناد العروبة أوردوا
ورد الحتوف عصابة السراق
ورأيت أوغاد اليهود وحلمهم
بددا بكل مسارب الآفاق
هي نكسة [البشوات] من زعمائنا
بدلت بغار النصر ذل إباق
مهلا بني صهيون سوف تروننا
أسدا بلا صفد ولا أطواق
تجتاح كل مقامر ومغامر
وتقط رأس التائه الأفاق
وتحيل وهم النصر في أفواهكم
سما على طعن وضرب رقاق
وتخط للتاريخ فوق قبوركم
في الترب أو في لجة الإغراق
نفقت بأيدي العرب دولة [حايم]
فليبك [شرتوك] دم الآماق
والله أدعو أن يؤازر فتية
شرفوا برفع لوائه الخفاق
ويديم مرشدهم وباعث مجدهم
ومنارهم في غيهب ومحاق
ويعيد للإسلام زاهر عصره
بربيعه وأريجه العباق

تحية الدار

مهداة إلى الإخوان عامة وإلى إخوان [النجيلة] مركز كوم حمادة خاصة، فقد احتفلوا بعد المحنة بافتتاح دار لهم، وكنت مريضا إلا أن ذلك لم يمنع من نظم هذه القصيدة مشاركة لهم بفرحتهم بعودتهم وافتتاح دارهم.

شغفت بالدار حتى هاجني الشغف
فجئت رغم (الضنى) ما فاتني الشرف
أتيتها لأملي العين رونقها
وأستقي من محياها وأرتشف
والدار إن قصر البنيان يرفعها
سكانها ما استقاموا أو سما الهدف
كم من قصور يروق العين منظرها
والسخف يغشي زواياها ويكتنف
القصر والكوخ معنى لا ارتفاع ذرى
بأهله – لا بتزويق البنا – يقف
يهن (النجيلة) دار بالتقى شرفت
كأنها غرف من فوقها غرف
ويهنها إخوة في حيها رشدوا
واستمسكوا بكتاب الله وائتلفوا
هدوا إلى الحق في دنيا يروعها
بعد عن الحق حتى صابها التلف
وأصبحت شرعة الشيطان شرعتها
فللمجد الثرى والقاعد الترف
وللفواحش سوق في الحمى شرعت
ضاع العفاف بها والطهر والشرف
وللمظالم ترويع وملأمة
وكم تظالم فيها الناس واعتسفوا
والحال في مصر إعنات ومفسدة
الزيف شرعته والظلم والصلف
والمترفون – قصار العقل – قد رقصوا
على البراكين – جنوا أو بهم خرف
قلب الكنانة مكبوت تضج به
نار يؤججها الإملاق والسرف
يعيش فيها على هون ومتربة
قسم وقسم له الآلاء والتحف
هذا يعيش على وهج النضار غنى
وذاك تكربه الأوحال والجيف
هداية الله لم تعرف قلوبهم
حتى يكون لهم في عذلها كنف
صحب النجيلة، مني خير تهنئة
بالدار صاغ شذاها مغرم دنف
قمتم على الحق لم يوهن لكم جلد
وللقلوب ثبات ليس ينحرف
ما قيمة العمر والإسلام في ضعة
وأهله عن سنى أضوائه انصرفوا
ما قيمة العيش والأعلام ناكسة
وراية الله قد أودى بها الخلف
ما قيمة العيش في ذل ومسكنة
ونيلنا لبني (التاميز) مغترف
ما قيمة العمر والدين القوي لقى
وشرعة الغرب فينا الباء والألف
الموت أجمل من عيش تضيق به
كل القلوب ويفري جلدها الشظف
على هدى الله سيروا واسلكوا سبلا
سارت وعزت بها الأجداد والسلف
وليس بينكمو والنصر غير خطى
قليلة بعدها للنصر نقتطف

تهنئة بزواج

تعتبر هذه القصيدة والتي بعدها من القصائد البعيدة [بعض الشيء] عن روح الديوان.

ولكن يشفع لهما من قيلتا فيهما فهما من صفوة الإخوان المسلمين.

هذه قيلت للأستاذ محمد حواس من دعاة الإخوان بكوم حمادة تهنئة بزواجه.

مضى صومي فهات الكاس هات
فبي ظمأ إلى خمر السقاة
مزمومة يفوح العطر منها
وقد عصرت بأيد طاهرات
فما خمري محرمة ولكن
حلال كالندى أو كالفرات
على آي الإله وما أحلت
وسنة أحمد خير الهداة
تخذت شريكتي واخترت زوجي
من الأسر الكرام الطيبات
وحسبي أنها نبت كريم
وزينة بيتها فضلى الصفات
أخي (حواس) والدنيا إخاء
وود وامتزاج في الحياة
يجمعنا على الإحسان دين
يخفف وده وزر الجفاة
فنحن أخوة بل نحن حب
وأنت أخي الشقيق بل أنت ذاتي
وما قربى الدماء بخير قربى
ولكن خيرها صفو الصلات
أخي (حواس) جئت اليوم أهدي
تحيات من الشعر المواتي
ولو أني استطعت لكان شعري
لآلئ أو نجوما نيرات
فخذه من الفؤاد دما ذكيا
يتيه على الهدايا والهبات
وعش في جنة الأزواج يوما
وعب من الدنان المترعات
ولا تنس (النجيلة) يا صديقي
فباكر يومها واليوم آت
(ودست) وراءها بل (والنقيدى)
بها شوق إلى صوت الدعاة
فليس زواجنا يا صاح نعمى
كنعمى الناس بل حصن النجاة
نطوف في فيافيها ونأوي
إليه كأنه ظل الفلاة
فلا تركن إلى النعماء واغنم
ثواب الله من قبل الفوات
ودمت لدعوة الإخوان برا
وفيا صادقا ثبت القناة
ودمت لبيتك الميمون تاجا
سعيدا بالبنين وبالبنات

تهنئة عودة

الأخ الكريم الأستاذ محمد الصاوي خليل رئيس تجهيز الحاصلات بوزارة التجارة والصناعة ومن الإخوان المخلصين.

أوفدته الحكومة في بعثة إلى [إيطاليا] دامت أربعة شهور، وقد احتفلت به عائلته وعشيرته ببلدة النقيدى في حفل بهيج فنظمت له هذه القصيدة مشاركة في الفرحة بقدومه.

إن هنئوك بورد أو بريحان
قدمت [يا صاوي] أعماقي ووجداني
ما زلت للسانحات الغر أرقبها
حتى أتت وفؤادي جد يقظان
غنمتها لأوفي بعض ما منحت
كفاك كفي من بر وإحسان
من مبدأ العمر تحبوني وتغمرني
فضلا وتمنحني آلاء معوان
لما تجهم دهري والتوت سبلي
كنت المعين وكنت العاطف الحاني
هدهدت لي العيش (يا صاوي) وكم فتحت
يداك أبوابه للمتعب العاني
طبع عرفت به فالخير تمنحه
سليقة لا لتمجيد وشركان
والفضل إن جاء عن طبع وعاطفة
سما ولا فضل في الدنيا لمنان
ورثته عن أب فاضت مناهله
حتى ارتوى بنداه كل ظمآن
لم يعرف السائل المحروم غضبته
بل كان يعطي بوجه باسم هاني
خلفتموه فأغنتكم مناقبه
لا تستضام بيوت المصلح الباني
ماذا أقول؟ وقولي فيه ذو شعب
كثيرة وفريد القول يعصاني
خلاله الغر فوق الوصف تعوزها
خرائد الدر لا تنميق تبيان
فإن نظمت مقالا في تحيته
فإنما ذاك جهد العاجز الواني
يا ابن [النقيدى] وفخر النابغين بها
تاهت بك اليوم في زهو وسلطان
وكرمتك يهز العجب عطفيها
تيها ويختال فيها كل بنيان
في كل وجه ترى سيماء فرحته
والبشر يغمر فيها كل إنسان
قد بادلتك غراما إذ غرمت بها
حبا بحب وعرفانا بعرفان
قدمت بيض الأيادي نحو عاطلها
وكم حنوت على عار وجوعان
وكم منحت وكم قدمت من منن
كثيرة بفؤاد جد جذلان
يدي هاتين كم في السر قدمتا
مما تجود على غيب وكتمان
وإن نسيت فلا أنسى وقد سطعت
شمس الظهيرة في وقد ونيران
والناس قد طلبوا في الظل عافية
وأنت في سكن من ظل ديوان
وقد أتاك على هون ومسكنة
عاد على خطوه ترداد حيران
وقال من منكم [الصاوي] أجبت أنا
ماذا تريد تشجع أيها الداني
فقال إن لم تغثني اليوم لا أمل
لي في الوظيفة أو في عيش صبيان
هيا معي لرئيس القوم تنقذني
كما فعلت مع المستخدم الثاني
فقمت في الحال لم تمنعك مانعة
من الهجير ولم يثن الخطى ثان
كذاك عزم كرام الناس إن عزموا
لم ينثنوا بقتاد أو بصوان
وعدت تقطر من فرط اللظى عرقا
والماء ينضح من ثوب وأردان
سألتك الحال قلت الله كافأني
وفزت في وصل عيش البائس العاني
ماذا أقول؟ مجال القول ذو سعة
والقول يحلو لأحباب وإخوان
ماذا أقول وقد قالت حكومته
لما انتقته على عين وإنسان
هذا فتى النيل من ترجى شفاعته
لدى الأجانب، هذا خير برهان
تبينته بعلم سابغ وحجى
وميزته بتقدير وميزان
وأرسلته سفيرا في مناكبها
وفضلته على صحب وأقران
وآزرته كريما في تنقله
يمشي رتيبا على نور وعرفان
رح سائل الناس في روما ولا عجب
أن يترك [العرب] ذكرا بين [طليان]
يجبك منهم أناس عن مناقبه
بكل ذكر بعيد الصيت رنان
من كان في قومه نورا على علم
تشع أضواؤه في كل بلدان
قم حدث الناس عن روما وساكنها
وما لقيت بها يا خير عنوان
حديثك السحر تهتز القلوب به
كأنه أرج من زهر بستان
قم حدث الناس فالأنظار شاخصة
والجمع يسمع في إنصات نشوان
واشف النفوس فإن الشوق برحها
وداوها بحديث منك ريان
[صاوي] صحبتك والأيام باسمة
وقد صحبتك في ضيق وأشجان
فما تبدلت أخلاقا وعاطفة
ولا تغيرت في حال وأزمان
عشنا معا والهوى صداح أيكتنا
كأننا في الهوى روح لجسمان
مهما اختلفنا على الأرزاق يجمعنا
روح ويربطنا إحساس وجدان
وما ارتفعت لتجفونا وتجهلنا
بل أنت أنت كريم الأصل والشان
سر في طريق المعالي مفردا علما
موطد الخطو في التوفيق رحمن
واصعد إلى النجم خفاقا على درج
من الهداية لا أكتاف إنسان
ترعاك منا قلوب في الهوى صدقت
تدعو لك الله في سر وإعلان

تحية عودة

هذه القطعة قد نزعتها من أعماق نفسي وصغتها بحبات قلبي وأهديتها لباعث نهضتنا فضيلة الإمام الشهيد عند عودته من حجة الوداع غفر الله له وأفسح له واسع جناته.

نشرت بالمجلة بالعدد 224، 4 ديسمبر سنة 1948.

نور الصباح على الربى يتدفق
أم نور وجهك في الكنانة يشرق
وعبير زهر الروض أم ريح الهدى
من قلبك الصافي يفوح ويعبق
يا ابن الكنانة ما برحت بأفقها
نجما بأضواء المنى يتألق
لما خطوت إلى الرسول تلفتت
وفؤادها بخطى الحجيج معلق
حرمت من الأبناء حتى جئتها
فذا عليك من البطولة رونق
شابت من الحرمان في فجر الصبا
فأتيت تسديها الشباب وتغدق
عقدت عليك رجاءها وتعلقت
أبصارها ترنو إليك وترمق
كم في الدجى دعت الإله سلامة
لك إذ تهاب الحادثات وتشفق
حتى إذا عاد الركاب مباركا
وقدمت والحج المجيد موفق
هتفت لمقدمك الزكي وأقبلت
ولها إليك تدفق وتشوق
وتود لو تستطيع فرش أديمها
ذوب القلوب فإنه بك أخلق
يا ابن الكنانة هل أتاك حديثها
لما بدت نذر الحوادث تحدق
جالت غيوم في صفاء سمائها
دكناء ترعد بالثبور وتبرق
ما كان أيسر أن تجنب لو مضى
جيش الكنانة كاسحا لا يرفق
ولو أنها في الهدنة الأولى صغت
لما وصفت محذرا تتدفق
لتجنبت عقبى التردد واعتلت
أعلامها في كل واد تخفق
لكن من مسكوا الزمام تنكبوا
وضح الطريق وبالسراب تعلقوا
مردوا على سقيا الهوان وليتهم
من نبعك الميمون علوا واستقوا
يا ابن الكنانة هل أضر بك النوى
شوقا إليها؟ إنها لك أشوق
أقبل فساقي النيل أقداح الهوى
فالنيل من فرط الصبابة شيق
أقبل على الوادي فأنت بطبه
أدرى وأنت به أبر وأرفق
أقبل فسدد خطوه واسلك به
سبل الهدى فالخير منك محقق
أقبل فجنبه العثار ونجه
كاد السفين بغير هديك يغرق
أقبل فقل للحاكمين ترفقوا
بكرامة الوادي العزيز وأشفقوا
أقبل فقل للحاكمين تقدموا
فالسيف في فصل الخطاب مصدق
عبثا رجوتم هيئة ممسوخة
حكم الهوى فيها وضل المنطق
هيا إلى ساح النضال وسارعوا
فالحرب أجدى بالكرام وأليق
شرف العروبة بالقتال معلق
فإلى الثرى أو بالثريا يلحق
لا عاش في مهد الرسالة مؤمن
يرضى المذلة مستضام أحمق
(والعيش في وطن الرسول معزة
تشرى ببذل الروح فيه وتصدق)
يا مرشد الجيل الجديد تحية
عطرية حيا بها متعلق
يرجوك للأوطان لماع السنا
تحدو خطاها في الدجى وتنسق
والله ينصر من يناصر دينه
عهد تسطر في الكتاب موثق

سوف نمضي قدما لا ننثني

في بدء عام 1947 دوى صوت الإخوان المسلمين في سمع العالم منذرا ببدء الجهاد المقدس ضد الغاصبين وكان الناس يومها بين مصدق ومكذب، ولكن عندما تبين للأعداء صدق العزم وخلوص النية، حرضوا أشياعهم من الحكام المصريين فأعلنوا الحرب على الفئة الطاهرة المخلصة.

عندما أطلق الإخوان هذه الصيحة المنذرة نظمت هذه القصيدة.

وقد نشرت بمجلة الإخوان المسلمين عام 1947.

جلجل الصوت يهز العالمين
ويدوي بين سمع الذاهلين
أطلق (الأشبال) إنذارا دوى
كهزيم الرعد بين الغافلين
ذهل الناس، فقالوا خدعة
كيف تبدو أمة في العابثين؟!
صرخة محمومة، يا ويحها
يوم يبدو عنفها – من بعد لين!!
إن شعب النيل شعب خائر
كيف يأتي العنف من مستضعفين؟!
أيها (العزم) من شعب ثوى
في ظلام القبر بين الهامدين؟!
كيف تخشى فورة في أمة
مضت الأحقاب في ذل مهين؟!
شفها الهون وأضناها الضنى
وتراءت في ثياب البائسين
لا يروع الناس منها صرخة
كيف يخشى من صراخ العاجزين؟!
لا يهاب القوم منها ضجة
سوف تمضي كسراب الخادعين
ويح للأقوام قد ضلوا وما
ينفع الأعداء قول المبطلين
إن شعب النيل شعب رائع
يوم ينضو عنه ثوب الصابرين
انظروا التاريخ في أحقابه
تجدوا الآيات والسحر المبين
إن شعب النيل فيها درة
تبهر الدنيا على مر السنين
اتركوا التاريخ في إصباحه
وضحاه والجدود اللامعين
اتركوا فرعون في سلطانه
واتركوا مينا وخوفوا الأقدمين
اتركوا هذا على إشراقه
يوم كنتم في ظلام الآفلين
وتعالوا نتصفح حقبة
كنتمو فيها الأسود الظافرين
يوم جئتم مصر يحدوكم هوى
في شغاف القلب مكنون دفين
هل وجدتم مصر من خوف اللقا
تفتح الأبواب للمغتصبين؟!
أم لقيتم فتية قد وضعوا
راية الوادي على هام القرون
وتحدوكم – كراما نجبا -
لم يهابوا في الوغى كأس المنون
ورأيتم منعة الوادي بهم
ورأيتم كيف عدتم خاسرين
وإذا بالمكر يبدو سنه
بئس في الدنيا اللئام الماكرون
قد تحايلتم به يا ويحكم
أبغير المكر كنتم تغلبون؟!
رب مغلوب كريم في الورى
وقوى عاش مذموما لعين
يا لقومي كم لقوا من مكركم
قد عبثتم في حماهم مفسدين
هذه الأوضاع من أفسدها
وتولى مسخها دنيا ودين؟!
فتراءت مصر في أثوابها
عجب الدنيا وهزء الهازئين
من عني بات موفور الغنى
ورعاع القوم في وحل وطين
وقوي راح يلهو عابثا
وضعاف مضهم طول الأنين
قد هدمتم كل رمز طاهر
وغرستم في حمانا كل دون
وسلبتم كل خير غامر
ورتعتم في ربانا آمنين.
أيها الماضون في بهتانهم
ليس بعد اليوم لهو أو مجون
أيها الأوشاب قد عز الحمى
ليس بعد اليوم فينا من يهون
قد كشفنا الستر عن آثامكم
فتبدت سوءة الختل الكمين
صيحة الإخوان لما جلجلت
تنذر الدنيا بطرد السارقين
هي لله مزاجا خالصا
عز بالله الكرام المخلصون
هي للحق وللصدق وقد
ضل من يحسبنا في الكاذبين
سوف نمضي قدما لا ننثني
أو نرى في الحرب موت الخالدين
أيها الموت قوم أقسموا
أن يموتوا في الوغى مستبسلين؟!
أيها الموت قوم عاهدوا
أن يظلوا بالتقى مستمسكين؟!
أيها الموت صحب بايعوا
في هوى الرحمن (خير المرشدين) ؟!
فاسمعوا الصيحة أو لا تسمعوا
إننا يا قوم لسنا هازلين؟!

صح عزمي على الجهاد

من قصيدة في المعنى السابق نظمت ونشرت في مجلة الإخوان المسلمين في عام 1947.

يا سقاة الهموم نلت نصيبي
طال عهدي بلوعتي ونحيبي
باعدوا الكاس عن رؤاي فإني
ضقت ذرعا بطعمها المرهوب
قد سقيت العذاب من فجر عمري
ويح نفسي على زماني العصيب
كلما ضاء في ظلامي نجم
كان من شقوتي سريع الغروب
كلما لاح في حياتي طيف
باسم السن طاردته خطوبي
لم أذق في الحياة طعما شهيا
كيف أهنا في الموطن المغصوب
سلب البغي موطني كل نعمى
يا لنفسي وللحمى المنهوب
عشت في ظله طريدا شقيا
طافح القلب باللظى المشبوب
وعجيب لصاحب الأرض يحيا
بين أفيائها حياة الغريب
ويمضي حياته في جهاد
ويلقى الجزاء غير مثيب
والعدو الدخيل فينا سعيد
لا يعنى بشقوة ولغوب
نهب الخير كله غير مبق
للملايين الكثار غير نضوب
وتمادى بخيله يقلب الوضع
ويؤذي الحمى بشتى العيوب
ويذيع الضلال في كل حي
طاغيا غامرا كثير الذنوب
جمع الجاه والغنى في يديه
ومضى يشتري زمام القلوب
ورنين النضار يخلب اللب
ويسبي النهى ببرق خلوب
وضحايا الثراء في كل قوم
هم دنايا الورى وعار الشعوب
لن يراعوا قوله السوء فيهم
إن أضاعوا الحمى بملء الجيوب
والغريب المريب أن يستبيحوا
خدعة الناس بالوفاء الكذوب
هالة المجد حولهم رسموها
تفتن العين بالزواق القشيب
وتباهوا بشكلها وسناها
وتباروا بحسنها المجلوب
قال كل أنا الزعيم المفدى
وتعالى بالادعاء العجيب
وغدا بعضهم لبعض عدوا
ينهش اللحم بالسباب المعيب
وحدة الشعب مزقت فتهاوى
بين جد العدا ولهو القريب
والعدو الدخيل يشهد الأمر
شديد الهناء جد طروب
يا سقاة الهموم قد عيل صبري
وسئمت الأسى وفرط الشحوب
باعدوا الكاس عن فؤادي المعنى
ناء صدري بعيشه المجدوب
سأهز الهدوء بين البرايا
وأحيل السلام وقد الحروب
وأريق الدماء تملأ الرحب
وتروي الثرى بلون خضيب
وأساقي المنون عذبا رضابا
وألاقي الردى بقلب منيب
ما حياتي إذا شقيت بأرض
خصها الله بالنماء الخصيب؟!
ما حياتي إذا ذللت بواد
عز دوما على سواد الشعوب
صح عزمي على الجهاد وإني
عند داعي الحمى سريع الهبوب
فاسمعوا وارعووا ولا تستهينوا
واذكروا ماضيا كثير الخطوب

هيا إلى الوطن المنكوب ننجده

من قصيدة طويلة نشرت ب مجلة الإخوان المسلمين وألقيت في الاحتفال بليلة القدر بكوم حمادة سنة 1366.

طال انتظاري والحرمان يشقيني
يا منبع الهدى يا ري المساكين
طال انتظاري ملتاعا يؤرقني
صدى يقدد أحشائي ويكويني
يا ساقيا من رحيق الله خمرته
من كل نبع نقي الطهر ميمون
يا ساقيا خمره التقوى ورائده
هدى الجميع إلى أنوار علين
طال انتظاري للأنوار أرقبها
وظلمة الليل تعييني وتشقيني
طال انتظاري في هم وفي كمد
حتى طلعت على الدنيا تناديني
عصيرك العذب أغواني وحببني
ومنظر الزهر في مغناك يغريني
خمر من الطهر لا إثم ولا كدر
مزاجها الحق والإخلاص للدين
فهاتها من فم الأزهار صافية
مذاقها العذب يرويني ويحييني
إني سئمت شرابا كله وهن
جم المرارة في الأعماق يفريني
قضيت دهري نشوانا به ثملا
يا ضيعة العمر في دنيا الشياطين
زيف غرمت به ردحا فضيعني
وعشت في ظله عيش المجانين
فهاتها خمرة لله خالصة
حتى تطهر آثامي وتنجيني
في ليلة القدر والأنوار ساطعة
والكون يسبح في نور وفي لين
في ليلة القدر والأملاك نازلة
تطهر الأرض من رجس ومن رين
تطوف بالقلب آلام مبرحة
كم راعت النفس من حين إلى حين
كنانة الله في الدنيا مروعة
هوانها بات يزويني ويضنيني
يعيش في ربعها قسمان أولهم
يلهو ويرتع في دنيا السلاطين
وكثرة القوم في الوادي معذبة
قد مضت العمر في الأوحال والطين
ويح الأناس وويحي من تفاوتهم
ما أعظم الفرق بين العلو والدون
هذا يعيش على فقر ومسبغة
وذاك يسبح في أموال قارون
هداية الله لم تعرف قلوبهم
حتى تقرب بين العز والهون

ومنها:

رأى الدخيل كتاب الله بينهمو
يهدي إلى الحق في رشد وتبيين
فهالة عزة للخلق يطلبها
وهالة نشرها بين الملايين
فراح ينفث سما في محافلهم
يا رحمة الله من سم الثعابين
وقال للساسة المرجو أمرهمو
ما للسياسة في مصر ولدين
فللسياسة قوم يضلعون بها
أما الديانة وقف للمساكين
وصدق القوم قول الزور واجتنبوا
نور الهداية تبا للملاعين
وآلت الأرض للمحتل يسكنها
وصاحب الأرض في ذل المساجين

ومنها:

مصر العزيزة كم عاشب مظفرة
لم يستحل حماها أي مأفون
واليوم ذلت وهانت بعد عزتها
وهتك الزيغ فيها كل تحصين
يا إخوة الحق في دنيا مزورة
أنتم منى النفس في أيامنا الجون
هيا إلى الوطن المنكوب ننجده
حتى نطهره من كل ملعون
وتسترد بكم مصر مكانتها
بين الشعوب بإعزاز وتمكين
في ظلمة الليل أدعو الله مبتهلا
كما دعا قبل في الظلماء ذو النون
أن يحفظ الله للإسلام قائدكم
ليستعيد لنا مجد الميامين
ويسترد به الإسلام عزته
حتى يفوح به عطر الرياحين

فرحة اللقاء

من قصيدة طويلة نظمتها وألقيتها احتفاء بفضيلة إمامنا الشهيد عند تشريفه كوم حمادة في حفل الإسراء والمعراج سنة 366 هـ وقد نشرت بالمجلة.

قف بالسرادق وانصت أيها العاني
واسمع نشيد التقى من آي قرآن
إن كان داؤك قد ضاق الأساة به
وخلفوك أخا هم وأشجان
مروع النفس مفطور الفؤاد أسى
حليف زيف وأوزار وأدران
فداو قلبك من سحر يفيض به
داع إلى الله في طهر وإيمان
أنشودة من سماء الحق يرسلها
فواحة العطر من روح وريحان
قدسية من جلال الله طاهرة
يهفو لها الناس من قاص ومن دان
لما بدا النور وهاجا بمبعثها
وطلعة الصبح تهدي كل إنسان
أسرعت نحو سراج الحق مهتديا
وهالة الحق تنجي كل حيران
يا مرشدا ضاءت الدنيا بدعوته
وأشرقت بجمال جد فتان
قد قمت تبعث آيات لنا درست
وترسل النور من هدي وتبيان
ورحت توقظ أياما لنا سلفت
وتنفض الترب عن مطمور أزمان
ماض من العزة العليا تبعثه
حيا يفيض بإعزاز وسلطان

تحية الميلاد

قصيدة قديمة بدأت بها نظمي للشعر وكان ذلك في عام 1362.

مولد المختار يا عطر الوجود
يا سنى لماع يا نجم السعود
أي دنيا زانها يوم سعيد
أي دنيا عمها بشر فريد
مثل دنيا زانها الطفل الولي
مولد المختار يا فخر الأنام
يا بشير النور يا نبع السلام
أي يوم مشرق حتى بدا
في جبين الدهر مصباح الظلام
مثل يوم زانه الطفل الوليد
في هدوء الليل والدنيا سكون
وجلال الكون يزهو للعيون
أشرق المختار نورا ساطعا
باسم الصفحة لماح الجبين
يا جمال الله في الطفل الوليد
ما دهى الإيوان في شرفاته
ما دهى البناء في صولاته
آية الجبار لما أشرقت
ريع منها الظلم في جبروته
وتوارى من سنى الطفل الوليد
ما دهى الأقوام كانوا ساجدين
يعبدون النار بئس العابدين
هالهم أن أخمدت نيرانهم
من جلال الحق والهدي المبين
يوم هلت طلعة الطفل الوليد
ما دهى الظمآن ليل المولد
عندما غاضت مياه المورد
يا ربيب الشرك هذي آية
تنذر الدنيا بنور المرشد
وانتصار الحق بالطفل الوليد
لجت الأعراب في شر الفعال
فاستباحوا كل أفعال الضلال
زلزلت أقدامهم لما بدت
رحمة الله القوي المتعال
يوم شعت هالة الطفل الوليد
كانت الأعراب في جهل ذميم
يعبدون الصخر في البيت الكريم
فاكتسوا علما ونورا وهدى
واغتذوا من وفرة الخير العميم
يوم هلت طلعة الطفل الوليد
يا رسول الله يا خير العباد
يا بشير النور يا فيض الرشاد
في ضمي الناس والدنيا معا
فرحة تطغى وبشر في ازدياد
يوم ذكرى المولد السامي السعيد
يا رسول الله قد صغت النشيد
من شغاف القلب في اليوم المجيد
هزت الذكرى فؤادي فشدا
ليلة الذكرى بأنغام الخلود
إن مدح المصطفى فخر القصيد

تحية الإسراء والمعراج

هذه أبيات من قصيدة ضاعت مسودتها على الرغم من اعتزازي بها وحبي إياها، نظمت في المحنة، ولكنها لم تنشر أو تنشد في حفل.

ذكرى الرسول على الأيام ترتقب
الله أكبر قد وافى بها رجب
في هالة من سنى العلياء باهرة
تعنو لها الشمس إجلالا وتحتجب
فخذ لنفسك من فيض السنى قبسا
يهدي سفينك إن اليم مضطرب
وليس غير هدى الرحمن ملتجأ
إن لفك الليل أو حاطت بك النوب
يا سيدي يا ابن عبد الله معذرة
إن اجترأت وجئت اليوم أنتسب
يا سيدي يا ابن عبد الله تلك يدي
مددتها ومناها العطف والحدب
عمر مضى وهوى الشيطان يجذبني
فعشت أعتصر الؤسى وأنتهب
حتى صحوت على صوت أهاب به
داع إلى الله فانجابت به الحجب
فمد نحوي يا ابن الأكرمين يدا
لأستعين بها فالخير ما تهب
وتلك ليلتك الفيحاء شافعة
لمن أتى ضارعا يرجو ويطلب
يا ليلة قد حباها الله مكرمة
كبرى فضاءت بها الأزمان والحقب
يا ليلة حدثي فالكون مستمع
يهفو اشتياقا وأذن الدهر ترتقب
يا ليلة حدثي فلأنت صادقة
والقول قولك لا زيف ولا كذب
ذكرى الرسول سراج نستضيء به
كما تضيء طريق المدلج الشهب
فكيف يا ليلة الإسراء كان سرى
خير البرية لما آذن الطلب
مضى برفقته جبريل مصطحبا
يا طيب من كان للمختار يصطحب
لم يخط طه، فقد كانت مطيته
طوع البناء وما أمثالها نجب
قدسية الصنع سواها الإله له
صنع المحب لمن يهوى هو العجب
حتى أتى المسجد الأقصى فحاط به
رسل لهم بإمام الأنبيا نسب
حفوا بأحمد ظمأى يرتوون به
كالنبع حف به الوراد والشرب
صلى به وعيون الدهر ترمقه
والكون يغمره الإجلال والرهب

ومنها في الختام:

دنا فناداه صوت هز خاطره
إني أنا الله لا شك ولا ريب
هيا اجتل النور واقبس من منابعه
وأد نحو جلال العرش ما يجب
يهن ابن مكة والصحراء منبته
أن السماء به قد حفها الطرب
يهن ابن مكة أن الله كرمه
وأنه بجوار الحق مقترب

تحية الذكرى

من قصيدة طويلة نظمت تحية للإخوان المسلمين بمناسبة احتفالهم بمرور عشرين عاما على بدء دعوتهم وقد نشرت بالمجلة في أول ذي القعدة سنة 1367.

هل الربيع بحسنه المتجرد
وبدا شعاع ضيائه المتجدد
يختال في برد الجمال وسحره
ويسير مزهوا بوجه أمرد
ينساب في الدنيا جمالا هائما
يسبي الحياة بخطوه المتأود
فاهتف لطلعته وحي جلاله
واصدح بمؤتلق النشيد وغرد
من أنت إن لم تشد في استقباله
بخرائد من حسنه المتورد
من أنت؟ إن لم تحد في إسرائه
بروائع في وصفه المتعدد
والشعر من وحي الربيع فإن بدا
بدت القوافي كالحسان الخرد
ولد الربيع الغض يوم تجاوبت
أرض الكنانة بالهتاف المسعد
هل الربيع الغض يوم تنبهت
كل البقاع على نداء [المرشد]
هتف الزمان لهديه ورنا له
كون يحن إلى الضياء المنجد
عشرون عاما ضمخت بعبيره
وتسربلت في نوره المتوقد
عشرون عاما في الزمان قد اكتست
من صنعه ثوب التقى والسؤدد
إني عشقتك يا ربيع وطالما
حن الفؤاد إلى صفاء المورد

ومنها:

هذي فلسطين تسعر أرضها
أسد العروبة بالأتون الموقد
غال العدو حمى [ابن يعرب] فانبرى
ليزود عن أرض الجدود ويفتدي
باع الحياة رخيصة وضئيلة
ما قيمة الدنيا بعيش أنكد؟
لا عاش منا من يرى أمجاده
نهبا لمغتصب الديار مهود
النيل يأبى والفرات ودجلة
سقيا الذليل الخانع المستعبد

تهنئة بنجاح نائب

الأستاذ [إدريس غيث] محام بأبي المطامير ونائبها، اعتقل في محنة الإخوان وقد رشح نفسه في الانتخابات الماضية وقمت بنصيبي في الدعاية له كما سبق أن ذكرت حتى نجح، واحتفل أهالي أبي المطامير بنجاحه فألقيت قصيدة في 70 بيتا كانت تشفيا من العهد المشئوم، وهذه بعض أبيات منها:

[إدريس] تهنئة الجميع أزفها
شعرا أنقى آية وأنمق
وأنا الذي أهدي لعشاق الهدى
أرجا يفوح ونسمة تترقرق
[إدريس] إن عذبت فالمجد الذي
تبنيه لا يحنو ولا يترفق
والدهر لا ينشيك عزما صادقا
إلا على نار تئز وتحرق
إن عذبوك فإن فيك شهامة
عربية تفنى ولا تتملق
إن عذبوك فإن [إخوان] الحمى
شوك على السرر الوثيرة مقلق
لا تحسبوا أن العدالة قد غفت
أو غركم منها السكوت المطبق؟
هي سكتة المنقض يجمع ريحه
ويروح يمسك بالثياب ويخنق
أين المفر من الإله وعدله
وهو الرحيم العادل المترفق

ومنها:

هي محنة يا قوم مرت وانتهت
والظلم يفنيه الزمان ويزهق
هي دولة نفقت وحطم صرحها
والكون يضحك والسماء تصفق
هي دولة عزريل حين أماتها
نتنت يداه وعاد منها يبصق
وأبى الصلاة على القتيلة مسلم
شيخ وضن بها كذاك البطرق
هي محنة مرت وكم من محنة
في نارها نور يشع ويبرق
هي محنة [إدريس] خلف جمرها
نصرا بأضواء العزيمة يشرق
فاهنأ – أخي – بالفوز واستهد الألى
ساروا على النهج القويم ووفقوا
واسلك سبيلك في النيابة إنها
درج عليه إلى العلا تتسلق
واصعد ودع خصميك في غمر الثرى
فلأنت أجدر بالنيابة أليق

رمضان

هذه مقتطفات من قصيدة طويلة ضاعت فيما ضاع من قصائد بين أيدي المستبدين العابثين وكنت قد نظمت فيها الحوادث الكريمة التي حلت جيد هذا الشهر الكريم وفضلته وكرمته: نزول القرآن الكريم – غزوة بدر فتح مكة، وهذه مقتطفات اعتمدت في إيرادها على الذاكرة.

استهلال

رمضان فقط النيرين ضياء
وسموت فوقهما علا وسناء
وطلعت في الدنيا تحيل ظلامها
نورا وتسطع في الدجى وضاء
وغدوت في جيد الزمان يتيمة
قدسية تزهو سنى وبهاء

القرآن الكريم

في فجر عمرك والظلام مخيم
كسف تلف على الزمان رداء
والناس فوضى لا نظام يلفهم
في عقدة فيحيلهم سعداء
والظلم !! ويح القوم من جبروته
جعل الحياة مرارة وشقاء
نزل (الأمين) وأحمد في غاره
عرف الحقيقة جلوة وصفاء
فغدا بها متعبدا متبتلا
تخذ المغار من الشرور وقاء
فزع (الأمين) من (الأمين) وراعه
جرس يزلزل أنفسا صماء
قال (الأمين) اقرأ وتلك عجيبة
ما كان أحمد في الحمى قراء
قال النبي وكيف؟ ما أنا قارئ
أبدا ولا أنا أعرف الإملاء
لكن آيات الإله تعينه
وتشد منه فرائصا وبناء
فيروح يقرأ بعد (جبريل هدى
ويروح يتلو رحمة وشفاء
سطعت من الرحمن آية هديه
فأنارت الوديان والبطحاء
وتفجرت بين الصخور منابع
سقت القفار وبلت الجدباء
وتبدلت هوج الرياح فأصبحت
تجري نسيما في الربوع رخاء
وهل الإله لقوم طه صحوة
هبوا بها من موتهم أحياء

غزوة بدر

وبيوم بدر والنبي بعزة
من ربه والشرك عز ثراء
ورأى الرسول المشركين وجندهم
ملأوا الفضاء وروعوا الصحراء
فخشي على أصحابه من وقعة
ستكون حتما وقعة شعواء
ورنا إلى الرحمن يرجو عطفه
حتى يغلب قلة ضعفاء
رباه إن تهلك عصابة أحمد
تهلك ضياء للهدى ورجاء
رباه شدد عزمهم ويقينهم
رباه آزر شرعة سمحاء
وغفا النبي دقيقة أو نحوها
فرأى نجاح المسلمين قضاء
فارتد للهيجا بوجه باسم
شعت سرائره سنى وهناء
والمؤمنون يرون نور جبينه
فيقاتلون حمية ومضاء
ويصادمون قنى العدو بواسلا
حتى ارتمى فوق الثرى إعياء
واستبسلوا في الحرب حتى جندلوا
أبطال قوم الشرك والأكفاء
عان الإله المسلمين فأوقعوا
بالمشركين هزيمة نكراء

فتح مكة

رمضان قد سطعت بجيدك درة
أخرى كانت رحمة ووفاء
فلقد شهدت المصطفى ورجاله
يتيممون الكعبة الغراء
خرجوا ضعافا نازحين بدينهم
واليوم عادوا يطلبون ثواء
بالأمس كانوا قلة مهزومة
واليوم عزوا منعة ولواء
زعماء مكة إذ رأوهم كثرة
ورأوا مقاومة الرسول هباء
وضعوا السلاح ونكسوا أعلامهم
ومشوا إليه أذلة جبناء
قال الرسول لهم مقالة قادر
يعفوا وينشر ألفة وإخاء
عودوا فإني قد عفوت وإنكم
لا بأس أن تتفرقوا طلقاء
تاهت بفتح محمد أم القرى
وبدت بنور المصطفى زهراء
من سيرة المختار وهو زعيمنا
نرجو لحالك ليلنا أضواء
من سيرة المختار وهو إمامنا
نبغي لبؤس المسلمين رخاء
الإنجليز طغامهم ورعاعهم
نشروا الفساد وعمموا الفحشاء
ذاقوا نعيم العيش في أوطاننا
فأبوا عن البلد الخصيب جلاء
يا أيها الإخوان هيا فاطردوا
زمر الرعاع وطاردوا الدخلاء
ولكم ببدر أسوة وضاءة
ظلت بتاريخ الجدود ضياء

الدين والسياسة

عندما ذاعت بين الناس الضلالة القائلة بفصل الدين عن السياسة وأن الإخوان المسلمين يخطئون حين يدمجون الدين بالسياسة كتبت هذه الأبيات، وقد نشرت بمجلة الإخوان المسلمين.

يا من يذيع بأن الدين منفصل
عن السياسة تضليلا وتمويها
وللسياسة قوم يضلعون بها
وللديانة أقوام تؤديها
رجما أذعت فإن الدين مشتمل
على السياسة في أسمى معانيها
إن قلت لا، فتعال اليوم حدثني
عن السياسة من يمكث بواديها؟!
لو أن كل عباد الله قد صدعوا
ووجهوا وجههم لله توجيها؟!
وأصبح الدين بين الناس منتشرا
يحيي القلوب ويهدي غي طاغيها
من للسياسة في مصر يزاولها
إذا الهدى عم قاصيها ودانيها؟

تحية ورجاء

طلب إلي أن أقوم بإلقاء تحية في حفل أقيم لمعالي وزير الشئون القروية بمناسبة حضوره إلى كوم حمادة لافتتاح عمليات المياه بقرى المركز، فرأيت أن يكون في هذه التحية رجاء بإنشاء دورة للمياه بمسجد قريتي "النقيدى" المجدد وهذا هو الرجاء.

ومعي رجاء [للنقيدى] عله
يحظى بعطفك يا سنى الوزراء
حملته لأنوب في تقديمه
عنها بحسن عبارة وأداء
لما رأت كف الوزير جوادة
تهمي بماء الديمة الوطفاء
ورأت عقود الدر في جيد القرى
تزهو بها كالغادة الحسناء
رجت لمسجدها المجدد دورة
للماء من كف الفتى المعطاء
فاعطف عليها يا وزير وداوها
من طبك الشافي بخير دواء
تدعو لك الرحمن في صلواتها
في كل صبح زاهر ومساء

شكوى

هذه الشكوى كتبت لتعبر عن حالة بائس، وأرسلت للأستاذ الشاعر عزيز أباظة باشا حين كان مديرا للبحيرة.

يشكو إليك شريد بات يكويه
لظى من الهم في الأحشاء يخفيه
ما أمل التعس المرزوء من أمل
إلا وضاع وعاد اليأس يشقيه
يبيت والحسرة الكبرى تمزقه
ويستفيق على الآلام تفريه
يسير والذلة التعساء تغمره
وظهره لصروف الدهر يحنيه
وتلمح الحزن في عينيه مرتسما
وفي اضطراب الخطى ضعفا يعانيه
كم آهة في زوايا القلب يحبسها
وأنة في حنايا الضلع تضنيه
لما رأى النور لماحا بطلعتكم
عادت إلى قلبه أشهى أمانيه
لما رأى البشر لماعا بصفحتكم
غنى بأحلامه أندى أغانيه
لما رأى الخير رفافا بساحتكم
رأى الحياة وقد باتت تصافيه
يا شاعرا مرهف الإحساس زاخرة
أعماله بجليل الفضل باهيه
يا شاعرا ملؤه الإحسان رائده
خير الجميع فلا شلت أياديه
يشكو إليك شقي بات يسعده
فرط الرجاء فلا خابت مساعيه
لا تتركنه إلى الأيام تعصره
والهم ينشره دوما ويطويه
لا تتركنه إلى الدنيا تعذبه
ما دام بين يديكم ما يرجيه
[من يفعل الخير لا يعدم جوازيه]
لا بد للخير من مجز يوفيه

تحية

المغفور له الدكتور عبد الرءوف بك حسن كانت له علي أياد بيضاء لا تنسى فطالما عاملني في مرضي معاملة الأملاك وقد كتبت له يوما هذه الأبيات.

لقد وجدت كريما جد حساس
فلا عليك إذا يا قلب من باس
هذا الذي رق إحساسا وعاطفة
وليس معدنه من معدن الناس
[عبد الرءوف] الذي ترجى روافده
ويستضاء به في ظلمة الياس
وأنت صنعته – يا طول ما منحت
يداه كفيك من نبل وإحساس
ولا يضن بفضل من عواطفه
صيغت من النور لا من طيننا القاسي
أدامه الله في الدنيا يهدهدها
للبائسين بقلب عاطف آسي

تحية زواج

المغفور له [ع] كان من شباب الإخوان المرموقين، كان من الصفوة المختارة، وكان كأنه قلبه صيغ من ذهب إبريز، يرحمه الله، قرأت يوما أنه عقد قرانه فكتبت إليه هذه الأبيات:

حظيت بزهرة الروض الوريف
وفزت بنبتة البيت العفيف
مزجت مكارما وضممت مجدا
إلى مجد على الدين الحنيف
فأنعم بالتقى والطهر عرسا
وأكرم بالشريفة للشريف
هنيئا [يا فلان] وإن حرمنا
حضور العقد والحفل اللطيف
وأرجو أن يكون لنا مكان
بيوم [العرس] في صدر الصفوف

ميلاد الرسول الكريم

أحدث ما نظمته للميلاد الكريم، وقد تأخر صدور الديوان عن ميعاده المحدود حتى يمكن أن أضمنه هذه القصيدة وحتى تكون مسك الختام ...

12 ربيع الأول سنة 1371

أشرق فليل المسلمين ثقيل
وسناك مرجو له مأمول
كم من دياج قد هتكت ستورها
فزهت وجلاها السنى الموصول
وكم استقى قفز الجزيرة وارتوى
وغدت له كالمخصبات فضول
وكم استطال الظل وامتدت له
بين الصحارى أفرع وأصول
يا يوم ميلاد الرسول تعلقت
بك في الديار عواطف وعقول
طارت بأخيلة الجميع روائع
قد أشرقت ومشاهد وفصول
لاذوا بها يستنطقون سطورها
وسطورها للناهضين دليل
يا ليت شعري يا زمان أسائر
قدما أم التبست عليك سبيل؟!
يا ليت شعري هل رجعت القهقرى
وانتاب خطوك نكسة ونكول؟
إني أرى في المشرقين حضارة
هي للبداوة صنوها المرذول
لو جردت من زيغها لبدا لها
وجه ينم عن الضلال جهول
دنيا على عسف تسير ودجية
نكراء لم يسطع بها قنديل
دنيا يعيش بها القوي مسيطرا
والعيش فيها للضعيف وبيل
في كل ناحية تذل ممالك
وبكل مملكة يضام قبيل
وهناك ذب الروس يقبع شاهرا
نابا وفوق ظهورنا "جون بول"
ذئاب قد عقرا الشعوب وقسما
أشلاءها كل له مقتول
يا ليت شعري يا زمان أهذه
مدنية مرموقة أم غيل؟!
أولى الجهالة ل تكن أقسى ولا
كانت بأعتى حين جاء رسول
لولا ابن عبد الله قد ختمت به
رسل الإله لجاءنا جبريل
يا يوم ميلاد الرسول ترى لنا
في ظلك الواقي حمى ومقيل
في كل عام تملأ الدنيا سنى
وتقول هأنذا ونحن ذهول
لا نعرف الميلاد إلا زفة
مخبولة فيها تضج طبول
وعساكرا في مشية رسمية
يحدو خطاها الزمر والتهليل
وبنادقا مجلوة ومدافعا
يهب السلام صفيحها المصقول
وبكل مذياع تصوت عقائر
وتروح تنشد للهدى وتميل
وهنا زعيم في السرادق ساجع
وهناك يخطب حاكم مسئول
يعطون للإسلام كل مقالة
وخطابهم وهتافهم تمثيل
ضاعت معاني الحق بين طقوسنا
وطغى علينا الختل والتضليل
يا من أفضتم في مديح المصطفى
وكلامكم في المصطفى تطفيل
إن تكرموه فهذه آياته
صرعى !! وقانون الهدى مشلول!!
ويكفكم أمر البلاد وحظها
ما تبرمون منفذ مفعول
ومحمد لا يستطيب مديحكم
حتى يسير على هداه النيل
إن تنصفوه تحكموا قرآنه
هذا هو التكريم والتبجيل
أو فاصمتوا ودعوا المديح فإنه
لغو وقول الساجعين فضول
أكبيرة أن تفسحوا أوضاعكم
حتى يحل محلها التنزيل؟
ماذا عليكم لو أقمتم شرعة
حق الجميع بعدلها مكفول؟!
ولطالما حكمت فكان لحكمها
ملك يعز على الورى ويطول
لم يبق منه وقد تنكب أهله
سبل الهدى إلا صدى وطلول
عاثت بميراث التقى أعداؤه
ومضى الزمان عليه وهو ذليل
وغدا [لقرصان البحار] بأرضه
وطء يروع العاجزين ثقيل
عودوا إلى الإسلام فهو طهارة
وعدالة وكرامة وشمول
عودوا إلى الإسلام فهو مناعة
ضد الدخيل وقوة ونصول
ألغيتم [القيد الحقير] فمالكم
مثل التقى جيش ولا أسطول
ما للعداة بأرضنا من موطئ
إن عل من نبع الرسول الجيل
والشعب إن لم تستقم أخلاقه
فهو الضعيف العاجز المهزول
وإذا المقاتل لم يحصن بالهدى
فثباته عند اللقاء قليل
فلتتقوا الرحمن في أوطانكم
ولتكبحوا الشهوات فهي غلول
ولتستقيموا في طريق محمد
وثقوا بنصر الله فهو كفيل
يا أيها الإخوان أنتم للحمى
وقد اهتديتم – سيفه المسلول
رمقت خطاكم أمة مغلوبة
ورنا إليكم نيلها المخذول
وبكم يرجي الشرق مطلع فجره
وبدونكم لا يجمل التأميل
عرفتكم الدنيا ضرام مواقع
سيف العدو بسيفكم مفلول
فخذوا بأيدي المتعبين وحطموا
أغلالهم فحياتهم تنكيل
واستأصلوا الشر العتيق فجذره
لم تخل منه جوادب وسهول
إن تطردوا القرصان تجتثوا الأذى
فهمو لكل الموبقات أصول
ولكم من الهادي وفي ميلاده
نور يذوب به الدجى ويزول
والله أسأل أن يبارك في الخطا
حتى يتوج جهدكم إكليل

== شكر ==]

الإخوان المسلمون– وقد صنعهم القرآن الكريم على يديه ورباهم في حجره – هم نبع هذه الحياة المجدبة وضياء هذه الدنيا المظلمة الموحشة، يقدمون أنفسهم وأموالهم – عن حب – حين يرون في تقديمها مسعدة بائس وإعانة عاجز وإغاثة ملهوف لا يرجون – إلا من الله – أجرا ومثوبة.

وأنا – وقد قدم إلي كثير منهم معاونة صادقة في إخراج هذا الديوان – أحس بالحرج حين تغلبني طبيعتي وتجبرني على شكرهم وتقدير صنيعهم، فهم أكره الناس للمديح والإطراء، ولكني إزاء ما تدفعني إليه عواطفي وشعوري لا أملك إلا أن أذكر هنا – مع الشكر والثناء – أسماء من عاونوا بجهدهم ومالهم في إخراج الكتاب داعيا الله سبحانه وتعالى أن يجزيهم بخير ما يجزى به العاملين لدينه المهتدين بهديه إنه سميع مجيب، وهم حضرات:

الداعية الإسلامية الكبير: الأستاذ محمد الغزالي.

المسلم الكامل: الحاج حامد الطحان

الأخ الكريم: الشيخ مبروك هنيدي

المسلم المجاهد: الأستاذ صالح عشماوي

الأخ الفاضل: الأستاذ عوض المنشاوي

الأخ الفاضل: السيد أفندي عطوه

وأخيرا الأستاذ الناشر: حلمي المنياوي


محمد طلبة السعداوي