من معين التربية الإخوانية
المجلد الأول – عدد رقم 42
8 صفر 1437 هـ - 20 نوفمبر 2015 م
محتويات
من روائع الاستاذ الراشد في سلسلة فضائح الفتن
يقول:
"وتعصر القلب مرارة حين لا يجد المخلص أمامه لتجنيب الدعوة أضرار الفتنة، سوى اللجوء إلى قضاء سليمان عليه السلام بين الوالدتين الحقيقية والمزيفة، ضحّت به الأم الحقيقية رأفة أن يشق إلى نصفين.. فيكون تحمل أسوء السيئ شفقة على الدعوة أن تنشطر شطرين.
وفيمن يظاهر السيئ أبرياء يأخذون بالظاهر، والسرّ يلجم المخلص أن يبوح به، ولو صرّح به لاقتنعت نفوس، وهدأت قلوب، لكنه السر !!
وتتضاعف المرارة حين يتوهم المقضي لهم أنهم على حق، وأنهم كسبوا جولة، فتكون لهم صولة ، لا يدرون أن سدّ الذريعة أنجاهم"
منــــاجــــــاة
قلت للرجل الواقف على باب العام : أعطنى نورا أستضىء به فى هذا الغيب المجهول فإنى حائر، فقال لى: ضع يدك فى يد الله فإنه سيهديك سواء السبيل. وعلى مفترق الطرق وقف السارى الكليل فى موكب الزمن يلقى بنظرة إلى الوراء، ليستعرض ما لقى من عناء السفر ومتاعب المسير، ويلقى بنظرة إلى الأمام يتكشف ما بقى من مراحل الطريق .
أيهـا الـحـائـر فى بيـداء الحياة، إلى متى التيه والضلال وبيدك المصباح المنير؟
( قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) المائدة: 15 - 16.
أيها الحيارى والمتعبون الذين التبست عليهم المسالك فضلوا السبيل، وتنكبوا الطريق المستقيم، أجيبوا دعاء العليم الخبير ( يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ) الزمر : 53 -54
وترقبـوا بعد ذلك طمأنينة النفس، وحسن الجزاء، وراحة الضمير ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) آل عمران :135- 136.
أيـهـا الأخ العـانـى المتعب الرازح تحت أعباء الخطايا والذنوب إياك أعنى وإليك أوجه القول: إن باب ربك واسع فسيح غير محجوب، وبكاء العاصين أحب إليه من دعاء الطائعين، جلسةٌ من جلسات المناجاة فى السحر وقطرةٌ من دموع الأسف والندم وكلمةُ الاستغفار والإنابة يمحو الله بها زلتك، ويعلى درجتك، وتكون عنده من المقربين، وكل بني آدم خطاءون وخير الخطائين التوابون ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) البقرة : 222 .
ما أقرب ربك إليك وأنت لا تدرك قربه، وما أحبك إلى مولاك وأنت لا تقدر حبه، وما أعظم رحمته بك وأنت من الغافلين، إنه يقول فى حديثه القــدسى:" أنا عند ظن عبدى بى وأنا معه إذا ذكرنى، فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى، وإن ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منهم، وإن تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتانى يمشى أتيته هرولة "..
وفى حديث آخر " يا ابن آدم امش إلىَّ أهرولُ إليك " وإنه يبسط يده بالليل ليتوب مسىء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسىء الليل، وإنه لأعظم رحمة بعبده المؤمن من الأم الرءوم بواحدها الحبيب ( إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) البقرة : 143 .
أيهـا الأخ المتعب العانى الرازح تحت أعباء الخطايا والذنوب:
- لا تيأس ولا تقنط ، فهذه ساعة المغفرة تؤذن مع أول العام الجديد ، وهذه نسمات القبول ترف على قسمات وجهه الصبوح ، وهذه أضواء الهداية تشع مع هلاله المشرق الجميل.
فى آفاق التربية الإخوانية
نقيب الأسرة هو القيادة الأولى فى الجماعة، بل هو المربى لأفراد الأسرة، المخطط لجهودهم والمنسق بينها، والقادر على توجيهها وتوظيفها للوصول إلى الهدف .
ومهمته جليلة القدر عظيمة الشأن، إذ هى فى حقيقتها: تربية الأفرإد على الآداب والقيم الإسلامية أساسا، وعلى نظم الجماعة ولوائح هذه النظم - وكلها مستمدة من الإسلام - كعمل متمم لغرس القيم والاداب الإسلامية، إذ قد عهدت الجماعة إليه بعد الثقة فيه والأهلية والصلاحية بأن يربى أفراد الأسرة، ويرعى كل مالديهم من مواهب وقدرات، يرعى الموهبة وينمى القدرة، وينقل الدعوة من خلالهم إلى الآخرين.
وهو قائد يربى وفق منهج الله، وتلك فى الأصل مهمة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، ومن أجل أن يمارس النقيب هذا العمل الخطير لابد أن يكون لديه استعداد جيد للقيام به، ولابد أن يعد هو إعدادا جيدا ليقوم بهذا العمل .
ومنهج الله مبنى على توحيده سبحانه وعبادته وطاعته فى كل ما أمر أو نهى، ولخطر هذه المهمة اصطفى الله لها من أنبيائه ورسله من علم فيهم هذا الاستعداد، ثم أعدهم سبحانه وفق خطة وبرنامج ليؤهلهم لتحمل هذا العبء الكبير .
وإن نظرة إلى اصطفاء الله لرسله من الناس؛ لتدلنا فى هذا المجال على كثير مما ينفع فى اختيار النقيب.
وإن نظرة أخرى إلى إعداد الله لرسله وتربيتهم قبل تكليفهم بالرسالة، لتنفع أى نفع فى إعداد النقيب، لقد تحدث القرآن الكريم عن أولى العزم من الرسل، وساق من قصصهم مافيه الإشارة والدلالة على أن الله سبحانه قد أعدهم لحمل الرسالة أكبر إعداد، ولقد كان الحديث عن خاتم المرسلين وآخر أولى العزم من الرسل حديثا شافيا؛ لمن تأمل كتاب الله وتدبر ما فيه، فهو يعلم ويهدى، ويضع أيدينا على أمثل الطرق فى إعداد النقيب، أو من يتصدى لتربية غيره من الناس.
وإن أحسن درس فى الإعداد تستهدى به الجماعة فى إعداد النقيب، هو كلمة واحدة تفهم من ثناء الله سبحانه على الرسول الخاتم المربى المعصوم –حيث يقول سبحانه عن رسوله – صلى الله عليه وسلم: وإنك لعلى خلق عظيم وحسبنا أن يصدر هذا الوصف من رب العالمين ليدل على مايدل عليه من المكانة والقدرة والاستعداد لحمل تبعة الإسلام، وفى هذا الوصف - كذلك - إشارة إلى أن الجانب ألأخلاقى له أصالته ومكانته فى هذا الدين الذى ختم الله به الأديان .
وإن الناظر المتأمل فى الدين؛ ليجد الأخلاق أهم ركيزة تقوم عليها أصول التشريع وأصول التربية والإعداد .
فالعقيدة الإسلامية فى كمالها وتمامها تستهدف مكارم الأخلاق وتدعو إليها، وتعادى مباذل الأخلاق وتنفر منها .
فالتشريع الإسلامى قائم على مكارم الأخلاق، فما من أمر شرعه الله للناس ليأخذوا به، إلا وهو فى حقيقته من مكارم الأخلاق .
وما من أمر نهى الله عنه إلا وهو فى حقيقته من رذائل الأخلاق. بل إن التشريعات كلها تحمى الأخلاق الفاضلة تصونها .
إن القيم الأخلاقية الفاضلة فريضة على المسلمين، فى مشاعرهم وأنماط سلوكهم، فضلا عن أنها فريضة عليهم أفراداً وجماعات، يتحتم عليهم الالتزام بها مع الله ومع أنفسهم ومع غيرهم من الناس مسلمين وغير مسلمين .
وإنه لا تربية للمسلم ولا إعداد له لتحمل أى عبء من أعباء حياته؛ إلا فى إطار من الالتزام بفضائل الأخلاق ومكارمها، بل إن الرسول –صلى الله عليه وسلم - ليلخص أهداف رسالته بقوله: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، وقوله: أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا.
ولقد سئلت أم المؤمنين عائشة- رضى الله عنها- عن خلق رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقالت : كان خلقه القرآن ثم قرأت : قد أفلح المؤمنون ... حتى والذين هم على صلواتهم يحافظون وقالت : هكذا كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.
لابد لنا هنا من إشارة عابرة، إلى تلك الصفات التى وردت فى سورة المؤمنون لنرى كيف يكون من جماع هذه الصفات الخلق القرآنى الذى أثنى عليه رب العزة سبحانه ووصف به رسوله صلى الله عليه وسلم، ولندرك أن من يتصدى لتربية الناس وتعليمهم لا يستعين بشئ أنفع، له من أن يتصف بهذه الصفات.
والنقيب مرب وموجه وداعية إلى مكارم الأخلاق فلابد له من هذه الصفات بداهة وهذه الصفات هى : بعد الإيمان .
- 1ـ ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) .
- خشوع القلب بين يدى الله المؤدى إلى خشوع الجوارح المؤدى إلى سكون النفس وطمأنينتها إلى الوقوف بين يدى الله .
- 2 –( والذين هم عن اللغو مغوضون ) .
- واللغو كل مالا يعتد به ولا فائدة منه، أو كل قبيح .
- وأهم صفات المؤمن، الاعراض عن لغو القول ولغو العمل، بل لغو الاهتمام والمشاعر، لأن المؤمن مشغول عن كل ذلك بذكر الله، وتكاليف الدين من إسلام وإحسان وعدل، وامر بمعروف ونهى عن منكر، وجهاد فى سبيل الله، لتكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.
- 3 – ( والذين هم للزكاة فاعلون ) .
- والزكاة طهارة للقلب وطهارة للمال، وانتصار على مايوسوس به الشيطان الناس من تخويف من الفقر .
- والزكاة صيانة للمجتمع من الاثار السيئة التى يخلقها فيهم الفقر وتلجىء إليها الحاجة والعوز، كما أنها ضمان اجتماعى للناس، تعطف قلوب بعضهم على بعض، ووقاية للمجتمع من التفكك والانحلال والوقوع فى براثن الشر والرذيله .
- 4ـ ( والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ايتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون )
- وتلك المحافظة طهارة وعفة للروح وللبيت وللمجتمع كله، ووقاية للفرد والاسرة والمجتمع من كل مايترتب على الزنا واللواطة والمسافحة من آفات وأمراض أخلاقية واجتماعية، وإن المجتمعات التى أطلقت لشهوات الناس عنانها، تعانى اليوم من عديد من الأمرأض النفسية والعصبية والبدنية والاجتماعية، مما يشهد به الواقع لهذه المجتمعات .
- 5 – ( والذين هم لأمائاتهم وعهدهم راعون ) .
- رعاية الأمانة والعهد واجب فى عنق الفرد والمجتمع والأمة، مادامت هناك رغبة فى عيش آمن فى الحياة الدنيا، وطمع فى رضا الله ورحمته فى الحياة الباقية الخالدة .
والأمانة هى : كلمة التوحيد، أو العدالة، أوالعقل، أو ما اؤتمن علميه الإنسان والعهد : حفظ الشئ ومراعاته حالا بعد حال، ومسمى الموثق الذى يلزم مراعاته عهدا.
والأمانات الواجب رعايتها هى :
- كل واحدة مما ذكرنا، والعهد الواجب رعايته هو : كل موثق وكل اتفاق وكل وعد، لأن تلك سمة من سمات الإيمان لابد من توفرها فى المؤمن .
- ولايمكن أن يتصورنجاح أو فلاح لفرد أو جماعة وهم يضيعون الأمانات والعهود.
6- ( والذين هم على صلواتهم يحافظون )
- والمحافظة على الصلوات، تعنى أداءها فى وقاتها كاملة مصحوبة بسننها وادابها مستوفية لأركانهاا وشروطها، مستغرقة قلب مصليها ومشاعره، ناهية لجوارحه عن الفحشاء والمنكر .
- فهذه صفات فى المؤمنين لو تحققت على مستوى الفرد والمجتمع ؛ لكان ذلك هو مجتمع الإيمان الجدير بنصر الله فى الدنيا على كل ما يعترض مسيرة الإيمان والدعوة إلى الحق، الجدير برضا الله وثوابه فى الاخرة.
الإخوان المسلمون ... نحمل الخير لأمتنا
صفات وخصائص العمل مع المجتمع
الابتعاد عن الأسلوب الحزبى في العمل، وعدم الدخول في صراعات جانبية أو صدامات مع القوى الأخرى
يقول الإمام في ذلك: “ نحن لا نهاجمهم؛ لأننا في حاجة إلى الجهد الذي يبذل في الخصومة..” رسالة : المؤتمر السادس 215 .
“الإخوان يجيزون الخلاف، ويكرهون التعصب للرأى، ويحاولون الوصول إلـى الحـق، ويحملون الناس علـى ذلك بألطف وسائل اللين والحب “ رسالة : دعوتنا
12- التجرد والإخلاص لله في الدعوة والعمل
فهي تتجرد عن المنافع والأطماع الشخصية والأهواء، وهى تبرأ من العجب والغرور، وترد الأمر كله لله. يقول الإمام الشهيد: “ وإنها دعوة بريئة نزيهة قد تسامت في نزاهتها حتى جاوزت المطامع الشخصية، واحتقرت المنافع المادية، وخلفت وراءها الأهواء والأغراض” ...
“ وإننا بحمد الله برآء من المطامع الشخصية بعيدون عن المنافع الذاتية، ولا نقصد إلا وجه الله وخير الناس ولا نعمل إلا ابتغاء مرضاته..”رسالة: بين الأمس واليوم.
“فدعوة الإخوان دعوة بيضاء نقية، غير ملونة، وهى مع الحق أينما كان، تحب الإجماع وتكره الشذوذ “ .
“ولسنا نمتن بشيء ولا نرى لأنفسنا في ذلك فضلاً " بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين " [ الحجرات: 17 ] “ رسالة : دعوتنا.
13- الاعتزاز بالدعوة وإعلانها بقوة ووضوح وسط هذا الركام المترامى من الدعوات
يقول الإمام: “ إن العالم الآن تتجاذبه شيوعية روسيا وديمقراطية أمريكا، وهو بينهما مذبذب حائر لن يصل عن طريق إحداهما إلى ما يريد من استقرار وسلامة.. وفى أيديكم أنتم قارورة الدواء من وحى السماء..
فمن الواجب علينا أن نعلن هذه الحقيقة في وضوح، ندعو إلى منهاجنا الإسلامي في قوة، ولن يضيرنا أن ليس لنا دولة ولا صولة، فإن قوة الدعوات في ذاتها ثم في قلوب المؤمنين بها، ثم في حاجة العالم إليها، ثم في تأييد الله لها متى شاء أن تكون مظهر إرادته وأثر قدرته “
من آخر ما كتبه الإمام الشهيد في رسالة وجهها إلى الإخوان، ونشرتها مجلة المباحث،16 يناير سنة 1951م.
تهيئة الأفراد للعمل مع المجتمع
لأن الفرد هو ركيزة الانطلاق للعمل الاجتماعى والدعوى، فلابد من إعداده واستمرار ذلك بدءاً من استيعاب الأهداف والوسائل والضوابط وانتهاءً إلى التعرف على الواقع والمعوقات.
والدعوة تهيئ أفرادها بالتربية والتدريب والفهم الصحيح، للعمل مع المجتمع وأداء الخدمة العامة للناس. ومع تميز مستويات ونوعيات من الأفراد حسب ظروفهم وحسب استعدادهم الشخصى إلا أن كل فرد في الصف مطالب ببذل جهده في هذا الميدان وهو جزء أساسى من دعوته وتربيته.
والدعوة تعد الأخ فيها ليكون :
- 1- ممتلئا حبا وعاطفة تجاه المجتمع وأفراده.
- 2- على بصيرة ووعى بدوره الاجتماعى وأنه جزء من دعوته.
- 3- لديه الإيجابية والذاتية في الحركة .
- 4- عظيم الهمة واسع النشاط، مدرباً على الخدمة العامة.
- 5- ملم بالشؤون الإسلامية إلماماً يمكنه من تصورها والحكم عليها حكماً يتفق مع مقتضيات الدعوة.
- 6- أن يسارع إلى المساهمة في الخدمة العامة وأعمال البر .
- 7- أن يتأدب بآداب الإسلام وأخلاقه، فيكون: عف اللسان، حسن المعاملة، أميناً، صادق الوعد والكلمة، كريماً، سمحاً يرفق بالإنسان، لا يهتم بالظنة، ويبتعد عن الغيبة والنميمة، قدوة في معاملاته المالية والاجتماعية، يتقن مهنته وما يؤديه من عمل، عادلاً، صحيح الحكم، لا ينسيه الغضب الحسنات، ولا تحمله الخصومة على نسيان الجميل، يقول الحق ولو على نفسه أو أقرب الناس إليه وإن كان مراً، يرحم الصغير ويوقر الكبير، لا يصخب، ثابتا مثابرا لا يخشى تضييقاً أو إرهاباً، متجردا من المطامع والأهواء ومعانى العجب والغرور، وأن يتسع صدره للمخالفين، ويعرف كيف يتعامل ويتعاون معهم"
من واجبات الأخ العامل .
ويقول الإمام الشهيد:
- “ يتصل الأخ بالإخوان، فيكون مطالباً بتطهير نفسه وتقويم مسلكه وإعداد روحه وعقله وجسمه للجهاد الطويل الذي ينتظره في مستقبل الأيام، ثم هو مطالب بأن يشيع أحكام الإسلام في أسرته وأصدقائه وبيئته، فلا يكون الأخ أخاً مسلماً حقاً حتى يطبق على نفسه أحكام الإسلام وأخلاق الإسلام ويقف عند حدود الأمر والنهى التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه” .
شرح الأصول العشرين للأمام الشهيد حسن البنا
المراقب العام الاسبق لجماعة الإخوان المسلمين في العراق
الأصل الثامن
( والخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين، ولا يؤدي إلى خصومة ولا بغضاء ولكل مجتهد أجره، ولا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف في ظل الحب في الله والتعاون على الوصول إلى الحقيقة، من غير أن يجر ذلك إلى المراء المذموم والتعصب).
الشرح
الخلافات في الأمور الفرعية الفقهية من الأمور التي لا تثير استغراباً لأنها من مظاهر اختلاف الفقهاء، وقد وقع الخلاف الفقهي في عصر الصحابة الكرام رضي الله عنهم، مما يدل على أنه شيء مألوف، وعلى هذا فنحن لا تضيق صدورنا من هذه الخلافات الفقهية بين علماء الإسلام بل نعتبره من مظاهر نشاط الفكر الإسلامي وسعته وشمول الشريعة الإسلامية.
إلا أننا لا نحرص على وقوع هذا الخلاف ولكن لا نحجب من وقوعه ولا نجعل أي رأي فقهي حجة على الشريعة الإسلامية بمفهومه الدقيق وهي نصوص القرآن والسنة بل نجعل الشريعة حجة على هذه الآراء الفقهية، فما شهدت له الشريعة بالحجية والصواب فهو الصواب، وما شهدت عليه بالخطأ فهو الخطأ وإن كان صاحبه مأجوراً، وعلى هذا فلا مانع من البحث العلمي النزيه الخالي من التعصب الذميم لمعرفة الرأي الصواب فيما اختلف فيه الفقهاء، ولكن نحذر من اعتبار اختلاف الآراء الفقهية مدعاه إلى التفرق في وحدة الدين وأخوة الإيمان، كما لا يجوز أن يكون هذا الاختلاف في الفروع الفقهية مدعاه إلى الكراهية والبغضاء بين المسلمين.
الأصـــل التـــاسع
( وكل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا عنه شرعا، ومن ذلك كثرة التفريعات للأحكام التي لم تقع، والخوض في معاني الآيات القرآنية الكريمة التي لم يصل إليها العلم بعد، والكلام في المفاضلة بين الأصحاب رضوان الله عليهم وما شجر بينهم من خلاف، ولكل منهم فضل صحبته وجزاء نيته وفي التأول مندوحة )
الشرح
يشير المرشد الإمام حسن البناء رحمه الله في هذا الأصل إلى عدم الخوض في الأمور التي لم نكلف في البحث والتقصي فيها لعدم ترتب عمل عليها، مثل معرفة أسماء من قصّ سبحانه وتعالى علينا أخبارهم ولم يخبرنا الرسول صل الله عليه بأسمائهم كصاحب سليمان عليه السلام الذي عنده علم من الكتاب الذي أتى له
بالعرش، والشجرة التي أكل آدم عليه السلام منها، ومن هذا الباب أيضاً الخوض في مسألة القدر وإرادة الإحاطة بها من جميع جوانبها، ومنها أيضاً الجدل والخوض فيما شجر بين الصحابة الكرام رضي الله عنهم من خلاف...
فعلينا أن نتولى جميع الصحابة ونعتقد أنهم خير الأمة وأن بعضهم أفضل من بعض كما نطق القرآن بأفضلية من أنفق وجاهد من قبل فتح مكة على من فعل ذلك بعد فتحها، وأن لا نعتقد أن اختلافاتهم عن اجتهاد منهم والكل مأجور وإن تفاوتوا في الأجور وأن نتولى الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ونعتقد أنهم أفضل الصحابة الكرام وأنهم من العشرة المبشرة بالجنة، ويحرم على المسلم أن ينطوي قلبه على ضغينة على أحد منهم ومن سائر الصحابة الكرام، فهم الذين نشروا الإسلام واختارهم الله جل جلاله لصحبة نبيه صل الله عليه وسلم وتبليغ رسالته من بعده وكل من يجد في نفسه بغضاً لهم أو لبعضهم فذاك دليل مرض قلبه.
الأصل العاشر
(ومعرفة الله تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد الإسلام، وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة وما يليق بذلك من التشابه، نؤمن بها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل، ولا نتعرض لما جاء فيها من خلاف بين العلماء، ويسعنا ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا.. ).
الشرح
لا شك في أن أسمى أنواع المعرفة معرفة الله سبحانه وتعالى، هذه المعرفة التي تتضمن معرفة بصفاته الكاملة، فهو الخالق القادر المبدع العليم الرحيم إلى آخر صفاته تعالى التي ذكرها القران الكريم، هذه المعرفة التي تحمل على الخضوع المطلق له والمحبة الكاملة له والتوجه له دون غيره وأن ينزه من النقص، فهو المتفرد الذي لا يشبهه شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )، وهذا هو توحيد الربوبية.
وهناك توحيد الإلوهية، ومعناها أنه وحده سبحانه وتعالى المستحق للعبادة بأنواعها وأشكالها القلبية منها والبدنية، وهذا هو معنى قول لا إله إلا الله، فلا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى حقه على العباد، قال سبحانه وتعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )، وفي فاتحه الكتاب : ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )، وتقديم إِيَّاكَ نَعْبُدُ قصر العبادة له والاستعانة بة ومما يدخل في معرفة الله تعالى الإيمان بصفاته التي اخبرنا بها في القران أو اخبرنا به رسوله الأمين محمد صلى الله عليه وسلم نؤمن بها كما جاءت أي لا نشبه هذه الصفات بصفات المخلوقين ولا نعطل معانيها الحقة، فكما أن ذواته لا تشبه الذوات فكذلك صفاته لا تشبه الصفات، وهذا معنى قول السلف الصالح : نؤمن بآيات الصفات كما جاءت دون تشبيه ولا تعطيل، وعلى هذا درج علماء هذه الأمة الأولون.