من أجل ناد قوي يطالب ولا يستجدي

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
من أجل ناد للقضاة قوي يطالب ولا يستجدي


بقلم:المستشار/ محمود الخضيري


المثل القائل الحقوق تنتزع ولا تستجدى مثل صحيح في كل الأيام وعلى مر العصور، فلا يعرف الناس إنساناً استطاع أن يحصل على حقه إلا بالقوة سواء كانت هذه القوة هي قوة القانون أو قوة السلاح أما الضعيف فهو إن حصل على شيء فهو ما يجود به القوي أو يلقي به إليه من فتات لا يسمن ولا يغني من جوع، وحتى مفاوضات الحصول على الحق لا تجدي إذا لم تكن هناك قوة تساندها وتعزز موقفها، أسوق ذلك بمناسبة ما يقال إن مجلس إدارة نادي القضاة الحالي قد أغضب الحكومة ببعض مواقفه وهذا ما كان له بعض التأثير على حصول القضاة على بعض الميزات المادية، والحقيقة أن هذا القول يجافي الواقع، فمن يستعرض المميزات التي حصل عليها القضاة - وهم يعرفونها ولا داعي لذكرها - في السنوات الست الماضية ويقارنها بالحال قبل استلامه النادي أي عشر سنوات سابقة على تحمله مسئولية إدارة النادي نجد أن هذه الامتيازات التي حصل عليها القضاة سواء في المرتبات أو الامتيازات الغير مباشرة في هذه السنوات الستة أضعاف ما كان قبلها، ذلك أن الفترة السابقة على مجلس الإدارة الحالي كان المجلس منشغلا بأموره الخاصة وغير ملتفت كثيراً إلى مصالح القضاة، وكان نشاط النادي منحصرا في تنظيم السياحة الدينية والترفيهية غير عابئ بما عليه حال القضاة والمحاكم بصفة عامة حتى تردت الخدمة في القضاء إلى المستوى الذي لا يليق.

القضاء سلطة من سلطات الدولة، مهمتها إقامة العدل بين الناس وبذلك يقوى في ظل نظام الحكم الذي يقوم على سيادة القانون باعتبار أن العدل أساس الملك ولا توجد سلطة قضائية في العالم ترغب في التدخل في شئون السلطتين الأخريين التشريعية والتنفيذية، ولكن ما يوجد في بعض بلاد العالم المتخلف الذي لا يحترم سيادة القانون هو أن السلطتين الأخريين وخاصة السلطة التنفيذية تريد الهيمنة على السلطة القضائية وفرض إرادتها عليها عن طريق التدخل في عملها وتوجيهه الوجهة التي تريدها أو الانتقاص من سلطتها القانونية والدستورية وهنا نجد رجال السلطة القضائية الذين جبلت شخصيتهم وعقولهم على احترام أنفسهم واحترام القانون ينتفضون للدفاع عن استقلال القضاء ونزاهته حتى يمكنهم ممارسة عملهم في إعطاء الحقوق لأصحابها والدفاع عن حرية الناس وهم في انتفاضتهم هذه لا يرغبون في شيء لأنفسهم ولا يريدون تحقيق مصلحة شخصية إنما هم يدافعون عن الاستقلال الذي يمكنهم من أداء عملهم في إحقاق الحق ونصرة المظلوم ولا يبالون بما يمكن أن ينالهم في سبيل ذلك من أذى حتى ولو كان إزهاق الروح متمثلين بقول الشاعر:

ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي

الدفاع عن الحق إذن هو كل ما يبغيه كل قاض يضع العدالة كقيمة أمامه مستعد للتضحية في سبيلها وهو يعلم أن الأذى الذي يمكن أن يصيبه في سبيل الدفاع عن حقوق الناس هو أمر مستحب عند الله، وكل قاض يفضل مصلحته الشخصية ويسعى إلى تحقيقها غير مبال بما يمكن أن يترتب على ذلك من إخلال بحقوق الناس مقصر في أداء رسالته كقاض.

جرب القضاة التدخل في التأثير على انتخابات اختيار أعضاء مجالس إدارتهم من السلطة التنفيذية التي تريد نادي القضاة ناد مستأنس يكتفي في نشاطه بالترفيه عن الأعضاء وقضاء أوقات سعيدة مع أسرهم وأصدقائهم مع أن الأماكن التي يمكن تحقيق ذلك فيها كثيرة ومتنوعة حسب الرغبات، وما يريده القضاة في الحقيقة هو ناد يدافع عن استقلالهم ومصالحهم ويقف معهم في وقت الشدة وهي كثيرة لأن القضاة هم أشق الناس عملا وجهداً ويصطدم عملهم كثيراً بمصالح ذوي النفوذ والجاه والحكومة بصفة عامة التي يكون لها كثيرا مصالح في أن تصدر أحكام في بعض القضايا غير متصادمة مع مصالحها التي تزعم على غير الحقيقة أنها مصالح الشعب، رغم أن القضاة وهم يصدرون أحكامهم إنما يصدرونها باسم الشعب ومصالحه دائما هي دائما نصب أعينهم احترامها غايتهم وسبب وجودهم لأن الشعب هو الذي يضع القوانين التي تحافظ على هذه المصالح والقضاة هم الذين يطبقونها وبالتالي فهم حراس مصالح الشعب، ولا يمكن أن يصدم عملهم في حماية الحقوق والحفاظ على الحريات مع مصالح الشعب بل الذي يصطدم هو مصالح الحكومة التي ترغب في البقاء في الحكم ولو على حساب مصالح الشعب.

هل يمكن لأي عاقل من القضاة أو من غيرهم أن يدلني على موقف كان للقضاة أو لناديهم في الفترة الأخيرة موقف يصطدم مع رغبات ومصالح الشعب وهل يدلني أحد على موقف للقضاة أو لناديهم في الفترة الأخيرة كان لمصلحة شخصية لبعض القضاة دون جموع القضاة حتى الاعتصام الأخير والغير مسبوق في ناديهم والذي يصوره البعض على أنه كان لغرض شخصي وهو محاكمة اثنين منهم لم يكن الغرض منه ذلك، بل كان الغرض منه الحيلولة دون مذبحة جديدة للقضاة كان يعد لها ويستعد رئيس مجلس القضاء السابق حتى بعد خروجه على المعاش حيث بعث برسالة من منزله يطلب فيها من رئيس المجلس الحالي الاستمرار فيما بدأه، حيث لم يسعفه القدر في تنفيذ باقي مخططه ولكن الرجل تعالى على ذلك وألقى الرسالة في سلة المهملات وقال للمقربين منه لا أحب أن أبدأ عهدي بخلافات لا طائل من ورائها.

الاعتصام كإجراء غير مسبوق لم يعتد عليه القضاء كان إذن لمواجهة إجراءات غير مسبوقة كان يمكن أن تتم ولو تمت لأودت بمستقبل العشرات أو قل المئات كما حدث في مذبحة القضاة السابقة أما الجمعيات التي قيل أن مجلس الإدارة أسرف فيها والوقفات الاحتجاجية التي صارت اليوم علامة من علامات ومسلك معتاد لكل من يرغب أن يطالب بحقه بصورة حضارية لا تخالف النظام العام والآداب العامة فإنما قام بها القضاة من أجل الحصول على بعض حقوقهم في تعديل قانون السلطة القضائية وقد حصلوا فعلا على بعض هذه الحقوق ولو قدر لمجلس الإدارة أن يواصل بتشكيله الجديد هذه المهمة بذات الأسلوب القوي لحصل على الباقي.

دخل على بمكتبي زميل متأثرا من الوقفات الاحتجاجية وقال لي أنه حزين لأن الوسام الذي لم يعتد أن يراه الناس إلا على المنصة العالية الآن يراه الناس واقفا في الشارع وقلت له يا أخي لا تحزن فإذا كان الناس يشعرون حين رؤية الوسام على المنصة بالرهبة والخوف فإنهم حين رؤيته يقف في إجلال واحترام داخل النادي أو أمامه كانوا يشعرون بالفخر والاحترام والتقدير وقد رايتهم والدموع تزرف من أعينهم تأثرا بهذا المنظر وأنه لا يقلل من احترام الوسام وقوف القضاة به في غير المنصة ولكن يقلل من احترامه ويقضي على هذا الاحترام خضوع القضاة لأمر يأتيهم من خارج ضمائرهم يطلب منهم الحكم على غير الحق والعدل والقانون، ويقلل من هيبة الوسام ضعف القاضي أمام السلطة والإغراء والوعيد والتهديد وهو القوي الذي يملك زمام الحق والعدل. لا يقلل من هيبة الوسام لدى الناس الاتشاح به على غير المنصة ولكن يقلل هذا الاحترام ويمحوه إحساس الناس أن القاضي إنما حكم بما حكم ليس عن اقتناع ورضاء ضمير ولكن استجابة لوساطة أو رجاء أو ضغط أو إغراء. هذا هو يا زميلي العزيز هو ما يقلل من هيبة الوسام على عكس ما يشيع البعض ممن يخالفنا في هذا الأسلوب وهم يقولون أننا نتفق معكم في الهدف ولكن نختلف معكم في الأسلوب وعندما نسأله وما هو أسلوبكم الذي ستعملون به يقولون هو الأسلوب الشرعي وفق القنوات الشرعية، وكأن عقد الجمعيات العمومية والوقفات الاحتجاجية أسلوب غير شرعي رغم أن أسلافنا العظام قد قاموا به وحدث ذلك في الثلاثينيات عندما ألغت الحكومة دستور 1923 حيث ساروا في مظاهرة لتأييد الدستور وشاهد الكثيرون قضاة فرنسا وهم يسيرون في مظاهرات دفاعا عن استقلالهم دون أن يعتبر منهم ذلك خروج على الشرعية أو اتباع أسلوب غير لائق لا يتفق مع سلوك القضاة، وليس أدل على عدم صدق المقولة بأن كثرة الجمعيات العمومية والوقفات الاحتجاجية والاعتصام من أجل الدفاع عن القضاة يقلل من هيبة القضاء في نظر الشعب كما يدعي البعض مما جاء بتقرير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية قسم بحوث وقياسات الرأي إعداد الدكتورة ناهد صالح عن هموم واهتمامات المواطن المصري لسنة 2008 حيث جاء به بالنسبة للقضاء ما يلي:

اهتم استطلاع الرأي بمعرفة الصورة الذهنية لدى المواطن المصري عن الهيئة القضائية وتحديدا القضاء من خلال معرفة الصفة أو الصفات التي يضيفها أو يصف بها المواطن القضاء المصري.

حظيت السلطة القضائية بنسبة مرتفعة للغاية من الأوصاف الإيجابية (82.2%) في حين انخفضت نسبة الأوصاف السلبية إلى ( 6.2%) ... وجاءت في مقدمة الصفات الإيجابية للقضاء صفة العدل حيث ذكر ذلك 71.7% من المواطنين كما أكد البعض التزام القضاء بالقانون ووصفه البعض الأخر بالنزاهة وبأنه أفضل قضاء، كما تعددت الأوصاف الإيجابية التي تؤكد دوره الأساسي في الدولة، والمجهود الذي يبذله، فضلا عن أنه يتمتع بالحرية وبالاحترام وما إلى ذلك من الأوصاف التي تعبر عن الصور الإيجابية للقضاء لدى المواطن المصري.

أما الصورة السلبية للقضاء فلم يطرحها سوى نسبة ضئيلة للغاية من المواطنين الذين أعطوا وصفا للقضاء المصري، وقد جاء في مقدمة الأوصاف السلبية البطء في التقاضي، كما وصفه البعض بالظلم وبالسوء وبالانحراف كما أشار البعض الأخر إلى صورة سلبية أخرى منها التردد والتضليل والخضوع ولكن تظل مع ذلك نسبة الصورة الإيجابية للقضاء هي الغالبة بشكل لافت للنظر، خاصة بالمقارنة بنسبة الصور الإيجابية للعديد من المؤسسات أو الهيئات الأخرى.

هذه هي صورة القضاء في نظر الناس بعد الوقفات الاحتجاجية والاعتصام والجمعيات العمومية المتكررة التي يشيع البعض أنها أساءت للقضاء وقللت من احترام الناس لهم ومنها يعلم الجميع أن عدم الاحترام ليس الوقوف بالأوسمة في النادي أو أمامه ولكن هو لعدم أداء العمل بما يتفق مع القانون وروح العدل والإنصاف.

ويشيع البعض أن موقف القضاة من الانتخابات هو الذي تسبب في تعديل الدستور واستبعادهم عن الإشراف عليها وهو ما أضاع عليهم بعض الميزات المادية وأضاع على الشعب ميزة هذا الإشراف وأقول للأخوة ممن يرددون هذا الكلام وهل كان في استطاعة القضاة أن يقفوا مكتوفي الأيدي معصوبي العينين أمام ما كان يحدث من تجاوزات في هذه الانتخابات ولا يتصدوا لها ويقوموا بفضحها وقد شاهدها الناس جميعا في مصر بل شاهدها الناس في جميع أنحاء العلام وترى ماذا يمكن أن يكون موقفهم في نظر الشعب وأمام ضمائرهم إذا لم يتصدوا ويكشفوا هذه العيوب؟ أعتقد أن هذا هو عدم الاحترام بعينه، وهل كان يمكن للقضاة قبول مقابل مادي ثمنا لسمعتهم وشرفهم ونزاهتهم، أني أربأ بزملائي عن ترديد هذا الكلام لأنه يقلل من وزنهم لدى الناس ويتعارض مع المثل العربي القائل تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها وأنا أقول يجوع القضاة ولا يأخذون ثمنا مقابل شرفهم وسمعتهم.

ويحاول البعض ظلما إلصاق تعديل قانون السلطة القضائية بما يحول دون استثناء أبناءهم من التعيين في النيابة إلى النادي وفي هذا ظلم كبير لإدارة النادي لا ذنب لها فيما حيث أنها رغبة وزير العدل الحالي ساعده عليها مجلس القضاء لغرض في نفسه والنادي برئ من ذلك براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

الإعلام هو أشد وأخطر أدوات تطور العصر الحديث، وهو قديم قدم البشرية وهو ضرورة من ضرورات الحياة، كان ولا يزال ومع تطور الأمور وتقدم العلم والبحث من أهم علامات التقدم والرقي وصار علامة من علامات الديموقراطية، وكلما كان الشعب متمتعا بالحرية والديموقراطية كان الإعلام فيه مزدهراً وقد دخل الإعلام كل مجال من مجالات الحياة وصار رجال الإعلام من أكثر الناس نجومية في المجتمع وضربت شهرتهم شهرة الفنانين والزعماء ورجال الأعمال بل صار كل هؤلاء يتسارعون إلى الإعلام من أجل تقديمهم للجمهور ولو يعد هناك مجال مهما كان وصفه يمكن أن يكون بعيدا عن الإعلام، والمهم ألا يستغل البعض هذا الإعلام استغلالا سيئا أو ألا يستغله رجال الإعلام استغلالا في غير المصلحة العامة للشعب، من هذا المنطلق يمكن أن نتحدث عن رجال القضاء والإعلام وأنا أقر هنا وأعترف أني من أكثر رجال القضاء صلة بالإعلام، وهناك حقيقة يجب على الجميع أن يعرفها ورجال الإعلام أول من يعرفها وهو أن الإعلام يسعى إليك ولا يمكن أن تسعى أنت إليه ومهما سعيت أنت إلى الإعلام وكان الإعلام لا يرى فيك مادة يقدمها إلى الجمهور الذي يريد أن يسمعك أو يراك ويرتاح لما تقول فإن الإعلام لن يسعى إليك ولو كنت من كبار المسئولين وهذا طبعا عن الإعلام الحر غير الموجه أما الإعلام الحكومي والموجه فهو لا يسعى إلا إلى ذوي السلطة والنفوذ وهو إعلام يعيش عالة على الحكومة التي تغذيه وتمده بأسباب الحياة التي بغيرها لا يوجد ولا يستمر.

هذه حقيقة يجب أن تكون ماثلة أمام كل الناس والقضاة منهم خاصة.

بعد هذه المقدمة اللازمة في هذا الموضوع أقول، أطلقت في نادي قضاة الإسكندرية في عهده السابق أول صيحة لمحاربة تزوير الانتخابات والاعتراف القضائي بتزويرها في المرحلة السابقة منذ قيام الثورة وحتى إطلاق هذه الصيحة قبل انتخابات الرئاسة والانتخابات التشريعية الحالية سنة 2005 وقد كان لهذه الصيحة أثرها في كشف عورات الانتخابات وأول صيحة تحدث أثرا عالميا في اتهام الحكومة بتزوير الانتخابات وأذكر أنه بعد إطلاق هذه الصيحة توافدت قوافل الإعلام على نادي قضاة الإسكندرية لسماع شهادة القضاة ممثلين في رئيس النادي السابق محرر هذه السطور بشأن تزوير الانتخابات لدرجة انه أتى على مصر صحفي من اليابان وكان من بين الحوار الذي أجراه سؤال عن تزوير الانتخابات وكانت إجابتي أن هذا الكلام ليس بالجديد فرد الصحفي قائلا أنه ليس بالجديد حقا ولكن عندما نسمعه من قاض يكون له مذاق خاص عند القراء.

بعد هذه الصيحة الإعلامية بسبب تصريح رئيس نادي قضاة الإسكندرية في هذا الوقت بتزوير الانتخابات وفي ثان جمعية بالإسكندرية من أجل مشكلة القاضي الذي تعدى عليه المحامون وربط مشكلة استصدار قانون السلطة القضائية حضر إلى الجمعية العمومية بالإسكندرية قناة الجزيرة لإذاعة وقائع الجمعية وأعترض البعض على ذلك وقد طلب البعض بأخذ رأي الجمعية استمرار القناة في إذاعة وقائع الجمعية أو منعها من ذلك وكان قرار الجمعية هو الاستمرار فاستمرت القناة في نقل وقائع الجمعية والجمعيات اللاحقة وانتقل الحال إلى الجمعيات العمومية بالقاهرة في النادي الأم ولم يعترض أحد على ذلك وانضمت قنوات فضائية أخرى وهكذا أصبحت كل الجمعيات تذاع وقائعها عن طريق وسائل الإعلام، وصار البعض من رجال القضاء ضيوفا على أجهزة الإعلام المختلفة بسبب سخونة الأحداث في هذه الأيام، والحقيقة أن الظهور في وسائل الإعلام بالنسبة لرجال القضاء ليس عيبا في حد ذاته وإن وسائل الإعلام صارت جزءاً من حياة الناس لا يمكن إغفاله والدليل على ذلك إن الكثير من الزملاء الذين يعيبون على هذا الظهور هم أنفسهم يظهرون ويظهر البعض منهم ليس للحديث عن أمور عامة بل عن أمور شخصية هو وعائلته ولكن العيب في استغلال هذا الظهور في الحديث عن أمور خاصة أو الحديث في أمور لا تدخل في اختصاص القضاء أو الحديث عن قضايا ينظرونها أو نظروها وأصدروا فيها أحكم أما الظهور للحديث عن أمور هامة بالنسبة للقضاة والدفاع عن استقلال القضاء ونزاهة الانتخابات وما يجب أن يتوافر لذلك من ضمانات فهذا حديث ذو طابع عام موجه لأفراد الشعب صاحب السلطة في كل ما يتعلق بأمور الحياة ومنها استقلال القضاء ونزاهة الانتخابات وهذا هو ما أعتقد أنه الرأي الراجح في مسألة وسائل الإعلام التي أصبح تجاهلها غير ممكن ويمكن أن يضر ولا ينفع إذ أن ما لا تريد قوله أنت مباشرة ستحصل عليه وسائل الإعلام بصورة غير مباشرة من مصادر قد لا تكون محايدة وتجد أنت نفسك في النهاية مطالب بأن تدافع عن نفسك ضد ما يقال وإظهار الحقيقة وقد جربت ذلك كثيرا وأجد نفسي مطالب من الزملاء بالرد على ما أثير في موضوع معين أو تصحيح خطأ وقع فيه صحفي وقد تفلح في ذلك أو لا تفلح. كما أنه في النهاية لا يبتعد عن وسائل الإعلام ويخشاهم إلا من يعمل عملا خاطئا يخاف أن يطلع عليه الناس.

يأخذون على مجلس الإدارة أنه اختلط بالمعارضة، والحديث عن الاختلاط بالمعارضة بالشكل الذي يتم به يدل على عدم وعي وتفرقة بين أبناء الشعب الواحد بسبب انتماءاتهم السياسية وهذا عمل لا يليق أن يقع فيه القضاء إذ أنه في ظل النظام الديموقراطي لا يوجد فرق بين المعارضة والحكومة في الانتماء إلى الوطن، الكل أبناؤه ويعملون لمصلحته وفي ظل تداول السلطة فإن المعارضة غداً تصير حكومة والحكومة تصير معارضة والكل في خدمة الوطن والشعب والقاضي بحكم بطبيعة عمله لا ينحاز إلى حكومة أو معارضة لأنه في النهاية يحكم بين الجميع وهو إذ ينحاز فلا ينحاز إلا لكلمة الحق والعدل وما فيه مصلحة الوطن والشعب، والقضاة في مصر هذا شأنهم، والسبب في القول بأن مجلس الإدارة انحاز إلى المعارضة ضد الحكومة هو أن القضاة عندما تصدوا لتزوير الانتخابات وقالوا كلمة الحق فيها وكانت الحكومة هي التي تقوم كما شاهد العالم بتزوير الانتخابات لمصلحة مرشحي الحزب الوطني الحاكم كان ما قام به القضاة يصب في صالح المعارضة وخاصة الإخوان المسلمين ومن هنا نشأ الإدعاء بأن مجلس الإدارة منحاز إلى المعارضة وأن بعض أعضائه وأصدقاؤهم من الإخوان المسلمين وأخذ البعض يروج لهذه الشائعة كوسيلة رخيصة لضرب المجلس، ساعد على ذلك أنه بعد انتهاء الانتخابات التشريعية وفوز المعارضة بعدد من المقاعد لم يسبق أن فازت به وشعر الجميع أن ذلك كان بسبب الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات وبدأ القضاة يكافحون من أجل استصدار قانون السلطة القضائية الذي يلبي طموحهم في الاستقلال والذي قام مجلس الإدارة يوضع مشروعه، ولما كان استصدار هذا القانون من اختصاص مجلس الشعب والشورى فقد ظهرت فكرة محاولة الدفاع عن المشروع وشرح أبعاده لأعضاء المجلسين حتى إذا ما اقتنعوا به أمكنهم الدفاع عنه أثناء مناقشته، وبدأ مجلس إدارة نادي قضاة الإسكندرية في عهد مجلسه السابق في عقد اجتماعات مع أعضاء مجلس الشعب والشورى في دائرة اختصاص الإسكندرية وأعضاء اللجنة التشريعية، ووجهت الدعوة للجميع بغض النظر عن انتمائهم السياسي وأرسلت إليهم دعوات رسمية وأتصل بهم رئيس النادي السابق كاتب هذه السطور شخصيا إلا أنه للأسف الشديد لم يحضر هذا الاجتماع سوى أعضاء مجلس الشعب والشورى من المعارضة وواحد فقط من الحزب الوطني وتم عرض المشروع ومناقشته في حضورهم وحدث ذات الموقف في القاهرة حيث لم يحضر من حزب الحكومة أحد، فهل إذا وجهت الدعوة لحفل للجميع ولم يحضر إلا فئة معينة فمن الذي يلام على ذلك؟ هل من لبى الدعوة وحضر؟ أم من رفض الحضور مهما كان سبب عدم الحضور ولم يحاول حتى الاعتذار؟، وإني إذ أسأل من يلوم مجلس الإدارة في هذا الأمر، هل كانت الدعوى لحفل سمر وقضاء وقت سعيد أم كانت لمصلحة القضاة، وكم تكلف ذلك لمن يدعي أن أموال القضاة تنفق على المعارضة أن هذا أمر معيب لم يكن ينبغي للزملاء الوقوع فيه ويجب الترفع عنه، كما أن اهتمام مجلس الإدارة الحالي ومجلس إدارة نادي قضاة الإسكندرية السابق بالشأن العام يعتبر وساما على صدره لأنه تطبيق لقول الرسول الكريم من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم وقد شاهدت على شاشة التلفاز من يعيب على بعض القضاة الاهتمام بمشاكل الأخوة في فلسطين وما يحدث لهم ويقول ما لنا وما يحدث للأخوة في غزة إن القاضي ليس له أن يفعل ذلك وكأن القاضي قُد قلبه من صخر فلا يتحرك لأمر أصاب إخوانه، ولا يغار على أخته الفلسطينية عندما يهتك الصهيوني عرضها ولا يتحرك لنجدة شقيقه عندما يحاصر ويأكله الجوع والعطش والمرض، يا أخي إذا كان هذا شأن القاضي في نظرك فبئس العمل هو عمل القاضي ولكن الحقيقة أن القضاة غير ذلك وأن من يسلك هذا المسلك هم قلة نزع الله الرحمة والغيرة من قلوبها.

يبقى بعد ذلك موضوع أخير وهو الحصار المادي الذي فرض على النادي من السلطة التنفيذية عقابا له على موقفه من الانتخابات والحقيقة التي يجب على الجميع أن يعرفها هي أن هذا الحصار لا يمكن أن يقوم به وزير لأن هذه سياسة أكبر من أن يقوم بها حتى رئيس وزراء هي سياسة حكومة رأت أن تعاقب القضاة على موقفهم من تزوير الانتخابات وما نجم عن ذلك من حرك سياسي في كثير من فئات الشعب والنقابات، حيث صارت الوقفات الاحتجاجية التي بدأت في نادي القضاة والاعتصام سياسة وأسلوب ينتهجه كل من يريد المطالبة بحقوقه ولا يجد أسلوبا يحصل به على حقه سوى هذا الأسلوب بعد أن أعيته الأساليب القانونية، رأت الحكومة ذلك فتفتق ذهنها على أسلوب عقاب لهذا النادي الذي كان سببا في جلب هذه المتاعب لها بعد أن أعيته سبل القضاء عليه بأسلوب فرق تسد بمحاولة بث الفرقة بين أعضائه، ومخطئ من يعتقد أن أسلوب التضييق على النادي بدأ في عهد وزير العدل الحالي ولكنه في الحقيقة بدأ في عهد الوزير السابق ولكن الفرق بين تصرف الوزيرين هو الذي جعل الناس تعتقد أن التضييق بدأ في عهد الوزير الحالي حيث كان المستشار محمود أبو الليل لم يكن يصرح بذلك وكان يعتذر في أدب شديد عن عدم الصرف بأن المورد المالي الذي يصرف منه لم يأت بعد وأنه سيحاول مع وزير المالية من أجل الحصول على المورد الكافي، أما الوزير ممدوح مرعي فقد كان أكثر صراحة حيث صرح بأنه لا دعم بل وقطع كل صلة له بالنادي وجميع فروعه في الأقاليم حتى الفروع التي للحكومة فيـها أعوان، وعندما أعيت مجلس الإدارة الوسـيلة في سبيل الحصول على موارد لتغطية نفقات عمل النادي خاصة وأن اشتراك جنيهان شهريا لا تكاد تكفي مرتبات العاملين فيه في القاهرة والإسكندرية والتي تبلغ حوالي ثلاثين ألف جنيه ناهيك عن النفقات الأخرى من كهرباء وماء وغيره – عند ذلك فكر البعض في زيادة الاشتراك، ولما كانت النقود كما نعلم جميعا قد فقدت قيمتها فلم يكن من الممكن حتى مضاعفة قيمة الاشتراك لأن ذلك لن يسد الحاجة الضرورية للنادي ورؤي رفع الاشتراك إلى عشرين جنيها وعرض الأمر على الجمعية العمومية العادية المعقودة بتاريخ 17/11/2006 فوافقت عليه بالإجماع وتم تنفيذ هذا القرار بتوقيع الزملاء إقرارات خصم من المرتب بهذا المبلغ وقيام السادة المعارين بالسداد نقدا وبلغ عدد المسددين للاشتراك الجديد حتى 30/11/2008 عدد 6561 عضوا منهم 5143 عضو قاموا بتحرير إقرارات خصم 1418 عضو بالسداد النقدي حيث أنهم إما معارون أو في سن المعاش وبذلك يكون أكثر من ثلاثة أرباع السلطة القضائية أعضاء النادي قد وافق ونفذ قرار الجمعية بزيادة الاشتراك حيث يعلم الجميع أن هذا الأسلوب هو المتاح للدفاع عن ناديهم ضد هذا الحصار الظالم إلا أنه من المؤسف انه يتحرك قلة بالتأكيد ليس بدافع الحرص على النادي ولا السعي إلى الخير للزملاء برفع دعوى بطلان هذا القرار بعد مضي قرابة عامين على صدوره والمؤسف أكثر أن تستجيب المحكمة المقام أمامها الدعوى إلى هذا الطلب في حكم معيب بعيوب كثيرة لخصها الطعن المقام عنه أمام محكمة النقض لترى رأيها فيه.

ترى هل من قام برفع هذه الدعوى سعيد بصدور حكم بطلان قرار الجمعية بزيادة الاشتراك الشهري، وترى لو أن الاتجاه الذي ينتمي إليه ويعمل لحسابه فاز في الانتخابات ماذا سيكون مصير النادي على يديه ومن أين ينفق أم أن الحكومة ستعيد الدعم في عهده وهنا ينكشف الأمر ويعرف لمصلحة من يعمل هذا الاتجاه، وأن الأخوة في الاتجاه المضاد لمجلس الإدارة الحالي يتفاخر بعضهم أنه مسنود من الحكومة وفي هذا عيب شديد وقول يفقد القاضي صلاحيته لتولي منصبه وإذا كان الانتماء إلى المعارضة عيب لا يجب أن يقع فيه القاضي فإن الانحياز إلى الحكومة عيب أخطر لأن الحكومة تملك ذهب المعز وسيفه والانحياز إليها لا يقوم به إلا من يطمع في الذهب أو يخاف من السيف وفي هذا ما يشين القاضي ويفقده صلاحيته وحيدته اللازمة لتولي منصبه.

إخواني قضاة مصر – ناديكم هو حصنكم المنيع الذي يطالب بحقوقكم ويدافع عنكم ولا يستطيع القيام بذلك إلا رجال أقوياء نذروا أنفسهم لخدمة زملائهم لا طمعا في جاه أو مال أو منصب إنما هي الرغبة في الخدمة العامة التي هيأهم الله لها فأحسنوا الاختيار حتى يستمر هذا الصرح في أوج قوته يطالب ولا يستجدي لأن من يطالب يحصل على حقه ومن يستجدي يحصل على الفتات.

قد ينكر البعض أنه في اتجاه الحكومة وأنه موالي لها ويحتمي بسلطتها ولكن أخي القاضي إذا أدرت أن تعرف الحقيقة فأنظر إلى من يدعو للاتجاه الأخر إنهم رؤساء المحاكم الابتدائية وبعض رؤساء محاكم الاستئناف وهم صنائع الحكومة ممثلة في وزارة العدل وبعض أعضاء مجلس القضاء الأعلى ممن لهم مصالح مع الحكومة في رفع السن أو غيره وهم في دعوتهم يستعملون أسلوب لا يليق بالقضاة من وعيد وتهديد وإغراء وهو أسلوب سبق للقضاة رفضه في مرات كثيرة ولكن أصحابه لا يتعظون وفي هذه المناسبة لا يسعني إلا أن أوجه التحية لسيادة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود على موقفه المحايد من هذه الانتخابات حيث4 يترك الحرية لأعضاء النيابة لاختيار من يرغبون في اختياره دن التدخل في هذا الأمر وهو ما كنا نطمع أن يتحلى به كل من يجلس في موقع قضائي حتى نعلم إخواننا القضاة كيفية الاختيار الصحيح، وأخيرا آمل من الله أن يولي من يصلح في كل مجال من مجالات الدولة حتى ينصلح حال هذه الأمة ويكون المستقبل أفضل كثيرا من الواقع.