منزرعون هنا ولسنا سلعة للمقايضة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
منزرعون هنا ولسنا سلعة للمقايضة

بقلم : د. عدنان بكريه فلسطين ال 48

علم فلسطين.jpg


"هنا على صدوركم باقون كالجدار وفي حلوقكم كشوكة الصبار كأننا عشرون مستحيل في اللد والرملة والجليل"


تثار من جديد مسألة التبادل السكاني بين اربعمائة ألف عربي من فلسطينيي الداخل من سكان المثلث في إطار حل سلمي شامل للقضية الفلسطينية الأمر الذي يثير نقاشات واجتهادات بخصوص وضعيتنا هنا وعلاقتنا بالمؤسسة الحاكمة ودورنا في معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي .

كثيرا ما طرحت مسألة وضعيتنا هنا من قبل بعض المفكرين المحليين والذين تباينت وجهات نظرهم بشأن موقعنا ودورنا في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي وبالتحديد الفلسطيني – الإسرائيلي...

وكان هناك تباين واضح بين هؤلاء ..

منهم من رأى أنه يتوجب على الأقلية الفلسطينية هنا أن تأخذ دورا أكثر فعالية وان تعتبر نفسها جزءا من الصراع والنضال التحرري للشعب الفلسطيني...

ومنهم من رأى بان موقعنا هنا كمواطنين إسرائيليين يحتم علينا الاهتمام بالقضايا التي تخصنا هنا في الداخل والعمل تحت سقف القانون على إلغاء سياسة التمييز العنصري التي نعاني منها مع عدم تهميش القضايا السياسية والعمل في إطار القانون للتأثير على حكومات إسرائيل وتحفيزها على صنع السلام مع الشعب الفلسطيني .

الغالبية العظمى من الأقلية الفلسطينية ترى بالخيار الثاني هو الخيار الأمثل ..

كوننا نعمل تحت سقف القانون الإسرائيلي وهامشه الديمقراطي ولسنا بحاجة لإدخال الجماهير إلى أنفاق مظلمة ومتاهات لا احد يعرف إلى أين ستؤدي !

وحتى لو أن القانون الإسرائيلي وديمقراطيته المزعومة لم تنصفنا، إلا أن الواجب الوطني يحتم الحفاظ على وجودنا هنا وعدم الدخول في مواجهة غير مشروعة مع حكومات إسرائيل..

عدم المقامرة بمصير مليون ونصف مليون مواطن فلسطيني هنا، خاصة وان حكومة إسرائيل باتت تحيي من جديد مسألة التبادل السكاني في إطار حل سلمي دائم للقضية الفلسطينية..

أي إبقاء سيطرتها على المستوطنات في الضفة مقابل إلحاق مدن وقرى منطقة( المثلث) بالكيان الفلسطيني والتخلص من عبء أربعمائة ألف فلسطيني من حاملي الهوية الإسرائيلية! وكأن المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل عقار للمساومة والمبادلة !

إن النظرة المتطرفة لدى البعض من شأنها أن تضع مسألة وجودنا على كف عفريت، كون حكومات إسرائيل سعت دائما إلى إلغاء شرعية وجودنا من خلال محاولة سن قوانين عنصرية تصب في خانة حرماننا من أدنى حقوقنا الحياتية.

إن علاقتنا بالمؤسسة الحاكمة يجب أن تستند إلى معايير وضوابط منطقية ومسألة خضوعنا للقانون الإسرائيلي ، لا تتنافى أو تتناقض مع كوننا ابناءا للشعب الفلسطيني نتفاعل مع ألمه الذي هو ألمنا جميعا ..لا تتنافى مع انتمائنا للشعب الفلسطيني وللأمة العربية ..

هذه حقيقة يدركها اليمين الإسرائيلي قبل اليسار ولا يمكن لأي كان أن ينسف هذه الحقيقة...

وحتى قيادة شعبنا تدرك إن لنا وضعيتنا الخاصة بنا، لا بل تطالبنا مراعاة هذه الوضعية من وازع الحرص علينا وعلى وجودنا في ارض الآباء والأجداد ومن وازع حرصها على بقائنا عنصرا فاعلا.. قد يكون لنا تأثير مستقبلي على السياسة الرسمية الإسرائيلية.

إننا نلوم بعض الإخوة الفلسطينيين الذين يزاودون على دورنا ويعيبون علينا حتى حمل الهوية الإسرائيلية !!

ويرون بنا احتياطا لهم في معاركهم القادمة !! لهؤلاء أقول إن اكبر نضال وطني خضناه عبر التاريخ هو حفاظنا على هويتنا الوطنية والقومية وبقاؤنا على ارض آبائنا وأجدادنا وفي هذا السياق تتبادر إلى ذهني مقولة الخالد جمال عبد الناصر..

"تحية إكبار وإجلال لإخوتنا في الأرض المحتلة لأنهم هم سيبقون الشاهد الوحيد على عروبة فلسطين " لقد كان تصور الزعيم عبد الناصر أنه لو رحلنا عن وطننا فلن يبقى أي شاهد على عروبة هذه الأرض مع مرور الزمن وتغيير ملامح الأرض والوطن .

من هنا أرى أن بقاءنا على هذه الأرض كان له أهميته الكبرى في الحفاظ على التراث والحضارة وشهادة دامغة على عروبة الوطن ومحفز كبير على ضرورة استعادة حقوق شعبنا المهضومة ، بقاؤنا على هذه الأرض كان له إسقاطاته الايجابية على مجمل النضال الوطني الفلسطيني ..

شعبنا ليس بحاجة إلى مشردين جدد ومخيمات لجوء أخرى ..

شعبنا بحاجة إلى قاعدة المثلث النضالي أن تبقى في وطنها تقارع سياسات حكومات إسرائيل وفق وضعيتها الخاصة والمجاز في القانون والهامش الديمقراطي الضيق.

لقد دأبت حكومات إسرائيل المتعاقبة من يمينها إلى يسارها على برمجة مخططات تهدف إلى تفريغ المناطق العربية من سكانها بغية تغيير الطابع الديموغرافي للتجمعات العربية وخلق واقع جديد يجعل الأكثرية العربية أقلية .. فالتخوف الإسرائيلي نابع من التزايد السكاني للمواطنين الذي قد يحدث انقلابا مستقبليا في طابع يهودية الدولة !! ويجعل الأقلية الفلسطينية أكثرية !!من هنا بدأت مراكز التخطيط الاستراتيجي تبحث عن السبل لتحاشي نشوء مثل هذا الواقع والذي سيكون الأصعب والأعقد في تاريخ دولة إسرائيل والذي سيقلب الموازنة السياسية رأسا على عقب..

من هنا نبعت مسألة التبادل السكاني للتخلص من الكابوس المرعب لحكومات إسرائيل ..

ألا وهي الأقلية الفلسطينية هنا والتي ستتحول إلى أغلبية مع التزايد السكاني للعرب داخلها والذي يشكل أعلى نسبة في العالم العربي حسب الإحصائيات الرسمية ( الله يبارك ويزيد ) حتى نبقى شوكة في حلق المخططات الصهيونية.

إنني لا أرى بنشوء مثل هذا الواقع أمر غريب ومعقد، كوننا نحترم أسس وقواعد المواطنة وفي نفس الوقت نحترم قضية شعبنا ونعمل بكافة الوسائل لحلها بالشكل الذي يرضي أطراف الصراع ويحافظ عل ثوابت شعبنا وحقوقه...

وليس أمامنا خيار إلا خيار البقاء في وطننا والعمل على تغيير طابع التعامل السلطوي معنا واعتبارنا مواطنين متساوي الحقوق

وإذا كانت إسرائيل تريد أن تتخلص من عقدة الخوف التي تلازمها نتيجة للتكاثر السكاني العربي وما قد ينجم عن ذالك من تداعيات ، فما عليها إلا تغيير سياستها تجاه العرب هنا وعليها أن تعمل على مساواة الجماهير العربية ومنحها الحقوق المدنية والقومية والوطنية والاهم حل القضية الفلسطينية وإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المهضومة ...

فقضية شعبنا جزء من أجندتنا الحياتية والسياسية ولا يمكننا أن نتجاهلها لمجرد حملنا الهوية الإسرائيلية والتعامل مع هذه القضية والتي هي قضيتنا أيضا لا يتم من خلال إدخالنا إلى برامج ومشاريع نضالية تتناقض مع واقعنا المعقد هنا في الداخل الفلسطيني وتجعلنا عرضة للمطاردة وربما للتهجير!

تفاعلنا مع شعبنا يجب أن يتم من خلال مشروع عقلاني يجنبنا الوقوع في مطيات والدخول إلى أنفاق مظلمة ليس لها نهاية، إلا الضياع والتهجير!!

علينا أن نوازن بين انتمائنا لشعبنا وحبنا له وبين ارتباطنا المدني بالمؤسسة الحاكمة هنا وليس من الصعب التوفيق بين الأمرين...

ما دمنا نحافظ على التاريخ وديناميكيته وتوازنه ونعرف من أين تؤكل الكتف ! لا ننساق خلف عواطفنا دون أن نفعل عقولنا ونعرف كيف نأخذ دورنا في إطار موازنة حكيمة وعقلانية توفق بين الانتماء للشعب والارتباط بالدولة...

والى كل من يزاود على دورنا نقول ..

إن الموقف يحدده الموقع وشعبنا ليس بحاجة لمزيد من المهجرين في أصقاع العالم !! شعبنا بحاجة لنا هنا وليس هناك .

إن ما يؤلم حقا أننا نعيش في ازدواجية مؤلمة ومقلقة ..

( لا مع سيدي بخير ولا مع ستي بخير ) إسرائيل تنظر إلينا على أننا جزء من الأمة العربية والشعب الفلسطيني وتعاملنا باستعلاء انطلاقا من هذه القاعدة ...

والعالم العربي يتعامل معنا على إننا جزء من دولة إسرائيل نحمل جوازها وهويتها ! فارحمونا من هذا الظلم الفتاك !!

هناك فرق شاسع بين الانتماء الحضاري القومي والوطني وبين الارتباط المدني ..

ارتباطنا بالدولة هنا حتمته ظروف سياسية ودولية ولا يمكننا أن نرفضه كوننا نعيش متشرشين في ارض آبائنا وأجدادنا متأصلين هنا ولن نسمح لأي قوة كانت أن تقتلعنا من وطننا الذي لا وطن لنا سواه ..

وكما قال الشاعر المناضل توفيق زياد

هنا على صدوركم باقون كالجدار

وفي حلوقكم كشوكة الصبار

كأننا عشرون مستحيل

في اللد والرملة والجليل

المصدر