ممدوح الولى يكتب: فائض وهمى بميزان المدفوعات

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
ممدوح الولى يكتب: فائض وهمى بميزان المدفوعات


(9/11 / 2015)

ممدوح الولى

تعود المصريون على المبالغات الفجة ، التى تتداولها الشخصية البورسعيدية المسماة بأبو العربى ، فرغم أن نفقات أبو العربى تزيد عن موارده بفارق كبير، مما اضطره للجوء لأقاربه بالخليج لمساعدته ، ثم اتجه بعدها للاقتراض من البنوك ، حتى يستطيع الانفاق على أسرته .

إلا أنه عندما يجلس على المقهى وسط جيرانه ، يتفاخر بغناه، زاعما أن لديه فائضا كبيرا من المال بمنزله ، رغم أن جيرانه يعرفون الحقيقة ، وأنه لولا مساعدات أقاربه بالخليج ، وقروض البنوك ، ما استطاع أن يدبر نفقات طعام عياله .

والحقيقة أن هناك تشابها بين مزاعم أبو العربى ، وبين مزاعم البنك المركزى بتحقيق ميزان المدفوعات بالعام المالىالأخير فائضا بلغ 7ر3 مليار دولار ، وهو الفائض الذى هللت له الصحف الموالية للنظام الحاكم ، باعتباره انجازا اقتصاديا .

وميزان المدفوعات يحسب كل موارد النقد الأجنبى التى تحققها البلاد ، من صادرات وتحويلات وسياحة وقناة سويس واستثمارات للأجانب بمصر وغيرها فى كفة ، كما يحسب فى الكفة الأخرى كل مدفوعات النقد الأجنبى للخارج ، كثمن الواردات السلعية والخدمية واستثمارات المصريين بالخارج .

وحسب بياناتالبنك المركزى للعام المالى 2014/ 2015 فقد بلغت الموارد من النقد الأجنبى 6ر84 مليار دولار ، بينما بلغت المدفوعات للخارج من النقد الأجنبى 9ر80 مليار دولار ، ليتحقق فائضا بلغ 7ر3 مليار دولار.

وهو أمر جيد لو كانت كل الموارد نتيجة جهد انتاجى محلى ، متمثلا فى الصادرات السلعية والخدمية بأنواعهاوالاستثمارات الأجنبية ، لكننا نجد ضمنالموارد المحسوبة معونات خليجية بلغت قيمتها 7ر2 مليار دولار ، كما نجد قروضا وودائع من الخارج بلغت 2ر12 مليار دولار .

وهكذا بلغت المعونات والقروض والودائع الأجنبية 9ر14 مليار دولار ، بينما ما تحقق من فائض رغم ذلك المبلغ الضخم الداخل بالايرادات، بلغ 7ر3 مليار دولار فقط ، وبما يعنى أنه بدون تلك المعونات والقروض والودائع الأجنبية ، لكان العجز بميزان المدفوعات قد بلغ أكثر من 11 مليار دولار .

وهو ما كشفه العجز الذى تحقق بميزان المعاملات الجارية خلال العام المالى الأخير ، الذى بلغ 2ر12 مليار دولار ، وهو الميزان الذى يتضمن صافى ما تحققه الموازين : التجارية والخدمية والتحويلات ، وهو الميزان الذى تهتم به المنظمات الاقتصادية الدولية فى تقاريرها عن الميزان الكلى للمدفوعات .

ويرتبط هذا العجز الضخم غير المسبوق بعدد من الملاحظات على ميزان المدفوعات المصرى : § تراجع الصادرات بنسبة 16 % لتصل الى 22 مليار دولار ، وهو رقم متدنى للغاية ، حيث بلغت حصيلة الصادرات قبل ثمانى سنوات أكثر من 29 مليار دولار بالعام المالى 2008 /2007 ، وهكذا بلغت نسبة الصادرات الى الواردات 36 % فقط .

وبهذا الرقم المتدنى للصادرات تحتل مصر المركز رقم 71 ، بين بلدان العالم فى قيمة الصادرات السلعية ، لتسبقها دول مثل ليتوانيا البالغ عدد سكانها 5ر3 مليون نسمه ، وسلوفينيا البالغ سكانها مليونى نسمه ، ونيوزيلندا البالغ سكانها 4 مليون نسمه .

§ والغريب أنه رغم تراجع الصادرات ، أن تتجه الواردات السلعية الى الزيادة ، رغم التراجع الملحوظ عالميا لأسعار العديد من السلع التى يتم استيرادها مثل : القمح والذرة وزيت الصويا وزيت النخيل وزيت عباد الشمس .
§ والأسماك واللحوم والسكر والبن والأخشاب والمطاط والجلود ، والنحاس وخام الحديد والومنيوم والقصدير والنيل والرصاص وكذلك البترول والفحم .
§ كما زادت قيمة الواردات رغم اجراءات البنك المركزى التى أدت لصعوبة توفر الدولار للمستوردين، والتى تمت فىفبراير الماضى بتحديد حد أقصى يومى وشهرى للودائع الدولارية .
وإن كان النصف الثانى من العام المالى الأخير ، قد شهد تراجعا بالمقارنة لقيمة الواردات بالنصف الأول من العام بنسبة 9 % .
§ ولا يمكن التعويل على بدء استيراد الغاز الطبيعى كمبرر لزيادةالواردات ، حيث بدأ الاستيراد للغاز خلال آخر شهرين من العام المالى .
§ ارتفاع العجز التجارى لرقم غير مسبوق بلغ 39 مليار دولار ، وهو رقم استوعب الفائض بالميزان الخدمى البالغ 7ر4 مليار دولار ، كما استوعب فائض التحويلات الخاصة والرسمية البالغ حوالى 22 مليار دولار ، ليسفر ميزان المعاملات الجارية عن عجز بلغ أكثر من 12 مليار دولار .
§ الارتفاع الكبير لدخل الاستثمار ليصل 2ر6 مليار دولار ، والمتثمل فى عوائد استثمارات الأجانب خلال عام واحد ، سواء على ودائعهم أو على مشترياتهم من السندات أو الأسهم .
§ التراجع الكبير للمعونات الخليجية لتصل الى 7ر2 مليار دولار مقابل 9ر11 مليار دولار بالعام المالى الأسبق ، وبدا التراجع واضحا خلال النصف الثانى من العام المالى الأخير، لتصل المعونات الى 5ر91 مليون دولار فقط ، مقابل 6ر2 مليار دولار بالنصف الأول من العام المالى .
§ ضآلة الاستثمار الأجنبى المباشر بعد المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ ، ليصل الى 690 مليون دولار فقط ، خلال الشهور الثلاثة التالية لانعقاد المؤتمر وهى ابريل ومايو ويونيو ، مقابل 9ر2 مليار دولار لقيمة الاستثمارات للشهور الثلاثة السابقة .
§ انخفاض حصيلة قناة السويس عن العام المالى الأسبق ، كما اتجهت الايرادات السياحية للانخفاض ، خلال النصف الثانى من العام المالى عما كانت عليه بالنصف الأول منه .
§ نقص حصيلة عدد من الموارد عما حققته خلال العام الذى تولاه الرئيس محمد مرسى ، رغم التضخم بالأسعار الذى حدث بعده ، ومنها حصيلة الصادرات السلعية والصادرات البترولية والسياحة واستثمارات الأجانب بالبورصة المصرية .
§ وفى ضوء التحول الى استيراد الغاز الطبيعى ، والحاجة لثلاث سنوات على الأقل كى يبدأ انتاج حقل ظهر الجديد ، واستمرار المشاكل التى تواجهها الشركات المتعثرة ونقص الدولار ، وصعوبات التمويل المصرفى وتدنى المعونات الخليجية ، والاتجاه لمزيد من الاقتراض مما يزيد الدين الخارجى والذى تخطى 47 مليار دولار حاليا .

لذا يتوقع استمرار تدهور مؤشرات ميزان المدفوعات المصرى ، والذى ينعكس سلبا على سعر صرف الجنيه تجاه العملات الأجنبية ، وعلى أسعار السلع وعلى المستوى المعيشى للمواطنين .

المصدر