مفترق طرق
بقلم:أ.وائل عبد الفتاح
وصلتني رسالتان إحداهما يائسة.. والأخرى لديها أمل من نوع جديد.
الأولي اسمها «قاهرة المعز.. المذل».. التقط قارئ التعبير ولعب عليه في رسالة موجعة بعض الشيء قال القاريء.. «أستاذ وائل.. وسط البلد هي مصر والعكس.. كيف تفسر أن الفساد والخراب يطول مصر كلها من رفح إلي السلوم؟
مازلت أطالب بإشراف دولي علي الانتخابات ومقاومة الفساد والتظاهر ونشر الوعي في الأعلام الحر البعيد عن تامر أمين ومعتز الدمرداش وأتباع الحكومة هيخلي الناس تفوق، وأنا فعلاً يا أستاذ أقدمت علي الهجرة لاستراليا لأني حاسس أن حسني مبارك والحزب الوطني أصبحوا قدراً لا يمكن تغييره الا بوعي شعبي يفتقده المصريون وشجاعة منعدمة في مصر المحروسة.. بالأمن المركزي طبعاً وقاهرة المعز.. والمذل»
القاريء المهاجر إلي أستراليا ليس حالة فريدة.. هجرة تهرب بصاحبها من الأقدار السياسية والاجتماعية.. وهذا ما يفعله مجرد الغضب.
الغضب هو تعبير عن وعي جديد بان للمجتمع صوتاً وحضوراً بعد سنوات من موت طويل.
لكنه وعي في لحظة الولادة.. يخرج فيها المجتمع من «هيمنة» السلطة التي ارتضت بالسيطرة فقط من خلال الامن.
الغضب بلا مشروع.. يقود أحياناً إلي يأس كبير.. وإحباط وهجرة إلي المجهول.
لكن هناك غضباً يحمل مشروعه السياسي وهذا مشواره طويل وأصعب.. المشروع ليس فقط تغيير النظام الحاكم أو استبدال رئيس برئيس.. لكن تغيير القدر الذي يجعل من الرئيس حاكماً الهياً خالداً.. مقدساً.. يلعب بالبلد كما يحلو له.. ويغيره حسب مزاجه.
وهذا سر إعجابي برسالة تحاول الخروج من نفق الغضب واليأس إلي مرحلة أخري.
تقول الرسالة..
«تحية طيبة وبعد»
نحن مجموعة من شباب مصر الجادين الحريصين علي نهضتها ورقيها، اتفقت عقولنا علي هدف واحد وهو حرية هذا الوطن.
وانطلاقاً من كوننا شعباً له تاريخ، ولهذا.. للتاريخ أبواب دخل منها العظماء والشرفاء والأبطال فإننا هنا لنستكمل صناعة التاريخ وأبينا إلا أن نخصص باباً لا يدخله إلا المزورون حتى لا يحتالوا علي تاريخنا فيدخلوا من أبواب الشرفاء والمناضلين فيلتبس الأمر علي أجيالنا القادمة.
وطبقا للمادة «21» من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تقول:
«إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، ويجب أن تتجلي هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجري دوريًا بالاقتراع العام وعلي قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت».
فقمنا بعمل «سجل المزورين» لفضح منهجية التزوير هنا في مصر في جميع أشكال الانتخابات التي تجري سواء رئاسية أو برلمانية أو نقابية والاستفتاءات وحتي الطلابية والحزبية والانتخابات التي تجري في المؤسسات والهيئات.
فكما تعلمون أن تزوير الانتخابات بجميع أشكالها في مصر أصبح ثقافة ومنهجية في أذهان الكثير من الناس وأصبح يمارسه الكثير من الأفراد بل المؤسسات وتعدي الأمر هذا إلي أن تتخذه حكومات أسلوبًا لها للمجيء بمن تريده دون أدني حياء أو احترام للقانون الذي من المفترض أنها تعمل علي تنفيذه في سبيل الحفاظ علي المناصب والبقاء في السلطة.
ونهدف من خلاله إلي فضح إعلامي واجتماعي لكل من يشارك في تزوير الانتخابات أياً كانت وأياً كان هو حتي يفكر من يخطو هذه الخطوة ألف مرة قبل أن يخطوها ولن نسمح لهم بأن يرتدوا ثياب الشرفاء ويحظوا بسمعة الأتقياء.
إن كل ما نحلم به ونرجوه هو انتخابات حقيقية نزيهة شريفة حقاً دون غش أو رشاوى أو احتكار، نحن نحلم بمجتمع أفضل، مجتمع ديمقراطي تسوده الحرية والمحبة والنظام لا يسري علية قانون الغابة وهو البقاء للأقوى.
نسعي إلي نشر الوعي الانتخابي للمواطن المصري وتبصرته بجميع حقوقه المدنية والسياسية وواجباته في أي لون من ألوان الانتخابات».
تركت الرسالة بحماسها وبعض الهفوات النحوية او الأخطاء المطبعية.. لكنها يمكن أن تكشف عن رغبة حقيقية تعرف أن تزوير الانتخابات هو بوابة الديكتاتورية الواسعة.. ولو لاحظتم ستجدون أن الرسالة اليائسة والأخرى الباحثة عن الأمل تكلمت عن الانتخابات والتزوير.. لكن اليائس هاجر إلي أستراليا والباحثين عن الأمل قرروا أن يصنعوا بوابة لا يمر منهاالمزورون