معاناة اللاجئين مستمرة ولا حل لها سوى العودة إلى أرض الوطن
د.عدوان: معاناة اللاجئين مستمرة ولا حل لها سوى العودة إلى أرض الوطن
شدد البروفسور عاطف عدوان النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عن كتلة حماس البرلمانية ووزير شؤون اللاجئين في الحكومة العاشرة أن الأمل في عودة اللاجئ الفلسطيني إلى أرضه ووطنه أصبح أقرب مما سبق، "فالإصرار على حق العودة يبشر بأننا لن ننسى فلسطين وأننا نعدها على أنها حق ثابت لا يمكن أن نتنازل عنه أو أن نفرط فيه ولا يمكن أن نتخلى عنه".
وأكد د.عدوان في حوار خاص أدلى به لـ شبكة فلسطين الآن في الذكرى الواحد والستين للنكبة، أن اللاجئ الفلسطيني يعذب من قبل إخوانه الذين ينتظر منهم المساندة والعون والدعم "كي نحرر الأرض الفلسطينية التي هي أرض للإسلام والمسلمين"، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي مبرر لا أخلاقي ولا أخوي ولا ديني ولا سياسي ولا قانوني لفعل ذلك.
وفيما يلي نص الحوار مع النائب الفلسطيني عن كتلة التغيير والإصلاح ممثلة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"
- في الذكرى الحادية والستين للنكبة .. ماذا يقول الدكتور عاطف عدوان؟
- كلما زادت السنون على الشعب الفلسطيني وهو يرزح تحت قضية الهجرة في الخارج كلما كان الأمل في العودة أقرب، لأن تراكم ما فعل الشعب الفلسطيني منذ بداية الهجرة وإلى اليوم يقربه بإذن الله تعالى إلى بيته وإلى وطنه، وبالتالي نحن وكما رفعت الجهات الفلسطينية في أوروبا "واحد وستون عاماً ونحن أقرب إلى فلسطين" هذا ما أقوله للشعب الفلسطيني، وأقول بأن الإصرار على حق العودة،
- هذا الموقف العظيم الذي يتمسك به الشعب الفلسطيني من المهاجرين والنازحين سواء في قطاع غزة أو في الدول العربية التي تستضيف المهاجرين أو حتى في الدول الأوروبية إنما هو مبشر بخير وإنما هو أيضاً مبشر بأننا لن ننسى فلسطين وأننا نعدها على أنها حق ثابت لا يمكن أن نتنازل عنه أو أن نفرط فيه ولا يمكن أن نتخلى عنه حتى على المستوى الفردي أو على المستوى المؤسسي، وإن ما يقوم به بعض من أولئك الذين تخلوا عن وطنيتهم وتخلوا عن شعبهم هو أمر مرفوض، لن يوافق عليه أحد لا لاجئ ولا غير لاجئ، وبالتالي سيبقى هذا الحق إلى أن ينفذ بإذن الله تعالى بقوة المجاهدين وبقوة وإصرار الشعب الفلسطيني
- دكتور عاطف، هناك العديد من المحاولات لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في عدد من الدول العربية، أو تهجيرهم وتوطينهم في دول غربية، بماذا تعقبون على هذه المحاولات؟
- في الحقيقة أنه لا يوجد هناك أي دولة عربية تقوم بالموافقة على قضية التوطين، يرفضون التوطين في كل مكان، وللأسف هذه القضية عندما نتحدث عنها لا تعبر عن موقف وطني ولا عن موقف مسؤول من الدول العربية، وأبناء الشعب الفلسطيني بالذات الذين هجروا من بلادهم لا يريدون أن يجدوا بلداً آخر غير فلسطين ، ولكنهم يريدون قدراً من الاحترام وقدراً من التعامل بإنسانية من خلال إخوانهم وأشقاءهم، لكن للأسف عندما نرى أن هناك مئات من الفلسطينيين على الحدود السورية العراقية ومئات آخرون على الحدود العراقية الأردنية، لا يسمح لهم بدخول أي من هاتين الدولتين على الرغم من العنف الكبير الموجود في العراق، بينما يسمح لأكثر من 2 مليون عراقي يدخلون كلاً من الأردن وكلاً من سوريا، كأنه هناك تمييز عنصري ضد أبناء الشعب الفلسطيني والتهمة أنهم لاجئون، ولذلك نجد أن هؤلاء يوافقون على أن يهجروا إلى البرازيل لأنهم لم يجدوا احتراماً ولم يجدوا أذرعاً مفتوحة أو قبول بهم كمجموعة من البشر الذين لهم حقوق أقرتها مواثيق حقوق الإنسان لأن الإنسان أينما ذهب يجب أن يعامل على أنه إنسان.
- في الحقيقة أن هؤلاء الناس الذين هجروا أيضاً مرة جديدة من ديارهم التي كانوا فيها في العراق لم يجدوا مكاناً يلوذون إليه على الرغم من سعة العالم العربي، وعلى الرغم من الملايين الذين يأتون إلى بعض البلدان العربية، وعدد العمال الذين يعملون فيها أكثر من عدد سكان البلاد أنفسهم، وهم ليسوا أكثر مهارة من الفلسطينيين الذين بنوا العالم العربي بمعرفتهم وعرقهم وكدهم.
- نجد أن المعاناة مستمرة مع اللاجئين رغم أنهم يحاولون توطينهم، في هذه المناطق يعانون ويجدون المصاعب والمشاكل من تهجير، وكذلك في المخيمات اللبنانية نجد المعاناة مستمرة ولا يجدوا حياة كريمة، ما الذي يمكن أن تفعله القيادات الفلسطينية لمد يد المساعدة في حل المعاناة التي يعانونها من تهجير آخر؟
- الواقع يقول أن اللاجئين الفلسطينيين ينتشرون في العالم أجمع، سواء كانوا في داخل فلسطين أي قرى مهجرة في داخل فلسطين، بالإضافة إلى اللاجئين الموجودين في قطاع غزة حوالي 18 مخيم في قطاع غزة وحوالي 10 مخيمات في الأردن وعدد مماثل تقريباً لهم في لبنان وأيضاً عدد قريب من هذه الأعداد في سوريا، بالإضافة إلى مئات الآلاف من الفلسطينيين الموجودين في بلاد أوروبا الغربية، وأمريكا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي الواقع يقول بأننا لا يمكن أن نعامل جميع الأطراف بنفس المنهاج والمعيار.
- فالفلسطيني الذي لجأ إلى أوروبا أو أمريكا اللاتينية يجد قدراً من الارتياح ولكن يقاتله الحنين إلى الوطن، ولذلك هو يظهر كثير من النشاطات وكثير من الدفاع عن القضية الفلسطينية والتظاهرات واللقاءات الإعلامية والسياسية كي يشرح فيها عن معاناة الشعب الفلسطيني وكي يظهر فيها وطنيته وأمنيته في العودة إلى الوطن، حيث أنهم استطاعوا في هذه المرحلة أن يطلعوا قطاعات كبرى من الرأي العام العالمي على معاناة الفلسطيني، وتزداد نسبة الرأي العام العالمي المتعاطف مع القضية الفلسطينية، ولولا هؤلاء الفلسطينيين المهجرين في أوربا لما استطعنا أن نشرح هذه القضية بالشكل المناسب للرأي العام الأوروبي والرأي العام الأمريكي سواء بشقيه الشمالي والجنوبي.
- المأساة تتعمق أكثر في البلاد العربية والبلاد الإسلامية، يعني مثلاً في لبنان اللاجئ الفلسطيني في لبنان يمنع من الحصول على عمل، فهناك قرار من الحكومة اللبنانية بمنع الفلسطيني من الحصول على 76 وظيفة في لبنان، إذاً علىفي بيوت من القرميد ماذا يمكن أن يعيش الفلسطيني في لبنان، أيضاً يمنع الفلسطيني في كثير من المخيمات الفلسطينية من ترميم بيته، يعني تهريب كيس أسمنت تماماً كتهريب كيس من المخدرات حينها تقوم السلطات اللبنانية باعتقاله ومحاكمته لأنه قام بمثل هذا العمل لأنه يعد عملاً خارقاً للقانون، الفلسطيني في لبنان في كثير من الأحيان يعيش البسيط أو من الزينقو الذي لا يحمي من حر الصيف ولا يقي من برد الشتاء، وهم أيضاً لا يجدون الأعمال المناسبة التي يقتاتون منها وهم يعيشون على حد كبير على ما تقدمه وكالة غوث اللاجئين والمحسنين من أرجاء العالم العربي والإسلامي
- للأسف هذا الأمر موجود في بعض المناطق الأخرى وإن كان أقل قليلاً، ولكن الشيء الأكثر تأثيراً هو ما يمكن أن يجده اللاجئ الفلسطيني عندما يغادر المكان الذي يعيش فيه عيشة مؤقتة ولا يعترف به، حيث أنه لا يسمح له بالعودة و يعذب في مطارات العالم المختلفة، فإحدى الأسر الفلسطينية التي كانت في دولة عربية خرجت كي تُعالِج رب العائلة ولسوء الحظ مات رب العائلة وهو في العلاج في لندن ولكن الدولة التي كان يعيش فيها رفضت استقبال جثمانه ورفضت استقبال العائلة التي كانت معه، وبقيت تدور في المطارات لمدة 21 يوم كاملة إلى أن استقبلته دولة اليمن، وللأسف هذه الصورة تمثل جزء صغير من المعاناة ومن الألم الضخم الذي يعيشه اللاجئ الفلسطيني، وللأسف لا يوجد هناك مطلقاً أي مبرر لا أخلاقي ولا أخوي ولا ديني ولا سياسي ولا قانوني، وبالتالي الحقيقة أنه نحن كفلسطينيين نعذب من قبل إخواننا الذين ننتظر منهم المساندة وننتظر منهم العون وننتظر منهم الدعم كي نحرر الأرض الفلسطينية التي هي أرض للإسلام والمسلمين.
- للأسف أيضاً الفلسطينيون وبالذات في قطاع غزة الذي هو الآن تحت الحصار واللاجئون هم جزء من الشعب الفلسطيني يحاصَرون، يقتلون، يعذبون في جرائم صهيونية مستمرة للأسف، هناك صمت عربي يكاد يصل إلى حد التآمر، وبالتالي الواقع هو واقع مرير، هو واقع صعب، ولكننا مع ذلك نصبر ونحتسب ونقول أننا بإذن الله تعالى على عهدنا مع ديننا ومع بلادنا وأننا لا بد بإذن الله تعالى من أن نصل إلى الانتصار بإذن الله.
- ربما نجد ما يزيد الطين بله، عندما نجد أن الرئيس مصر الشقيقة مبارك، يهنئ الاحتلال الصهيوني بذكرى التأسيس وكأنه يبارك طرد الفلسطينيين؟
- حقيقة عندما تجد الأمة مثل هكذا قيادات نقول أن واقعها في هذه الحالة هو واقع الانتحار، واقع الذوبان، واقع إغراء الشعوب والأمم الأخرى لأن تتآمر عليها، أن تحاول أن تأخذ منها ما تستطيع،
- وهذا يذكرني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ذكر "تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أومن قلة يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنكم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل" فهذه الغثائية التي يمثلها قادة العرب وملوكهم في هذه الأيام هي التي تجعل الأمة تفقد قدرتها وتفقد طريقها ويتهافت ملوكها وزعماؤها للتقرب من أعداءهم، وهذا أيضاً يذكرنا بمراحل معينة في التاريخ الإسلامي عندما كان أمراء وملوك الطوائف يقفون مع الاحتلال الصليبي ضد إخوانهم، هذا أمر كان يمثل عاراً على الأمة العربية والإسلامية آنذاك ولا يمثل هذا العار حتى هذه اللحظة.
- بما أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" تقود المجلس التشريعي الفلسطيني في الوقت الحالي، ما الذي قدمته للاجئين وقضيتهم؟
- حركة المقاومة الإسلامية "حماس" نشأت في مرحلة متأخرة من القضية، هي نشأت في عام 1987 م أي بعد حوالي 40 سنة من المأساة والنكبة الفلسطينية، وهذا يطرح تساؤلاً: ماذا فعلت حركة الإخوان المسلمين والتي تمثل الجذور الفكرية والسياسية لحركة حماس؟، وهذا الشيء طبعاً يعطينا مؤشر على أنه هناك أعمال كبيرة قدمتها حركة الإخوان للشعب الفلسطيني وللمهاجرين على وجه الخصوص، وأول هذه الأعمال أن أعادتهم إلى رشدهم بعد أن تناوشتهم الأفكار اليسارية والأفكار الاشتراكية والأفكار الشيوعية، وأصبح هناك شقوق قوية وعميقة في انتمائهم الفلسطيني، لأنه أصبح هناك انتماءات متعددة، بعضهم أصبح ينتمي إلى الغربي وإلى الشرقي، كل منهم أصبح ينتمي إلى المبدأ الذي اعتنقه، ولكن عندما جاءت حركة الإخوان المسلمين أعادت الدين إلى قبول الناس وإلى عقول الناس من خلال ما قدمته من أفكار ونشاطات وأعمال ذات طابع اجتماعي، ومن خلال الأعمال الدعوية، وبالتالي أُعيد الشعب الفلسطيني إلى الطريق الصحيح وإلى الواقع الصحيح في المستوى السياسي والمستوى الاجتماعي والمستوى الوطني، وهذا حقيقة شيء جيد وجميل، أن يكتشف الشعب نفسه مرة أخرى وأن يتعرف على هويته هذا أمر ما كان يمكن أن يتم لولا حركة الإخوان المسلمين.
- ثم عندما جاءت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بدأ الدور السياسي لحركة الإخوان المسلمين من خلال حركة حماس التي قامت باستكمال ما قامت به حركة الإخوان المسلمين، وبالتالي أيضاً بدأ يكون لها جناح مسلح يعمل على أرض الواقع وبقوة يقاتل الإسرائيليين ويضع طريقاً جديداً، هذا الطريق له أساليبه وله أدواته وله عقيدته وله تصوره التي تختلف اختلافاً كبيراً على ما كان موجوداً في الساحة الفلسطينية، وأيضاً عندما نمزج ما قامت به حركة الإخوان وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" من نشاطات اجتماعية ونشاطات دعوية ونشاطات عسكرية وتضحيات كبرى نقول بأن الشعب الفلسطيني كافأ حركة حماس بأنه انتخبها كي تقوده، كي تشكل حكومته، وبالتالي هناك الآن حالة تكامل ما بين الشعب الفلسطيني وما بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وما بين الحركات الإسلامية ككل، وهناك اعتناق وتآزر أيضاً.
- طبعاً الشعب الفلسطيني يتفهم وبقوة ما تمر به الحركة وما يمر به الشعب الفلسطيني الآن بشكل كبير، فنتيجة للحصار المفروض والذي لم يأتي نتيجة لرغبة حماس ، لكنه فرض على حماس وفرض على الشعب الفلسطيني، وحماس بذلت كل ما بوسعها لتخفيف الحصار والالتفاف على السياسات التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية، وخصوم الشعب الفلسطيني سواء كانوا من الداخل أو من الخارج، وهي بالتأكيد تقدم الآن ما قدمت قديماً وسيبقى بإذن الله مسلسل التقديم والعطاء في المستقبل.
- في ظل إغماض العالم العربي والإسلامي عيونه عن ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني، ماذا يقول الدكتور عدوان للدول العربية والإسلامية؟ وإلى ماذا يدعوهم؟
أتذكر أبيات شعر التي تعبر في هذا المجال.. يقول الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
- يجب علينا أن نعرف الواقع السليم الذي نعيش فيه، لو كانت الأنظمة العربية قادرة على أن يكون لها تأثير سياسي حقيقي وواقعي في الساحة السياسية العالمية، لربما استطاعت أن تخفف أو أن ترفع الحصار المفروض علينا، ولربما تغيرت أحوالنا إلى واقع أفضل من الواقع الذي نعيش، خاصة ونحن نقاتل عدو هذه الأمة وأبرزنا فعالية عالية، ولكن ونحن نقاتل عدوهم ونحن نبذل من دمائنا ومن أرواحنا ومن أموالنا الكثير، وهم يغفلون عنا ولا يقفون معنا ولا يمدون لنا يداً، في هذه الحالة لو فعلوا أي شيء من هذا القبيل لن يكون شيئاً كبيراً ولن يكون شيئاً مستبعداً عنهم، لأنه من يفرط في شعب ويتركه نهباً لأعدائه يمكن أن يصنع أي شيء، هو امتداد طبيعي لمواقفهم السياسية في الماضي والحاضر.
- كلمة النائب عدوان للاجئين الفلسطينيين في الشتات والعالم العربي والإسلامي؟
- ما أقوله للإخوة اللاجئين في الشتات وفي الداخل، أنه كلما زادت السنون كلما اقترب وعد الله سبحانه وتعالى، لأن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه العزيز (وقضينا إلى بني الكيان الصهيونيفي الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين) وهذه المرات مرات محددة زمناً ومحددة نقاطاً ومحددة في شتى الاتجاهات، ثم يقول (فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة) إذاً نحن أمام وعد من وعود الله، هو الآن في طريقه إلى التحقق، فمزيداً من الصبر والثبات على ما أنتم عليه ومزيداً من التمسك بحبل الله سبحانه وتعالى وستجدون أنه كلما زاد تمسكنا بحبل الله وصبرنا كلما اقتربنا أكثر من بيوتنا من حيفا ويافا والقدس وتل الربيع وعكا وغيرها.
المصدر:فلسطين الأن