مظاهرة الشرفات.. تودع قوات الإرهاب
مظاهرة الشرفات ... تودع قوات الإرهاب
المتطلعون للحرية هدفهم واحد، ولكن تختلف رؤيتهم إلى الطريق الذي يسلكونه إليها، وهم إذ يحاولون تعبيد الطرق والتي عادةً ما تكون مليئةً بالعقبات والمتاريس، فإنهم يبدعون ويتفننون ويبتكرون، كلٌّ حسب شكل الصعاب التي يواجهونها وحجمها ونوعها ولونها ودرجة قتامتها، وأحيانًا تكون تلك المتاريس إحدى إلهامات دعاة الحرية في ابتكار وسائل وسبل جديدة، لنشر الفكرة، وحشد الجهود، وتبصير الناس بحلاوة ما ينتظرونه من نتائج قد يحصدونها هم قريبًا، أو تحصدها الأجيال القادمة التي من حقها على أسلافها أن يصنعوا لها مستقبلاً حرًّا!!
كانت تجربة أسرة الدكتور عصام العريان في مواجهة جحافل قوات الأمن، التي زحفت بقدها وقديدها بما يزيد على عشر عربات أمن مركزي معبأةً بالمئات من جنود الأمن المركزي وضباط أمن الدولة الذين اصطحبوا معهم كل وسائل الإرهاب التي من شأنها أن تُلقي الرعب ليس في نفوس أهل البيت فقط، وإنما إرهاب كل أهالي المنطقة التي يعيش بها الدكتور الذي يتمتع بسمعة طيبة ليس من أهل العمرانية (إحدى أحياء محافظة الجيزة) العريقة فقط بل بين أهل مصر الذين اختاروه لينوب عنهم في مجلس الشعب!!
تقول السيدة فاطمة فضل (حرم الدكتور عصام): عندما جاءوا في صباح يوم الجمعة تعمَّدوا إرهاب الناس في الشارع واستخدموا مكبرات للصوت، وحذَّروا الناسَ من الخروج من بيوتهم، وهددوا الناس بإطلاق النار؛ لأنهم جاءوا لاقتحام بيت (إرهابيين)، وحاول الكثير من الجيران اختلاس الرؤية والسمع من خلف الأبواب والشُّرُف، وإذا بهم يشاهدون منظر اقتحامهم لشقق العمارة المكونة من ثمانية طوابق، ولم يحاولوا طرق الأبواب، وإنما قاموا بكسرها مقتحمين البيوت، طالبين من أهلها الانبطاح أرضًا وإلا سيكون الضرب في المليان، وقاموا بإلقاء الشباب على الأرض ووجوههم إلى الأرض، محاولين تكبيل أيديهم من الخلف.
وتضيف السيدة فاطمة : وقفنا نحن النساء في حيرة من أمرنا، وسألنا أنفسنا في عجالة.. ماذا عسانا أن نفعل حتى يفهم الناس الحقيقة، وهم الذين يعرفوننا جيدًا، ونتمتع بينهم بسمعة جيدة، ولا يخفى على أحد منهم مَن هو الدكتور عصام العريان؟!
وتتابع السيدة فاطمة حديثها: لم نسكت، بل أخذنا بزمام المبادرة بالدعاء عليهم بصوت عال، وبثبات وجرأة؛ لأننا نُدرك أننا أصحابُ حق، وأننا أناسٌ شرفاء، لم نكن يومًا نمارس العنف، وبينما نحن على هذا الحال وبعد أن فرغوا من كسر جميع الشقق بالطوابق الثمانية وتفتيش وترويع كل مَن فيها، اصطحبوا زوجي وضيوفه معهم بعد أن جهَّزت حقيبته بناءً على طلبه؛ حيث طلب مني إحضار ملابس بيضاء ومستلزمات أخرى.
وبينما كانوا يصطحبون زوجي ورفاقه إلى عرباتهم السوداء، وقفنا جميعًا أنا وأبنائي وجميع ساكني العمارة في طوابقها الثمانية كلٌّ في شرفته، وامتلأت بنا الشرفات، وأخذنا نصيح بالتكبيرات والدعاء، وملأنا آذانهم بالتنديد والشجب لكل صور الظلم، والدعاء عليهم لإرهابهم للأطفال والكبار والنساء وترويعهم لأهل الحي، معلنين أمام الناس أنهم يقتادون زوجي إلى سجونهم بتهمة النية للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية في انتخابات الرئاسة القادمة، ورفعنا أصواتنا في رسالة إلى أهل الحي، مرددين جميعًا أننا أصحاب حق، وأننا شرفاء، ولا نستحق أن يعاقبنا النظام بتهمة "الشرف مع سبق الإصرار والترصد".
وتوضح السيدة زوج الدكتور العريان كيف كان تأثير مظاهرات الشرفات ذات تأثير على الجيران، فقالت: أوصلت تظاهرات الثماني طوابق رسالةً توضيحيةً إلى جيراننا بالشارع الذين عمدت قوات أمن الدولة إرهابَهم بالسلاح والتهديد من خلال مكبرات الصوت، مستغلين في ذلك حوادث التفجيرات الأخيرة التي حدثت في وسط القاهرة مؤخرًا، واختفى الناس في بيوتهم لمجرد سماع التهديدات، لكنهم عندما رأوا أن البيت المقصود هو بيت الدكتور عصام أدركوا حقيقة الموقف وفهموا أبعاده، وتأكد الجميع أنها فرقعةٌ أمنية، وبدأوا يخرجون أو يقتربون من النوافذ والشرف لمراقبة جحافل الأمن وأيضًا متابعة مظاهرات الشرفات.
وتختتم زوجة الدكتور عصام كلامها مؤكدةً أن تلك المظاهرة أثرت ليس في الجيران وحدهم، بل في جنود الشرطة الذين كانوا في الموكب الإرهابي المسمَّى "الأمن"، وفهم الناس القضية، وبعدما انتهت الجلبة، وانطلقت عربات الأمن وبها زوجي وضيوفه إلى السجن بعدها جاءنا الجيران وأخبرونا أنهم كانوا متوقِّعين اعتقال الدكتور بعد ظهوره في قناة (الجزيرة) وحديثه عن الدستور والإصلاحات والانتخابات والمظاهرات، وقالوا لقد صدق توقعنا.
المصدر : إخوان أون لاين