مصر... معارضة مراهقة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
مصر... معارضة مراهقة


أ. وائل نجم - رئيس المكتب الإعلامي للجماعة في لبنان

أ. وائل نجم - رئيس المكتب الإعلامي للجماعة في لبنان

الأيام الأخيرة التي مرّت على مصر كادت تنزلق بالبلاد إلى مهاوي المجهول والفوضى، وكادت تقضي على بنيان الدولة، وهو ما حذّر منه وزير الدفاع المصري اللواء عبد الفتاح السيسي بعد المواجهات التي جرت بين مجموعات من "المتظاهرين" الذين كانوا يحملون البنادق والأسلحة الحربية، واستخدموا الخرطوش في مواجهة الشرطة ورجال الأمن.

وعمدوا إلى إحراق مقرات رسمية تابعة للدولة، أو أخرى تابعة لأحزاب مصرية، وقد بلغ عدد الضحايا في هذه المواجهات قرابة 50 شخصاً معظمهم أصيب بطلقات خرطوش من الخلف أو من الجنب كما أكدت تقارير الأطباء الشرعية، وهو ما يعني أن الضحايا لم يقتلوا في المواجهات مع الشرطة، إنما بواسطة أولئك الذين أطلقوا الخرطوش والنار من أجل إيقاع الضحايا وإشعال الفتنة.

لقد رفعت المعارضة المصرية المتمثلة بما يسمى "جبهة الإنقاذ الوطني" شعاراً كبيراً وسقفاً عالياً وصل إلى حدود الحديث والتلويح بإسقاط الرئيس محمد مرسي، وهو ما جعلها ترفض الحوار الذي دعا إليه الرئيس مرسي بعد أحداث بورسعيد والسويس والإسماعيلية، وفضلت المضي في محاولتها ضرب بنيان الدولة.

وإسقاط الرئيس، إلا أن الحزم الذي أبداه الجيش في تعامله وتحذيره، وتماسك مؤسسة الرئاسة ومؤسسات الدولة والشرطة خلف الرئاسة، وتذمر الشعب المصري من هذه التصرفات، وفشل مخطط المعارضة في إشعال الفتنة وتعميم الفوضى في الشارع المصري ، جعل هذه المعارضة تعيد حساباتها وتقبل بعيد ساعات من رفضها دعوة الرئيس مرسي للحوار تقبل من جديد الحوار، بل خرج أحد أقطاب المعارضة محمد البرادعي للمطالبة بالحوار ونبذ العنف واستخدام السلاح، وكذلك فعل عمرو موسى، كما وأن المعارضة المصرية.

وفي طليعتها "جبهة الانقاذ" لبّت بصورة مفاجئة دعوة الأزهر الشريف للحوار وحضرت بكل رموزها إلى دار الأزهر وشاركت بالحوار، ووقعت على وثيقة الأزهر لنبذ العنف واعتماد الحوار سبيلاً لحل المشاكل والأزمات، وقد رحبت الرئاسة المصرية بدعوة الأزهر ووثيقته وأبدت استعدادها للتعاون مع الوثيقة وترحيبها بكل حراك سلمي تحت اي عنوان.

إلا أن المفارقة العجيبة أن المعارضة المصرية وقبل أن يجف حبر الوثيقة الموقعة في الأزهر دعت إلى تظاهرات جديدة في ميدان التحرير وميادين أخرى، وهي لم تنته بعد من الخروج من حالة الفوضى والعنف التي حاول البعض تعميمها وتحويل مصر من خلالها إلى ساحة مفتوحة على كل الاحتمالات.

وبذلك وفّرت المعارضة من جديد ومن خلال دعوتها وموقفها غطاءً جديداً للبلطجية والمخربين ومروجي العنف والفوضى، هذا إذا أحسنا النية وقلنا إن المعارضة لا تريد تعميم الفوضى والعنف.

لقد شاهدنا كيف استغلت بعض "الجماهير" وربما المندسة بين المتظاهرين دعوة المعارضة للتظاهر بعد صلاة الجمعة، وكيف تحول التظاهر أمام قصر الاتحادية إلى مواجهات جديدة استخدمت فيها القنابل الحارقة والأسهم النارية في محاولة لإحراق قصر الاتحادية والانقلاب على النظام والدولة واستكمال مشروع إسقاط الرئيس.

أمام المشهد المخيف الذي شاهدناه أمام قصر الاتحادية مساء الجمعة بات السؤال مشروعاً لكل مصري عربي مهتم ومتابع لما يجري في مصر، هل أن المعارضة أو بعض رموزها ومكوناتها منخرط في مشروع الانقلاب على الشرعية وعلى النظام، وتوقيعها على وثيقة الأزهر ليس سوى ذر للرماد في العيون، ومحاولة للتخفي خلف تلك العناصر المشبوهة التي سميت "بلاك بلوك"، او أن هذه المعارضة من السذاجة التي لم تدرك معها أن مصر فعلاً أمام خطر الانهيار وأمام خطر الانزلاق إلى الفوضى واستخدام العنف، وبالتالي فإنها تعاملت بعبث مع المشهد بعيداً عن أية مسؤولية وطنية أو غير وطنية، وكان همها الوحيد إسقاط تجربة الرئيس محمد مرسي حتى لو كان ذلك على حساب الدولة والنظام العام فيها.

إن المعارضة المصرية من خلال توفير الغطاء لكل مروجي العنف والفوضى عبر الدعوة من جديد للتظاهر من أجل تحقيق مطالب هي في صلب الحوار الوطني الذي حضرته وناقشت بنوده ووقعت على وثيقته، وبعد ساعات معدودة على الهدوء الذي ساد الشارع المصري في أعقاب اعمال العنف والتخريب، إن ذلك يدل بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه المعارضة إما أنها تريد تخريب البلد وجره إلى الفوضى والعنف وتدمير البلاد، وإما أنها متواطئة مع قوى النظام السابق التي تريد إسقاط الثورة.

وفي اضعف الاحتمالات واقل التقديرات يمكن القول إنها معارضة مراهقة، وأن قياداتها من حمدين صباحي إلى عمرو موسى إلى محمد البرادعي مجموعة مراهقين في السياسة وفي الشأن العام وليس لهم من همّ في مصر سوى الجلوس على كراسي الحكم حتى لو كلّف ذلك إحراق البلد والكرسي معه.

المصدر