مخاض عسير لمرحلة جديدة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
مخاض عسير لمرحلة جديدة


بقلم : خالد معالي

شكل لقاء المصالحة الأخير في القاهرة بداية لمرحلة جديدة، تختلف عن سابقاتها جراء سلسلة أحداث فرضت نفسها على مجمل المشهد الفلسطيني. فقد تعمقت المعرفة وحالة الإدراك المبنية والقائمة على التجربة العميقة لدى قيادات الشعب الفلسطيني؛ بان مواصلة الفرقة والاختلاف، تهدر الطاقات الخلاقة، وتشتت الجهود وتبعثرها، ولا توصل للنتائج والأهداف التي يصبو لها الشعب الفلسطيني.

خرج الشعب الفلسطيني وقياداته بنتائج كثيرة من المرحلة السابقة؛ من بينها بان حالة الضعف والهوان يتطلب الخروج منها طي صفحة الماضي "كطي السجل للكتب"، وأستسقاء العبر الكثيرة والغزيرة منها.

وجود برنامجين مختلفين على الساحة لا يعني بالضرورة التصادم بينهما. تجارب الثورات والدول المحيطة توضح انه يمكن التعايش بين برامج مختلفة وكثيرة عبر تحديد الخطوط المشتركة والعمل من خلالها.

تشكل مكونات الشعب الفلسطيني وشرائحه المختلفة عائلة واحدة، تقع تحت نفس الظروف والمعاناة. في نفس البيت الواحد ترى أطياف العمل الفلسطيني على مختلف أشكالها، مشكلة لوحة نضالية جميلة ومؤثرة؛ في حال عملت تحت سقف برنامج وطني موحد، مقابل معاناتها المتزايدة تحت سقف الاحتلال .

حالة الاختلاف في وجهات النظر، وتعدد الأساليب للخلاص من الاحتلال؛ هي حالة عادية وجدلية أصابت كل الشعوب التي عانت من الاحتلال، وهي ومن طبائع الأمور بل وضرورية وايجابية في حالة عدم التصادم، والعمل معا، بتعزيز قيم التعاون، وفهم الآخر، والبعد عن الإلغاء والتهميش.

الشيطان يكمن في الاحتلال، وهو أصل كل الشرور والبلاء الذي أصاب الفلسطينيين. ولولا وجوده لما هجر وطرد ملايين الفلسطينيين من أراضيهم، ولما حصل الانقسام من أصله، وهو المعني بتفريق الأخوة عن بعضهم البعض، والمصالحة تربكه وتغضبه، ويعمل لإفشالها عبر الضغوط والتهديد والوعيد، لأنها ببساطة تفشل قاعدته الذهبية " فرق تسد".

تصريحات "ليبرمان" وصناع القرار لدى الاحتلال كشفت بشكل جلي إلى أي مدى الاحتلال يحشر أنفه في كل شاردة وواردة في الشأن الفلسطيني؛ كونه محتل لا يريد أن تجري المياه في مجاريها، ولا الرياح كما لا تحب سفنه.

تطبيق بنود المصالحة، وطريق الحرية، وكنس الاحتلال، ومقاومة ضغوطه؛ ليست مفروشة بالورود. أي احتلال يحاول جاهدا أن يطيل عمره بكل الوسائل والطرق الممكنة ولأطول فترة؛ وبالتالي ردة فعل الاحتلال على المصالحة لم تفاجأ لا الشعب الفلسطيني ولا قياداته؛ بحكم الخبرة الطويلة بمكره ودسائسه.

عبر التاريخ لم يحصل لأي محتل أن أعطى ما استولى عليه تكرما وبطيب خاطر، ولم يعطي أية حقوق لأي طرف، دون وجود ما يجبره على ذلك.

مرحلة السكون والتسويف قد ولت، وعلى كل المخلصين والشرفاء التحرك لإفشال مخططات الاحتلال الرامية لإطالة مدى الفرقة والانقسام، والتي كانت تثلج صدره وتحرجنا أمام الأمم والشعوب.

في الوقت الذي ينهش الاحتلال فيه الضفة والقدس، ويواصل حصاره لغزة، ويعد أنفاسنا علينا، ويعري النساء على الحواجز وفي الأسر، ولا يتوقف عن استنزاف كل ما يخص الشعب الفلسطيني؛ لا يعقل أن نبقى بعد كل هذا أن نترصد ونتصيد، ونفتش عن عيوب بعضنا البعض.

من هنا صار لزاما علينا سرعة التحرك، فالزمن يجري سريعا...سريعا... ولا يرحم ولا يلتف لمن عقبوا، ولا يلقي حتى نظرة عطف عليهم؛ بل نظرة شفقة لحالهم، وتخبطهم، وعدم وضوح رؤيتهم وقدرتهم على الانجاز.

عيب كبير وشائن أن نرى الأمم والشعوب والدول تتحرر من الدكتاتورية، وقيود الجهل والتخلف، وتنطلق وتزدهر، وتتحد في اتحادات كبيرة وقوية على نمط الاتحاد الأوروبي، ونحن مع قلة عددنا وزادنا، نتفرق ونتخاصم، وما زلنا نفتش عن عيوب بعضنا، ونتصيد لها، ومكانك سر، ودون أن نحقق أمال وتطلعات شعبنا بالحرية وبناء الدولة.

ما يحدث حولنا من حراك سريع، وتبدل وتداول في الأيام؛ على يبدو انه يؤسس لمرحلة جديدة صار مخاضها العسير "قاب قوسين أو أدنى"، فطوبى لمن أسس بنيانه لها بشكل صلب ومتين، واستعد لها بكل طاقاته وإمكانياته.

المصدر