محمد حلمى المنياوي
مركز الدراسات التاريخية
بقلم/ أشرف عيد العنتبلي
محتويات
أولا : المقدمة
الحاج محمد حلمي المنياوي من أعلام الإخوان المسلمين فى مصر، ومن أعلام الناشرين للكتب العربية .
- ولد فى أوائل العقد الأول من القرن العشرين ، واشتغل بطباعة الكتب والمجلات التي تحمل ثقافةً إسلاميةً وفكرًا إصلاحيًا في نواحي الحياة المختلفة في مكتبته (دار الكتاب العربي ) بشارع فاروق بالقاهرة، واتخذها هدفه ورسالته دون النظر إلى الجوانب المادية ، وقلّ من تجده من الناشرين من يهتمون بالعلم والفكر دون الربح المادي، وقلّ من تجده يتخذ من عمله طريقًا للدعوة إلى الله .
وتجده كثيرًا ما يطبع كتبًا على نفقته هديةً منه لصديق عزيز وتشجيعًا على نشر الفكرة الإسلامية .
ثانيًا : مع الإخوان المسلمين
اشترك الحاج محمد حلمي المنياوي في إصدار مجلة الفكر الجديد" بالتعاون مع سيد قطب في الأربعينات، ولما تناول سيد قطب القصر والحكومة ورجالاتها، سُحبت رخصة المجلة، وأُغلقت بعد صدور اثني عشر عدداً منها.
- يقول عن الحاج محمد حلمي المنياوي والمجلة الدكتور أحمد الشرباصي : أصدرمجلته " الفكر الجديد ", وكانت سراجًا يهدي إلى طريق الحق والصدق , فضاقت بها صدور الجبارين , فحيل بينها وبين الظهور, وبدت له آراء صريحة في الدعوة ووسائلها ، فكسبت من أجلها عداوة الأصدقاء وتحامل الزملاء القدماء , ثم جاهد جهادًا طيبًا في عمله التجاري ومطبعته الكبرى .
التحق بدعوة الإخوان المسلمين فى أوائل الأربعينات ، وتم اختياره عضوًا بالهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين ، وانطلاقًا من حرص الإخوان على تنظيم شئون الحج ، فقد تألفت لجنة دائمة بالمركز العام للنظر في شئون الحج وتنظيم بعثة الإخوان السنوية إلى البلاد الحجازية ، وتولى الحاج محمد حلمي المنياوي أمينًا للصندوق سنة 1946.
وكان لكل حزب سياسي جريدته التي تنطق باسمه,أما جماعة كبرى مثل الإخوان فلم يكن لها جريدة يومية .
ومع الإحساس بالحاجة إلى ذلك فقد أنشأ الإخوان شركتين مساهمتين هما شركة الإخوان للطباعة وشركة الإخوان للصحافة وكان رأسمالهما معًا 70 ألف جنيه مصري.
- وقد كان الحاج محمد حلمي المنياوي هو وسيط شرائها ، ولقد بدأت الجريدة ورئيس تحريرها الأستاذ أحمد السكري ثم تولى رئاسة تحريرها الأستاذ صالح عشماوي.
وقد كان لدار الكتاب العربي للحاج محمد حلمي المنياوي أثر في تطور مطبوعات الإخوان من المستوى البدائي الذي كانت عليه في الثلاثينيات والأربعينيات إلى المستوى الراقي الذى يتناسب مع متطلبات العصر في ذلك الوقت .
ثالثًا : في محن السجن والاعتقال
وشارك الإخوان محن السجن والاعتقال عقب قرار حل الإخوان في 8 من ديسمبر 1948 في معتقل الطور، ويقول عنه الدكتور أحمد الشرباصي في مذكراته عن الاعتقال في أعقاب قرار حل الإخوان في 8 من ديسمبر 1948 تحت عنوان : ( كرام يضامون ) :
هذا صمام الأمان وبلسم الحنان في المعتقل الحاج محمد حلمي المنياوي ،إن هذا الرجل كنز من كنوز الخير والبر, وهو يفيض بما لا يغيض في كل مكان يحل به , وله ماض كريم في نصرة الفكرة الإسلامية والعدالة الإنسانية والقيم الأخلاقية .
- ولقد لاقى في سبيل فكرته ما لاقى.وليس هذا فحسب , بل هناك ناحية الخير المستورة في حياة الحاج حلمي المنياوي , فهناك مشكلات مادية عسيرة حلت , واختفت اليد التي حلتها وراء التواضع أوالتناسي ,ولكن آثار الظواهر دلت على أنها يد هذا الرجل الصالح ، وكم من ضائقين بعيشهم خلف الأسوار اتسع لهم هذا العيش بعد ضيق بكرم هذا الرجل ، وكم وكم.... .
وتجلس إلى الحاج حلمي المنياوي , وأنت تحسبه رجل أعمال وتجارة واقتصاد , فما تكاد تجاذبه الحديث في موضوع علمي أو اجتماعي , حتى يسايرك ويساجلك , ويطلعك على جوانب ثقافته واطلاعه , وصائب رأيه وثاقب فكره , تثير الإعجاب .
إيه أيتها الأسوار ، كم خلفك من مواهب , وكم تصدين عن الفيضان من ينابيع وأنهار , وكم كان جديرًا بهذه المواهب أن تواصل خدمتها في سبيل الله والوطن , بدل أن تسام هذا الهوان ..
وقد ظل الحاج محمد حلمي المنياوي صابرًا محتسبًا في محنة السجن ولم يضعف ، بل كان مواظبًا على الصلوات والذكر والقرآن ، ومن مواقفه الطريفة أنه كان يوقظ إخوانه فى السجن لصلاة الفجر بأسلوب رقيق كطبعه مرددًا :
ثم جعل ينادي في روحانية وصفاء " الصلاة الصلاة , الصلاة خير من النوم " .
وكان دائم الاهتمام بالجميع حتى استحق لقب منبع المواساة والعطف.وقد استمرالحاج محمد حلمي المنياوي معتقلا في الطور حتى عام 1951م .
وفي مكتب الحاج محمد حلمي المنياوي في مؤسسته دار الكتاب العربي كانت تتم مناقشة ما يخص الإخوان من أعمال خاصة في فترة التوتر بين الإخوان وعبد الناصر والخلافات بين الإخوان أنفسهم ، ومن ذلك اللقاء الذي تم بين الأستاذ عمر التلمساني وعبدالرحمن السندي حول النظام الخاص .
- يقول الأستاذ عمر التلمسانى : فالتقيت مع عبد الرحمن السندي في مكان اسمه دار الكتاب العربي لصاحبها المرحوم حلمي المنياوي فسألت عبد الرحمن السندي : هل أخذت رأي من معك قبل أن تقف هذا الموقف من الأستاذ الهضيبي ؟ فكان رده عجيبًا جدًا قال : إننى ماتعودت أن آخذ رأي أحد أبدًا، فتركته وانصرفت .
رابعًا: الحاج محمد حلمي المنياوي من محنة إلى أخرى
لم تكد تنتهي محنة اعتقاله في سجن الطور بالخروج سنة 1951 حتى عاد إليه مرة أخرى في أعقاب تمثيلية المنشية فى 26أكتوبر 1954، وليس ذلك فحسب ، بل انتهت مؤسسته الكبيرة "دار الكتاب العربي" للطباعة والنشر في القاهرة على يد عبد الناصر .
- يقول عنه د. يوسف القرضاوي :أما الحاج حلمي المنياوي فهو أحد ضحايا عبد الناصر؛ فقد كان صاحب "دار الكتاب العربي" للطباعة والنشر في القاهرة ، وهي إحدى الدور الرائدة التي كان لها دورها في نشر الكتب الإسلامية والعربية التي تطورت مبكرا تطورا كبيرا.
وبعد أن فقد الرجل كل شىء اضطر أن يهاجر إلى قطر، وبعد أن كان ذا نعمة يمتلك مؤسسة للطباعة والنشر، وكان ملء السمع والبصر في مصر سنوات طويلة ، فإذا به يعمل موظفًا في مؤسسة "دار العلوم" للطباعة التي يملكها آل عبد الغني.
وهكذا انتقل من محنة السجن إلى محنة فقد المال والغربة ، ومع ذلك لم تلن عزيمته ، بل ظل صابرا مثابرا على دعوته .
- ولما توفى عبد الناصر سنة 1970 أقامت الجالية المصرية في قطر سرادق عزاء لعبد الناصر.
وقد قاطعه الإخوان عامة إلا قليلاً منهم، وكان الدكتور يوسف القرضاوي ممن قاطع هذا العزاء، ولكنه استجاب لحضور العزاء بعد أن ألحّ عيه الحاج محمد حلمي المنياوي والأستاذ عبد الحميد طه ووجهة نظرهم أن ذلك العزاء من شأنه أن يدفع عن الإخوان ما يتعرضون له من أذى فى مصر .
وفى السبعينات عاد الحاج محمد حلمى المنياوى إلى مصر وأعاد مرة أخرى تأسيس دار الكتاب العربى لسابق عهدها منارة لطباعة الكتب فى مصر والوطن العربى .
خامسا : المراجع
- 1- د. أحمد الشرباصى : مذكرات الشرباصى ، نسخة الكترونية على موقع إخوان ويكي .
- 2- مذكرات الدكتور يوسف القرضاوي ، ابن القرية والكتَاب، موقع القرضاوي ج3 ص17.
- 3- جريدة الإخوان المسلمون اليومية العدد 200 سنة الأولى 5صفر 1366هـ/ 29/12/1946ص3.
- 4- جمعة أمين عبد العزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين،دار التوزيع والنشر ،القاهرة ، 1426هـ / 2005 م ، ج5 ص79 .