محمد الكسندر ويب
أ. د. صالح مهدي السامرائي
رئيس المركز الإسلامي في اليابان
E-mail: salihsamarrai3232@gmail.com
مقدمة
إن الكسندر ويب عمل قنصلاً للولايات المتحدة الأمريكية في مانيلا ، الفلبين عام 1891 وأبدى اهتماماً بالدين الإسلامي ، ويبدو أنه من مراسلاته مع المسلمين الهنود إعتنق الإسلام عام 1887 .
وكان ممن إهتم به السلطان عبد الحميد – رحمه الله- وكذلك عملاق النقل البحري في جده المرحوم عبد الله عرب الذي كانت له خطوط بحرية إلى الشرق الأقصى وإلى أمريكا ، ووضع في سجل الشرف في أرشيف النقل البحري في الولايات المتحدة .
لا أعلم كيف تم التنسيق بين عبد الله عرب والسلطان عبد الحميد إلا أن المعلومات التي لدي ، هو أن عبد الله عرب سافر إلى مانيلا وقابل الكسندر ويب واتفقا على إقامة وقف إسلامي في أمريكا .
فاستقال ويب من منصبه وعاد إلى نيويورك ومر في طريقه إلى حيدر آباد الدكن بالهند وألقى محاضرة طويلة عن الإسلام أحتفظ معي بنسخة منها .
قام عبد الله عرب بإنشاء أول وقف للدعوة الإسلامية في الولايات المتحدة لدعم نشاطات محمد الكسندر ويب ، حيث أنشئ له مركز إسلامي في نيويورك من أربعة طوابق ، أحدها مسجد وآخر للنشاط وطابق للسكن وأصدر مجلة (العالم الإسلامي ) وكتيبات أخرى عن الإسلام كما إنه مثل الدين الإسلامي في أول برلمان للأديان في شيكاغو .
ولقد حاولت تتبع ذرية عبد الله عرب في جده فوجدت حفيده عبد العزيز عرب في مكتب لشركتهم المتخصصة في النقل البحري بجانب وزارة الحج القديمة ، كما وجدت إبن حفيدته نهاد عرب صاحب شركة نقل Rentel Cars وأعمال أخرى في حي مشرفة .
عبد العزيز كان فوق الثمانين وقال سمعنا أن جدي بنى مسجداً في نيويورك ، أما نهاد عرب فتحدث مع والدته التي هي حفيدة عبد الله عرب وقال سمعنا أنه ذهب للدعوة الى الفلبين .
تتبعت مصير شركة عبد الله عرب لعلي أجد ملفات عنه وصور .
قيل لي إن أولاده إعترى شركتهم ضعف وحجر عليها ، ووثائقها موجودة في بيت المال بجده .
سألت عن بيت المال فوجدته في مركز البلد ، وحاولت الولوج إليه ولم أستطع ، لأن ذلك يتطلب إجراءات .
وقيل لي أن صديقي المحامي عبد الرحمن نصيف ممكن يساعد .
وهنا توقف بحثي .
كلمت العلامة محمد علي مغربي – رحمه الله - الذي كتب عدة أجزاء عن أعيان الحجاز فقال لا نعرف عن هذا الشخص شيئاً.
عبد الله عرب عملاق في الدعوة يستحق أن تلقى الأضواء عليه ، وعلى أساتذة جامعة الملك عبد العزيز وأقسامها وطلبتها كتابة الرسائل العلمية ماجستير ودكتوراه عن عبد الله عرب .
إن الأستاذ الدكتور الأمريكي عمر عبد الله الذي كان أستاذا بجامعة الملك عبد العزيز وهو الآن في الولايات المتحدة الأمريكية ألف كتاباً موسوعياً عن محمد الكسندر ويب (A Muslim in Victorian America The Life of Alexander Russell Webb) ، وأحرى بالعرب أن يكتبوا عن دعاتهم ومفكريهم ، فهل يستجيب أحد لذلك .
- ومن جملة ما كتب ، رسالة عنوانها ( الإسلام في أمريكا ) طبعت عام 1893 شرح فيها كيفية دخوله الإسلام ، كما شرح مبادئ الإسلام ، وفي الفصل الأخير أسهب في شرح الوقف الإسلامي للدعوة الإسلامية وهذا ما كتبه في هذه الفصل الذي عنوانه :
مقالة محمد الكسندر ويب
( إقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم ، علم الإنسان مالم يعلم ، كلا إن الإنسان ليطغى ، أن رآه استغنى)
لقد نشرت أقاويل باطلة بشأن خطط المسلمين في الشرق للتعريف بالنظام الإسلامي في أمريكا ، مما يستوجب علينا أن نضع النقاط على الحروف ونذكر بالتفصيل ما أوجزناه من قبل .
إن وقف الدعوة الإسلامية في أمريكا هو مشروع تعليمي تربوي خالص رغم أن الدعاة المحمديين (المسلمين) سيأتون ويقومون بالدعوة في مختلف أنحاء البلاد عندما يتطلب الأمر ذلك .
إلا أننا في الوقت الحاضر سنركز جهودنا على تعريف الجماهير الواعية بشخصية محمد والتعاليم التي جاء بها ، والرد على الأكاذيب المفبركة والأغلاط التي وضعها ونشرها الكتاب المتعصبون ضد الإسلام لقرون عديدة .
إنه لا يوجد شخص مثلي ممن يدركون جيداً حجم هذه الهجمة ، إلا أنني على ثقة تامة بذكاء وعدالة الشعب الأمريكي وبرغبتهم الصادقة بإعطاء أذن صاغية ونزيهة لأي فكرة تقدم لهم بصورة مناسبة .
إن أول خطوة في هذا الاتجاه هو إصدار مجلة أسبوعية توضح التعاليم الإسلامية وقوانين الشريعة ، ومناقشة المسائل ذات العلاقة ، كما تقوم بتسجيل الأخبار التي تهم المسلمين في بقاع الأرض .
إننا نأمل أن تكون هذه المجلة وسيلة لإقامة وتشجيع الحوار بين العالم المحمدي (الإسلامي) وغالبية الجماهير الواعية في بلدنا .
إنها ستضم مقالات بأقلام أكبر علماء الهند ومصر وتركيا ، وترجمات لكتب ومقالات من العربية والفارسية والأردية والكوجراتية والتي لم يسبق لها أن ترجمت للإنجليزية .
وستؤدي هذه الأعمال إلى إثارة الاهتمام في دراسة الإنتاج الثقافي العربي والفارسي ، وعمل أبحاث تجعل العالم الغربي على معرفة اكبر بالتاريخ المحمدي والقوانين الإسلامية ولا يستطيع الحصول عليها بالوسائل الأخرى .
وبالإضافة إلى المجلة المذكورة فسوف تفتح للجمهور قاعة للمحاضرات ومكتبة يتمكن بها من يشاء من الإطلاع على الكتب الإسلامية والتخاطب مع علماء متمكنين من المتوقع وصولهم إلى نيويورك في شهر أغسطس (آب) أو سبتمبر (أيلول) ، كما سيتم إقامة دار نشر تطبع الكتب والنشرات الإسلامية .
إن هذه التحركات تمت دراستها بعناية في بلاد المشرق وهي نتيجة لدراسات ناضجة ،وإن كل الظواهر تشير إلى إنحلال المسيحية الكنسية وانسلاخ الكثير من المثقفين والتقدميين من النظام الكنسي في أغلب المدن الأمريكية الكبرى ، وهذا مما يشجعنا على الاعتقاد بأنه قد حان الوقت لتمدد العقيدة الصحيحة من العالم الشرقي إلى العالم الغربي .
إن إعتناق الدين العالمي يبدو أنه مسألة وقت قصير .
منذ خمس سنوات مضت بدأ هذا الدين مسيرته الحثيثة في إنجلترا ، حيث اتبعه عدد قليل من الإنجليز في ليفربول ، ويوجد هناك مسجد ، ملحقة به مدرسة إسلامية وسكن داخلي ، وإن أعداد المسلمين الإنجليز في تزايد مستمر ، ويبدو أنه لا يوجد أي دليل معقول للشك في ان تقدم هذا الدين في أمريكا سيكون أسرع مما هو في بريطانيا.(1)
إن الرجل الذي وراء الدعوة الإسلامية في أمريكا ومحركها والمهتم بها منذ بدايتها هو الحاج عبد الله عرب من أهالي المدينة المنورة (2) في جزيرة العرب الذي توجد له مصالح تجارية في جده وبومبي وكلكتا وسنغافوره ، وهو ذو إخلاص قوي لدينه .
إنه أعلى وانبل مثل للرجولة الصادقه في حياتي ، وإنه مثل رائع لحقيقة أنه في إمكان الرجل أن يكون غنياً ورجل أعمال ناجح وفي نفس الوقت يكون في صفاء أفكاره كالطفل ، ويكون بإخلاصه في عبادة الإله الواحد الأحد كأقصى ما يتصوره الإنسان .
في أغسطس (آب) 1891 كنت أراسل السيد بدر الدين عبد الله غر ، عضو المجلس البلدي في بومبي وعالم على مستوى نادر ، وجرت هذه المراسلة من اجل تبادل المعلومات ، وبدأت بواسطته أراسل الحاج عبد الله عرب الذي زارني في مانيلا في مارس (آذار) عام 1892 وسكن في منزلي ، حيث كنا نناقش تفاصيل وقف الدعوة الإسلامية في أمريكا .
وهنا قرر عبد الله عرب أن يوقف ثلث ثروته لهذا الوقف ، وكان على ثقة بأن هناك آخرين سوف يشاركون بسخاء لهذا المشروع .
ولم يكن الرجل مخطئاً ، ففي ديسمبر (كانون الأول) الماضي تشكلت لجنة في بومبي أنتخب السيد بدر الدين عبد الله غر سكرتيراً لها ، وتعهدت اللجنة أن تقوم بنشر العقيدة الإسلامية وتوفير المبالغ اللازمة لتحقيق هذا الهدف .
- الرئيس :
- الشيخ جان محمد يوسف المحترم
- نواب الرئيس :
- خان بهادر قاضي شهاب الدين
- و فضل بهاي وحاج يوسف محمد سليمان
- مجلس أمناء الوقف :
- الحاج جان محمد يوسف
- فضل بهاي
- حاج يوسف محمد سليمان
- الحاج هاشم عبد الله صاحب نوراني
- أمين الصندوق :
- حاج هاشم نوراني
- السكرتارية"
- بهاء الدين عبد الله غر
- ومحمد علي دهر ماسي
- أعضاء الوقف :
- 1- موسى بهاي تاريا توبان
- 2- الحاج عبد الرحمن قدوائي
- 3- الحاج سليمان الياس
- 4- حاج آدم صديقي
- 5- دانيال بهاي
- 6- موسى بهاي سليمان عبد الواحد
- 7- رحمة الله داود باي قضا
- 8- حاج عمر جميل
- 9- مولوي عبد القادر باي قضا
- 10- كريم بهاي إبراهيم
- 11- حاج عبد الله عرب
- 12- حاج يوسف حاج عبد الستار
وقد شكلت لجان فرعية في كل مدينة مهمة في الهند وبرما وتم وضع مخطط كامل للجان متشابهة في كل من مصر وتركيا وجزيرة العرب .
لقد ذكرنا هذه الحقائق والتفاصيل ليعلم القراء بأن وقف الدعوة الإسلامية في أمريكا ليس مشروعاً عابراً ومؤقتاً وقابلاً للزوال خلال سنة أو سنتين ، بل إنه أنشئ على أساس دائم ومدعوم من قبل رجال أتقياء مخلصين لا لأنهم صادقين في اعتقادهم ، بل لأن الإسلام هو الدين الحق فحسب ، بل إنهم كذلك عندهم الرغبة والإمكانيات لأن يساهموا بأموالهم بكل سخاء من أجل نقل نور الحقيقة إلى العالم الغربي .
إن هدفهم هو ألا يكونوا متصفين بالعنف في دعوتهم بل دعاة معتدلين ، وأن يمدوا ذراع الحنان لتطويق رقاب كل الذين عندهم رغبة في الإحساس بهذا الحنان وكل الذين ينظرون بعين الاهتمام والعدل نحو المبادئ التي أوحيت للنبي العربي .
تعليقات د. صالح السامرائي
- (1) يشير محمد ويب هنا إلى أول مسلم إنجليزي هو عبد الله غليام الذي أنشأ أول مسجد في بريطانيا بمدينة ليفربول قبل مائة وعشرين سنة وأسلم علي يديه كبار الإنجليز من أعضاء برلمان وأساتذة جامعات وعمدة مدن (صالح السامرائي 2013/5/1)
- (2) عبد الله عرب من أهالي جده وليس من المدينة المنورة ( صالح السامرائي ) .
موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)
