متى تفارق حلمة ثدي الدولة فم الحزب الوطني ؟
بقلم : طارق السقا
فضيحة(حشمت –ألفقي ) أساءت إلي النظام المصري إساءة بالغة، وأحرجته حرجا تاريخيا. هذه الفضيحة ستظل مسجلة باسم هذا النظام لسنوات طوال. فالتاريخ لم ينس. (فضيحة احمد سعيد –صوت العرب 1967م )، ولم ينس ( فضيحة 99.9999علي يد النبوي في عهد السادات).ولن ينس فضائح دمنهور و الدقي، و مدينة نصر وغيرها من المهازل التي ارتكبت في الانتخابات البرلمانية الحالية. تلك التجاوزات التي تؤكد أن الحزب الحاكم في مصر مازال يعيش في مرحلة المراهقة السياسية بالرغم من مرور ما يقرب من ربع قرن علي إنشائه.
وما يدفع المراقب للحالة المصرية أن يجزم بان الحزب الوطني الحاكم مازال يعيش في مرحلة المراهقة السياسية عدة أمور منها :-
أولا:إصرار الحزب علي الاستئثار بالحياة السياسة المصرية كاملة دون السماح لبقية قوى المجتمع على اختلاف ميولها واتجاهاتها للمشاركة في صياغة مستقبل الأمة. وكأن أرحام النساء في بر مصر لم تنجب غير هؤلاء المنتمين إلى الحزب الحاكم.
ثانيا :- عدم استفادة الحزب من وجود ما يقرب من21حزبا سياسيا رسميا في الدولة. وانتهاج سياسة تهدف إلي خنق كل هذه القوى. حتى أصبحت كل هذه الأحزاب أحزاب ورقية. بل أحزاب كاريكاتورية دون السماح لها بالانطلاق في المجتمع تبني وتعمر، تبدع وتغير، تحاور وتناقش من اجل الصالح العام.
ثالثا : - إصرار الحزب الحاكم على الاعتماد على حلمة ثدي ألدوله اعتمادا كليا طيلة ما يقرب من ربع قرن. بالرغم من نضوج الحزب وبلوغه سن الرشد. وبالرغم من أن الحزب كبر ونضج وأصبحت له شوارب ومع ذلك لم تفارق فمه حلمة ثدي الدولة حتى الآن. ومازال يعتمد على مؤسسات الدولة، ومقدرات الدولة، وإعلام الدولة، ورجال الدولة، وكوادر الدولة، وميزانية الدولة مما جعله أشبه بالكائن الممسوخ.
رابعا :- عدم الاهتمام بصناعة وتنشئة الكوادر الحزبية المقبولة جماهيريا. والتي تسعى إلى الالتحام بالجماهير والنزول إلي الشارع والتعرف على مشاكل الجماهير وقيادتهم إلي الوصول إلى حلول شعبية لمشاكل المجتمع . والإصرار علي الاعتماد على أصحاب الياقات الزرقاء التي تثير حساسية واشمئزاز رجل الشارع البسيط.
خامسا :- إصرار الحزب على اللجوء إلي القيادات المنبوذة جماهيريا. دون مراعاة مشاعر وعقلية المواطن المصري. والاستخفاف به متناسية قدرة الجماهير على التفرقة بين الغث والثمين حتى وان كانت صامتة.
سادسا :- عدم احترام الحزب لقوة الشارع وميوله واتجاهاته والتعامل مع ذلك بسطحية واستخفاف. وهذا ليس من الحنكة ولا من السياسة. فالسياسة كما عرفها محمد نجيب – أول رئيس للدولة المصرية – هي أن تسير وراء الجماهير لا أن تسير الجماهير وراءك.
سابعا :- لجوء الحزب إلى العديد من صور المعالجات الأمنية لثني المعارضين عن مواقفهم.واستعداء كل من يخالف الحزب فكريا أو عقائديا. والاعتماد في ذلك على الأمن العام، وامن الدولة، وامن الجامعة،وأمن المدرسة، وامن الشركة، وامن الحارة.......الخ. مما خلق حالة عداء مدببة بين الحزب والقواد الجماهيرية في كل مكان. ثامنا :- إصرار الحزب على اللجوء لحيلة تزويرا رادة الأمة طيلة تاريخه مما ولد حالة من السلبية عند قطاعات عريضة في المجتمع المصري. وهذه تعتبر واحدة من اكبر خطايا الحزب طيلة تاريخه . والتي يجب على قياداته أن تقدم اعتذارا تاريخيا عن كل محاولات التزوير الصارخة لإرادة الأمة طيلة الربع قرن الماضية
إننا في مصر نطمع أن يتخطى الحزب الوطني مرحلة المراهقة السياسية التي يغط فيها. كما نطمع ان يتخلص من أمارات تلك المرحلة : بان يلفظ ثدي الدولة وان يتخلص من أصحاب الياقات الزرقاء وان يلتحم بالجماهير وان يعرف حجمه بين قوى المجتمع المصري. وان يحترم حجم القوى الوطنية المصرية الأخرى دون استخفاف أو تهوين. وان يعترف بالآخر مهما كانت ميوله واتجاهاته. فمصر دولة عظيمة ويستحق أن يحكمها حزب عظيم.
إن إصلاح الوضع الراهن في مصر خاصة- و كل البلدان العربية والإسلامية عامة - هدف سام نسعى جميعا إليه.من اجل صالح المواطن المسلم الذي هو اغلي واجل ما في هذه البلدان . هذا الإصلاح إن هو بدا من مصر فسيصل خيره وأثره إلى ثائر دول المنطقة العربية والإسلامية.وهذا ما يتمناه كل الغيورين من أبناء هذه الأمة. وكما صرح احد المثقفين العرب مؤخرا بقوله :-\" إن السماء أذا أمطرت في مصر فعلى كل شعوب الدول العربية أن ترفع المظلات\". وهذا يلقي بمزيد من التبعة والمسؤولية على كل القوى السياسية في المجتمع المصري. وبخاصة الحزب الوطني.
المصدر
- مقال:متى تفارق حلمة ثدي الدولة فم الحزب الوطني ؟موقع:الشبكة الدعوية