مباراة فصلت بين مباراتين

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
مباراة فصلت بين مباراتين


بقلم: الأستاذ أوّاب إبراهيم

مباراة فصلت بين مباراتين

سيداتي سادتي، أهلاً وسهلاً بكم أينما كنتم لمتابعة هذا الحدث التاريخي، الذي سيجمع فريقين من أعرق فرق كرة القدم اللبنانية.

مشاهدينا الكرام، بانتظار وصول اللاعبين إلى أرض الملعب، سأحاول وضعكم في أجواء المباراة.

بداية لا بدّ من الإشارة إلى أن هذه المباراة التاريخية تقام على أرض صرح رياضي كبير، يطلق عليه البعض اسم المدينة الرياضية، بينما يسميه البعض الآخر مدينة كميل شمعون.

نعم مشاهدينا الأعزاء، الاختلاف وصل إلى أسماء الملاعب الرياضية.

على بعد أمتار قليلة منا تبرز مباني جامعة بيروت العربية، التي شهدت قبل نحو ثلاث سنوات مواجهات مؤسفة بين طلاب مؤيدين لقوى الموالاة وآخرين مناصرين للمعارضة، أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى.

اللافت هو أن زعماء الموالاة والمعارضة هم الذين سنتابعهم بعد قليل في مباراة ودّية.

بالعودة إلى رمزية المكان، وبما أن تنظيم المباراة يتزامن مع ذكرى مرور 35 عاماً على اندلاع الحرب اللبنانية، فلا بدّ من الإشارة إلى مَعلَم مهم شكل أحد أبرز محطات هذه الحرب، وهو يقع على بُعد «رمية حجر» من هنا، قصدت مخيّم شاتيلا الذي ارتكب فيه «لبنانيون» بدعم من الاحتلال الإسرائيلي مجزرة أودت بحياة مئات (أو آلاف) الفلسطينيين واللبنانيين، كذلك نحن على مقربة من..

عذراً مشاهدينا الكرام أينما كنتم، أنا مضطر لقطع حديثي، فلا يمكنني المتابعة وأنا أشاهد أركان الحكومة وممثلي الشعب اللبناني وهم يدخلون إلى الملعب بقمصانهم الحمراء والبيضاء، سياسيون ينتمون إلى مختلف الأحزاب والقوى، جاؤوا من أرجاء الوطن للمشاركة في هذا الحدث الرياضي، لتأكيد أنهم «فريق واحد»، وأنه مهما اختلفت المواقف والآراء فلا بدّ من اللقاء والتكاتف لمصلحة لبنان.. ولمصالحهم السياسية والانتخابية والشخصية.

حضرات السادة المشاهدين، بانتظار التقاط الصور التذكارية، التي ربما لن تتكرر فرصة أخرى إذا ما تغيرت الظروف الإقليمية والدولية، وانتهى التوافق السوري السعودي على التهدئة في لبنان، ها هو رئيس الجمهورية يطل من على منصة الشرف إلى جانب عدد من المسؤولين الذين لم تسمح لهم لياقتهم البدنيّة بالمشاركة في المباراة..

وكما تشاهدون، فإن أعداء الأمس -واليوم والغد- يتعانقون ويتصافحون، وها هو قائد الفريق الأحمر اللاعب سعد الحريري يتقدم إلى وسط الملعب لإلقاء التحية على قائد الفريق الأبيض اللاعب علي عمار، الذي قضى وفريقه السنوات الماضية في كيل اتهامات الفساد والعمالة لتيار الحريري ولفريقه السياسي، في الوقت الذي توجه فيه وزير الشباب والرياضة إلى رئيس الجمهورية لأخذ بركته بالتوقيع على الكرة التي سيلعب بها الفريقان.

أطلق الحكم صافرة البداية، السياسيون يتناقلون الكرة ويتلاعبون بها بتثاقل، فهم اعتادوا التلاعب بعواطف اللبنانيين وشحن نفوسهم، لكن التلاعب بالكرة مسألة أخرى.. نواب يتبعون كتلة النائب ميشال عون «اضطروا» لتمرير الكرة إلى الرئيس سعد الحريري، الذي بادلهم التمريرات، وزير عن حركة أمل قام بعرقلة زميل له في الحركة لقطع هجمة مرتدّة بدأها الأخير، وها هما نائبان في كتلة التغيير والإصلاح يتصارعان على الكرة في أكثر من مكان.

أما نائب حزب الله الحاج علي عمار فلم تسنح له فرصة استغلال اللعبة لعرقلة خصمه في اللعبة وفي السياسة الشيخ سامي الجميل، بل إنه اضطر لتنسيق بعض التمريرات –لا المواقف- مع زميله في الفريق نديم الجميّل، ولتمرير الكرة إلى وزير القوات اللبنانية سليم وردة، فيما اكتفى اللاعب عماد الحوت (الذي كان ينقص سرواله سنتيمترات قليلة حتى يغطي الركبة) بالتواجد في المنطقة القريبة من مرماه.. مرمى فريقه بالطبع، لعدم السماح بتسجيل هدف.

للتذكير أحباءنا المشاهدين، ولمن فاتته المتابعة من البداية، ما زال التعادل مسيطراً على نتيجة المباراة مع أفضلية للفريق الأحمر، ولكن.. تمريرة من سعد الحريري.. تصل إلى قدم سامي الجميّل، الذي يناور، يتخطى لاعباً، اثنين، ثلاثة، ويسدّد... غوووول.

مشاهدينا، بكل أسف أطلق حَكم المباراة صافرة النهاية، وها هم اللاعبون يتعانقون ويتبادلون القبل، ويسارعون بمغادرة ملعب المدينة الرياضية كلّ إلى ملعبه الخاص، تحضيراً لخوض اللعبة السياسية التي يبرعون بها، فيما بقي مخيما صبرا وشاتيلا ومبنى الجامعة العربية شهوداً على المباراة الودّية.. وعلى ما مرّ بالمنطقة من أحداث.

كنت معكم لتغطية هذا الحدث التاريخي، من ملعب المدينة الرياضية، على أمل اللقاء بكم في مناسبات أخرى.. وإلى اللقاء.

المصدر