ما نَسِيَه وزير الأوقاف

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث

ما نَسِيَه وزير الأوقاف

بقلم:أ/ فهمي هويدي

خطأ في إنشاء صورة مصغرة: الملف مفقود
المسجد الأقصى يناديكم

في أكثر من تصريح صحفي، ردد الدكتور حمدي زقزوق وزير الأوقاف دعوة المسلمين إلى زيارة المسجد الأقصى.

وأبدى حماسا شخصيا لذلك، دفعه إلى القول إنه من جانبه لا يمانع في القيام بتلك الزيارة، حتى إن تمت بتأشيرة دخول إسرائيلية.

وحجته في ذلك أن زيارة الأقصى تثبت حق المسلمين فيه، وتمثل دعما لفلسطينيي عام 1948، وتعبيرا عن التضامن معهم.

وهو بهذا الموقف تبنى رأيا مغايرا لما عبر عنه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الذي رفض في تصريح علني زيارة المسجد الأقصى وهو تحت الاحتلال.

كما أنه انحاز إلى رأي يعارضه البابا شنودة الذي لم يسمح للأقباط المصريين بزيارة المدينة المقدسة، بل إنه دون الموقف المعلن لوزير الثقافة فاروق حسني الذي رفض فيه فكرة التطبيع. الأمر الذي يحسب له، وربما غفر له مواقف أخرى حاول فيها استمالة الإسرائيليين، وكسب ودهم، أثناء ترشحه لليونسكو. يستوقفنا كلام الدكتور زقزوق من أكثر من وجه. ذلك أنني لا أشك في أنه يعلم جيدا أن المسجد الأقصى تحت الاحتلال، وأن المسلمين دون الأربعين يمنعون من الصلاة فيه، وأنه لا يجوز شرعا شد الرحال إليه وهو في هذه الحالة، باعتبار أن أي زيارة من قبل العرب أو المسلمين هي نوع من الاعتراف بشرعية الاحتلال، وخطوة على طريق التطبيع مع العدو.

وأغلب الظن أن الدكتور زقزوق يذكر ما فعله المسلمون حين قام القرامطة باحتلال الكعبة ونهبها في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، واعتبر بعضهم أنها تعرضت للاحتلال، فامتنعوا عن أداء فريضة الحج في وجود غاصبيها.

وإذا كان ذلك الامتناع قد وقع مع فريضة هي ركن من أركان الإسلام، فأولى به أن يتكرر في حالة المسجد الأقصى الذي هو دون الكعبة منزلة، وزيارته نافلة مستحبة، وهي لا تعد ركنا أو فريضة.

لا أشك أيضا أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الذي لا يمانع الذهاب إلى المسجد الأقصى بتأشيرة إسرائيلية قد قرأ في الصحف أن "إسرائيل" قطعت شوطا بعيدا في تهويد القدس، كما أنها ضمت بعض المواقع الإسلامية المهمة إلى قائمة الآثار اليهودية، وأن المستوطنين أقدموا على حرق بعض المساجد في حماية الشرطة الإسرائيلية، ومنهم من سعى أكثر من مرة لاقتحام المسجد الأقصى فضلا عن محاولة إحراقه.

وهي ملابسات كان الظن أنها كافية لعدول الوزير عن فكرته، التي يستغرب الإصرار عليها، ومواصلة ترديدها.

لم أفهم كيف أقنع الوزير نفسه بحكاية إثبات حق المسلمين في المسجد الأقصى، ومساندة فلسطينيي 48. ذلك أن أحدا لا يتصور أن زيارته الشخصية أو زيارة أي أعداد أخرى للمسلمين يمكن أن تغير شيئا من حقيقة خضوع المسجد للاحتلال.

وأستغرب كثيرا ألا يكون قد سمع بنداء علماء فلسطينيي 48 الذين اعتبروا أن مثل الزيارات التي دعا إليها الوزير المصري بمثابة مكافأة للإسرائيليين وتطبيع للعلاقات معهم. ومن ثم فهي تثبت الاحتلال وتسلم به، ولا تسحب من رصيده شيئا.

كما أنني أستغرب للغاية أن يغيب عن بال الوزير أن دعوته تمثل استفزازا لمشاعر المسلمين الغيورين على القضية الفلسطينية، والذين يعتبرون مقاطعة العدو وعدم الاعتراف بشرعية احتلاله هي الحد الأدنى الذي ينبغي أن تلتزم به جموع المتدينين، فضلا عن الوطنيين في العالم العربي والإسلامي.

أدري أن بعض المسؤولين في السلطة الفلسطينية لهم الموقف ذاته الذي عبر عنه الدكتور زقزوق. وكلنا نعلم أن وزير الأوقاف في حكومة رام الله يروج لهذه الزيارة مع كل من يلتقيه، كما أن هناك من وجه الدعوة للمنتخب المصري لكى يقيم مباراة في كرة القدم مع المنتخب الفلسطيني، تتم تحت الحراسة الإسرائيلية، وبموافقة منها، وهي دعوات إذا أحسنا الظن بها فسنقول إنها من قبيل الاستدراج الذي يشق طريق التطبيع، ولن يستفيد منها إلا سلطة الاحتلال.

كان بوسع الدكتور زقزوق أن يتجنب الضجة التي أحدثتها تصريحاته بوسائل شتى، وإذا لم يجرؤ على اشتراط تحرير المسجد الأقصى قبل زيارته، فَلَيْتَهُ تَرَيَّثَ وقال إن الدعوة الى الزيارة تحتاج الى دراسة كما فعل شيخ الأزهر السابق، ورغم أن الشيخ الحالي رفضها.

وليته أحال الأمر إلى مجمع البحوث الإسلامية الرافض للتطبيع ليتخذ قرارا بشأنها. لكن الوزير لم يشأ أن يفعل شيئا من ذلك، وآثر أن يصدمنا ويستفزنا.

لقد نسي أنه وزير للأوقاف والشؤون الإسلامية، وتذكر فقط أنه وزير في الحكومة المصرية، فكان كمن اشترى دنياه بآخرته!