ماكين والاستيطان والقدس
بقلم : عبدالله محمد القاق
تصريحات تناقض القرارات
تصريحات المرشح الجمهوري للرئاسة الاميركية جون ماكين حول اعتبار مدينة القدس عاصمة أبدية لاسرائيل وتأييده لعملية الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة،تناقض القرارات الدولية في شأن المدينة المقدسة ورؤية الرئيس بوش باقامة دولة فلسطينية،وتعتبر اسهاماً كبيراً في دعم الاحتلال لأعماله وممارساته وانتهاكاته في المدينة المقدسة وقمع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ان هذا الموقف من المرشح الجمهوري للرئاسة الاميركية،لم يكن مفاجئاً للاوساط السياسية العربية،لأن ماكين والسيناتور ليبرمان الذي يرافقه خلال هذه الجولة،معروفان بمواقفهما من اسرائيل ودعمهما المستمر للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وخاصة منظمة «ايباك» الفاعلة في مواقفها لمساندة اسرائيل وسعيها المستمر واللامحدود من أجل توفير احتياجات اسرائيل ومساندتها لمواصلة الاستيطان،ومطالبة المجتمع الدولي بقصف إيران لمفاعلها النووي الذي أكدت كل التقارير وخاصة الصادرة من «السي أي أيه» بأنها «سلمية» ولم تصل الى حد الخطورة،،
هذه التصريحات تُشجع على مواصلة الاستيطان في الاراضي الفلسطينية ولن تساعد في تحقيق السلام الدائم والعادل والذي لن يجلب للمنطقة العربية واوروبا واميركا سوى المزيد من العنف والاسقاطات الاميركية تجاه المنطقة الأمر الذي يشجع اسرائيل على مواصلة اعمالها العدائية ضد العرب،وانتهاكها للمقدسات الاسلامية وخاصة المسجد الأقصى المبارك لا سيما ان اسرائيل تواصل هذا القمع للفلسطينيين دون اي وازع من ضمير... او مطالبة اميركية او دولية لوقف هذه الاعمال البربرية ضد الشعب الفلسطيني الاعزل.
تصريحات تزيد من الغطرسة
مثل هذه التصريحات للمرشح الرئاسي ماكين، تزيد من الغطرسة الاسرائيلية،في نشاطها الاستيطاني،وتواصل خططها لطمس مدينة القدس ومعالمها الاسلامية والعربية،انطلاقاً من سياستها الرامية الى تحقيق حلمها بأن تكون «القدس» عاصمة أبدية لاسرائيل،وهذا ما ترفضه كل الدول العربية والاسلامية..
غير ان كل الدلائل والمؤشرات تؤكد ان اميركا لن تنجح في تحقيق هذا الهدف،باعتباره يخالف كل الشرائع والمواثيق الدولية،لأن السياسة الاميركية تخشى من هبة او انتفاضة عربية واسلامية ضد سياستها خاصة ان الرؤساء الاميركيين السابقين لم يستطيعوا تحقيق هذه الفكرة..
لكن واقعنا العربي المتهاوي،والمتمثل بمثل هذا التمزق،يدفع بهذا المرشح او غيره الى التفكير جدياً في اعتبار المدينة عاصمة أبدية لاسرائيل خاصة اذا ما علمنا ان الامم المتحدة أصبحت أداة طيعة في يد الولايات المتحدة الاميركية.
ولعل هذه التصريحات العدائية للشعب الفلسطيني وللامتين العربية والاسرائيلية تجيء في وقت تستعد فيه اسرائيل للاحتفال بمرور ستين عاما على اقامتها وبعد تصريحات انجيلا ميركل مستشارة المانيا الغربية خلال زيارتها للمدينة المقدسة والتي أبدت خلالها اعتذارها لمسألة الهولوكوست ضد اليهود في المانيا مؤكدة ان اي اعتداء على اسرائيل،هو بمثابة اعتداء على المانيا وتمثلت ايضا في تصريحات الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي يؤكد ان فرنسا،«لن تسمح بأي اعتداء على اسرائيل،لأنها عنصر سلام في المنطقة».
مثل هذه التصريحات الاميركية والاوروبية والتي تتغنى باسرائيل وتشيد بانجازاتها،ستسهم في تغذية الخلافات الفلسطينية - الاسرائيلية وستكون عامل ضغط على العرب والمسلمين للاستجابة الى المطالب الاسرائيلية بدلاً من ان تكون وسيلة لدعم العملية السلمية،خاصة ان المشكلة الفلسطينية تعتبر جوهر الصراع في الشرق الاوسط،وان حلها من شأنه ان يؤمن الأمن والاستقرار في المنطقة..
فهذا التهافت الدولي لدعم اسرائيل مرده الى العجز العربي،وعدم التضامن في هذه المرحلة،الامر الذي ينبغي معه ان يكون هذا الهدف هو عنوان مؤتمر قمة دمشق،لأن هذه القمة يمكن ان تكون ذات اهداف كبيرة،وترسم استراتيجية عربية حقيقية اذا ما خلصت النوايا مين أجل انهاء الخلافات وطي صفحة الماضي وصولا الى تعاون عربي مثمر وبناء.
قمة سوريا
القمة التي اعدت لها سورية بعناية واهتمام بالغين ،تتطلب من الدول العربية المشاركة بها على أعلى المستويات لأنها دورية..
وأن الاوضاع الراهنة في المنطقة لا سيما في الاراضي المحتلة والعراق ولبنان والانتخابات الاميركية المقبلة والتطورات الاقتصادية الراهنة جراء الطلب الاميركي بالعمل على زيادة الانتاج لوضع حد لارتفاع اسعار النفط بصورة قياسية..
كل ذلك يحتاج الى عقد مثل هذا اللقاء العتيد لتكريس الجهود والاهداف الرامية لتوحيد الصفوف وازالة الخلافات بين الفلسطينيين في هذه المرحلة بالذات،لأن استمرار النزاع بين «فتح و حماس» سيزيد من التفرقة بين الفلسطينيين أنفسهم،ويسهم في دعم الوقيعة والشقاق بين رفاق السلاح في هذه المرحلة لا سيما ان المرشح ماكين الجمهوري اعلن لدى وصوله الى «القدس» المحتلة بأنه لن يتفاوض مع حماس قائلا «كيف يمكننا التفاوض مع منظمة قررت القضاء عليك».. وانه اذا نجح فانه سيواصل دعمه للقادة الاسرائيليين للقضاء على حماس وعلى حزب الله.
تصريحات السيناتور عن اريزونا ماكين لن تسهم في تحقيق السلام بل تزيد في تأجيج المواقف وتؤثر على العملية السلمية التي لم تحقق للفلسطينيين اي شيء،بالرغم من استعداد السلطة لتنفيذ خريطة الطريق،والعمل من اجل اقامة السلام المنشود في المنطقة،ونرى ان في هذه التصريحات لماكين..
دعماً جديداً لاسرائيل وتناقضاً واضحاً لرؤية الرئيس الاميركي بوش باقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل تسهم في تحقيق السلام المنشود في المنطقة.
المصدر
- مقال:ماكين والاستيطان والقدس موقع : المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات