ماذا بقي من "أكتوبر" بعد 42 عاما؟

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
ماذا بقي من "أكتوبر" بعد 42 عاما؟


ماذا بقي من أكتوبر.jpg

أنور خيري

(06/10/2015)

مقدمة

بعد 42 عاما من نصر أكتوبر الذي حققه الجيش المصري على الصهاينة، والذي فتح الطريق أمام عودة بعض الأراضي المصرية المغتصبة، فيما يتبقى بعضها كأم الرشراش، شاهدة على عجز السياسة المصرية.. اليوم يقف السيسي ونظامه الانقلابي مدمرا لكل ما أنجزه الجيش المصري والسياسة المصرية.. وفي تسارع مستهجن يعيد السيسي مصر إلى نكسة 67 مجددا.

وعلى الرغم من أن انتصار أكتوبر 73 دشن الطريق أمام عودة الكرامة والعزة المصرية وأعاد للشخصية المصرية ثقتها وقدرتها على صناعة ما تريده، جاء السيسي بعد 42 عاما محتفلا بنصر لم يصنعه متجاهلا الجندي المصري ودوره الأساسي في أرض المعركة، محاولا الاتجار بالمواقف

مشيدا بالعرب ودورهم -فيما خنجره يطعنهم في الخفاء- استجداءً لمزيد من الدعم المتعثر، خلال كلماته مساء الاثنين بالكلية الحربية، في احتفالية شهدها أركان دولته، شابتها ملايين الأخطاء والتلعثم الذي بدا واضحا، ذاكرا أن دور السعودية يتجاوز أكثر من 1000 عام في خدمة الحجيج، على الرغم من أن عمر الدولة السعودية لم يتجاوز الـ100 عام.

ويمكن قراءة عدة مؤشرات فاصلة في المشهد المصري، بتجلياته الملتبسة بعد 42 عاما من نصر أكتوبر.. أبرزها:

تحول العقيدة القتالية للجيش المصري

حيث كان للعقيدة القتالية الدور الأبرز في نصر أكتوبر، بحسب المراقبين والخبراء الاستراتيجيين، الذين أكدوا أن قدرات الجيش المصري لم يكن لها أن تتغلب على الصهاينة بالحسابات المادية والاستعدادات العسكرية.

وقد نجحت الإدارة العسكرية في صناعة مجموعة الأفكار والمعتقدات والأهداف الاستراتيجية التي يؤمن بها الجنود؛ على أساس الجهاد في سبيل الله وتحرير الوطن من أعدائه المغتصبين، الذين تجرأوا على الأراضي المصرية واغتصبوا الأرض واستباحوا الدم المصري.. وكانت كلمة "الله أكبر" استراتيجية وليست شعارا يتردد فقط، دون تفرقة بين مسلم ومسيحي.

العقيدة القتالية التي صنعها القادة العسكريون في أثناء الفترة من حرب الاستنزاف حتى نصر أكتوبر، قامت على أساس العداء للصهاينة الخطر الأكبر على الأمن القومي المصري والعربي. وبعد الانقلاب العسكري، لم تعد دولة الاحتلال الإسرائيلي العدو الأول، الذي لم يجرؤ على ذكر مجرد اسمه خلال كلمته باحتفالية النصر في الكلية الحربية مساء الاثنين 5 أكتوبر.

وبدلا من أن يكون الدم المصري خطا أحمر، تلوثت يد الجيش والشرطة المصرية في دماء الشعب المصري في الشوارع ومراكز الاحتجاز، بل تطور الأمر إلى تصفية المعارضين بدم بارد خارج إطار القانون. بينما تؤمن السياسات المصرية في عهد السيسي الصهاينة، في مغتصباتهم، لدرجة أن يتباكي الإعلام المصري على "الشهداء المستوطنين" الذين قضوا على يد المقاومين الفلسطينيين، ردا على اقتحامات الصهاينة اليومية للمسجد الأقصى.

وتجلت الإدارة المصرية في الإجراءات المصرية ضد الجار الفلسطيني، بإغلاق معبر رفح وحصار المرضى الفلسطينيين وأصحاب الحاجات، وإغراق الأراضي الفلسطينية في غزة بمياه البحر المتوسط، بذريعة مواجهة الأنفاق، بل لعب دورا غير محايد بالضغط على مشروع المقاومة الفلسطينية لتسوية تراعي الصالح الصهيوني على حساب الثوابت الإسلامية.

فقدان العرب الثقة في الدور المصري، بعد اعتماد السيسي التقية في علاقات مصر مع جيرانها العرب، خاصة مع الدول الخليجية، فبدلا من الاتساق في المواقف المبدئية والاستراتيجية مع قائد عملية الحزم باليمن، تتلاعب إدارة السيسي مع إيران والحوثيين، من أجل الوصول إلى أكبر قدر من المكاسب المالية الخليجية.

كما أن الموقف المصري من الأزمة السورية يأتي في خارج سياق العقل والمنطق الإسلامي والعربي، بدعم نظام بشار الأسد الذي قتل مئات الآلاف من شعبه وهجر أكثر من 46% منه، داعما العدوان الروسي الذي يشارك بشار في قتل المدنيين واستهداف أماكن المعارضة السورية، لا مواقع "الدولة الإسلامية" التي يتشدقون باستهدافها.

كما أن السياسة الخارجية لدولة السيسي خلقت مزيدا من العداءت مع الجارة الأخرى ليبيا، بانحياز سافر لطرف على حساب الشرعية الشعبية، منحازا للثورة المضادة التي قامت عليها الثورة الليبية.

مخاطر من كل جانب

ورغم مرور 42 عاما على انتصار أكتوبر، تجد مصر في عداءات داخلية وحالة من الانقسام غير مسبوقة، فيعاني الشعب المصري من حالة من التجاذب باتت تهدد الهوية المصرية، بعد تلال من القمع وكبت الحريات تعيد مصر إلى أجواء نكسة 67، من فقدان الثقة وغياب الاتساق المجتمعي وتدهور معاني الوطنية لدى الشباب، وسيطرة المال السياسي ورجال الأمن على مقدر البلاد، في غيبة من أية مؤسسات تشريعية أو رقابية.

كما تزايد خطر المياه بعد إقدام إثيوبيا على إتمام 47% من سد النهضة الذي يفقد مصر حصتها خلال الـ5 سنوات لملء السد بالمياه، وإفقادها 18 مليار متر مكعب سنويا، ولم تستثمر مصر روح نصر أكتوبر في التعامل مع الأزمات التي تهدد حياة المصريين، بزيادة التعاون الاستراتيجي مع السودان الشقيق الأقرب لمصر عبر سنوات صراعها مع العدو الصهيوني، بل تزايدت فجوة الخلافات.

إفقار سيناء لا تنميتها

وتبدو سيناء في أسوأ أحوالها في الذكرى 42 لنصر أكتوبر، مع أوضاع مأساوية يعيشها السكان.. فمنذ 6 أكتوبر من عام 1973، يوم انطلاق الحرب ضد الاحتلال والتي انتهت بتحرير سيناء، لم يصل قطار التنمية إلى المنطقة المنسية.

اليوم يعاني أهالي سيناء من حصار بين قصف طيران الاحتلال وقصف الطيران المصري، في ظل وجود تنسيق غير مسبوق بين مصر والكيان الصهيوني، إضافة إلى الانتهاكات المصاحبة لعمليات الجيش المصري بدعوى مواجهة الجماعات المسلحة.

كل ذلك يترافق مع غياب التنمية عن تلك المنطقة، فمنذ انتهاء حرب أكتوبر، خرجت الدعوات المطالبة بإعادة تنمية وإعمار سيناء، التي ظلّت سبع سنوات تقريبًا تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد هزيمة 1967. ومنذ عام 1974 وحتى 2015، لم تتوقف الوعود من الرؤساء والمسئولين المصريين بالعمل على تنمية سيناء، وظل أهالي سيناء بانتظار تنمية لم تأتِ وخدمات غائبة.

وزادت معاناة أهالي سيناء عامًا بعد عام، مع تهميش وتجاهل من الحكومات المتعاقبة منذ 42 عامًا، حتى أن الأهالي اعتبروا أنفسهم "مواطنين من الدرجة الثانية"، خصوصًا مع رفض تمليك الأراضي لهم. بيد أن ما وصلت إليه في 2015 يُعدّ أسوأ ما تعرّض له الأهالي منذ هزيمة 1967، خصوصًا مع اعتماد خطة تهجير أهالي الشريط الحدودي مع قطاع غزة، من دون توفير مأوى لهم أو سكن.

ويعتبر مراقبون أن ظهور الجماعات المسلحة في سيناء، هو نتيجة حتمية لغياب الدولة، والأخطاء المتعاقبة من قبل الرؤساء والحكومات، وجعل التنمية آخر الاهتمامات. وكانت بدايات مشروعات التنمية في سيناء، مع الرئيس أنور السادات في إبريل 1974 حين وضع استراتيجية لتنمية سيناء بعد نصر أكتوبر، معلنًا إنشاء الجهاز القومي لتعمير وتنمية سيناء.

واستمرت الوعود في فترة الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي أطلق المشروع القومي لتنمية سيناء، وأقر في مجلس الشعب في سبتمبر 1995 لدعم سيناء. واستمر الأمر عقب ثورة 25 يناير، وأطلق رئيس الوزراء حينها كمال الجنزوري، خطة لتنمية سيناء، من دون تحقيق شيء.

وبعد تولي الرئيس مرسي الحكم، وجّه بسرعة عملية دعم جهاز تنمية سيناء، وتوفير كل الاحتياجات الأساسية، فضلاً عن تخصيص 10 ملايين جنيه (نحو مليون و300 ألف دولار أمريكي). فيما خصص الرئيس محمد مرسي مبلغ 4 مليارات و400 مليون جنيه (نحو 560 مليون دولار) كاستثمارات عامة وعاجلة في سيناء.

أما الوضع الحالي فوجه فيه السيسي 10 مليارات جنيه لمكافحة ما يسمسه الإرهاب.. وباتت الكهرباء دائمة الانقطاع والمياه غير صالحة للاستخدام.. وسقطت سيناء من حسابات الحكومات، حتى وصل الحال إلى تهجير أهلها، واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية..

ومن جهته، يقول رئيس اتحاد قبائل سيناء، إبراهيم المنيعي، إن لا سبيل لحل أزمة سيناء إلا بالتنمية، وفتح حوار ومصالحة شاملة مع الأهالي والقبائل والعائلات الكبيرة. ويضيف المنيعي في تصريحات صحفية اليوم، أن اللقاء الذي تم بين السيسي وشخصيات من سيناء كان من اختيار أجهزة أمنية ولا يمثل القبائل، ولا بد من الحوار مع أصحاب الرأي والقرار.

فيما يذهب ناشط سيناوي، إلى أن سيناء باتت مستباحة من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي، من حيث اختراق الطيران الصهيوني الأجواء المصرية، عبر استخدام الطائرات دون طيار.

المصدر