ليبرمان ونتانياهو .. خذوني كما أنا
بقلم : محمد يوسف جبارين ( ابوسامح)
اسرائيل دولة يهودية بنص قانونها ، وهي ديمقراطية ليهودها ، ونظامها أتاح تبادل السلطة ، وقد اختار يهودها ، ازاحة حكومة أولمرت وتقديم حكومة نتانياهو الى سدة الحكم ، وها هي دولة اسرائيل وهذه هي حكومتها ، التي قامت بارادة شعبية يهودية حرة ، فهذه حقيقة ارادة مجتمع يهودي في اسرائيل ، وهذه هي ارادة الأغلبية بين اليهود ، وهذا نتانياهو رئيس حكومة ، وهذا ليبرمان وزير خارجية ، وها هم بكليتهم ومن يشاركونهم في تشكيل نظام الحكم ، لا فرق بينهم في كل متصل بارادة سياسية ، قد عبر عنها وزير خارجية اسرائيل ليبرمان بلغة ليست قابلة لتأويل على غير وجه واحد ، يفهمه كل مستمع لكلمات وزير الخارجية ، وكان يمكنها الدبلوماسية على لسان ليفني أن تضيق بوضوح ليبرمان ، لكنه الرجل الذي لا يحتاج الى غير التعبير عن مدى تطابق مقولاته مع معتقداته ، فلقد أصبح وزير خارجية ، وبما قاله فهو منسجم ، مع ما ذهب اليه من قول ، والحاح على مواقف كان ارتأها ، على طول سيرته في العمل السياسي ، والتي بها وحولها ، جمع الناس حوله فأوصلوه الى كرسي وزارة الخارجية ، فهو بكل قوله منسجم مع نفسه ومع مؤيديه ، ومع شركائه في الائتلاف الحكومي ، فهو بقوله الذي قال انما أضاف في طمأننة شركائه ، وكل من أراده ممثلا له ، بأنه الذي لن يكون غير ما هو ، وما يعتقده ، وما يؤلف بينه وبين غيره ، من حماة دولة اسرائيل ، وما تطمح اليه من أمن قائم على توسع يضيف ويعزز هذا الأمن .
ولقد قال ليبرمان في أول جلوس له في كرسي وزارة الخارجية ، وبحضور ليفني وزيرة الخارجية السابقة ، بأن حكومة اسرائيل لن تلتزم مبادىء أنابوليس ، ولن تقدم تنازلات ، بل يجب التنازل عن التنازلات ، وانما حكومة اسرائيل سوف تلتزم خريطة الطريق ، كونها تمثل التزاما دوليا التزمته اسرائيل .
ولما أشارت له ليفني بأن الحكومة الاسرائيلية التزمت مبادىء أنابوليس ، والمقصود هنا هو الحل القائم على دولتين ، رد عليها ليبرمان بقوله ، بأنه لم يحصل أن صادقت الحكومة على مبادىء أنابوليس ، وبأن الحكومة قد قدمت تنازلات كبيرة ، لم تضف في التقدم نحو السلام ، بل على العكس من ذلك ، فلقد جرت الى حرب لبنان الثانية ، وحرب " الرصاص المصبوب "( الحرب علىغزة ) ، فمن كان بظنه أنه بالتنازلات يحصل على السلام ، فهو مخطىء ، بل هو يستدعي مزيدا من الضغوط والحروب ، وأضاف ليبرمان ، بأنه منذ عام 1977 تردت مكانة اسرائيل في العالم ، وانما كانت مكانتها في القمة بعد حرب 1967 .
وقال ليبرمان بأنه سوف يتعامل مع سوريا على أساس سلام في مقابل سلام ، وفي نهاية كلامه قالت له ليفني بأن خطابك قد برهن ، بأني كنت على ، صواب عندما لم أنضم الى هذه الحكومة . فعلى ذلك ، فان ليفني وأولمرت وغيرهم ، ممن جاءوا من نفس المدرسة التي جاء منها ليبرمان ، يقفان اليوم على اختلاف جوهري بينهما ، في جانب الاستراتيجية السياسية والأمنية ، التي يتوجب على حكومة اسرائيل أن تنهجها ، فلا زال ليبرمان ونتانياهو ، ومن يدور دورتهما في الفكر السياسي ، على ما كانا عليه ، في ذات التشرنق ، في جملة لم تعد لدى أولمرت وليفني وحزبهما (كاديما ) كما كانت ..
فالهوية اليهودية للدولة ، أو استبقاء الضباب يلف ويحوم ، حول مستقبل يهودية هوية دولة اسرائيل ، فاستبقاء هوية يهودية للدولة تستعدي التخلص من الجماهير العربية الفلسطينية ، وسلخها من تحت سيادة دولة اسرائيلية ، لتبقى اليهودية هي الأكثرية في نطاق سيادة الدولة الاسرائيلية .
فمن هنا جاءت قناعة ليفني وجماعتها بأن حل الصراع انما يكون بدولتين ، اسرائيلية وفلسطينية ، على الرغم من أن مفهوم ليفني لدولة فلسطينية ، بالحال الذي هو عليه متناقض ، في كثير من جوانبه ، مع الحال الذي يرونه الفلسطينيون ، وخاصة منهم المنضويون تحت راية منظمة التحرير الفلسطينة .
فأما ليفني فانها ومن هم يؤيدونها ، يريدون اسرائيل مسيطرة على كافة التجمعات اليهودية ، وبأن تكون ترتيبات أمن وفق ما تراها اسرائيل بأنها تضمن لها أمنها ، وأيضا بأن تظل القدس موحدة وعاصمة اسرائيل ، ناهيك الى التفاصيل الكثيرة في كل باب من ذلك .
لكن هذا كله الذي توصلت اليه لم يكن له قيامة في وعيها ، قبل أن كان فشل بيبي نتانياهو بالعودة الى رئاسة الحكومة ، وتولى اذ ذاك شارون ، من بعده قيادة حزب الليكود . لقد كانت ليفني ونتانياهو وشارون ، وحتى ليبرمان بقناعات مقتاربة بكل ما له صلة بالشأن الفلسطيني ، ولقد كانت عودتها مع شارون وأولمرت الى الحكم ، بنفس اسلوب نتانياهو الذي عاد به الى الحكم ،
وأيضا هو نفس الاسلوب لدى ليبرمان ، على فارق بسيط في انتقاء الكلمات حين التعبير عن الفكرة ، ففي جملة المكونات للايديولوجيا ، لا فرق ، وانما الفرق في صياغة وجه الخطاب حين مخاطبة الآخرين ، وعلى الأخص منهم ، العالم الذي تنهل منه اسرائيل قوتها ، وتتشابك معه مصالحها ، فدبلوماسية الألفاظ والمواقف لا بد وأن تتقدم السياسات ، وأن تكون في خدمتها ، ولا يصح للمواقف أن تزهو بسفورها ، وان كان لا بد من ذلك ففي الواقع العملي ، وليس في جملة الفضاء العمومي ، فلقد تتالى على الحكومة الاسرائيلية رؤساء حكومات ووزراء ، وقد سعوا بكل دبلوماسية ماكرة ، لستر كل تقدم في السيطرة على الأرض .. في توسيع مسطح أورشاليم ( القدس ) ، وفي توسيع الاستيطان في الضفة الغربية بشكل عام ، وأيضا في صنع كل ضيق للفلسطينيين ، فعساهم ، يبحثون عن مكان لهم خارج فلسطين ، فعلى ذلك ومن وجهة نظر ليفني وغيرها ، ما كان يتوجب كل هذا الوضوح للمواقف ، بلسان ليبرمان وزير خارجية اسرائيل ، فليس ثمة ما كان يدعوه لذلك ، لكن ليفتي وغيرها ، لا يتداركون ، بأن اللعبة السياسية بنت مدرسة واحدة ، فشارون منذ توليه قيادة الليكود ، راح ينشيء وضعا سياسيا قلقا، ما أتاح له بث مقدار كبير من المخاوف ،
لقد شحن الفضاء العمومي بكل وعيد ونذير ، ما هيأ له وضعا نفسيا ، استطاع من خلاله استغراف طريقه الى الحكم ، وهنا على اختلاف الظروف ، فلا يمكن ايجاد فرق في مكونات الأسلوب بين سبيل نتانياهو و ليبرمان ، وشارون ، فالكل ، يبدأ من هناك من النفسية التي يضطرب بها القلق ، لتغدو جاهزة لتلقي الأمن والتعلق به ، فهكذا عاد نتانياهو ومعه ليبرمان الى الحكم ، تماما ، كما كان فعل شارون ، والى جانبه أولمرت وليفني ، ولقد كان ذاك الأسلوب هو الذي اعتمده شارون ، في تعميق الالتصاق الجماهيري به ، ما أدامه في الحكم ، لكنه بازاء هوية الدولة ، وما يلوح من نذر تهديد كامنة في مستقبل ، لربما يكون بما ينطوي عليه من قوى ،لا يكون ممكنا صرفها بعيدا عن التأثير على مستقبل الدولة اليهودية ، وبين الامكان ، والممكن من امكانيات اجراء تبديل ، في الديمغرافية لصالح الهوية اليهودية ، وتحت الحاح المسؤولية بازاء ذلك كله ،
وجد قراره بأن ينسحب ، من قطاع غزة بين يديه ، فقام اليه وعلى تنفيذه ، وتلاه أولمرت في رئاسة الحكومة ، وأول ما طرحه هو الانفصال عن مناطق في الضفة من طرف واحد ، وقد كان باديا من هذا التتالي بأن فكرة اليهودية للدولة تلح وتملي سياسة وموقف ، واتجاها في الفكر ينحو دوما بالموقف في اتجاه التأصيل ليهودية الدولة ، فأو دولة يهودية أو دولة ديمقراطية الغالبية فيها هم العرب ، فدوام الاحتلال ينبىء بمحاذير ، وينطوي على مخاطر على ديمومية الهوية اليهودية للدولة ، فالانحسار بالاحتلال ، وتقليص دائرته بذاته ، المضاف الذي به يتم استبعاد تلك المخاطر ، فهو مصلحة يهودية ، بل مصلحة عنصرية الدولة ، فاستدامة العنصرية ، لا يكون بغير تدعيم العنصرية ، فالانحسار به سلخ قطاعات عربية ، الى خارج نطاق التأثير على يهودية الدولة ، بينما كان الذي سبق الفكرة ، هو بأن الاحتلال والتوسع هو بعينه التدعيم للعنصرية ، وكما يبان هنا ، قد تجلى التوسع بلا قدرة على الاقتلاغ للسكان الاصلييين والتفريغ للأرض منهم ، ومن ثم اسكان يهود في كل رأس جبل وواد ، انما هو التمدد المحفوف بالمخاطر التي يمكنها أن تطل على ماهية هوية الدولة . الا أن مشروع أولمرت ، الذي شرب شارون منذ كان صحفيا الى آخر يوم في اشغاله وظيفة النائب له في رئاسة الحكومة ، لم يتم تنفيذه بسبب من ظروف ، اتصلت بمفهوم الأمن والردع ، فظل معلقا في الوعي كطريق قابل للتنفيذ ، فيما لو حانت ظروفه ، ثم جاءت المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ، بحثا عن حل الصراع بفكرة دولتين ،
وهنا اللاحل هو ما أفضت اليه هذه المفاوضات ، بحكم الوهم الاسرائيلي بأن يكون تحديد الدولة الفلسطينية ، على ما ينسجم ومفاهيم الأمن الاسرائيلي ، وعلى ما يتفق وترسيخ الهوية اليهودية ، بصلات تاريخية موهومة يهوديا ، ب القدس وب المسجد الأقصى وأكنافه ، وهو ما لم يتفق ولن يتفق لمفاوض فلسطيني أن يوافق عليه ، والى هنا ينتهي دور ليفني كوزيرة خارجية ليحل في محلها ليبرمان ، وليذهب أولمرت الى بيته ، ليحل في محله نتانياهو ، والذي بتحديد وجهة نظر حكومته من الصراع ، والاحتلال ، كما جاء به ليبرمان ، لم يختلف في كثير عن ما بدأ به شارون حكومته ، فلقد بدأ بالقول بأن حرب الاستقلال لدولة اسرائيل على ما يبدو لم تنته بعد ، وكان منه أن اجتاح المناطق الفلسطينة ، وكان ما كان ، لكنها ، هكذا بدأت لتنتهي بفكرة الدولتين ، بل وأكثر من ذلك ، بحزب كاديما الذي يجعل من فكرة الدولتين شعارا له ، مع أن المدرسة التي تخرج منها نتانياهو ، انما كانت هي بعينها التي تخرجت منها ليفني ، فكل الذين معها في حزبها انما هم ، من الناحية الاستراتيجية العسكرية والسياسية منها ، نتاج مدرسة بن غوريون ومناحم بيغن وشارون ، ومن هنا جاء نتانياهو أيضا ، واذا كان ثمة خلاف حصل في داخل حزب الليكود بين نتانياهو وبين شارون ، ما دعا شارون الى ترك الاجتما
والذهاب الى تشكيل حزب كاديما الذي وصل به الى الحكم ، فقد كان ذلك خلافا بين خبرة شارون ، في زمن وبين ما تراكم لدية ، من خبرة استراتيجية عسكرية وسياسية ، في زمن لاحق ، فهو شارون المختلف في وعيه بين زمن وزمن لاحق ، وانما شارون كان يطل على نتانياهو ، كمن يطل على وعي تجاوزه هو الى غيره ، في زمن لاحق ، وهو اذ يعي ذلك في نفسه ، ويرى صورة لوعي تجاوزها مجسدة في نتانياهو ، فانما خلاصة تجربته العسكرية والسياسية هي التي تحرك بها ، وهي التي بها تشكل حزب كاديما ، ليبقى نتانياهو والمسافة التي تنتظره ، ليمر عليها من أجل أن يبلغ الوعي الذي يستوي به ، على ما استوى عليه شارون ، وهي القناعات التي تجيد ليفني التعبير عنها ، بل وتتخندق بها على رأس حزب واثق من خطاه ، ومن رؤيته لمستقبله ، وبكل تعابيره على ألسنة كل عناصره ، تطل فكرة الدولتين كخيار استراتيجي ، وهي الفكرة التي طالبت ليفني من نتانياهو أن يقر بها ، الا أنه تجاهل حتى الاجابة عليها ، ولم يرد ذكر دولتين في خطابه أما الكنيست الذي قدم في خلاله أعضاء حكومتها ، وقد كان واضحا من ذلك ، بأنها الفكرة التي لا تجمع الحكومة الجديدة ،
ولا حتى تجمع حزب نتانياهو عليها ، ولا يقرها نتانياهو نفسه ، فجملة فكر هذا القائد الصهيوني ، يمكن قراءتها تفصيلا في الفصل التاسع من كتابه ( مكان تحت الشمس 1995 ) ، فلديه لا بد من السيطرة على المواقع الاستراتيجية في الضفة الغربية ، وذلك لامتلاك المقدرة على التصدي مستقبلا ، لأي هجوم عربي يأتي من الشرق ، فهذه المواقع الاستراتيجية ، انما هي حصن الأمن لاسرائيل ، ولا يجوز لها أن تتنازل عنها ، من دون أن تخاطر بأمنها ، فلذلك التنازل عن هذه المناطق يعني المخاطرة بأمن اسرائيل ، فالحديث عن أمن اسرائيل ، لا يتفق مع المطالبة بالانسحاب من الضفة الغربية .
وبالنسبة للقدس فهي عاصمة اسرائيل ، ويمكنه نتانياهو الموافقة على اعطاء السكان العرب فيها مساواة تامة في الحقوق المدنية ، وأما الحقوق السياسية أو السيادية فهي شأن اسرائيل ، ولا علاقة لعرب بها ، فهي اسرائيلية بحتة ، وذلك تمكينا للسيادة الاسرائيلية على القدس ، فهي العاصمة التي شأنها كما لندن عند البريطانيين ، فليس معقولا أن يطالبهم أحد بالتخلي عن جزء منها ، وكشأن باريس ، فهل مقبولا أو معقولا أن تعطي فرنسا بعض سيادة على جزء منها لغير فرنسا .
وأما الجولان فلدى نتانياهو ، لا بديل عن السيطرة الدائمة على الجولان ، فبها فقط يمكن صد كل هجوم من جهة الشرق ، فلذلك كل اتفاق مع سوريا ، لا يجب أن يغفل سيطرة اسرائيلية على استراتيجية في الجولان تمكن اسرائيل من الدفاع عن نفسها .
وأما القول بجعل الجولان منطقة منزوعة السلاح ، مع وجود قوات دولية ترعى اتفاقا يمكنه أن يتبلور بين البلدين سوريا واسرائيل ، فهذا لدى نتانياهو الكلام الفضفاض ، فالضمان هو أن تتواجد قوات اسرائيلية في المكان .
واذا ثمة اتفاقات سلام ، في أحوال ومواصفات كهذه التي يتحقق بها أمن اسرائيل ، فالسلام القائم على الردع ، يعني أن تستطيع اسرائيل ، أن تردع الطرف العربي الذي هو جانب في اتفاق ، من التفكير بالخروج عن التزامات الاتفاق .
ولا ينسى نتانياهو التذكير والتأكيد ، على قناعته بأن السلام الذي يسعى اليه العرب ، مع اسرائيل انما هو سلام صلاح الدين ، أو سلام (هدنة) ( اشارة الى صلح الحديبية ) ، الذي كان قال به ياسر عرفات ، في مسجد في جوهانسبورغ ، في جنوب أفريقيا ، فهذا برأي نتانياهو سلام قبل الابادة النهائية . فبرأيه بأن هذا هو السلام الذي سعى اليه ياسر عرفات ، فالموقف العربي ، من اسرائيل انما هو مشتق ، من عمق تاريخ ودين ، فالعرب في قرارة حقيقتهم ، يرفضون اسرائيل ، وما قولهم بسلام الا مسألة مرحلة يتعدونها الى تحقيق ما في قرارة قناعاتهم ، فهم لا يقرون بحق اسرائيل في أن تنوجد في هذا الشرق .
فهذا هو نتانياهو أم تراه ليبرمان ، فما الفرق ، فما قاله ليبرمان انما تعابير جامعة اياه ونتانياهو ، وقد قال بها نتانياهو من قبله ، ودونها في كتابه ، وهي تعابير قال بها بيغن وشامير ، ومؤسسو دولة اسرائيل ، فسوريا يجوز الكلام معها عن سلام مقابل سلام ، ودولة فلسطينية في الضفة والقطاع ، تبقى فكرة في قناعة من يقتنع بها ، فأما ليبرمان ونتانياهو وحكومته فلا ، فهي لديهم خارج أي اعتبار ، بل هي نقيض الأمن الاسرائيلي ، فالتنازل عن التنازلات التي سبق وتنازلتها حكومة أولمرت ، لا بد منها تدعيما لأمن اسرائيل ، ومن اراد السلام (بمفهوم ليفني) ، فعليه أن يستعد للحرب ، كما قال ذلك ليبرمان ، فعودة الجولان لسوريا ، أو قيام دولة فلسطينينة ، انما
هو الترغيب للعرب بمزيد ، من الضغط على اسرائيل ، وبمزيد من الاستعداد للضغط عليها لمزيد من التنازلات ، فما الحل ..الحل هو اللاحل لدى ليبرمان ..القوة والردع ، فماذا يفعل ، بازاء كل هذه الظروف المحتدمة والتي تلح على دولة فلسطينية ، فبرأية اللجوء الى خريطة الطريق ، فلماذا ؟ ..
فهناك بنود يمكن أن تشكل ملجأ لتبريرات ، تساعد اسرائيل على أن تتحلل ، من كل التزام بتنازل ، وتمضي في توسعها في تهويد القدس ، وفي توسيع الاستيطان ، وتنشيء وضعا ، لا يسمح بقيام دولة فلسطينة قوية ، بل فيما لو أرغمت اسرائيل عليها ، انما تكون مهلهلة الأوصال ، غير قابلة لتكون دولة ، بها امكانيات نشأة قدرة توفر الأمن لسكانها ، فالأمن يكون في قبضة اسرائيل .
ولمن يظن بأن نتانياهو أو ليبرمان ، قد فاته موقف عرب ، أو موقف فلسطينيين مما قاله ، فهو على خطأ ، ذلك بأن القوة في وعي ليبرمان ، هي وحدها التي تكفل لاسرائيل أمنها ، بما في ذلك توسعها ، وفرض ارادتها على كل من يعترضها ، فبهكذا قوة ، تتفتل عضلات مفاهيم الأمن لدى ليبرمان أو نتانياهو ، بوهم أن في ذلك فكاك من دوامة الأمن ، فلقد توهم نفس الوهم شارون ، لكن دوامة الأمن ألقت به ، على الجانب الذي بدا ، وكأنه اختياره ، وأصبحت معارضة وهي أكبر حزب صهيوني في اسرائيل ، وعلى فمها الهوية اليهودية للدولة أولا ، فالحل دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل .
ومن قبل شارون كان رابين ، ولاك الوهم حتى استوى على مكروه لدى عصابات اليمين المتطرف، التي زرعتها نظريات أمنه ، للاستيلاء على الضفة الغربية ، بحجة توسع داعم للأمن ، ظل الى الآن يدليها ليبرمان و نتانياهو .
ولا زالت وديعة رابين ( اعادة الجولان الى سوريا ) وعدا شاهدا ودالا ( فأين كان وأين أصبح ) ، ما يستدعي الظن المتهافت ، على وجه القول ، بأن الفكر الذي دار دورته ، ثم استلقى على جنب استراح عليه رابين وشارون ، ومن قبل بيغن ، فانه بدورته ، بليبرمان وبنتانياهو فلن يريحهما على غير جنب ، قد ستراح بالذين من قبلهم عليه .
المصدر
- مقال:ليبرمان ونتانياهو .. خذوني كما أناالمركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات