لنزيد أولمرت ورايس غيظاً

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
لنزيد أولمرت ورايس غيظاً


تكبير


بقلم : معتصم حمادة

الولايات المتحدة لا تريد الحل فهي تمسك بخريطة الطريق لكنها في الوقت نفسه لا تلتزم بها.

وهي تريد الديمقراطية ومع ذلك تراها تتنصل من نتائجها.

هي ضد المستوطنات خصوصاً البؤر الاستيطانية ولكنها تقبلها بذريعة أنها حقيقة راسخة.

هي مع تسوية النهائية ولكنها وضعت، مقابل ذلك، شروطها المسبقة.. أميركا كالديك الرومي.

لديها جناحان لا يساعدان على الطيران.

لذلك هي تستعملهما لإثارة الضجيج ليس إلا.

صحفي إسرائيلي

قبل أن تشهد الحكومة الفلسطينية النور أحدثت ردود فعل، كانت متوقعة، في المحيطين الإقليمي والدولي.

فوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، أعادت التأكيد على ما بات يسمى بشروط اللجنة الرباعية للتعامل مع هذه الحكومة والاعتراف بها وهي الشروط التي مازالت مرفوضة من معظم القوى الفلسطينية، كما تم رفضها بشكل واضح وجلي في وثيقة الوفاق الوطني (27/6/2006).

ورئيس حكومة إسرائيل ايهود أولمرت، عبـر عن غضبه، أمام أبو مازن، على اتفاق مكة، وتكلم في اللقاء الثلاثي مع عباس ورايس (19/2/2007) بطريقة كادت أن تدفع عباس لمغادرة الاجتماع لولا تدخل رايس وجوهر موقف أولمرت أنه يريد حكومة <<وحدة وطنية>> فلسطينية، لا تشارك فيها حماس (!) وتلتزم، في الوقت نفسه، بشروط اللجنة الرباعية.

لذلك أعلن أولمرت رفضه التعامل مع الحكومة الجديدة، بما في ذلك وزير ماليتها، سلام فياض، الآتي إلى العمل في السلطة الفلسطينية من أروقة صندوق النقد الدولي.

والموقفان الأميركي والإسرائيلي، واضحا الدلالة ولا يحتاجان إلى تفسير من أحد.

واشنطن وتل أبيب، ليستا فقط ضد وحدة الشعب الفلسطيني الداخلية بل هما أيضاً تعملان بكل السبل، كي تختلقا الذرائع لتعطلا عملية التسوية في المنطقة، والتهرب من استحقاقاتها المتعلقة بالانسحاب، والقدس، والمياه، واللاجئين، وكل مترتبات الاستقلال والسيادة الفلسطينية، وكل مترتبات توفير الاستقرار السياسي والأمني، في المنطقة.

وتدرك واشنطن وتل أبيب، جيداً، أن العامل الأبـرز لضمان الاستقرار السياسي والأمني، ليس هو تفوق إسرائيل، اقتصادياً وأمنياً.

فهي متفوقة، اقتصادياً وأمنياً ومع ذلك فإن المنطقة تفتقد إلى الاستقرار بشقيه السياسي والأمني.

إنهما تدركان أن حل القضية الفلسطينية هو المدخل لذلك. هذا ما قاله تقرير بيكر ـ هاملتون، وهذا ما تعيد التأكيد عليه العديد من الدوائر الأميركية ذات الصلة بدراسة أوضاع الشرق الأوسط وتحليلها، كما تعيد التأكيد عليه العديد من العواصم المعنية بالمنطقة، بما فيها موسكو ولندن وباريس، وغيرها.

ونفترض، على الصعيد الفلسطيني، أن موقف أولمرت ورايس، يجب أن يشكل معياراً لا بد من أخذه بالاعتبار.

فحكومة الوحدة الوطنية، كما تم نقاشها في حوارات العام الماضي، التي أدت إلى ولادة وثيقة الوفاق الوطني، ليست معنية لا من قريب أو من بعيد، أن تستجيب لشروط اللجنة الرباعية وليست معنية بأن تتشكل وفق معيار واحد هو فك الحصار عن الحكومة وعن مناطق السلطة.

إن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، هدفه العمل تحت سقف الأهداف الوطنية كما رسمتها وثيقة الوفاق الوطني.

هي أولاً عنوان لوحدة الفلسطينيين خلف بـرنامج سياسي مشترك.

وهي مدخل للإصلاح المالي والإداري والأمني والسياسي. وتوفير الأسس الضرورية لمواصلة الكفاح ضد الاحتلال وصولاً للاستقلال والسيادة وضمان حق العودة؛ بموازاة إصلاح أوضاع م. ت. ف. الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

لذلك لا علاقة بين قيام حكومة وحدة وطنية وبين شروط اللجنة الرباعية.

أو بين قيام هذه الحكومة أو بين اعتراف تل أبيب وواشنطن بها. وبالتالي يفترض عدم الخوض لا مع رايس، ولا مع أولمرت ولا مع أي طرف في <<تبـرير>> تشكيل هذه الحكومة. وكأن تشكيلها خطأ يحتاج إلى تبـرير.

أما التفسير، إذا ما تطلب الأمر تفسيراً، فلا ينطلق وكأن تشكيلها جاء رداً على تعنت أولمرت إزاء محمود عباس وعدم وفائه بوعوده له، خاصة الإفراج عن الأموال الفلسطينية المحجوزة لدى الإسرائيليين.

تشكيلها جاء تلبية لحاجة وطنية فلسطينية، وهي حاجة ترتبط مباشرة باستكمال الصراع ضد الاحتلال الإسرائيلي، وضد السياسة الأميركية المنحازة لإسرائيل.

وعندما يتحدث عن الوحدة الوطنية، وعن حكومة الوحدة الوطنية بديلاً لسياسة الاستفراد، فإننا نرفض أن يفسر أي طرف كان، هذا الموقف وكأن المطلوب من حركة حماس أن تقدم تنازلات.

ليس مطلوباً، لا من حماس ولا من أي طرف فلسطيني يشارك في حكومة الوحدة الوطنية أن يعترف بحق إسرائيل في الوجود، أو أن يلتزم الاتفاقات الموقعة معها، وأن يتخلى عن حق الشعب الفلسطيني في المقاومة (تحت مسمى نبذ الإرهاب) إن هذه الشروط الثلاثة لا تستدعي حكومة وحدة وطنية، بل تستدعي حكومة من لون واحد، هو لون من يرغب في تقديم التنازلات ـ بلا حدود ـ للجانب الإسرائيلي.

وحتى الآن لم تنجح إسرائيل والولايات المتحدة في إقناع طرف فلسطيني في تشكيل هذه الحكومة.

إن وظيفة حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية هي رفع السقف السياسي للموقف الفلسطيني (ولا نقول التطرف) وهو السقف الذي تم التوافق عليه في 27/6/2006، وجاءت عناوينه واضحة في وثيقة الوفاق الوطني.

وإن وظيفة حكومة الوحدة الوطنية أن تزرع القوة في ثنايا الحالة الفلسطينية، وأن تعزز صمودها، بما يتناسب مع القدرة على التمسك بأهداف النضال، كما وردت في وثيقة 27/6/2006، وامتلاك القدرة الكفاحية على تحويل الأهداف إلى إنجازات فعلية، تشكل مكاسب للحالة الفلسطينية بكل ألوانها السياسية.

ويخطئ من يحاول أن <<يسوق>> الحكومة الجديدة، إسرائيلياً وأميركياً، بالقول إن الحكومة ليست معنية بالمفاوضات، وأن هذا الملف قد أحيل إلى رئيس السلطة باعتباره رئيساً للجنة التنفيذية في م. ت. ف. وما دامت قيادة المنظمة قد اعترفت بالاتفاقات، إذن، لا ضرورة لمطالبة الحكومة بالاعتراف بهذه الاتفاقات.

الخطأ هنا أنه يفصل بين حكومة تلتزم وثيقة الوفاق الوطني، وبين قيادة سياسية ممثلة بالرئيس عباس، أحيل إليها الملف التفاوضي، وكأنها باتت طليقة اليدين في المفاوضات بلا رقيب أو حسيب.

المفاوض الفلسطيني، هو الآخر، ملزم بوثيقة الوفاق الوطني.

فالمفاوضات هي الشق المكمل لكفاح الشعب الفلسطيني، وهي الميدان لتحويل نضالات الشعب الفلسطيني وكفاحه إلى مكاسب تنتزع من بين أيدي الاحتلال الإسرائيلي.

إذن، العملية التفاوضية مرتبطة ارتباطاً كاملاً وفي سياق سياسي واحد، مع وثيقة الوفاق الوطني، وهي إحدى الوسائل لتحقيق أهداف هذه الوثيقة (إلى جانب الوسائل الأخرى).

ولا يفيد القول، للتهرب من هذا الربط إن كل ما سوف يتم التوصل إليه، سيحال إلى الاستفتاء الشعبي الفلسطيني.

فقبل الاستفتاء، لابد من النضال لقيام آلية تفاوضية تضمن للشعب الفلسطيني حقوقه، وتضمن له وحدته الداخلية.

لأن الآلية التفاوضية التي ستقود المفاوض الفلسطيني للتفريط بالحقوق الوطنية (حتى ولو كانت النتائج التفاوضية ستعرض على الاستفتاء) هي آلية من شأنها أن تحدث انقساماً في الصف الفلسطيني، فالمفاوضات عملية سياسية ستكون لها تداعياتها،" حتى قبل الوصول إلى الاستفتاء، وبالتالي لا نريد لهذه التداعيات أن تكون سلبية، ولذلك لابد من ضبط العملية التفاوضية، عبـر ضبط أسسها، وجدول أعمالها، وآلياتها..

أي بتعبير آخر، أن الرئيس عباس ليس مطلق اليدين في المفاوضات، وأن على الفريق الفلسطيني المفاوض أن يشكل الوجه الآخر، لحكومة الوحدة الوطنية، وأن يكون دوره في سياق التكامل مع كفاح الشعب الفلسطيني في الميادين كافة

حكومة الوحدة الوطنية هي أكثر تمثيلا للشعب الفلسطيني من حكومة اللون الواحد في عهد الحكومات الفتحاوية وفي عهد حكومة حماس الأولى.

هي أكثر تمثيلا من الناحية السياسية لأنها تضم طيفا من القوى السياسية تفتقد إليه حكومات اللون الواحد.

وهي أكثر تمثيلا من الناحية الشعبية لأن قاعدتها الجماهيرية تتسع باتساع القوى المشاركة في الحكومة إذن حكومة الوحدة الوطنية هي خطوة ديمقراطية متقدمة.

وعندما ترفض تل أبيب وواشنطن هذه الحكومة فمعنى ذلك أن كل حدثهما عن الديمقراطية ما هو إلا إدعاء فارغ.

إن سلوك الاحتلال وسلوك الهيمنة الأميركية لا يتعايشان مع الديمقراطية بل مع الاستفراد والهيمنة إذا كان استفرادا تحت سقف الشروط الإسرائيلية وإذا كان هيمنة تخدم الرؤية الأميركية لذلك تأتي حكومة الوحدة الوطنية لتكشف مرة أخرى زيف الدعوات الأميركية إلى الديمقراطية ولتؤكد أن <<الديمقراطية>> الأميركية هي تنصيب سلسلة من الأتباع على قمة الهرم السياسي في هذا البلد أو ذاك لا يجيدون أمام الضغوط الأميركية (بل وحتى الإيماءات الأميركية) سوى الخضوع والخنوع وهذا ما تريده تل أبيب وتريده واشنطن من الحكومات الفلسطينية تحت سقف اشتراطات الرباعية.

كخلاصة يمكن القول إن لا إسرائيل ولا أميركا تريدان حلا.

إسرائيل المرتبكة والغارقة في الفوضى، لا تريد حلا لأنها غير مؤهلة حاليا للدخول في هذا الحل، ولأنها، على المستوى الاستراتيجي ، لا تريد دفع استحقاقات هذا الحل.

والولايات المتحدة لا ترى نفسها مرغمة على الضغط على إسرائيل للقبول بالحل، لأن واشنطن لا تشعر أن الضغط الفلسطيني يشكل خطرا عليها كما هو الضغط العراقي مثلاً.

لذلك تراها تبحث عن حل للأزمة العراقية وتبحث عن مهدئات للقضية الفلسطينية.

وان على الحالة الفلسطينية أن تأخذ هذا المعيار بعين الاعتبار.

عندما تصاعدت الانتفاضة وباتت تشكل خطرا على إسرائيل وعلى مصالح الولايات ،المتحدة وعندما هرع بعض العرب إلى واشنطن يبدون رعبهم أن تنعكس الانتفاضة خطراً على مناصبهم، وأن تزرع في نفوس الحالة الشعبية روح التحرر هنا وهناك، سارعت واشنطن إلى العمل على خطين: التحرك السياسي وتقديم مشاريع الحلول (تحركات كلينتون مثلا) والعمل في الوقت نفسه على إجهاض الانتفاضة إذن لا حل إلا باستئناف المقاومة ضد الاحتلال بالاساليب المشروعة كافة، بما فيها الكفاح المسلح.

وهذا يعني استراتيجية كفاحية وطنية متكاملة.

مدخلها في الضفة والقطاع حكومة الوحدة الوطنية الحقيقية.

ومدخلها الآخر تفعيل وإصلاح مؤسسات م.ت.ف. وهذا ما يفترض أن يشكل الأساس الثابت لأية مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة وليس التمسك بحصة هذا الفريق، أو ذاك بذريعة أن الحصص هي انعكاس لبنية المجلس التشريعي.

فالقضية أكبـر وأخطر ويجب النظر بعيداً وبما يتجاوز بنية مجلس تشريعي أثبت خلال عام كامل، أنه مشلول وعاجز عن العمل.