لماذا لا تعترف حركة المقاومة الإسلامية حماس بما يسمى "إسرائيل"
الدكتور صالح حسين الرقب
لقد قامت دولة ما يسمى 'دولة إسرائيل' على مجموعة من الأساطير والادعاءات الدينية والخرفات التاريخية، وأخذ اليهود يزيفون التاريخ، ويزعمون أنّ لهم حقاً دينياً وتاريخياً في أرض فلسطين، وبهذا الحق يملكون شرعية العودة إليها، وإقامة دولة لهم فيها، وتمّ تجميع كثير من يهود العالم في هذه الأرض بناءً على ذلك.
وتعتبر فكرة الحق الديني والتاريخي المفترى في فلسطين من أهم الذرائع التي تقوم عليها الحركة الصهيونية، والتي حشت بها أدمغة يهود العالم، والكثير من أدمغة نصارى أوروبا وأمريكا.
ولذلك فإن نجد المؤرخين والمستشرقين الغربيين قد اعتمدوا التوراة كمصدر تاريخي حقيقي لفلسطين القديمة. سواء أكانت أرضا أم أحداثاً أم شخصيات دون أن يكلفوا أنفسهم عبء الدراسة الجادة والبحث العلمي، لأنهم مرتبطون بفكر وروح الاستعمار الغربي.
ولقد أدرك أعداؤنا اليهود العقيدة وآثارها في حياة الشعوب، فجعلوا الدين ركيزة وقاعدة تنطلق منها السياسة، رفعوا في معركتهم مع المسلمين راية التوراة وشعاراتها، جعلوا اسم دولتهم على اسم أحد الأنبياء: إسرائيل –يعقوب عليه السلام- واختاروا نجمة داود شعاراً لهم رسموه على علم دولتهم، جعلوا غايتهم العودة إلى أرض الميعاد أرض الوعد الإلهي المقدس، رسمت أسفارهم التوراتية حدود دولتهم وجعلوا بناء هيكل سليمان هدفاً يسعون لتحقيقه على أنقاض المسجد الأقصى.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا تعتراف حركة المقاومة الإسلامية حماس بما يسمى 'دولة إسرائيل'؟؟.
وللجواب على هذا السؤال نقول:
إن اعتراف حركة المقاومة الإسلامية حماس بما يسمى دولة إسرائيل يوجب علينا أن ننتظر عقودا طويلة قبل أن نربى جيلا جديدا داخل الأرض المحتلة يرفض مشروعية ما يسمى دولة إسرائيل ويعيد الاعتبار لمعركة التحرير والمقاومة .
إن الاعتراف بما يسمى دولة إسرائيل يعنى الاعتراف بمشروعية الاغتصاب الصهيونى لفلسطين المسلمة، والاعتراف بصحة الأساطير والخرافات التوراتية حول أحقية الشعب اليهودى التاريخى والديني فى أرض الميعاد.
ويعنى التسليم بالعقيدة التوراتية الصهيونية فى الصراع، وبالتالى تبنى رؤية العدو الصهيوني فى صراعنا معه، إنها الهزيمة الكبرى التى يحلم بها اليهود الصهاينة منذ قرن من الزمان.
إن الاعتراف بما يسمى دولة إسرائيل يعنى الاعتراف بأن الحركة الصهيونية حركة تحرر وطنى وأنها نجحت عام 1948م فى تحرير وطنها المغتصب من الاستعمار العربى الإسلامى والتى يحتفلون بذكراها كل عام في عيد يطلقون عليه 'عيد الاستقلال'.
وبذلك تكون أيضا أراضي الضفة الغربية وغزة ضمن الأرض اليهودية مما يستوجب تحريرها عاجلا أم آجلا من الاحتلال لها، وسيكون وجود الشعب المصري مثلا فى مصر وجودا غير مشروع، ويكون الشعب المصري احتلالا عربيا اسلاميا لأراضى الغير.
إن الاعتراف بما يسمى دولة إسرائيل هو فى حقيقته عملية انتحار تلقي بصاحبها في مهاوى الردى عقائديا وسياسيا، وهو سقوط أخلاقي وتاريخي ليس له مثيل.
إن الاعتراف بشرعية بما يسمى دولة إسرائيل يعطي العدو الصهيوني كل الحق والمبررات الشرعية والقانونية فى كل جرائمه وعدوانه البربري الهمجي الذي ارتكبه ومازال حتى اليوم ضد الشعب الفلسطيني والعربي، وأن ما يرتكبه هذا العدو من إرهاب هو دفاع عن النفس، ودفاع عن وجودها الشرعي والتاريخي وأمنها القومى.
وبالتالي كل من لا يعترف بها يمثل تهديدا لهذا الوجود المشروع وللأمن الصهيوني، فعليها أن تحاربه وتقتله وتطارده و تنفيه من أرض الميعاد اليهودية.
إن الاعتراف بشرعية بما يسمى دولة إسرائيل يعني أن المقاومة الفلسطينية وجهاد الشعب الفلسطيني هو الإرهاب بعينه، ويكون العدوان والإرهاب الصهيونى هو دفاع مشروع عن النفس.
إن الاعتراف بشرعية بما يسمى دولة إسرائيل كما أن التنازل عن الاوطان ليس من حق أحد سواء كان فردا أو حزبا،أو حاكما أو شعبا، أو حتى لو أجمع الشعوب العربية والإسلامية نفسها، فالاوطان ملكا جماعيا مشتركا لكل الأجيال السابقة والحالية والقادمة..إلى أن يأذن الله تعالى بهلاك يهود ويتحقق الوعد الإلهي فيهم.
وليس للجيل الحالى بكامله إلا حق الانتفاع بالوطن فقط والدفاع عنه، وتحرير ما اغتصب من، وليس من حق هذا الجيل التنازل أو التفريط أو التصرف فيه.
المصدر
- مقال: لماذا لا تعترف حركة المقاومة الإسلامية حماس بما يسمى "إسرائيل" موقع الدكتورصالح الرقب