لماذا القمة المصرية ــ الإيطالية؟
لماذا القمة المصرية ــ الإيطالية؟ - فهمي هويدي
ليس مقنعا الكلام الذي نشرته الصحف القومية المصرية حول الهدف من رحلة الرئيس مبارك إلى إيطاليا. ذلك أننا نعرف أن الرئيس أجرى عملية جراحية كبيرة في ألمانيا، وأنها بعد أن تكللت بالنجاح كان طبيعيا أن يقضي فترة نقاهة قبل أن يعود مباشرة إلى مسؤولياته التي كانت تنتظره في القاهرة، التي تراوحت بين ملف الحراك والتوتر الداخلي المتصاعد والتحديات التي تضعها إسرائيل لتفريغ التسوية السلمية من مضمونها، وصولا إلى ملف مياه النيل الذي يهدد أمن مصر القومي، واحتمالات التمزق التي يتعرض لها السودان إذا ما قرر الجنوب الانفصال عن الشمال في استفتاء شهر يناير المقبل.
لأن النقاهة كانت ضرورية، فقد كان غياب الرئيس عن القاهرة وقضاؤه عدة أسابيع في شرم الشيخ التي يطيب له المقام فيها، أمرا مبررا ومفهوما، إلا أننا فوجئنا بأن الرئيس بعد أن قام بزيارة سريعة للقاهرة للاحتفال بعيد العمال، شد رحاله إلى روما مرة واحدة.
وحين نشرت جريدة الأهرام الخبر في 18-5 الحالي، ذكرت أن جدول أعمال زيارته الرسمية للعاصمة الإيطالية تضمن ثمانية عناوين كبيرة هي:
عقد القمة الثالثة للمشاركة الإستراتيجية بين مصر وإيطاليا ــ تحقيق السلام في المنطقة والتنسيق بين البلدين من أجل رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني
ــ تطورات الموقف في السودان ــ وفي العراق ــ عملية التفاوض الجارية لمراجعة معاهدة منع الانتشار (النووي) في نيويورك
ــ الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيراتها على أوروبا والمنطقة (لم يذكر الخبر ما إذا كان المقصود المنطقة العربية أم الشرق الأوسط)
ــ الإعداد لقمة برشلونة ــ العلاقات بين مصر وإيطاليا التي ستسفر عن توقيع 18 اتفاقية بين البلدين في مجالات الطاقة والصحة والتعليم والتنمية الإدارية.
على صفحة داخلية بذات العدد أجرى مراسل الأهرام في روما حوارا مع وزير الخارجية الإيطالى فرانكو فراتيني الذي سئل عن الموضوعات الرئيسية التي سيبحثها الرئيس المصري في العاصمة الإيطالية، فتحدث عن ثلاثة عناوين عامة هي العلاقات والاتفاقات الثنائية بين البلدين ــ الاستماع إلى رؤية الرئيس مبارك حول مجمل القضايا الدولية خصوصا الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين ــ سبل تعزيز مستقبل الاتحاد المتوسطي.
المقارنة بين تقرير الأهرام وبين تصريحات وزير الخارجية الإيطالي، الذى يفترض أنه ذو صلة وثيقة بالموضوع تعطي انطباعا قويا بأنه لا شيء ملحا في مسار علاقات البلدين استدعى أن يخرج الرئيس مبارك من نقاهته في شرم الشيخ إلى روما مباشرة دون أن تستوقفه الملفات العالقة في القاهرة.
كما أنها تثير أسئلة عديدة حول دقة وجدية الكلام المنشور في صحيفة الأهرام، الذي بدا وكأنه تجميع من الأرشيف للعناوين المطروحة، لإضفاء مزيد من الأهمية على الزيارة. رغم أن التقرير المنشور أغفل موضوع البرنامج النووي الإيراني الذي تحول الاتفاق حول التخصيب فيه إلى حدث عالمي تصدر نشرات الأخبار.
يشكك في جدية الكلام الذي نشره الأهرام أن العناوين التي وردت فيه باعتبارها جدول أعمال القمة الإيطالية ــ المصرية، هي ذاتها تقريبا التي تحدث عنها الأهرام فيما نشره يوم 17-10 من العام الماضي، حين زار روما وقتذاك وعقد فيها قمة مماثلة، بعد زيارة قام بها لكرواتيا.
ذلك أنني حين رجعت إلى النص المنشور في العام الماضي وقارنته بما أورده الأهرام يوم الثلاثاء الماضي (18-5) وجدت أنهما متطابقان، باستثناء أن خبر العام الماضي تحدث عن مسألتين لم تذكرا هذه المرة، هما: تغير المناخ العالمي ومبادرات تحقيق الرفاهية لشعوب المنطقة.
ليست لدي معلومات عن الهدف الحقيقي من زيارة روما الأخيرة، لكن القرائن المتوافرة ترجح أن ما نشر عن أهدافها ليس دقيقا، الأمر الذى يفتح الباب لبلبلة غير مبررة، لن يبددها إلا كلام واضح ومسؤول من أي مصدر مسؤول لا يستخف بنا ويسوق لنا "كلام الجرايد"!
المصدر:مدونة فهمي هويدي