لبنان بين الانتخاب الطائفي والزواج اللاديني
أ. علي أبو ياسين - المسؤول السياسي للجماعة في البقاع

يعيش لبنان منذ سنوات عديدة حالة من الشحن الطائفي والمذهبي, وانقساماً سياسياً عامودياً, وتردياً في الواقع الأمني , وتراجعاً في الحالة الاقتصادية الإجتماعية ,وترهلاً وشغوراً وفساداً في إدارات الدولة , حتى بات أولياء الأمر في لبنان عاجزين عن حل أي مشكلة لديهم بل أصبحوا عاجزين حتى عن الحوار .
ففي الملف المعيشي, وعدت الدولة الهيئات العمالية بإقرار سلسلة الرتب والرواتب, وترتب على ذلك ارتفاع هائل في الأسعار, وبقي هذا الملف معلقاً بين الحكومة ومجلس النواب بذريعة عدم تأمين مصادر التمويل, وهذا تسبب بتعطيل معظم مؤسسات الدولة, بالاضرابات المحقة المتلاحقة, واحتمال تطور هذا الملف وادخال البلد في اضراب مفتوح يفاقم الحالة الإقتصادية .
وفي الملف الأمني, يعيش الكثير من الساسة اللبنانيين وبعض رجال الدين حالة من الحذر الشديد, خوفاً على حياتهم, خوفاً من عودة مسلسل الاستهدافات والاغتيالات , وفي الوقت عينه لا يكاد يمر أسبوع إلا ونسمع عن اكتشاف عملاء للعدو الصهيوني وغالبيتهم من أصحاب مناصب الدرجات المرموقة في وظائفهم وأعمالهم.
أما الموضوع الأكثر جدلاً اليوم , فهو قانون الانتخابات , حيث طرح أكثر من مقترح, والقانون الذي أسال لعاب الكثيرين من القوى السياسية اللبنانية " المدنية " ,هو القانون الأكثر طائفية وفئوية والمسمى القانون الأرثذكسي, وعندما طرح ارتفعت اللغة المذهبية والطائفية , وكثر اللعب على الغرائز, و تم تأجيج كل العصبيات والحساسيات التي ربما تتسبب بالقضاء على الصيغة التعايشية اللبنانية , آخذين بعين الاعتبار أن لبنان يحكم بموجب دستور الطائف الذي ينص على إلغاء الطائفية السياسية.
في هذا الواقع المرير والمظلم ,تفاجئنا بعض المؤسسات بطرح مواضيع مريبة ! ففي العام الماضي أشغل الرأي العام اللبناني بموضوع العنف ضد المرأة , وقامت الدنيا ولم تقعد وانقسم اللبنانيون بين مؤيد ومعارض, ومن ثم تم نسيان الموضوع, ومنذ أسبوع فقط يمارس مجلس الوزراء "أبشع أنواع العنف ضد المرأة", بحيث لا يوافق على المقترح القاضي بأن تعطي المرأة اللبنانية الجنسية لأبنائها من أب غير لبناني , والرفض حتماً مرده لأسباب فئوية بحتة. ومر الموضوع ولم يحرك أحد ساكناً .
لك أن تتصور معي هذه الصورة الفلكلورية, سيدتان لبنانيتان تعملان في نفس المؤسسة الرسمية, الأولى متزوجة من لبناني والثانية متزوجة من غير لبناني , الأولى تتقاضى منحاً تعليمية وطبية وغيرها عن أبنائها, والثانية لا تتقاضى , الثانية تنتخب وتشرف على الانتخابات ويحق لها أن تنتخب أما أبناؤها فلا يحق لهم أن ينتخبوا أو يعملوا أو يتملكوا, حتى إقامتهم على التراب الذي خلقوا منه مهددة.
وبالأمس يطالعنا أحد المتزوجين مدنياً , بأنه عثر على كنز في الدستور اللبناني بحيث أنه يستطيع تسجيل زواجه مدنياً في لبنان وتقوم الدنيا ولا تقعد بين مؤيد ومعارض بين مرحب ومستنكر بين محرم ومحرض, وينشغل الرأي العام المسكين ولا يدري ما يطبخ له بالخفاء!.
انا لا أريد ان أخوض مع الخائضين ,لأنه سيأتينا غداً من يطالب بالزواج المثلي, وبعدها بحق تعدد الأزواج للزوجة الواحدة , بل ربما يذهب البعض ليقترح مشاريع قوانين تحديد النسل عند المسلمين,, أو ربما منعهم من الإنجاب حفاظاً على التنوع والعيش المشترك!! لماذا تستغربون! ألم يطرح أحد جهابذة القانون اللبناني مشروعاً يمنع بيع العقارات من طائفة الى أخرى , ولقي هذا الطرح قبولاً واستحساناً عند الكثيرين من "ذوي الاحتياجات الطائفية الخاصة" .
يريد البعض أن يعيدنا الى زمن الاستعمار الفرنسي, بل زمن القائمقاميات والمتصرفيات, ربما الى زمن اليعقوبيين والخلقدونيين, وربما الى ما قبل التاريخ! لماذا؟ لأنه يريد أن يتزوج كيف يشاء ومتى يشاء وأينما يشاء , يريد مقعداً نيابياً أو حقيبة وزارية, يريد أن يكون زعيماً ! ولو لم يبق عنده وطن .
ختاماً نقول لله دركم أما كفاكم أيها اللبنانيون أن تأتوا بنواب غير شرعيين, بل تريدون أن تأتوا بأبناء غير شرعيين !!
نقول لمن نصب نفسه قائداً للسفينة في هذا البلد , بدلاً من أن تنشغلوا بالترويج لمشاريع تمزق وتفتت ما تبقى من بلد, انشغلوا بإيجاد الكهرباء أولا انشغلوا بتأمين لقمة العيش للكثيرين من اللبنانيين, انشغلوا بإيجاد فرص عمل لآلاف الشباب الجامعي انشغلوا ببناء الدولة دولة المواطنة الصادقة, دولة العدالة والأخلاق ودولة القيم دولة لكل اللبنانيين.
المصدر
- مقال:لبنان بين الانتخاب الطائفي والزواج اللادينيموقع: الجماعة الإسلامية فى لبنان