كيف واجهت الحركة الطلابية الخونة من النقراشي إلى السيسي؟

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
كيف واجهت الحركة الطلابية الخونة من النقراشي إلى السيسي؟


كيف واجهت الحركة الطلابية الخونة.jpg

(09/02/2017)

كتب: سيد توكل

مقدمة

يمثل الحراك الطلابي رقمًا صعبًا في معادلة الحرية والكرامة، وأعادت انتفاضة جامعات ومدارس مصر، رفضا للانقلاب العسكري، ومطالبة بعودة الشرعية، إلى الأذهان العديد من المحطات الفارقة التي مر بها طلاب مصر منذ الاحتلال البريطاني وحتى انقلاب يوليو 2013.

وقتلت سلطات الانقلاب أكثر من 243 طالبًا، واعتقلت ما يزيد عن 4573 طالبًا، في حين تعرض 329 طالبًا للاختفاء القسري، وفصلت 1223 من الجامعات، وذلك منذ انقلاب "عبدالفتاح السيسي" على الرئيس الشرعي الدكتور "محمد مرسي"، حسب "الجمعية المصرية الأمريكية للحرية والعدالة".

ويؤكد مراقبون أن المسيرة الوطنية التي سقط خلالها الطلاب شهداء وراح ضحيتها معتقلون على مدار الـ100 عام أثناء الاصطدام مع الأنظمة الخائنة والعميلة، إلا أنه مع هذه التضحيات تظل كلمة الحق هى العليا بجانب هذه الأنظمة، فما من ثورة أو حركة ثورية يعتليها شباب إلا وأتت ثمارها، وحققت هدفها، ليفوز الطلاب وينزوي الانقلاب.

مذبحة الكوبري

انعكست شمس يوم 9 فبراير 1946 على صدور مئات الطلاب من جامعة الملك فؤاد الأول "القاهرة حاليًا" المشتعلة، الغضب يكسو الوجوه، تشرأب رؤوسهم ناظرة لحرية مترقبة بعد جلاء الاحتلال المنتظر، عازمين على عبور الجسر الواصل بين محافظتي الجيزة والقاهرة، حيث يوجد في الأولى الجامعة والثانية قصر عابدين.

مرت دقائق ثم فاجئتهم قوى الشرطة الماكثة بمرصاد الباطل بعد وصولهم إلى منتصف "كوبري عباس" قبل مترات من العبور إلى المكان المستهدف للتظاهر عنده، فأنهت حياة العشرات في رواية والمئات في رواية أخرى، لم تصل أعمارهم إلى عمر الجسر المبني منذ 38 عامًا، ومصادرة حرية آخرين خلف السجون، فيما عُرف بحادثة "كوبري عباس".

21 فبراير 1946، تاريخ سطّرته الحركة الطلابية بالجامعات المصرية، أعلنت فيه اللجنة العامة للعمال والطلاب الإضراب، للتعبير عن غضبها مما حدث على "كوبري عباس" الذي لم يشهد مجرد مطاردة بين الطلاب والبوليس أبطالها العصا والحجارة، وليس آخر مصادمة بين الطرفين، ولكن تاريخيته ناتجة من "دراميته" لشباب أرداوا الوقوف أمام أبواب قصر الحاكم، للمطالبة بجلاء الإنجليز وقطع المفاوضات.

قتل المتظاهرين

الشرطة المتورطة في جرائم مبارك والسيسي بقتل المصريين، واجهت المظاهرة الطلابية بفتح الكوبري في أثناء مرور الطلاب عليه، بأمر من رئيس الوزراء ووزير الداخلية وقتها محمود فهمي النقراشي، والذي تعرّض للاغتيال فيما بعد، وأدى فتح الكوبري إلى تساقط الطلاب في نهر النيل، ولقي البعض منهم مصرعه غرقًا حسب العديد من الروايات، وعلَمت "الهروات" على أجساد باقي الطلبة فمنهم من مات، ومنهم من أُلقى القبض عليه ووجد نفسه بعد استيفاقه داخل قسم الجيزة.

وتحولت تلك الملحمة البطولية والمأساوية في الوقت ذاته التي شهدها كوبري عباس، إلى مشهد درامي صاغه الروائي إحسان عبدالقدوس، ولم يستغرق تنفيذه من المخرج "بركات" سوى تسع دقائق، لتجسّد أولى مشاهد فيلم "في بيتنا رجل" حدثًا ملحميًا يعود إلى التاسع من فبراير 1946، مُسطرًا بدماء طلاب جامعات مصر مكانًا في تاريخ الحركة الطلابية، وظل الحادث المعروف بـ"حادثة كوبري عباس" نقطة سوداء في تاريخ النقراشي، واستخدمه الوفد للنيل من وزارة النقراشي، التي قيل إنها صرفت لكل طالب مفرج عنها، حينها، 12 جنيهًا.

المشهد الدرامي ليس أول حادثًا داميًا يشهده الكوبري، فقبله بـ11 عامًا، كان الموعد مع نزيف طلاب مصر أيضًا، ففي 15 نوفمبر 1935، ارتدى طلاب جامعة القاهرة ثوب الشهداء قبل الخروج من منازلهم استعدادًا لمواجهة قاسية مع الموت، ليدرك عقلهم الفطن أن اللحظة الحاسمة قد أتت ليعلنوا رفضهم لدستور 1930 "العبودية" الذي أقرّه صدقي الباشا، والمناداة بالحق في الحرية الملغاة بدستور 1923.

الحضن الأخير

جامعة القاهرة "منبر الحرية" تحتضن أولادها الحضن الأخير، قبل أن يتوجهوا بأعداد غفيرة إلى كوبري عباس ليكون وجهتهم للوصول لقصر عابدين، "الحرية" هي صوت الطلاب العزل المؤمنين بحقهم في وطنهم؛ ليقابلوا بصوت الطلقات النارية من مغتصب الوطن بكل "استهتار".

"عبدالحكم رفع العلم"، جملة يعتز بها كل مصري بالفطرة دون معرفة عبدالحكم الجراحي، طالب كلية الآداب الذي أسرع وأمسك بـ"علم مصر" قبل أن يصل للأرض، بعد أن استشهد زميله محمد عبدالمجيد، طالب كلية الزراعة برصاص الإنجليز، "كل خطوة هتكون برصاصة" عبارة قالها الضابط الإنجليزي بابتسامة استهتار محمية ببنادق الجبن لعبدالحكم ليتراجع عن موقفه

وينسحب من ميدان المعركة الدائرة فوق كوبري عباس، فترتسم ابتسامة على وجه البطل واثقة من القضية، مشتاقة للجنة، للتحرك قدماه بـ13 خطوة و13 طلقة في صدر أبى أن يغلق قميصه على جرحه وجرح وطنه دون أن ينتفض معلنًا غضبه.

وللمرة الثانية، كأن البطل يأبى الموت دون أن يترك رسالة لوطنه وأصدقائه ومن يتبعه، يكتب عبد الحكم بدمه من غرفته المحاصرة بالجنود الإنجليز بقصر العيني، بعد انتزاع 8 رصاصات من صدره، ويغمس إصبعه في جرحه ليسجل على "حيطان" الغرفة البيضاء "إلى روح الشر.. رئيس وزراء إنجلترا، أنا الشهيد المصري عبد الحكم الجراحي، قتلني أحد جنودكم الأغبياء وأنا أدافع عن حرية وطني"، ويلتقي عبد الحكم بزميله في رحمة المولى.

من الإنجليز إلى الانقلاب

من جانبها قالت "الجمعية المصرية الأمريكية للحرية والعدالة" في تقرير لها: "لقد ضرب الطلاب في مصر أروع الأمثلة في النضال من أجل الحرية والكرامة عبر العصور، فكانوا في طليعة الشعب في كل الأحداث الجسام التي مرت بمصر.

كان طلاب مصر في طليعة المواجهة مع الاحتلال الإنجليزي وضحّوا بكثير من أجل استعادة كرامة المواطنين مطالبين بالحرية لوطنهم، فقدّموا الشهداء حينما قامت ثورتهم ضد الإنجليز والملك بين عامي 1930 إلى 1933، والتي واكبتها أحداث كوبري عباس، حينما أغرقت قوات الداخلية الطلاب في النيل. لكن الطلاب كسبوا المعركة أمام القمع والقتل".

وأوضحت أن "طلاب مصر أثبتوا أنهم طليعة النضال ضد الانقلاب العسكري في 2013، وكانت تضحيات الطلاب من أجل الحرية والكرامة أكبر من كل التوقعات رافضين الخضوع للذل والعبودية، أو أن يكونوا تحت إمرة من سرقوا الوطن وخانوا الشعب".

وبين 2017 و1946 لا يختلف الأمر كثيرًا، حيث قدر لمصر أن تودع الطلاب الشهداء بحفاوة الفخر، لتصبح جنازة الشهيد "عبدالحكم" أكبر جنازة في مصر، بعد أن عزم طلاب كلية الطب على المشاركة في تحية شهيد الوطن "عبدالحكم"، بتهريب جثته من الإنجليز، ويستشهد 4 من طلاب الطب ليتيحوا الفرصة لوطنهم بإلقاء نظرة الوداع على بطلها، فهل يعتبر العسكر؟

المصدر